يوم الأربعاء 25 يناير 2012 ليس عنا ببعيد. وعليه أدعو جهات الدولة المختلفة أن تفكر فى سيناريوهات ذلك اليوم. ولى بعض المقترحات: أولا المجلسان العسكرى والوزارى: لا تحاولا أن تستخدما الأساليب القديمة لأن المليون شاب مصرى الذين قرروا أن تُستكمل الثورة ليسوا من نوعية «اضرب المربوط يخاف السايب» وغير مزودين بخاصية «اضحك عليهم بأى حاجة». هؤلاء من نوعية «اضرب المربوط، السايب سيأخذ له حقه». وهذا تحول نوعى عما وجدنا عليه آباءنا. ومعهم نحو 2 مليون آخرون مصرى سيؤيدونهم لو استخدم العنف ضدهم أو تم الانتقاص من بعضهم.
ثانيا أقترح فتح باب الترشح للرئاسة فى أو قبل يوم 25 يناير لضمان جدية نقل السلطة إلى رئيس منتخب. وليظل باب الترشح مفتوحا لفترة طويلة نسبيا؛ لكن المهم إثبات الجدية.
ثالثا أهالى وأصدقاء الشهداء والمصابين لم يزالوا فى حالة استنفار نفسى وأخلاقى شديد على ما حدث لذويهم، ونزولهم الميادين يعنى بالضرورة نزول آلاف كثيرة من المؤيدين لهم. الكثير من هؤلاء ليسوا دعاة شهرة أو مطالب مادية، هم يريدون القصاص العادل ضد كل من أهان أو أصاب متظاهرين. وهنا السؤال: هل من الصعوبة بمكان وقف كل من يتم التحقيق معهم عن العمل لحين انتهاء التحقيقات؟ ألا يكون من المنطقى تكريم أسماء الشهداء بشكل لائق؟ لا توجد ثورة تلتزم بالقانون، الثورة خروج على القانون الظالم ودعوة لوضع قانون جديد عادل. البعض يقول هم حرقوا المنشآت العامة. حرق أى منشأة عامة عمل معيب أخلاقيا ومجرم قانونا، لكن المعضلة أننا حين نتأمل المنشآت التى أحرقت سنجد أنها كل مؤسسات إهانة المواطنين وظلمهم الممنهج: مقار الحزب الوطنى، مقار الشرطة، مقار أمن الدولة، حتى المجمع العلمى الذى استخدم كمنصة لإطلاق الحجارة على المتظاهرين الذين مهما كان جرمهم، فالعقوبة بلا محاسبة هى فى حد ذاتها جريمة. هل أقف خلف ابنتى وأطلق الرصاص على شخص ثم أعيب على الشخص أنه أطلق النار عليها؟
رابعا لو تعلمنا شيئا من «العدالة الانتقالية» فى جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية فهو أن «الإقرار بالخطأ» والاعتذار عنه والتعويض عن الأخطاء هو أول نقطة فى بدء صناعة توافق حقيقى بين أجهزة الدولة والقطاع الثائر من الشعب. لماذا لا نعلن فى يوم 24 يناير المقبل العقيدة الجديدة لجهاز الشرطة مأخوذة من القواعد المستقرة فى كل مؤسسات الأمن فى العالم، وعلى رأسها أن الشرطة ليست جهاز عقوبة أو تحقيق وإنما هى جهاز معاون لإقرار العدل؟ وفى هذا المقام، لا بد من توجيه الشكر على المجهود المبذول من قبل القيادة الجديدة لجهاز الشرطة على ما تقوم به حاليا من جهود لإعادة الانضباط لشوارعنا بعد شهور من الانفلات غير المبرر. خامسا إعادة الاعتبار للثورة وللثوار، وعدم التعامل معها وكأنها انتفاضة أو حركة احتجاجية وذهبت لحالها. هذه ثورة ليست أقل مما أطلق عليه فى الصين «ثورة ثقافية» وفى فرنسا «ثورة الشباب»، هذه ثورة أعادت المصريين إلى مصر، ومصر إلى المصريين.
سادسا لا لاستخدام العنف وفقا للقوانين الظالمة التى تحكمنا. علينا أن نتبنى القوانين المتعارف عليها دوليا فى أمور الاعتصام والتظاهرات. ولابد من إخلاء الميادين من قبل القوات المسلحة والشرطة أيام التظاهر مع تأمين المنشآت العامة فقط.
سابعا على القوى الفائزة فى الانتخابات أيا ما كانت أن تعى أن التصويت فى الانتخابات لا يعنى التوقيع على عقد تنازل عن الوطن لأحد، وإنما المُنتخَب وكيل عنى برغبة منى وبكامل إرادتى فى إدارة شئونى بالعودة إلىَّ. وهى وكالة مشروطة ومؤقتة لحين الانتخابات الجديدة.
ثامنا على الإعلام الرسمى وشبه الرسمى أن يحذر من خلق الفتنة بمنطق أن النزول يوم 25 سيعنى إسقاط الدولة، فنجد من ينزل لمحاربة من يريد إسقاط الدولة وتقع مواجهات دموية لا معنى لها.