بالصور.. احتفالية المصري اليوم بمناسبة 20 عامًا على تأسيسها    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024 (يرتفع في 9 بنوك)    وزير الإسكان يصطحب نائب رئيس جمهورية غينيا الاستوائية في جولة بالعلمين الجديدة    خبير اقتصادي يوضح أسباب انخفاض التضخم في مايو إلى 27.4%    منتخب السودان بمواجهة نارية ضد جنوب السودان لاستعادة الصدارة من السنغال    شهداء وجرحى فى قصف للاحتلال غرب مخيم النصيرات بقطاع غزة    مقتل 3 عناصر من حزب الله في غارة إسرائيلية بشمال شرق لبنان    "هدية غير متوقعة".. هل التعادل مع غينيا بيساو أضعف موقف مصر في تصفيات مونديال 2026؟    مفاجأة في حراسة مرمى الأهلي أمام فاركو ب الدوري المصري    الاتحاد الهولندي يعلن عدم لحاق دي يونج ببطولة يورو 2024    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    تصفيات أفريقيا لكأس العالم.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    انتداب الأدلة الجنائية لمعاينة حريق شقة سكنية في البدرشين    هل خروف الأضحية يجزئ عن الشخص فقط أم هو وأسرته؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    "إنتل" توقف توسعة ب25 مليار دولار لمصنعها في إسرائيل    مصر ترحب بقرار مجلس الأمن الداعي للتوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار في غزة    مصر ترحب بقرار مجلس الأمن الداعي للتوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة    طلبة: تعادل بوركينا فاسو مع سيراليون في صالح منتخب مصر    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالقليوبية    «أونلاين».. «التعليم»: جميع لجان الثانوية العامة مراقبة بالكاميرات (فيديو)    ضبط طالب لقيامه بالاصطدام بمركبة "توك توك" وشخصين بالبحيرة    دفن جثة شاب لقى مصرعه غرقا في مياه نهر النيل بالعياط    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب أتوبيس بالمنوفية    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    عيار 21 يفاجئ الجميع.. أسعار الذهب ترتفع 160 جنيها اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024 بالصاغة    «الفنية للحج»: السعودية تتخذ إجراءات مشددة ضد أصحاب التأشيرات غير النظامية    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    أستاذ اقتصاد: حظينا باستثمارات أوروبية الفترة الماضية.. وجذب المزيد ممكن    تحرير الرهائن = لا يوجد رجل رشيد    اليمين المتطرف يتصدر نوايا التصويت في انتخابات فرنسا التشريعية    نيبينزيا: القرار الأمريكي غامض وموافقة إسرائيل على وقف النار غير واضحة    طريقة تثبيت النسخة التجريبية من iOS 18 على أيفون .. خطوة بخطوة    موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اعتبارا من اليوم وذورتها الجمعة والسبت    مروان عطية: هدف غينيا من كرة "عشوائية".. ورطوبة الجو أثرت علينا    أخبار 24 ساعة.. الحكومة: إجازة عيد الأضحى من السبت 15 يونيو حتى الخميس 20    الرقب: الساحة الإسرائيلية مشتعلة بعد انسحاب جانتس من حكومة الطوارئ    منسق حياة كريمة بالمنوفية: وفرنا المادة العلمية والدعم للطلاب وأولياء الأمور    عمرو أديب: مبقاش في مرتب بيكفي حد.. إنت مجرد كوبري (فيديو)    «زي النهارده».. وقوع مذبحة الإسكندرية 11 يونيو 1882    تعرف على برجك اليوم 2024/6/11    6 أفلام إبداعية بمشروع تخرج طلاب كلية الإعلام بالجامعة البريطانية    مصر ضد غينيا بيساو.. قرارات مثيرة للجدل تحكيميا وهدف مشكوك فى صحته    متحدث «الشباب والرياضة»: سلوك معلم الجيولوجيا مخالف لتوجه وزارة التربية التعليم    إبراهيم عيسى: تشكيل الحكومة الجديدة توحي بأنها ستكون "توأم" الحكومة المستقيلة    سعر الذهب اليوم الإثنين.. عيار 21 يسجل 3110 جنيهات    سهرة خاصة مع عمر خيرت في «احتفالية المصري اليوم» بمناسبة الذكرى العشرين    هل يجوز الأضحية بالدجاج والبط؟.. محمد أبو هاشم يجيب (فيديو)    «الإفتاء» توضح حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة    وزير الصحة: برنامج الزمالة المصرية يقوم بتخريج 3 آلاف طبيب سنويا    عادة خاطئة قد تصيب طلاب الثانوية العامة بأزمة خطيرة في القلب أثناء الامتحانات    تفاصيل قافلة لجامعة القاهرة في الصف تقدم العلاج والخدمات الطبية مجانا    لفقدان الوزن- تناول الليمون بهذه الطرق    «المصريين الأحرار» يُشارك احتفالات الكنيسة بعيد الأنبا أبرآم بحضور البابا تواضروس    رشا كمال عن حكم صلاة المرأة العيد بالمساجد والساحات: يجوز والأولى بالمنزل    وزارة الأوقاف: أحكام وصيغ التكبير في عيد الأضحى    مستشفيات جامعة أسوان يعلن خطة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى أحوال وأهوال الشأن الدينى.. هل يمكن التفكير خارج (صندوق مبارك)؟
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 02 - 2012

ما حدث الأسبوعين الماضيين من توترات دينية متزامنة من العامرية (خلاف شخصى تحول إلى دينى) إلى المنيا (ممارسة شعائر دينية) مرورا بالشرقية (تداعيات عملية تحول دينى) يجعلنا نواجه حقيقة مهمة أن إنهاء تركة نظام مبارك لا يكتمل فقط بمحاكمة رموز الفساد والإفساد، أو بإعادة تشكيل المؤسسات السياسية دون تزوير إرادة المواطنين، ولكن الأهم هو التخلص من «طريقة التفكير» المباركية. أحد الملفات الكاشفة هى «الشأن الدينى»، الذى عرف ممارسات ممتدة من التكاذب واللا معقول والتسكين على مدار عقود، والآن ينقص «ثورة 25 يناير» شجاعة الخوض فيها. ظهر ذلك فى الجهود المحمودة التى سعى من خلالها مجلس الشعب والسلطات التنفيذية لاستيعاب الأزمات التى تفجرت مؤخرا، ولكن لم نر أن تفاعلات الواقع دفعت أى طرف للتفكير فى التعامل الجذرى معها.

(1)

منهج التعامل مع الشأن الدينى فى مصر لا يزال يتسم بالتحرك لإطفاء حرائق، وليس اتخاذ سياسات عامة تتصدى جذريا للمشكلات العالقة مصدر التوتر الدائم. خذ مثالا على ذلك بناء وترميم الكنائس. بعد مداولات مكثفة من «بيت العائلة» إلى «لجنة العدالة الوطنية» إلى مجلس الوزراء لاحت فى الأفق إمكانية تسوية المشكلة بإيجاد إطار قانونى يسمح بتقنين عملية بناء الكنائس حتى لا تكون سببا فى فرض قيود على مواطنين فى أداء شعائرهم الدينية، أو مدعاة لصدامات مجتمعية. لم يظهر الإطار القانونى، تشريعا أو قرارا أو لائحة، أيا كان شكله، وظلت الأمور على ما هى عليه، وأغلق موضوع النقاش فجأة دون مقدمات.

مثال آخر المشاركة السياسية للأقباط. إذ برغم أن هناك خطابات نقدية تناولت تدنى تمثيل الأقباط فى المجالس المنتخبة على مدار عقود، وكان أحرى بأن يكون «برلمان الثورة» فصل الختام لهذه المشكلة بتشجيع ودعم التنوع والتعددية، ظلت المشكلة قائمة فى حين أن قليلا من الابتكار فى قانون الانتخاب كان يمكن أن يسمح بانتخاب الفئات الأقل تمثيلا مثل الأقباط والمرأة على نحو طبيعى دون افتعال وذلك من خلال تخصيص مقعدين إضافيين على مستوى المحافظة أو عدد من المقاعد على مستوى الجمهورية للفئات الأقل تمثيلا يحددها القانون ويكون التنافس عليها بين المرشحين حسب انتماءاتهم الحزبية والسياسية.

(2)

تغيير المعتقد الدينى، من المسيحية إلى الإسلام، أو العكس لا تزال إحدى المشكلات التى تسبب توترا مجتمعيا، ومواجهات بين مواطنين على مستوى الشارع. تحتاج المشكلة إلى حل فى سياق دولة قانونية حديثة. تشير الممارسة المتبعة إلى أن تحول مسيحى إلى الإسلام لا تصادفه مشكلات، فى حين أن التحول من الإسلام إلى المسيحية تعترض سبيله مشكلات عدة، أبرزها عدم القدرة على الحصول على أوراق ثبوتية تسجل الحالة الدينية الجديدة للشخص (مثل بطاقة الرقم القومى)، وهو أمر ينبغى أن تقوم به الجهات الحكومية التى يفترض حيادها تجاه مواطنيها دون تعقيدات أمنية أو بيروقراطية ليس فقط تأكيدا لمبدأ دستورى ينص على حرية العقيدة، ولكن أيضا حتى يتبين المجتمع «الديانة الفعلية» للشخص الذى يتعامل معه ضمانا لاستقرار المعاملات والمراكز القانونية. وهناك اجتهادات معتبرة فى الفقه الإسلامى المصرى خاصة فى كتابات الشيخ محمود شلتوت والدكتور عبدالمتعال الصعيدى تحل إشكالية تغيير الفرد المسلم لمعتقده الدينى.

ومن ناحية أخرى، فقد كان حتى بضع سنوات خلت أن المسيحى الراغب فى التحول إلى الإسلام يمثل أمام مكتب مختص بمشيخة الأزهر، ويعطى الحق فيما يعرف «بجلسة النصح والإرشاد» التى يقدمها له رجل دين مسيحى فى مديرية الأمن للتأكد من أن تحوله الدينى جاء عن اقتناع تنتفى فيه شبهة الإكراه، ولكن قررت وزارة الداخلية –فى عهد حبيب العادلى- إلغاء جلسات النصح والإرشاد، التى كانت ممارسة عرفية وليست نصا قانونيا، مما تسبب فى اهتزاز ثقة المجتمع فى عملية التحول الدينى، وترتب عليها توترات دينية حادة. الحل ليس فى استعادة هذه الجلسات التى لا يحمل اسمها أى معنى يرتبط بالدولة الحديثة، ولكن فى التأكيد على أن مسألة تغيير المعتقد الدينى هى «حرية شخصية»، يمثل الشخص الذى يبغى ممارستها أمام قاض مختص يمكن أن نُطلق عليه «قاضى الحريات الدينية» يعلن رغبته فى تغيير ديانته، ويحصل على شهادة منه بذلك، على إثرها يجرى استيفاء المتطلبات الدينية مثل الحصول على «شهادة إشهار إسلام» إذا كان التحول إلى الإسلام أو «شهادة كنسية» إذا كان التحول للمسيحية، وذلك من المؤسسات الدينية المعنية، وبموجب الأمرين معا أى حكم القاضى وشهادة تغيير المعتقد الدينى يقوم الشخص بتغيير الأوراق الثبوتية الخاصة به حسب حالته الدينية الجديدة.

(3)

يتصل يتغيير المعتقد الدينى ما يُعرف فى الفتاوى الدينية، وممارسة المحاكم المصرية باتباع الأولاد «خير الأبوين دينا» فى حالة تغيير أحد الزوجين لمعتقده الدينى من المسيحية إلى الإسلام. إذا نحينا جانبا ما ينطوى عليه هذا المبدأ من أفضلية لعقيدة على أخرى فى الدولة، فإن من تداعياته أن يتحول رب الأسرة لأى سبب من الأسباب إلى الإسلام، ثم ما يلبث أن يجد الأبناء أنفسهم بالتبعية مسلمين، رغم أنهم نشأوا فى ظل أسرة مسيحية، ولا يزالون قصر. ويجد الطفل فى المدرسة نفسه بين يوم وليلة يحضر حصة الدين الإسلامى بعد أن كان يحضر حصة الدين المسيحى. وهو ما يشكل أزمة لهؤلاء للأطفال، واهتزازا لكيان أسرة يستوجب الدستور حمايتها. وهناك قضايا عديدة نبعت من هذه المشكلة شغلت الرأى العام خلال السنوات الماضية، وكم كان مؤلما أن نجد أطفالا يدخلون طرفا فى قضايا شائكة، ليس لهم ذنب فيها، ويصبحون ضيوفا على فضائيات تفتش فى ضمائرهم، وتستثير مشاعرهم. يمكن حل الإشكالية وفق ما يقتضيه المنطق بأن يظل الأبناء على الديانة التى ولدوا عليها، ولا تكون ممارسة شخص لحريته الدينية فى التحول إلى معتقد دينى آخر سببا فى مشكلات اجتماعية تطول غيره. هؤلاء الأبناء هم مواطنون فى الدولة، وليسوا «موضوعا» للانتقال القسرى بين الأديان أو التشيؤ (أى يتحولوا إلى أشياء لا عقل لهم)، وعندما يبلغون سن الرشد يختارون المعتقد الدينى الذى يروق لهم.

●●●

هذه مجرد مقترحات للتفكير خارج الصندوق الضيق المتوارث من نظام مبارك، قد يقبلها أو يرفضها البعض كليا أو جزئيا، لكنها تعبر عن تصورات لإدارة الشأن الدينى فى دولة قانونية حديثة، لا ولاية لأحد على ضمائر الأفراد، وتكون ممارسة الحرية الدينية فى إطار مدنى قانونى. فلا يصح أن يقوم مجتمع بثورة يقلب فيها نظاما سياسيا رأسا على عقب، ثم لا ينتصر لحقوق المواطن، أو يحرمه من ممارسة حرياته الأساسية. لم يعد ممكنا أن نتخلص من «مبارك» ثم نسير على طريق الأشواك الذى صنعه أو رعاه، ولكن علينا أن نفكر خارج «الصندوق»، نبحث عن حلول جذرية لقضايا شائكة. هل يمكن لمجلس الشعب أن يخوض فى هذه الملفات الشائكة أم أنه يفضل منهج «ترحيل التركة» لمراحل مقبلة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.