نائب محافظ الإسماعيلية يناقش التجهيز لانتخابات المرحلة الثانية من مجلس النواب    لجنة تطوير الإعلام تتلقى توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    نادي قضاة مصر يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة اختياره رئيسًا لمجلس الشيوخ    رئيس قناة السويس: تحسن نسبي في حركة الملاحة ولم نصل للمعدلات الطبيعية    محافظ القليوبية يوجه برفع تراكمات بمدخل كفر الجزار على الطريق الزراعي    جامعة الجلالة تنظم الدورة الرابعة من «ملتقى علوم النانو»    19.7 مليار جنيه قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة بداية الأسبوع    جيش الاحتلال يعلن بدء إعادة تطبيق وقف إطلاق النار في غزة    استشهاد أسير داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي    شوط سلبي بين ميلان ضد فيورنتينا في الدوري الإيطالي    ترامب يصف الرئيس الكولومبي بزعيم مخدرات    ماكرون: سرقة اللوفر اعتداء على جزء من تاريخنا وتراث نعتز به    ليفربول ضد مان يونايتد.. صحيفة بريطانية تبرئ صلاح من الخسارة: أكثر حيوية    الشوط الأول| تعادل سلبي بين ريال مدريد وخيتافي في الدوري الإسباني    لابورتا: نصطف بجانب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بدلا من السوبر ليج    ياسين منصور: اخترت الترشح نائبًا للخطيب.. وأحلم بأن يلعب الأهلي في أوروبا    كومو يباغت يوفنتوس ويلحق به الهزيمة الأولى بالموسم الحالي    كرة يد – من أجل اللقب الثامن.. الأهلي إلى نهائي بطولة إفريقيا    السجن 3 سنوات لعاطل بالإسكندرية أحدث عاهة مستديمة لصاحب محل    ضبط 54 طن لحوم فاسدة داخل مخزن بمدينة العبور    قنا تضع حدا لفوضى الكلاب الضالة.. مشروع «شلتر» يدخل حيز التنفيذ قريباً    مصرع شخص وإصابة آخر إثر اصطدام دراجتين بخاريتين بالبحيرة    زيارة كيت بلانشيت ودعوتها الإنسانية تتوّج بشراكة كبرى في مهرجان الجونة    سهام ذهنى و«شىء من الخيال»    «اوعى تقولي وأنا مالي».. عمرو أديب: غزة في رقبة مصر ليوم الدين    ب«فيلم تسجيلي».. «الغرف السياحية» يوثق رحلة خالد العناني من الحضارة إلى اليونسكو    أزهر كفر الشيخ: مد فترة التسجيل بمسابقة الأزهر لحفظ القرآن إلى 30 أكتوبر    ما حكم إجبار الفتاة على الزواج من شخص معيّن؟.. أمين الفتوى يجيب    أفكار فطور سريعة وصحية لأطفالك قبل المدرسة    إنفلونزا المعدة.. الأسباب والأعراض وطرق الوقاية    جدول مواقيت الصلاة غدًا الإثنين 20 أكتوبر بمحافظات الصعيد    أوقاف الفيوم تعقد الاختبارات الأولية لمسابقة القراءة الصيفية.. صور    5 أبراج «أهل للنصيحة».. واضحون يتميزون بالصراحة ونظرتهم للأمور عميقة    أمير عيد يستقبل عزاء والدته الراحلة.. في هذا الموعد    محافظ كفر الشيخ يُسلّم 6 عقود تقنين أراضي أملاك دولة للمستفيدين من المواطنين    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    «بلاش بالله عليكم».. جدل على منصات التواصل مع الإعلان عن مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي 2»    ظهور 12 إصابة بالجدري المائي بين طلاب مدرسة ابتدائية في المنوفية.. وتحرك عاجل من الصحة    الرئيس السيسي: نتطلع إلى فوز مصر برئاسة منظمة الطيران المدني الدولي "الإيكاو" لتعزيز مكانتها الدولية في مجال الطيران    وفاة الفنان أحمد عبد الرازق مؤسس فرقة الأقصر للفنون الشعبية    مصر تتوج بلقب بطولة العالم للكونغ فو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    المشدد 3 سنوات لعامل شرع مع أخويه في قتل ابن عمه بسبب الميراث    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    «الداخلية» تواصل دعم الحالات الإنسانية: تسهيلات لكبار السن وذوي الهمم في الجوازات    «الأمم المتحدة» تحذر من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة    مواعيد مباريات الأحد 19 أكتوبر 2025.. مواجهتان بالدوري وقمة إنجليزية ونهائي مونديال الشباب    بطرس الثانى وتيموثاوس الأول قصة أخوين توليا سدة الكرسى المرقسى    أسيوط: تركيب كشافات جديدة ورفع كفاءة الطرق بالقوصية ضمن خطة استكمال تطوير مسار العائلة المقدسة    هيئة «التأمين الصحي الشامل» تناقش مقترح الهيكل التنظيمي الجديد    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الأول الثانوي العام    «الرعاية الصحية»: بحث إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره شرم الشيخ    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    عبدالرحمن مجدي: تعاهدنا داخل بيراميدز على حصد البطولات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريف بسيونى: الأموال المهربة خضعت لعملية «لف وارجع» واستعادتها أمل ضعيف
خبير القانون الدولى فى حوار مع «الشروق»
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 10 - 2012

البحث عن الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج يشبه محاولات شخص معصوب العينين يبحث عن شىء مفقود داخل حجرة مظلمة، بهذا التوصيف يلخص خبير القانون الدولى الدكتور شريف بسيونى محاولات مصر فى استرداد أموال النظام السابق وحاشيته، التى هربت، كاشفا عن أن المسئولين عن هذا الملف يفتقدون أهم ركيزة فيه، هى المعلومات فلا أحد فى مصر يعرف على وجه اليقين كيف خرجت الأموال من مصر، فقد كان النظام السابق يتعمد إخفاء هذه المعلومات بحجة أنه لا يريد إخافة المستثمر الأجنبى.

لكن قبل خروج الأموال مرت عملية النهب بمراحل غاية فى التعقيد وصفها بسيونى بعملية «لف وارجع»، ويوضحها فى حواره مع «الشروق».

رغم هذه الصورة القاتمة فإن المسئولين لديهم أمل فى استعادة هذه الأموال خاصة أن الحكومة الفيدرالية السويسرية أعلنت عن تجميد 700 مليون دولار، من أرصدة مبارك، فيما زار وزير الخارجية السويسرى القاهرة الأسبوع الماضى ليبحث مع الحكومة المصرية ملف إعادة الأموال، وأخيرا سافر وزير الشئون القانونية الدكتور محمد محسوب إلى بريطانيا عله يجد غايته.

● ما المقصود بالأموال المهربة، هل هى أرصدة المسئولين فى بنوك الخارج؟
- الموضوع أكثر تعقيدا، والأزمة لها جذور ممتدة منذ أكثر من 30 عاما، أى منذ عهد السادات، فقد دخل عدد من رجال الاعمال أو المقربين من رئاسة الجمهورية، فى عمليات سمسرة واسعة، زادت مع خصخصة المال العام، وحققوا مكاسب مالية ضخمة نتيجة اتصالاتهم بصناع القرار، كان لديهم على سبيل المثال معلومات عن الشركات العامة التى تصنع السيارات أو الحديد يشترونها بثمن بخس ثم تقسم ويعاد بيعها، وبنك الاسكندرية صالح كمثال على هذه الحالات فق اشترته مجموعة ثم باعته بضعف الثمن بعد 48 ساعة.

وعلى نحو السنوات الطويلة كون بعض الاشخاص مبالغ وثروات بطرق تمثل جرائم أو تتطلب على الأقل تدخل جهاز الكسب غير المشروع، لكن لأسباب سياسية لم تتحرك الرقابة ضد من استولى على المال العام، ومن بينهم علاء وجمال مبارك، نجلا الرئيس السابق. فنتذكر كيف اشترى جمال ديون الدولة وكسب من ورائها ملايين. هى عمليات غير مشروعة، أو شكلها مشروع لكن استخدمت فيها السلطة أسوأ استخدام.

● وأين ذهبت هذه الأموال؟
- استخدموها فى عملية يطلق عليها تعبير «لف وارجع» بمعنى انهم حصلوا على الاموال وأخرجوها من مصر إلى سويسرا مثلا، ثم أعودها إلى مصر بأسماء شركات أجنبية تحت زعم أنها شركات تريد ان تستثمر أموالها فى مصر. ولا أحد يعرف إذا كان صاحب هذه الأموال حصل عليها عن طريق رشوة أو عمولة أو ما إذا كان أضيف لها أموال من غسل أموال التجارة الدولية للمخدرات.

هى عملية من الصعب القول انها بعيدة عن اى شبهة إجرامية، فبدون شك تم استغلال النفوذ والسلطة فيها والتغطية السياسية أدت إلى دخول هذه الاموال لمصر على هيئة استثمار أجنبى.

● هل تعنى أن الثروات المنهوبة جرى لها عملية غسل أموال؟
من حصل على هذه الأموال، ويعيد إدخالها لمصر، له فى الغالب صلات سياسية واسعة، وعادة يذهب لهيئة الاستثمار وتوافق على مشروعه باعتباره مشروعا استثماريا جيدا، وحسين سالم كان أحد هذه الحالات، فقد اختلس 17 مليون دولار من وزارة الدفاع الامريكية، تحت بند مصاريف إضافية على فواتير نقل السلاح لمصر فى اطار المعونة العسكرية، وحصل على تغطية لنشاطه من رئاسة الجمهورية، لأن هذه الأموال كانت تخصم من الأموال المصرية. ذهب إلى إسبانيا لكن الأموال ذهبت إلى سويسرا، بعدها أسس شركة، وعن طريق علاء مبارك نجح فى شراء أرض على خليج نعمة فى شرم الشيخ بثمن بخس، وفى الوقت نفسه طلبت هيئة الاستثمار من محافظة جنوب سيناء توصيل المياه والكهرباء والطرق للمشروع، وإضافة إلى ذلك حصل على إعفاء ضريبى لسنوات طويلة.

بعدها استعان حسين سالم ببيت خبرة الذى قيم المشروع بأضعاف الأموال المستثمرة فيه. يضاف إلى ذلك انه عندما يقرر الاقتراض من البنك سيعلن ان قيمة المشروع 40 مليون جنيه، مثلا وسيطلب قرضا بنصف القيمة، ولأنه مقرب من الرئاسة، حصل على القرض بقيمة المبلغ الحقيقى المستثمر فى المشروع أى أن الأموال دخلت مصر وبعد 6 أشهر أو سنة خرجت مرة اخرى.

● ومن هى الجهة المنوط بها متابعة الاموال التى تدخل أو تخرج من مصر؟
- هيئة الاستثمار فاعل أساسى فى هذا الشأن، لكن الغريب أن مصر هى البلد الوحيد الذى لا يتابع مدة بقاء الأموال الاجنبية المستثمرة وموعد خروجها من مصر، فلا توجد لدينا احصائيات من اى جهة لهذا الأمر. واستغل أصحاب النفوذ والسلطة سلطاتهم للتعتيم على المعلومات فتقيد الاموال التى تدخل مصر ولا تقيد تلك التى تخرج منها.

كانت حجة رؤساء هيئات الاستثمار والبنك المركزى ووزارة المالية أن مراقبة هذه الأموال سيصيب المستثمر الأجنبى بالخوف وستهرب الاستثمارات الاجنبية من مصر، وبحجة تشجيع الاستثمار كانت تحجب هذه المعلومات.

● هذا يعنى أنه لا توجد أى معلومات عن حجم الاموال التى خرجت؟
- لا توجد معلومات، رغم اننا كنا نقرأ كل عام عن حجم استثمار اجنبى ما بين 2 إلى 4 مليارات سنويا ما يعنى فى المتوسط 90 مليار دولار على نحو 30 سنة، لكن لا نستطيع اثبات أن هذه الأموال قد خرجت، والذى فى مقدرتنا رصد أثرها على الاقتصاد فى الداخل.

لكن الأكثر خطورة هو أن البنك المركزى ليس لديه إحصائية بحجم الاموال التى تم إقراضها لهذه المشروعات، فلا نعرف إجمالا حجم ديون الشركات فى البنوك العادية التى قدمت قروضا لمشروعات استثمارية سواء وهمية أو حقيقية، ولا نعرف حقيقة ضمانات القرض، فلو أن المشروع الاستثمارى نفسه هو ضمان القرض فذلك يعنى خسارة الدولة، بمعنى ان فشل المشروع يعمى أن المودعين والمساهمين هم من سيخسرون أموالهم، الا إذا تدخل البنك المركزى وهو ما يعنى ان الدولة تتحمل العبء.

● هل تقصد بذلك ان الحديث عن استعادة الاموال المهربة أمر خيالى؟
- الحديث عن استعادة الأموال يدخل فى مجال علم المجهول، وتشبه المحاولات المصرية محاولات شخص معصوب العينين يحاول البحث عن شىء مفقود فى حجرة مظلمة. يحاول العثور على شىء لكنه يصطدم بحائط، هذا ليس عن سوء نية أو تجاهل الأجهزة التى تقوم بهذه المهمة، إنما لغياب المعلومات والبيانات التى تسمح لهم بتحديد ما إذا كانت هذه العمليات مشروعة أم لا، نحتاج أولا الوصول إلى أوراق المشروع القديم، وثانيا اثبات انه مخالف للقانون، فمصر لن تطلب تعاون دوليا قبل صدور أحكام جنائية ضد هذه المشروعات أو أن تكون هناك أدلة كافية وتحقيقات جارية فى النيابة مضاف إليها أمر من المحكمة بمصادرة هذه الاموال.

●إذن ما قيمة الاخبار التى تعلن من سويسرا أو انجلترا أو عن التحركات المصرية لاسترداد الاموال؟
هناك مساع من الجانب المصرى، لكن السؤال هل ستصل إلى نتيجة؟
اعتقد انها قد تصل إلى بعض النتائج البسيطة، أولا لأن مصر ليس لديها كفاءات ممن على دراية بالقوانين الاجنبية، أو خبرة عملية فى هذه الاعمال، وهذا ما دفع مصر للاستعانة بخبراء أجانب، لكن العمل لن يكون جديا إلا إذا توافرت المعلومات عن الأموال المهربة.

● ولماذا قررت سويسرا تجميد بعض أرصدة مبارك؟
- سويسرا أصدرت قانون عام 1991 خاص بغسل الاموال، والذى وصفها بأنها أية أموال اكتسبت بطريق غير مشروع أو انها مخالفة للاتفاقات الدولية مثل اتفاقيات مكافحة الفساد أو متعلقة بالمخدرات أو الجريمة المنظمة أو غسل الاموال. ووفق هذا القانون فمن حق سويسرا ان تجمد هذه الاموال وتصادرها، لكن لا تعيدها إلى البلد الذى نهبت منه إلا اذا كانت تربطها به اتفاقية ثنائية واحيانا قد تعيد بعضها عبر مشاريع تنموية. لكن لا تربطنا بسويسرا اتفاقية، لكن الأخيرة يمكن أن تعيد الأموال إذا كانت مختلسة ونجحت مصر فى إثبات انها لا تدخل ضمن الاتفاقيات الدولية الاربعة السابقة.

● مع غياب البيانات وأحكام القضاء والاتفاقيات، كيف يمكن استعادة الاموال؟
لابد من تشكيل فريق عمل كبير يبحث فى كل الملفات التى قدمت لهيئة الاستثمار ويتابعها منذ بدايتها حتى نهايتها، كما لابد من مراجعة البنوك والبنك المركزى، هذه خطوة منهجية. مطلوب تحقيق حقيقى لتتبع مسيرة كل مشروع، وللأسف هذا لا يحدث الآن.
البداية يجب أن تكون بالبحث عن أوراق المشروعات ومعرفة ما إذا كانت قد قدمت من الأساس أم لا، وهل أخفيت أو فرمت.

● هل نجحت دول شبيهة بالحالة المصرية فى استعادة أموالها؟
- فى حالة هاييتى نجحت المحاولة، وأعادت الحكومة السويسرية بعض أموال الديكتاتور الهاييتى جان كلود دو فالييه، الذى سمى قانون فى سويسرا باسمه، وفى كازاخستان والفليبين استعادا اجزاء ضئيلة من الاموال المهربة، لكن هذا لم يحدث قبل صدور أحكام جنائية على المستوى المحلى ضد مهربى الأموال، كما أن الحسابات كانت مرقمة بأسمائهم فكان من السهل الوصول اليها. لكن رجال النظام السابق فى مصر كانوا أنصح بكثير واستعانوا بخبراء ومحامين لتأسيس شركات فى دول لديها نظام قانونى يسمح بتملك الشركة لحامل الأسهم مثل جزر الكايمان فأصبح من شبه المستحيل تتبع صاحب المال الاصلى. ويتم تحويل الاموال لشركة مماثلة وهكذا شركة عبر شركة، أو علبة داخل علبة. وإذا كانت هناك صعوبة فى تتبع الشخص لكن يمكن تتبع الأموال من بنك إلى آخر حتى مقرها النهائى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.