يجمع محللون فلسطينيون، على أن نتائج ثمانية أيام من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تميل بشكل كامل لصالح المقاومة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مقابل خسارة للجانب الإسرائيلي الذي لم يحقق أيا من الأهداف التي أعلنها بداية الحرب. وأعلنت إسرائيل مجموعة أهداف لحربها على القطاع، بينها وقف الصواريخ الفلسطينية على المناطق الإسرائيلية والمساس بقدرات حماس، وتوفير الأمن للمستوطنات في الجنوب، واستعادة قوة الردع للجيش الإسرائيلي.
ووفق محللين تحدثوا ل«الجزيرة نت»، فإن أبرز مكاسب الجانب الفلسطيني، إضافة إلى وقف العدوان والاغتيالات ورفع الحصار، أن الفصائل لم ترفع الراية البيضاء وحافظت على قوتها، وحررت المنطقة المحاذية للسياج بين غزة وإسرائيل، بينما نجحت حماس في الجمع بين السلطة والمقاومة. يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس عبد الستار قاسم: "إن إسرائيل أعلنت مجموعة أهداف من الحرب، لكنها لم تحقق أيا منها، رغم تمكنها من القتل والتدمير وإيقاع عشرات الضحايا، وهذا لم يعلن كهدف."
ومقابل صفر من المكاسب لإسرائيل، يقول قاسم: "فإن أهم المكاسب الفلسطينية استعادة المقاومة لهيبتها في الساحة العربية، والتأكيد أنها الرد المناسب على إسرائيل، وفي المقابل تراجع فكر المفاوضات مع إسرائيل".
وأضاف، أن حرب الأيام الثمانية قلبت الموزاين، فبعدما كان غلاف الأمن الإسرائيلي محددا ببعض المستوطنات في محيط غزة، توسع ليصل عمق إسرائيل في تل أبيب "مما يستوجب تعزيز فكر الوحدة الوطنية تحت راية المقاومة".
أما المحلل السياسي والكاتب طلال عوكل، فقال: "إن الجانب الفلسطيني بات اليوم في وضع أفضل من أي وقت مضى، ووضعت حركة حماس نفسها في الخارطة السياسية الإقليمية والدولية، مما يعطيها الفرصة لأن تكون صاحبة كلمة أقوى في الشأن الفلسطيني".
ويؤكد عوكل، أنه مقابل خسارة إسرائيل للحرب، فإن المكسب الفلسطيني الثاني يتمثل في نجاح حماس في الجمع بين المقاومة والسلطة "بما يؤدي إلى تفنيد الكثير من الشكوك التي كانت تطرح بشأن التزامها بالمقاومة وممارستها، وهو إطار معنوي كبير لصالح الحركة ولصالح هذا البرنامج".
وأضاف، أن تفاهمات التهدئة حققت رفع الحصار، وتحرير منطقة الحزام الأمني الذي كانت إسرائيل تمنع السكان والمزارعين من الحركة فيه، رافضا اعتبار الدمار والضحايا خسارة فلسطينية "لأنها ثمن يجب أن يدفع لتحقيق الانتصار".
أما بالنسبة لإسرائيل وحكومة الاحتلال، فيرى عوكل أن خسارتها كانت فادحة انطلاقا من الأهداف التي أرادتها الحكومة الإسرائيلية من هذا العدوان، مضيفا أنها عادت خالية الوفاض سوى أن تذهب إلى المستوطنين، وتقول إنها أوقفت الصواريخ لبضع سنوات، "لكن بعد حرب 2008/2009 لم تغمض حماس عينيها، وكانت تجهز البنية التحية التي فاجأت إسرائيل".
من جهته، يؤكد المحلل السياسي ومدير مكتب القدس للصحافة خالد العمايرة، أنه لا يمكن الحديث عن مكاسب أو خسائر دائمة، موضحا أن التهدئة ليست نهاية المعركة، وأن جولات أخرى ستتبعها، لكن وقتها غير معلوم للطرفين.
ويؤكد أن، هذه الجولة انتهت بفشل إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة وتدمير القوة الصاروخية لحركة حماس، رغم تفوقها الهائل ومركزها كخامس أقوى دولة في العالم.
ويرى العمايرة، أن المكسب الفلسطيني الأهم أن فصائل المقاومة لم ترفع الراية البيضاء، رغم أن الصراع هو بين فئتين غير متكافئتين: فئة تحت الاحتلال لا تملك إلا عتادا بسيطا، وقوات مسلحة بأحدث أنواع السلاح وتسيطر على السياسة الأميركية.
وبينما يجزم العمايرة بأن شرط وقف تهريب السلاح إلى غزة وعدمه سيان "لأن كل محاولات وقف التهريب في العالم فشلت فشلا ذريعا"، يقول المحلل طلال عوكل: "إن وقف تهريب السلاح ليس انتصارا، ولا يوضع في حسابات الربح والخسارة، لأن أمام أية حركة وأية جهة تريد أن تحصل على السلاح مائة طريقة لتحقيق هدفها".