جاءت الدعوة التى وجهها الرئيس الأمريكى باراك أوباما للحكومة الإيرانية يوم السبت الماضى، وطالبها فيها بوقف «كل الأعمال العنيفة وغير العادلة ضد شعبها»، لتزيد الجدل داخل واشنطن حول أداء إدارته فى هذا الاختبار العسير. وذكر أوباما فى دعوته أن «حقوق حرية التجمع والتعبير يجب أن تحترم والولاياتالمتحدة تقف مع كل أولئك الذين يسعون إلى ممارسة هذه الحقوق»، واعتبر كثير من الخبراء فى واشنطن هذا التعليق، أقوى ما صدر من الرئيس الأمريكى حول الأزمة الإيرانية حتى الآن. وجاء إعراب مجلس النواب الأمريكى أمس الأول بأغلبية 405 أصوات مقابل صوت واحد عن تأييده ودعمه لجميع الإيرانيين الذين يؤمنون بقيم الحرية وحقوق الإنسان والحريات المدنية وسيادة القانون، ليزيد من الضغط على الرئيس الأمريكى. واتبع أوباما خلال الأسبوع الماضى حذرا كبيرا فى تعليقاته حول الانتخابات الإيرانية، وبرر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية موقف أوباما بقوله: من الصعب الحصول على صورة دقيقة لما حدث خلال الانتخابات لأن إيران لم تسمح لمراقبين دوليين بالمشاركة، والولاياتالمتحدة ليست لها بعثة دبلوماسية فى إيران. وأوضح أن حكومة أوباما تقوم حاليا بالتشاور مع الآخرين فى المجتمع الدولى، خاصة الاتحاد الأوروبى، حول التطورات داخل إيران». ويضع استمرار الاضطرابات السياسية فى إيران إدارة الرئيس أوباما أمام مأزق صعب، فإما التزام الصمت بهدف التوصل إلى اتفاق مرضى بخصوص ملف إيران النووى، وما يتطلبه ذلك من تعامل مباشر مع المرشد الأعلى آية الله على خامنئى، وإما الاستجابة لمطالب أصوات عديدة فى واشنطن بضرورة التدخل فى الشأن الإيرانى، وإعلان دعم المتظاهرين الإيرانيين، والتيار الإصلاحى. وتحاول إدارة الرئيس أوباما التوصل إلى ما يجب فعله مع تطورات الموقف فى إيران، إلا أن الحذر والبطء هو أكثر ما يميز الموقف الأمريكى حتى الآن. وجاءت انتقادات مرشح الرئاسة السابق السيناتور الجمهورى جون ماكين للرئيس أوباما ووصفه بأنه تجاهل «المبادئ الأساسية» لدعم حقوق الإنسان، لتعبر عن استعداد الحزب الجمهورى لاستعمال الحالة الإيرانية، وطريقة إدارة أوباما لتلك الأزمة، كرأس حربة فى الهجوم على أوباما وحزبه الجمهورى، كونه يتجاهل قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الانتخابات. وأضاف امتعاض الجالية الإيرانية فى أمريكا، والتى يبلغ عددها ما يقرب من ثلاثة أرباع مليون شخص من موقف أوباما ليعقد حسابات الإدارة، وعلى غرار الإيرانيين داخل إيران، يشعر الإيرانيون فى الولاياتالمتحدة بالغضب والأمل وهم يشاهدون الاضطرابات التى تحدث حاليا فى إيران. فهم يعتقدون أن نتائج الانتخابات الرئاسية كانت مزورة، وفى الوقت نفسه تمنحهم الحشود المحتجة فى طهران الأمل فى أن التغيير قادم. من ناحية أخرى، اعتبر مراقبون أن تقاعس أوباما فى انتقاد الموقف الإيرانى منذ البداية، منح فرصة لآخرين لامتلاك زمام المبادرة ردا على ما يحدث فى إيران. فقد أدانت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل اعتقال السلطات الإيرانية المعارضين، وحذر رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون من أن ردود الفعل الإيرانية سوف يكون لها «آثار على علاقات إيران مع بقية العالم». كما ندد الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى بنتائج الانتخابات، وقال إن تزوير النتائج أمر غير مقبول. من ناحية أخرى، يرى العديد من الخبراء فى واشنطن أن هذا الحذر الأمريكى مبرر، وعملى بسبب إدراك واشنطن أن السلطة الحقيقية فى يد المرشد الأعلى وليس الرئيس أيا كان. إلا أن سيناريو استمرار التظاهرات واستعداد النظام الإيرانى لقمعها سيزيد من الضغوط على الإدارة الأمريكية لتغيير سياستها. وكان أوباما قد اعترف فى خطابه بجامعة القاهرة بدور الولاياتالمتحدة فى الإطاحة برئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا محمد مصدق خلال الحرب الباردة، الأمر الذى أدى فى نهاية المطاف إلى نتائج عكسية، وأثار مشاعر العداء تجاه أمريكا، وقيام الثورة الإسلامية لاحقا عام 1979. لذا يرى البعض أن إدارة أوباما محقة فى استجابتها وتعليقها الحذر على نتائج الانتخابات الإيرانية. وترى بعض الأصوات أن أى تصور لتدخل جاد من قِبل أوباما سيؤدى لتعقيد الأزمة، وسيعرض موسوى لاتهامات بالخيانة من قِبل خصومه.