وضعت الاضطرابات السياسية فى إيران إدارة الرئيس أوباما فى مأزق صعب، فإما التزام الصمت من أجل التوصل إلى اتفاق مرض فى ملف إيران النووى، وما يتطلبه ذلك من تعامل مباشر مع المرشد الأعلى آية الله على خامنئى، وإما الاستجابة لمطالب أصوات عديدة فى واشنطن بضرورة التدخل فى الشأن الإيرانى، وإعلان دعم المتظاهرين، والتيار الإصلاحى. وتحاول إدارة الرئيس أوباما التوصل إلى ما يجب فعله مع تطورات الموقف فى إيران، إلا أن الحذر والبطء هو أكثر ما يميز الموقف الأمريكى حتى الآن. وجاءت تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون الأخيرة، والتى ذكرت فيها أن الولاياتالمتحدة «تنتظر معرفة نتيجة العملية الإيرانية الداخلية، وترغب فى دعم أى فرص متاحة فى المستقبل للتعامل مع إيران»، وكذلك انتقادات مرشح الرئاسة السابق السيناتور الجمهورى جون ماكين للرئيس أوباما ووصفه بأنه تجاهل «المبادئ الأساسية» لدعم حقوق الإنسان، لتعبر عن استعداد الحزب الجمهورى لاستعمال الحالة الإيرانية، وطريقة إدارة أوباما لتلك الأزمة، كرأس حربة فى الهجوم على الرئيس وحزبه الجمهورى، كونه يتجاهل قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الانتخابات. كما أضاف امتعاض الجالية الإيرانيةالأمريكية، والتى يبلغ عددها نحو ثلاثة أرباع مليون شخص من موقف أوباما ليعقد حسابات الإدارة، يشعر الإيرانيون فى الولاياتالمتحدة بالغضب والأمل وهم يشاهدون الاضطرابات التى تحدث حاليا فى إيران. فهم يعتقدون أن نتائج الانتخابات الرئاسية كانت مزورة، وفى الوقت نفسه تمنحهم الحشود المحتجة فى طهران الأمل فى أن التغيير قادم. وتعرض أوباما للوم على إتاحته الفرصة لزعماء أوروبيين لاتخاذ زمام المبادرة ردا على ما يحدث فى إيران. فقد أدانت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل اعتقال السلطات الإيرانية المعارضين. كما حذر رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون من أن ردود الفعل الإيرانية سوف يكون لها «آثار على علاقات إيران مع بقية العالم». وندد الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى بنتائج الانتخابات، وقال إن تزوير النتائج أمر غير مقبول، فى الوقت الذى أكد فيه المتحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس أوباما سيواصل دعم حق الشعب الإيرانى فى التظاهر السلمى دون أن يتدخل فى الشئون الإيرانية الداخلية. ونفى روبرت جيبس الإدعاءات الإيرانية بأن واشنطن تتدخل فى الشأن الداخلى الإيرانى وقال: «الرئيس كان واضحا بأن هذا نقاش حيوى بين الإيرانيين حول قيادتهم. وفى الوقت نفسه طالما شدد الرئيس على أهمية بعض المبادئ المشتركة فى العالم مثل التظاهر بشكل سلمى دون أى خوف أو تهديد». وفهم من هذا التصريح أنه موافقة ضمنية من إدارة أوباما على ما سيقرره الإيرانيون. وتدرك الدوائر المؤثرة فى واشنطن أن المرشد الأعلى آية الله على خامنئى يلعب دورا حاسما فى كواليس النظام السياسى الإيرانى، ويستمد قوته من دعم القوات المسلحة والمؤسسة الدينية. وعلى الرغم من ذهاب الكثير من المحللين لاستنتاج أن خامنئى وافق على تزوير الانتخابات لصالح الرئيس أحمدى نجاد، وأن لديه من النفوذ ما يؤهله لذلك، فإنه سيبقى هو المسئول الأول والأهم عن أى قرارات إستراتيجية تتعلق بإيران وتؤثر فى مستقبل الجمهورية الإسلامية، وبينها التفاوض مع إدارة أوباما حول الملف النووى. ويرى العديد من الخبراء فى واشنطن أن هذا الحذر الأمريكى مبرر وعملى بسبب إدراك واشنطن أن السلطة الحقيقية فى يد المرشد الأعلى وليس مع الرئيس أيا كان. إلا أن سيناريو استمرار التظاهرات واستعداد النظام الإيرانى لقمعها سيزيد من الضغوط على الإدارة الأمريكية لتغيير سياستها. وكان أوباما قد اعترف فى خطابه بجامعة القاهرة بدور الولاياتالمتحدة فى الإطاحة برئيس الوزراء المُنتخب ديمقراطيا محمد مصدق خلال الحرب الباردة، الأمر الذى أدى فى نهاية المطاف إلى نتائج عكسية، وأثار مشاعر العداء تجاه أمريكا، وقيام الثورة الإسلامية لاحقا عام 1979. لذا يرى البعض أن إدارة أوباما محقة فى استجابتها وتعليقها الحذر على نتائج الانتخابات الإيرانية.