فى سرية تامة ودون ضجيج.. يتجمع الآن خبراء ومتخصصون من مختلف التخصصات بالجامعات، فى مقر المركز القومى لتطوير المناهج، بالطابق 11 من المبنى رقم 12 بشارع واكد، المتفرع من شارع الجمهورية بوسط القاهرة. بعضهم يعكف على وضع معايير جديدة لتأليف الكتب المدرسية فى المراحل والصفوف المختلفة، لجميع الصفوف المدرسية لا تعلم عنها دور النشر التى ستشارك فى مسابقة تأليف الكتب الجديدة شيئا. بينما بدأت مجموعة أخرى من الخبراء فى تأليف كتب الصف الأول من المرحلة الثانوية، التى قرر المركز العودة فيها إلى نظام «التكليف» وإن كان تحت مسمى «اللجنة العلمية»، بدلا من نظام المسابقة الذى أخذ به لسنوات طويلة.
●«الشروق» اتجهت إلى المركز لتسأل المدير ما الذى يحدث؟
فى جانب من غرفة مكتبه، حيث كان يجتمع حول طاولته الكبيرة عدد من الخبراء، أجاب الدكتور صلاح عرفة مدير المركز: نضع اللمسات الأخيرة للإطار العام للمناهج، الذى يوضع لأول مرة، ليحدد بالضبط فلسلفة التعليم، ومواصفات خريج التعليم فى كل مرحلة من مراحل التعليم وفى كل صف دراسى، ويحدد أيضا معايير أداء الطلاب والمعلمين وكيفية قياسها، وأسس بناء المنهج.
● وما الفرق بين المعايير الجديدة لتأليف المناهج وما كان يتم التأليف على أساسه فى مسابقة تأليف الكتب المدرسية؟
المعايير الجديدة بمثابة دليل للمؤلف، يشمل مالذى يجب أن يدرسه الطالب فى الصف الأول الابتدائى مثلا فى اللغة العربية، والأنشطة التعليمية لهذا المحتوى أو موضوعات المقرر، ومصادر التعلم التى يجب أن يستعين بها الطالب، ومواصفات إخراج الكتاب المدرسى، أى أن الدليل لا يركزعلى الأهداف، كما كان الوضع من قبل، لكن على المخرج القابل للتطبيق، وستعرض هذه المعايير على موقع وزارة التربية والتعليم.
● وما مواصفات التأليف؟
مواصفات التأليف عن طريق المسابقة التى تتنافس عليها دور النشر المختلفة، لم تكن تخرج عن تحديد عدد صفحات الكتاب والصور، وتحديد لموضوعات عامة كأن يذكر مثلا فى منهج اللغة العربية، تناول شخصيات تاريخية، ولا يحدد من هذه الشخصيات أو الهدف من عرضها ،أى أن طريقة التأليف وعرض المادة العلمية لن تعتمد على تحديد المحتوى، لكن على أن يستخدم التلميذ مهاراته وقدراته وينميها فى التفكير الناقد والابداعى والعلمى.
أعطى للطالب تجربة وأطلب منه أن يذكر مشاهداته، وبهذا لن يقول التلميذ أن الامتحان من خارج المنهج، كما يحدث الآن، لأننا مهما أعطينا الطالب من معلومات لن يتذكرها، والأهم أن نعلمه كيف يحصل على المعلومة، ويتحسس مشكلات المجتمع، ويضع لها الحلول، وكيف يتمكن من نقد الفكرة ويكشف المغالطات، ويحدد الإيجابى والسلبى فى الافكار التى يموج بها المجتمع.
وفى مثال آخر يعطى للطالب درجات الحرارة فى القاهرة وبعض المحافظات خلال أسبوع، ويطلب منه يذكر أثر هذه الدرجات على المزروعات والسكان، وهو ما يعرف، بالاستدلال، وبالتالى لن يستطيع الطالب أن يعترض على أى سؤال فى الامتحان على اعتبار أنه من خارج المنهج، لأن المنهج ليس معلومات، بما يقضى تدريجيا على الدروس الخصوصية، فسيكون الكتاب أقل حجما وأكثر عمقا.
● كيف سيتم تدريب المعلمين على كتب لم تؤلف بعد؟
الكتب التى سيتم تدريب المعلمين عليها لن تخضع لنظام المسابقة، وهى كتب المرحلة الثانوية، التى قررت الوزارة أن يكون تأليفها عن طريق تكليف لجان علمية من أساتذة الجامعة المتخصصين (4 خبراء)، وبدأ الخبراء بالفعل فى تأليف كتب الصف الأول الثانوى فى المواد المختلفة، التى ستقرر على الطلاب فى العام الدراسى المقبل 2013/2014، وسيتم تجريبها على الطلاب قبل أن تجاز لتطبع فى فبراير المقبل.
● ولماذا لم تتبع الوزارة نظام المسابقة بين دور النشر المختلفة فى تأليف كتب المرحلة الثانوية، أسوة بما يتم فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية؟
لأننا نريد أن تكون مناهج المرحلة الثانوية على المستوى العالمى، واستندنا فى معايير التأليف على المفاهيم العالمية التى يجب أن يدرسها الطلاب فى هذه المرحلة خاصة فى العلوم والرياضيات، وعندما تصل الكتب الجديدة إلى الثانوية العامة، سيكون الطلاب قد تعودوا على الطريقة الجديدة فى الامتحانات، فلا يقف أولياء الأمور ضد التطوير، فالمجتمع لن يتقبل الطريقة الجديدة بسرعة.
● وهل سيسمح لمن شارك فى وضع معايير التأليف أن يشارك فى تأليف الكتب؟
لن يسمح بذلك، لأنه لن يكون فى هذا تكافؤ فرص.
● على أى أساس يتم اختيار المشاركين فى وضع معايير المناهج أو اللجان العلمية المكلفة بالتأليف؟
الاختيار يتم وفقا للتخصصات وللمهمة التى سيقوم بها الخبير، كالتأليف أو تصميم الكتاب، وتبعا للالتزام والإيجابية، والسمعة الطيبة فى ميدان العمل.
● وماذا عن مسابقة تأليف كتب المرحلتين الابتدائية والإعدادية؟
سيعلن عنها خلال أسبوعين وفق المعايير الجديدة، وسنبدأ بكتب الصفين الثانى والثالث الابتدائى فى اللغة العربية الأسبوع المقبل، وبعدها فى العلوم والرياضيات، على أن تتقدم بها دور النشر خلال 3 أشهر على الأكثر، ونحن لسنا ضد أحد، لكن هدفنا أن نحدث نقلة نوعية فى المناهج، وألا نعيد اختراع العجلة، وإذا لم تتوافر فى الكتب المتقدمة الشروط التى نريدها سنلغى المسابقة، ونعيدها مرة أخرى، وفى النهاية أخشى ألا يفوز الأفضل، بل الأقل أخطاء، لأن بعض دور النشر قد لا تكون على دراية بمعنى كل المطلوب توافره فى الكتاب.
● وهل هناك شروط تتعلق بالأمر؟
سيكون من بين شروطنا الجديدة لدور النشر المتقدمة للمسابقة أن تتعهد الدار بألا تؤلف كتاب خارجيا لنفس الكتاب الذى ستتقدم به للمسابقة، وإن كان هذا الشرط يمكن لبعض الدور التحايل عليه، لأن بعضها يملك أكثر من شركة، ويمكن أن يتقدم لكتاب المسابقة باسم إحدى الشركات، ويطبع الكتاب الخارجى فى شركة أخرى.
لكن هناك فكرة أخرى يمكن أن نطبقها لنقضى على مشكلة الكتاب الخارجى الذى يؤلفه نفس مؤلفى الكتاب المدرسى، وهى ألا يفوز كتاب واحد فقط فى المسابقة، بل 3 أو 4 من التى توافرت فيها معايير التأليف، ثم لا تطبع الوزارة أيا منها، لكن تطلب من التلاميذ شراءها من دور النشر مباشرة، وتشترط على الدور ألا يزيد سعر الكتاب على رقم معين، وبهذا لن تطبع الدار كتابا خارجيا، لكن المشكلة أن هذا الشرط سيصطدم بمبدأ مجانية التعليم.
● وماذا عن كتب اللغات الأجنبية؟
طريقة تأليف اللغات الأجنبية للمرحلة الثانوية ستكون عن طريق المسابقة، أما بالنسبة لكتب اللغات للمرحلة الابتدائية، فسيطلب من دور النشر التقدم بكتب الستة صفوف مرة واحدة، على طريقة تأليف كتب اللامركزية التى لم تتم قبل الثورة بسبب ضيق الوقت، وإذا اقتضى الأمر تصحيح أو تجديد أو تعديل بعض المعلومات، خلال السنوات الست، فيمكن أن يقوم بها خبراء مركز تطوير المناهج.