شهد صيف هذا العام تصاعدا في حدة التوتر في أجزاء من جمهورية المجر، حيث يعيش مجريون عنصريون قريبا من طائفة الروما من الغجر، معطيا الفرصة لحزب جويبك اليميني المتطرف وأحلافه أن يستغلوا هذا التوتر. ولا تضع السلطات أية قوانين موضع التنفيذ من شأنها أن تحظر التحريض على الكراهية، تاركة طائفة الروما في مواجهة إساءات من قبل المجموعات شبه المسلحة ممن لهم علاقة بحزب جوبيك الذي كان قد حصل على 16 في المئة من أصوات الناخبين في انتخابات عام 2010. يذكر أن حزب جوبيك كان قد ربح انتخابات محلية في بلدة غيونغيوسباتا، الواقعة في الشمال الشرقي، العام الماضي، وذلك بعد أن هاجمت عصابات من النازيين الجدد سكان الروما وروعتهم.
ويستهدف الحزب الآن مناطق خارج الوسط من الجزء الشمالي الشرقي للبلدة.
قنبلة يذكر أن عدد طائفة الروما في جمهورية المجر يقدر بثمانمئة ألف نسمة، بينما يبلغ تعداد سكان الجمهورية عشرة ملايين نسمة.
وطبقا لكريستيان سابادوس، مدير العلاقات الدولية بمركز أبحاث "بوليتيكال كابيتال" في بودابيست، فإن كل الحكومات التي انتخبت منذ التحول إلى الديمقراطية كانت تغض الطرف عن قضية معاداة طائفة الروما.
وأضاف قائلا: "إن علاقات التعددية العرقية بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت في المستقبل القريب."
ولا تزال قرية ديفيتشر الواقعة غرب جمهورية المجر تتعافى من أضرار الحادث الأليم الذي ألمّ بها عام 2010، حين غرقت البلدة في أوحال من المخلفات السامة بعد أن انفجر الخزان الذي كان يحويها في مصنع لتصنيع الألومنيوم.
فيضان أما في الخامس من أغسطس/آب، فقد كان هناك فيضان من نوع آخر، حيث تجمع ألف متظاهر من النازيين الجدد ممن هم على صلة بحزب جوبيك ليعربوا عن حنقهم تجاه طائفة الروما.
وألقى المتجمهرون زجاجات الماء والحجارة على ما كانوا يعتقدون أنها قد تكون منازل يقطنها أفراد من طائفة الروما، وهم يصرخون: "ستموتون هنا".
وقالت إيبوليا دوموتور، وهي سيدة من طائفة الروما، إن أفراد الروما ممن يعيشون في تلك المنطقة التي مرت بها المظاهرات كانوا "فزعين جدا".
وقال ألفريد كيرالي، أحد أفراد الطائفة من المشاركين في جماعة "فرص أفضل بعد الفيضان" التي أنشئت لتتعامل مع آثار أوحال المخلفات السامة: "تعتبر هذه ثاني الكوارث هنا وأسوأهما. فيمكنك أن تتعامل مع الأوحال، إلا أنه من الصعب التعامل مع النازيين الجدد.
خطاب ناري قال أحد قادة الحزب إن "الحثالة يجب التخلص منها خارج الدولة."
وقال غابور فيرينتزي، وهو عضو برلمان محلي من حزب جوبيك، إنه يريد أن يرى أهل ديفيتشر يتمتعون بالأمان والسلامة والنظام، وأن ذلك يجب أن يكون الجزاء للمجريين "الأصليين" ممن كانوا يدافعون عن أنفسهم في مواجهة أفراد الروما.
كما ناشد القرويين ليطالبوا الجماعات شبه المسلحة بمساعدتهم.
وكان المتظاهرون شبه المسلحين، والذين غالبا ما قدموا على متن حافلات من خارج البلدة، قد استمعوا إلى خطاب حماسي ألقاه لازلو توروتزكاي، من حركة مقاطعات الأربع والستين المتطرفة، حيث أخبرهم أن هناك ثلاثة حلول أمامهم: "إما أن يهاجروا، أو أن يكونوا عبيدا لطائفة الروما، أو أن يقاتلوا".
وقال آتيلا لازلو من جماعة "الحارس المدني لمستقبل أفضل" شبه المسلحة: "كل الحثالة يجب التخلص منهم خارج الدولة."
كما قال زولت تيريتيان من جماعة "جيش الخارجين عن القانون" إن "الإجرام يجري في دم الغجريين".
أوحال سامة الجدير بالذكر أن طائفة الروما تمثل ثلث سكان القرية. ومع أنه لم تصرف تعويضات على انخفاض أسعار المنازل المتضررة من كارثة فيضان الأوحال السامة، فإن القليل من القرويين يمكنه أن يتحمل تكلفة الانتقال إلى مكان آخر.
ويقول كيرالي: "لم يفرق الطين بين الأعراق المختلفة. كما أن السلطات كانت مشغولة بعمليات إعادة إسكان من فقدوا منازلهم."
وأضاف أن الروما والمجريين كانوا يتعايشون كجيران لعقود، إلا أن إعادة تسكين القليل من عائلات الروما في مناطق مختلطة تسبب في إحداث بعض المشاكل الصغيرة.
العرقية في كرة القدم
ولم تخرج حكومة الاتحاد المدني المجري الحاكم المحافظة برئاسة فيكتور أوربان بأي رفض حاسم للمضايقات التي وقعت في قرية ديفيتشر، على العكس من تصريحات الإدانة الشديدة التي صدرت عنها في أعقاب حادث معاداة السامية الذي حدث بعد ذلك في أغسطس/آب.
إذ أطلق مشجعو الفريق الوطني في إحدى المباريات التي جمعت بين المجر وإسرائيل بعض الهتافات من قبيل: "يهود أقذار" و"باكينوالد" في إشارة إلى معسكر باكينوالد النازي في ألمانيا، وقاموا بالتصفير أثناء أداء السلام الوطني الإسرائيلي.
وأعرب تاماس تولدي، الحاكم المحلي وممثل حزب فيدس في قرية ديفيتشر، عن غضبه تجاه الخطابات المتطرفة، إلا أنه لم يكن ليستطيع أن يجرم "مسيرة سلمية".
ويقول كريستوف تزومباتي من حزب ال ام بي، أحد أحزاب الخضر في المجر، إن صمت حزب فيدس الجزئي على المستوى الوطني يعطيه الفرصة لتجنب مواجهة ناخبي اليمين ممن يتعاطفون مع حزب جوبيك.
كما لجأ اليمين المتطرف إلى المشكلات المحلية كذريعة لتهديد طائفة الروما حيث تسبب اغتصاب وقتل عالمة نفسية تابعة للشرطة تبلغ من العمر 25 عاما في خروج مظاهرة ضد الروما في مدينة بيتش آخر شهر يوليو/تموز، إلا أنها كانت مظاهرة سلمية.
يذكر أن سبب اندلاع مسيرات ديفيتشر كان سببه خلاف نشب بين جارين وانتهى إلى شجار، لتخرج بعده على أحد المواقع الإلكترونية اليمينية المتطرفة دعوات لزائري الموقع إلى مظاهرة لدعم رفقائهم في الوطن بعد أن "هاجم المئات من الغجر عددا من المجريين".