وزير العمل يوفر وظيفة لإحدى الفتيات من ذوي الهمم بالأقصر    الشناوي: الهيئة الوطنية للانتخابات نجحت في ترسيخ الثقة بين الدولة والمواطن    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة «النقل النهري»    اليوم.. الكنيسة القبطية تستضيف اجتماع لجنة الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي    "مخاطر العنف والتنمر" ندوة توعوية ب"فنون تطبيقية بني سويف"    ميناء دمياط يستقبل 73590 طن قمح وذرة وحديد ب14 سفينة    محافظ الجيزة يشارك في مؤتمر إطلاق الاستراتيجية الوطنية للعمران    فرص عمل واستثمارات.. تفاصيل جولة مدبولي في مصنع «أوبو» بالعاشر    تركيب 213 وصلة مياه شرب نظيفة للأسر الأولى بالرعاية بقرى ومراكز أسوان    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    محافظ الدقهلية يشدد على رئيس مدينة نبروه بتكثيف أعمال النظافة ومتابعتها ورفع كافة الإشغالات    الصين «تعارض» العقوبات الأمريكية الجديدة على النفط الروسي    عبور 87 شاحنة إماراتية محمّلة بالمساعدات إلى غزة خلال أسبوع    السعودية تدين وتستنكر مصادقة الكنيست بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية    أضرار جسيمة في منشآت الكهرباء والمياه بعد هجوم بطائرة مسيرة في السودان    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 6 آلاف طن مساعدات إلى غزة عبر قافلة زاد العزة ال57    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    تقرير يكشف مستقبل محمد صلاح مع ليفربول    الاتحاد الأفريقي لتنس الطاولة: ما صدر عن عمر عصر سلوك سيئ ومؤسفٌ    جولر بعد الفوز على يوفنتوس: نُريد برشلونة    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    محمد عبدالجليل ينتقد ييس توروب بسبب تغييراته    ننشر أسماء مصابي انحراف أتوبيس بطريق صحراوي قنا    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    ضبط أكثر من 17 طن دقيق مدعم قبل استخدامه في أنشطة مخالفة    ضبط 4 سيدات لقيامهن بممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    غلق كلي لكوبري الأزهر السفلي 3 أيام لتطويره بطبقة الإيبوكسي.. تفاصيل    «لنا لقاء عند الله».. أحمد السعدني يحيي ذكرى ميلاد والده    رانيا يوسف تكشف كواليس زواجها من المخرج أحمد جمال    جولة «بوابة أخبار اليوم» في معرض الفنون التشكيلية «بحبك يا مصر»    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    أحداث مثيرة في مسلسل «المدينة البعيدة» تكشف صراع جيهان وبوران    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة قنا    بدء تشغيل معمل الأسنان للتركيبات المتحركة بمستشفى نجع حمادي العام    خالد عبدالغفار: الصحة العامة حجر الزاوية في رؤية مصر للتنمية البشرية    إنجاز طبي جديد بعد إنقاذ مريض فلسطيني مصاب من قطاع غزة    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    مصرع عامل سقط من أعلى سقالة فى المنوفية    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    هل التدليك الطبى حرام وما حكم المساج فى الإسلام؟.. دار الإفتاء توضح    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    إطلاق القطار السريع وافتتاح مشروعات كبرى.. أحداث هامة بمعرض TransMEA القادم    الاتحاد الأوروبى: تم حظر استيراد الغاز المسال الروسى    ستيفن وارنوك: ليفربول أثبت قدرته على الفوز دون محمد صلاح واستبعادُه قد يتكرر مستقبلاً    ميدو جابر يخضع اليوم لأشعة تشخيصيه على الركبة لتحديد حجم إصابته    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    التعليم تحسم الجدل حول مستحقات معلمي الحصة بالقاهرة وتؤكد أحقيتهم في الصرف    بعد قليل.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن شخصين    ليفربول يفك عقدته بخماسية في شباك آينتراخت فرانكفورت بدوري الأبطال    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    سعر الذهب اليوم الخميس 23-10-2025 بالصاغة.. وعيار 21 الآن بعد الانخفاض الكبير    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نخرج.. فينتهى الوطن
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 02 - 2012

فى ظلمات اللحظات القاتمة، شديدة القبح.. تخرج النار من الظلام، تصطاد بألسنتها كل الآخر الذى ليس انا.. فلا يولد النور من رحم الظلمات.. لا نور بل كثير من التكفير والرفض والطرد خارج اسوار كانت لسنين هى تجمعنا على كسرة خبز وذرة ملح.. تلتئم موائدنا المشتركة وتنتقل الاطباق كل حسب عيده يبقى مذاق موحد لكل الاعياد عندما تقرع الكنائس اجراسها نخشع لها كما هو أذان الفجر قبل صياح الديك الاول.. وعندما تمر امرأة ننحنى احتراما وتقديرا.. وعندما يولد طفل نرسل الزغاريد كلنا معا. وفيما هو يكبر ليصبح شابا نستدير لنستمع لصوته القادم من المستقبل.. ننصت له بتقدير.. فى تلك السنين شديدة النور كنا نمضى فى بناء وطن ربما أو حتى بناء شعب.. اما الآن فلم يعد هناك مكان لبصيص نور عندما تحولنا الى رفض الآخر الذى ليس أنا.. المختلف عنى فى الدين أو العرق أو الطائفة أو الجنس أو العمر.. بل واتسعت لتضم كل ما لا يشبهنى فما لا يشبهنى ليس منى.
•••

لم تبدأ حملة طرد الآخر خارج القرية أو المدينة أو الوطن منذ ان قررت تلك القرية المصرية ان لا مكان فيها للمسيحيين.. لا فالحملة لم تبدأ هنا بل كانت قبل ذلك بكثير.. أحيانا نحاول ان نبعد المسئولية وفى أوقات اخرى نستخف بها، فهذه حالات فردية وتفجير تلك الكاتدرائية هى احداث ارهابية وحرق تلك الكنيسة ما هو الا عمل من بعض الحمقى أو المختلين عقليا.. ولم تقف عند مجرى النيل بل وهناك حيث دجلة والفرات ينامان فى فراغ الاحتلال وطلقات التكفير بكل ما هو ليس أنا.. لا يشبهنى لا يرتدى ثوبى ولا يغطى رأسه ووجهه كما زوجتى أو ابنتى ذات العاشرة.. هناك ايضا بدأت الحرب الاولى ضد الآخر ايا يكن هو مسيحى أو متعلم أو مثقف أو أى شخص ليس مثلى.

وهى لم تتوقف عندما قيل ان على النساء العودة للمنزل بعد الثورات العربية أو حتى عندما شكلت الوزارات منزوعة من المرأة ولا عند الانتخابات البرلمانية حيث تذيل القوائم بأسماء لنساء أو صور لورود ولا حين توحدت البرلمانات العربية على ان تكون ذكورية حتى النخاع.. أو يأتى ببعض النساء ليكملن زينة الحكم والحاكم.. نائبات ووزيرات لوزارات بمساحيق كثيرة.

كما انها لم تكن فقط عند طرد الشباب خارج الخارطة السياسية تحت ذريعة قلة الخبرة أو عدم المعرفة أو حتى الحديث بمفردات وكلمات لا يفهمها «المخضرمون» أو ربما التعبير الأصح عواجيز الثقافة العربية التى سادت لسنوات طويلة.

هى بالطبع لم تكن عندما اصبحت الحسينيات مستفزة للبعض فيما يتحول كل مبتدئ فى العلوم الى رجل دين فى احدى الزوايا يرسم خرائط للعالم الذى يجب ان يكون ويختمه بصك من الله أو بخوف من النار أو بوعد بالجنة.. وفى ذلك يتساوى رجال الدين من مختلف المذاهب والاديان يحملون المباخر ويطيلون النصح حول التوافه من الامور فيما الأمة والدولة والانسان يحترقون.

•••

هى لم تبدأ ولن تنتهى هنا.. هى الآخر الذى اما هو مسيحى أو امرأة أو شاب أو شيعى أو كردى أو اشورى او امازيغى.. كل من هو خارج القبيلة التى هى انا.. كان الحريق الاول منذ بضع سنين، فى البدء تصورنا انه لن يأتى الا الى حافة المدينة أو البلد وما لبث ان اصبح كالوباء أو الطاعون ينتقل من قرية الى اخرى ومن مدينة الى ثانية ومن صحراء الى شاطئ حتى تلك الحضارات الراقدة على اطراف الانهار العظيمة هى الاخرى لم تسلم منه.. من مرض اسمه انا ولا اخر سواى.. هى الوباء الذى يردد لا مكان لهم هنا سأتكرم وامنحهم «مكرمة» كما مكارم بعض الحكام لاسكات شعوبهم ان استطعت ان اسكنهم على حافة البلد أو خلف المقابر أو ربما على اطراف الكون.. وجاءت النيران المشتعلة وصبت نار غضبها علينا وكنا نعتقد انها بعيدة بعد السماء عن الارض..

فلا عيد الا عيدى ولا احتفالية الا وبها ومعها تكفير وترهيب.. ولا مناسبة الا ومعها فتوى.. رسموا عالما لهم ووضعوا الكون بداخله ونحن جميعا معهم اما ان نكون هم أو فلا مكان لنا.. يستنكر ما يقال فى اوروبا عن منع النقاب أو حضره يرددون السؤال «وأين حقوق الانسان؟».. ويعيد الكثيرون سؤالهم انها لا تجزأ ولا تقسم بين دولة واخرى وبين دين أو طائفة.. يعاد تكرار ما لا يعرفونه وهو ان لهم جميعا حقا ولنا نحن ايضا حق أو حقوق.. فلا ترموا بالآخر خارج الوطن.. ثم توصدوا الابواب خلفه.. فيخرج وينتهى الوطن فيصبح عزبة أو مزرعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.