بحضور النقيب.. افتتاح مصيف المهندسين بالمعمورة بعد تطويره في الإسكندرية    «أوقاف المنيا» تطلق قافلة دعوية بقرية البدرمان في دير مواس    في أول جمعة من العام الهجري الجديد.. افتتاح مسجد "آل يعقوب" بقرية سفلاق بسوهاج    انخفاض سعر الذهب اليوم الجمعة 27-6-2025 وعيار 21 الآن (تحديث رسمي)    مصر والصين تبحثان تعزيز التعاون بمجالات الكهرباء والطاقة المتجددة    وزارة التخطيط والتعاون الدولي تطلق برنامج التدريب الصيفي لطلاب الجامعات 2025    «تنمية المشروعات»: 57.5 مليار جنيه تمويلات خلال 11 عامًا    «البترول» تعلن إضافة 60 مليون قدم مكعب غاز يوميًا من حقل ظهر    خطة مرورية محكمة استعدادًا لافتتاح مجمع مواقف أسفل محور عدلي منصور ببني سويف    الإثنين المقبل.. المحطة الأخيرة لقانون الإيجار القديم قبل إقراره تحت قبة البرلمان    الحكومة الإيرانية: إسرائيل ارتكبت خطأ استراتيجيًا ودفعت الثمن    بوتين: نناقش انضمام مصر ودول أخرى لاتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوراسى    روسيا: اعتزام إستونيا استضافة طائرات ل«الناتو» قادرة على حمل أسلحة نووية «خطر على موسكو»    ثنائي الأهلي يزين التشكيل الأفريقى المثالى لمرحلة المجموعات فى مونديال الأندية    موعد مباراة بنفيكا ضد تشيلسي في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    قبل أن يتم عامه ال25.. هالاند يدخل نادي ال300 هدف    الأهلي يتلقى عرضًا شفهيًا لبيع وسام أبو علي مقابل 10 ملايين دولار    ضبط 52.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزيرة التضامن الاجتماعي توجه بتقديم دعم لاهالى ضحايا حادث الاقليمي بالمنوفية    بالصور.. شواطئ بورسعيد تستقبل آلاف الزوار خلال عطلة نهاية الأسبوع    نتيجة الشهادة الإعدادية بالبحر الأحمر.. بالاسم ورقم الجلوس    العثور على جثة موظف داخل منزله في قنا    مصرع أمين شرطة صدمته سيارة ميكروباص بشبرا الخيمة    الإثنين المقبل.. انطلاق فعاليات معرض الفيوم للكتاب    الذكاء الاصطناعي يشعل مواقع التواصل بصورة لعادل إمام ولبلبة في أحد شوراع القاهرة    بصحبة شقيقتها.. ملك زاهر تحتفل بعيد ميلادها وهذا ما قالته (صور)    حكم وفضل صيامه.. متى أول عاشوراء 2025؟    صحة بني سويف تنفذ تدريبات على رأس العمل لتعزيز سلامة المرضى بالوحدات    شحنة جديدة من الأدوية و15 كرسيا متحركا لتوزيعها على المستحقين بأسيوط    إيرادات الخميس.. «المشروع x» يحافظ على صدارة شباك التذاكر    الرئيس اللبناني يدين التصعيد الإسرائيلي على منطقتي النبطية وإقليم التفاح    الحكومة تنفي خصخصة الجامعات الحكومية وتؤكد: "مملوكة للدولة"    مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة العظماء الثمانية للإسكواش    أسماء أبو اليزيد بعد مسلسل فات الميعاد: لو رأيت رجلا يعتدي على زوجته سأتمنى أن أضربه    نيللي كريم عن «هابي بيرث داي»: فكرته لمست قلبي والسيناريو عميق    مستوطنون يعتدون على منازل جنوب الخليل.. وإصابة فلسطينية في مسافر يطا    "تريزيجيه خرج نفسيا".. ياسر ريان يتحدث عن توديع الأهلي للمونديال    مصرية من أوائل الثانوية العامة بالكويت ل«المصري اليوم»: أهم حاجة الثقة في ترتيبات ربنا    حصيلة الانزلاق الأرضي في كولومبيا ترتفع إلى 16 قتيلا    طب عين شمس: توزيع المهام.. وإدارة غرف العمليات باتت جزءًا من تقييم الأطباء    إنجاز بحثى لأساتذة قصر العينى يكشف مجموعة نادرة من اضطرابات الكبد الوراثية    توقيع الكشف على 872 مواطناً في قافلة طبية بشمال سيناء    جامعة عين شمس تنشئ وحدة داخلية لمتابعة ودعم جائزة مصر للتميز الحكومي    ماكرون: ترامب عازم على التوصل لوقف إطلاق نار جديد في غزة    محمد شريف ينتظر 48 ساعة لحسم مصيره مع الأهلى.. والزمالك يترقب موقفه    سعر الحديد اليوم الجمعة 27 يونيو 2025    مصرع وإصابة 16 شخصا فى حادث مروع بالمنوفية    كريم محمود عبدالعزيز يتصدر تريند جوجل بسبب مملكة الحرير    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    قمة الاتحاد الأوروبي تفشل في إقرار الحزمة ال18 من العقوبات ضد روسيا    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    الإيجار القديم والتصرف في أملاك الدولة، جدول أعمال مجلس النواب الأسبوع المقبل    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا جديد فى سوريا
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 10 - 2012

أطلق النظام السورى أول رصاصة على مبادرة المبعوث العربى والأممى الأخضر الإبراهيمى حين أبلغه الوزير وليد المعلم بآخر الشروط: لا حوار وطنيا إلا بعد وقف الدول الغربية والعربية تسليح المعارضة، علما بأن تهمة التسليح إذا كانت صحيحة فهى قطعا ليست تنطبق بعد على توفير الأسلحة التى تحمى من قصف الطيران. ولنتذكر أن رفض النظام وقف إطلاق النار المتزامن وتحايله على انسحاب المدرعات من المدن، ثم تخريبه كليا، دقت الإسفين القاتل فى مبادرة كوفى أنان. ومع ذلك يبدو أن الشرط الذى أعلنه وزير الخارجية لم يصل إلى رئيس الوزراء الذى دعا كل من يريد الانخراط فى العملية السلمية إلى أن يكون إلى طاولة الحوار، من دون أن يبلغنا أين توجد الطاولة العتيدة ولا من إليها، ولم يمنع من تنظيم مؤتمرات جديدة للانقاذ.

أما الذين تأملوا خيرا وانفتاحا وتسامحا من «مؤتمرالانقاذ» للمعارضة الداخلية الرقم واحد، لمجرد انه انعقد وقيل فيه ما قيل من العيار الذى اعتبر ثقيلا، على الرغم من اعتقال منظم المؤتمر واثنين من اعضائه، فلا بد من انهم فوجئوا بانعقاد مؤتمر المعارضة الداخلية الثانية بعده بأيام قليلة. وتماشيا مع سياسة النفاق، التى صارت ملح الرجال، اعلن السفير الروسى امام المؤتمرين معارضته ودولته وبلاده «التدخل الخارجى»، واشاد السفير الايرانى ب«الاصلاحات» التى بدأت الحكومة السورية، طبعا فى تطبيقها، بينما وزير خارجيته يحذر «سوريا» من استخدام اسلحتها الكيميائية والجرثومية، تعبيرا عن ذورة جديدة من الفهلوية يزدوج فيها اللسان المخابراتى ازدواجا: يهدد الغرب بالسلاح الكيميائى والجرثومى السورى بلغة تحذير النظام السورى من استخدامه!

وفى المؤتمر، وقف مندوب «شيوعى» يكرر فعل الايمان برفض «العنف والتدخل» (تدخل «حاف»!) لكنه أصر فى الوقت ذاته على ضرورة «تغيير النظام» باعتباره «نظاما ديكتاتوريا وقمعيا!». وان وجد بين الحضور قدرى جميل، نائب رئيس وزراء «النظام الديكتاتورى القمعى» لكنه حاضر بصفته الشخصية، وبتلك الصفة بالذات رفض ادعاء احد الصحفيين أن مؤتمره لن يخرج بقرارات «أهم» من قرارات «مؤتمر الانقاذ».

ما الجديد ليكتب المرء عن سوريا؟

لا جديد عن سوريا غير الكلام.

امير قطر، وقد تهمش دوره وبهت فى الآونة الاخيرة، يدعو إلى تدخل عسكرى عربى. وينضبط وراءه ابرز الاحزاب الحاكمة التابعة ل«التنظيم الدولى للاخوان المسلمين» وذلك بعد ان اطلق النظام السورى برميلا متفجرا قضى على مبادرة الرئيس مرسى الرباعية. ولوران فابيوس، وقد كان يعزف متذمرا، هو واسلافه، على وتر توحيد المعارضة السورية، يعلن جنوح الدبلوماسية الفرنسية نحو «التطرف» إذ فتحت «مفاوضات مباشرة» مع المعارضة... المسلحة. والولايات المتحدة زادت مساعدتها المالية للمعارضة التى ترتضى الرشوة والتبعية. والرئيس اوباما لم يتحدث كثيرا، مؤخرا، عن ضرورة تنحى الرئيس الأسد. أما وزيرة خارجيته، السيدة هيلارى كلينتون، فقد أعلنت للمرة العاشرة، بعد لقاء مع نظيرها الروسى، أن الخلاف لايزال مستمرا بين واشنطن وموسكو حول سوريا. كأننا لم نكن نعرف.

فهل من جديد؟

الجديد ان مهلة الاشهر العشرة أو ازود المعطاة للنظام ان «يحسم» فيها، منذ حماه وبابا عمرو وصلاح الدين، وفوقها العشرة ايام التى وضعها لنفسه، منذ قرابة شهر، ل«حسم» معركة حلب، قد انقضت ولا حسم. والجديد ان «الجيش السورى الحر» بدأ يقع فى الفخ نفسه إذ اخذ يحمل نفسه مهمة السيطرة عسكريا على حلب أو اعلان الانهزام.

لكن لا جديد فى ان النظام يعرف، والقوى العربية والغربية تعرف، ان ما من احد مستعد للتدخل عسكريا ضده، لألف سبب وسبب، فى مقدمها ان النظام، الذى لايزال يسيطر على القسم الاكبر من جيشه واسلحته الاستراتيجية، كان ولايزال عنصر استقرار على الحدود الشمالية لدولة اسرائيل، وان النظام هذا هو المرجع الرئيس للجناح العسكرى ل«حزب الله» وقراره العسكرى.

والنظام يعرف ذلك وهم يعرفون. ويعرفون ان أى إمكان للبحث فى نظام بديل يتوقف على توفير نخبة حاكمة تؤدى المهمة ذاتها وتضمن «تماسك الجيش السورى» الذى يحرص عليه ليون بانيتا، وزير الحرب الاميركى، كل الحرص. فلا أهمية اذا كان هذا الجيش، فى تلك الاثناء، يدمر نفسه وهو يقتل شعبه ويدمر بلده.

يوجد جديد داخليا.

يعرف النظام ان خطوط دفاعه الداخلية تتآكل، بعد ان عجزت القوى التى قذف بها إلى مواجهة يتصورها حربا عسكرية من الشبيحة والامن والجيش النظامى بمشاته ومدرعاته، عن اخماد الانتفاضة الشعبية السلمية وعن احتواء المعارضة المسلحة. امامنا الآن بوادر انتقال إلى خرق خطوط حمر جديدة تتعلق بموضوع «الاقليات» تحديدا. فالنظام الذى اسس «الحزام العربى» عام 1963 من أجل التعريب القسرى للمناطق الكردية بتشتيت سكانها وتوطين عشائر عربية فى وسطها أو محلها، اقدم مؤخرا على تسليم اجزاء واسعة من المناطق ذات الاكثرية الكردية إلى الفرع السورى من حزب العمال الكردستانى والاحزاب الكردية الحليفة. وسرعان ما اتى هذا «الاستقلال الذاتى» مفعوله فى نمو الاحتكاك المسلح بين المعارضة العربية والقوى الكردية. فكان التفجير فى الحى العربى فى القامشلى، والانذارات التى وجهها قائد «لواء التوحيد» للفرع السورى من حزب العمال الكردستانى بإلقاء السلاح. وهو انذار على قدر من الرعونة لا تستوجبه معالجة هادئة للمسألة الكردية، فى اطار سوريا الموحدة، بل لعله يشى بضرورات تركية اكثر منه بمصالح وطنية سورية.

ومن جهة ثانية، تتزايد المؤشرات إلى تشجيع النظام جماعات مسيحية على التسلح فى «لجان شعبية» بحجة «الدفاع عن النفس» فى دمشق وحمص وحلب وانتقاله مؤخرا إلى السعى ذاته بالنسبة للارمن.

ما الجديد للحديث عن سوريا؟

لا جديد. الوقت يشتريه النظام بالغالى من دماء السوريين ومن تدمير البلد والممتلكات والثروات والجيش والمؤسسات.

لأن النظام يعرف ان هذا العالم الظالم المشلول المنافق لا يستطيع شيئا تجاهه، فلا جديد فى سوريا غير القتل والدمار.

ولأن النظام بات يعرف أن لا نصر فى حربه ضد قسم حيوى من شعبه وضد انتفاضة شعبية سلمية ومسلحة، لم يعد له الا القتل وهو يتخذ اكثر فأكثر شاكلة سياسة الارض المحروقة: طيران يقصف ويدمر ويحرق بالقاء البراميل المتفجرة والحارقة على سكان الاحياء. والجديد؟ الحرق والتدمير يطولان أبرز وأثمن عمارات التراث التاريخى السورى، وفى مقدمها سوق حلب، اجمل واطول واقدم سوق تاريخية فى الدنيا. والجديد؟ عقوبة تدمير المنازل والحوانيت، من مثل تدمير واحراق المنازل فى حى القابون بدمشق عقابا لاهله على مشاركتهم... فى التظاهرات!

ولا جديد. فلسان حال اهل النظام وما نقل عن رموزه من اقوال مأثورة فى اكثر من مناسبة، يعلن ذروة هذه الفاجعة: نظام عاجز عن اخضاع شعب، يقتله انتقاما. فالبلد المسمى على اسم اسرة لم يعد ملكها. والذين فرضوا على أهله ديكتاتورية «الابد» بالحديد والنار والتخويف، لن يغادروه الا بتدميره فوق رؤوس سكانه. وقد قال قائلهم: انتزعنا السلطة بالقوة ولن نسلمها الا بالقوة.

ولا جديد فى سوريا، غير القتل.

ولا جديد فى الكتابة عن سوريا غير حقيقة ان كل هذا الحبر المراق لا يساوى قطرة دم سورية واحدة.



ينشر بالاتفاق مع جريدة السفير اللبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.