تتكرر العملية، وفى كل مرة نستيقظ على من يقول: «من أين جاء كل هذا الحقد، أو الطائفية، أو المناطقية، أو العشائرية، ونحن كنا نعيش فى أمان؟» وكأنها وليدة اللحظة، وكأننا اكتشفناها الآن، وكأنها لم تعشّش فى تفاصيل حياتنا حتى أصبحت جزءًا منها، ومن العبارات (...)
فى قاعة تحمل جدرانها حكايات من تاريخ عريق، التقت تلك المجموعة الصغيرة التى دُعيت للبحث المعمّق فى واقع حال العالم الآن، خاصة عالمنا الذى كنا نسميه - بسهولة شديدة - «عالمًا عربيًا» بل «أمة عربية»، وأحيانًا تُضاف لها فى ذيلها «واحدة»، حتى جاء الطوفان؛ (...)
لم يبد المساء منذرا بليلة مختلفة لا فى الأنباء القادمة ولا فى الأجواء عامة. كان يمضى مسترخيا فى صخب اللحظة أو هكذا يبدو. تعود بعضنا أن يعمل جاهدا على أن يسرق بضع ثوان هنا وهناك بين حدث وآخر، «نكد» وآخر، مصيبة وأخرى، أو حتى بين موت وموت وهو الأكثر (...)
فى زوايا تلك الحقيبة التى ترافق صاحبها مساحات لما يشبهه أو يشبهها أو هى حقا جزء من ذكريات أو لحظات مرت. هنا حملت ذاك الفستان لتتزين للقاء مع حبيب فى أيام السفر المسترخية فى حضن العشق الممنوع. وهناك بقايا لبنطلون وجاكيت وبلوزة «محتشمة» لأن تلك الندوة (...)
سقطت المدارس والعلم عندما أصبح معظم التعليم العربى جزءًا من سوق العرض والطلب. تحولت من مسئولية الدولة لمواطنيها عليها إلى مسئولية من يلد ذاك الطفل أو يتركوا ليربيهم الشارع أو تيك توك، تسارع الآباء فور استخراج شهادات الميلاد لأطفالهم، للبحث عن أى (...)
مضى اليوم العالمى لحرية الصحافة كما باقى الأيام والمناسبات، هو يوم أو أقل، قال كثر - خاصة المسئولين - كلمتهم ومجدوا بالطبع فى إنجازاتهم فى هذا المجال الحيوى، ومضى اليوم كسولا وبعيدا جدا عن تلك المؤشرات العالمية التى وضعت الدول فى قائمة كانت حتى قبل (...)
تحلقوا حول تلك المائدة الدسمة، كل يمسك هاتفه النقال ربما لمتابعة «فاشونيستا» أو «انفلونسر»، أو ربما فقط لتصوير تلك المائدة ووضعها على الانستجرام أو بعض مواقع التواصل الاجتماعى الأخرى. يفيض الطعام فوق الموائد حتى يتحول إلى مواد ربما للمشاركة أو (...)
أكثر من خمس عشرة سنة قد مرت وأنت ترى أن كل ما حولك وقريب منك يتهالك شيئًا فشيئًا، بعضه ينهار وبعضه الآخر يصارع من أجل البقاء.
• • •
أكثر من خمس عشرة سنة ونستفيق على عبارة «اللهم اجعله خير»، وما هى إلا لحظات لتكتشف أن لا خير الآن فتقول ربما القادم (...)
قالوا عنها أقدم مهنة فى التاريخ وراحوا يبحثون فى المعاجم والكتب القديمة ينفضون الغبار ليقولوا لنا إنهم امتهنوا تلك المهنة فى كل الأزمنة والأوقات، بل استسهلوا أن ينسبوا كل الخراب إلى فئة من النساء فقط. فيما المجتمعات تغص بكثير من الذين يستحقون ذاك (...)
لا أريد أن أعرف.. لا يريدون أن يعرفوا.. يبعدون أنظارهم عن الشاشات التى تطاردهم، يأخذون المحرك لينتقلوا من محطة لأخرى ومن «إنفلونسر» لآخر و«بلوجر» لأخرى!
• • •
ينتهى رمضان وكوم الطعام الذى رمى فى مكبات النفايات يفوق التصور، يأتى العيد فتتلون الشوارع (...)
تشيخ المدن كما البشر أو البنى آدمين، بعضها يشيخ برقى وتبقى آثار الجمال هنا وهناك، وأخرى تتعثر فى شيخوختها فتهرم شوارعها وتتحول مبانيها إلى بقايا بيوت كما وأنها سحبت منها الحياة فبقى الجسد دون روح.
• • •
بقيت كثير من المدن تتباهى بتاريخها الذى كلما (...)
يوشك رمضان على نهايته ويسدل الستار على ختامه ويجرى الكثيرون لهثا بحثا عن ملابس العيد وكعكه، وآخرون بالطبع يفضلون أن يقضوا العشر الأواخر قريبين من الحرم المكى فى مكة يسجدون ويركعون ويصلون ويتعبدون ثم ينهون يومهم بموائد «متخمة» بالطعام الذى ينتهى (...)
يأتون بترشيحاتهم من النساء ويرسلون نساءهم هنا وهناك، بين كل مجموعة من الرجال يدسون اسم بعض النساء، وبين كل مراكز قيادية هناك نساء أيضا، وبين حكومات جديدة توجد نساء ونساء. بل وعند نقد بعض دول الجنوب ومنها العربية لقلة وجود النساء فى مراكز صنع القرار، (...)
كلما بدأ حديث عن العمارة راح يسترسل فيما يشبه الشعر، فكل ما كان يلفظ به لا علاقة له بالأسمنت والأسقف وغيرها من مقومات البناء. لم تطل المسافة بين ذاك اليوم من شعر صادر عن مهندس معمارى وبين لقاء أكثر قربا لنعرف أنه من تلامذة حسن فتحى. هنا صرخنا (...)
طوال عام أو أكثر علمونا وهم تحت الركام معنى الحياة والحب، بل عرفونا أن الحياة ليست حقيبة يد أو سيارة فارهة أو وجبة دسمة فى مطعم فاخر.. كل ذلك علمونا إياه، بل أكثر منه عرفنا أن الحياة لا تنتهى إذا امتنعنا عن شرب تلك القهوة الشهيرة عالميا أو ذاك (...)
فى العام 2005 استطاعت تلك الشركة العالمية للفنادق ومقرها كندا أن تدخل العاصمة السورية من بواباتها الواسعة فكان ذاك البناء المعمارى بديكوراته التى تطابق بعضا من تاريخ وحضارة وثقافة ورقى هذا البلد، أو هى محاولة من مالكيه لكى لا يشوه المشهد العام لتلك (...)
حدود المصنع والوقت ظهرا أو ما قبله والزحمة لا تتناسب مع محاولات هذا الكم من البشر دخول أراضى بلد عاش للتو تغييرا جوهريا فى نظام حكمه، بل ربما فى كل ما يتعلق بتفاصيل الحياة فيه. تقف فى الطابور يبدو معظم القادمين المتحمسين من السوريين لا أغراب بينهم (...)
أعداد كبيرة من النساء والرجال بأعمار مختلفة وكثير من الأطفال أيضا اصطفوا فى انتظار دخول الطائرة وهم فى مجملهم يبدون كأى ركاب متجهين إلى أى بقعة أو مدينة فى العالم. لا مظاهر لخوف أو توجس أو حتى مجرد تساؤل عن كيف ستكون بيروت ساعة وصول رحلتهم وهم (...)
تمطر السماء ماء مع تغير الفصول أو هكذا ما اعتدناه منذ صغرنا رغم أن طقس الخليج لم يعد يسمح حتى بالمطر إلا لبضع سويعات أو فى المقابل تأتى السيول لتجرف الأرض وما عليها، لا حل وسطا، ولا مطر بذرات خفيفة ما يلبث وأن يغسل الشجر والحجر وحتى القلوب المتعبة (...)
كيف حالكم؟ تسأل بخجل فى رسالة مكررة كل يوم كل يوم لأكثر من عام وأنت تكتب للأصدقاء فى غزة وفلسطين وجنوب لبنان وكل لبنان عندما تحولت كلها إلى أهداف مبررة للصهاينة كل الصهاينة، أولئك الذين أقاموا مدنهم فوق القرى والمدن الفلسطينية وأطلقوا عليها تسميات (...)
كل شخص تلتقى به يطمرك بالأسئلة أو الاستفسارات أو حتى التلميحات وبعضهم يهوى أن يتحول إلى محلل للأحداث عارف ببواطن الأمور وتوجهات السياسات العامة فى الدول القريبة والبعيدة، ولَمَ لا وهناك كل هذه الأعداد من المحللين والخبراء والمختصين السياسيين (...)
كيف لك أن تعرف أن تنتشى والحزن يقطع ليس قلبك فقط، بل كل شرايينك وتفاصيل جسدك وأحاسيسك حتى تصورت للحظة أن الحزن قد انتصر عليك أو أنك أصبت بلوثة من الجنون. عام وقلبك ينعصر وعقلك تشتت من كثرة التفكير والبحث والاستقصاء ومحاولة فهم اللحظة أو هى فهم ردة (...)
كلما تجولت الطائرات الحربية الإسرائيلية أو تلك التى يعرفها الشعب اللبنانى ب«إم كا»، طائرة دون طيار، فى سماء لبنان من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه، يقوم أحدهم أو كثر منهم بتكرار نفس الخطاب المكرر بل الذى أصبح كالأسطوانة المشروخة؛ لو لم يتدخل هذا (...)
كان يحب أن يجمع الأصدقاء والصديقات والمعارف، بل يعشق الجمع على موائد عامرة فى مساءات بيروت الصاخبة. وتبدو شقته على ذاك الشارع المتفرع من الحمرا أكثر حيوية وضجة من كل مقاهى مار مخايل والجميزة وبدارو مجتمعين. فى تلك الليلة من ذاك الشهر فى ذاك العام (...)
لا شىء يعادل مشهد الموت فى الذاكرة.. لا شىء. خاصة إذا كان الموت دون نهايات، بمعنى أن لا يستطيع الفرد منا أن يدفن موتاه و يذرف دمعا غزيرا ثم يلملم الصور والذكريات ليخزنها، ربما ليستطيع لاحقا إذا ما سمحت له آلة القتل أن يقتنص اللحظة بين موتين، فيودع (...)