موعد تنسيق الثانوية الأزهرية 2025.. مؤشرات كليات جامعة الأزهر 2024    المسلماني: الرئيس لا يريد شعبًا مغيبًا وجاهلًا (فيديو)    «لا يجب التنكيل بالمخطئين».. المسلماني: الرئيس طلب الاستعانة بكل الكوادر الإعلامية    رئيس الأعلى للإعلام: الرئيس السيسي أكد على ضرورة إعلاء حرية التعبير    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات الأخرى ببداية تعاملات الإثنين 11 أغسطس 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 11 أغسطس بعد الزيادة الأخيرة (تفاصيل)    "تضامن سوهاج" تكرم 47 رائدة اجتماعية وتمنحهن شهادات تقدير    94 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة بداية الأسبوع    رئيس مياه سوهاج يتفقد المحطات ويؤكد على أهمية مطابقتها للمواصفات القياسية    أول تعليق من وائل الدحدوح على استشهاد الصحفيين أنس الشريف ومحمد قريقع    استشهاد الصحفي أنس الشريف بقصف إسرائيلي في غزة.. هذا آخر ما كتبه على «فيسبوك»    زلزال بقوة 6.19 درجة يضرب تركيا    دبلوماسية أوروبية: أي اتفاق بين أمريكا وروسيا يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي    موظفو طيران في بروكسل يطالبون بعدم استئناف الرحلات لإسرائيل    نتنياهو: إسرائيل ألحقت ضررًا جسيمًا بإيران سيستمر تأثيره لسنوات    أوصيكم بقرة عيني وبفلسطين وأهلها، رسالة مؤثرة للصحفي أنس الشريف قبل استشهاده    جيش الاحتلال الإسرائيلي يتبنى اغتيال الصحفي أنس الشريف    برشلونة يكتسح كومو بخماسية ويتوج بكأس خوان جامبر    هاني رمزي يكشف أسباب خسارة الأهلي من مودرن.. وينتقد ثنائي الأحمر    خالد الغندور: التوأم يوصي فتوح بالالتزام للمشاركة مع الزمالك    «تحت الصفر».. نجم الزمالك السابق يهاجم أفشة بتصريحات نارية    ثنائي المصري أحمد وهب وأحمد شرف ضمن قائمة منتخب الشباب استعدادًا لمباراتي المغرب الوديتين    حسام حسن يطلب ضم ثنائي الأهلي لمعسكر منتخب مصر في سبتمبر    كاف يعلن جدول مباريات مسار في بطولة شمال إفريقيا للسيدات المؤهلة لدوري أبطال إفريقيا    اتحاد الكرة الليبي يكشف مصير مباراة الأزمة بين الأهلي طرابلس والهلال    محافظ الفيوم يكرم أوائل الثانوية العامة والأزهرية والدبلومات الفنية    الداخلية تضبط طالبا يستعرض بدراجة بخارية    الحماية المدنية تخمد حريق هائل داخل محل دهانات بالمنيا    السيطرة على حريق داخل مخزن مواد غذائية فى الزيتون دون إصابات.. صور    فنان شهير يتهم فتاة بالتحرش به والإساءة لزوجته وفريق بحث لضبطها    قرار هام بشأن البلوجر مونلي صديق سوزي الأردنية بتهمة نشر فديوهات خادشة    إخلاء سبيل طالب طعن زميله في شبرا الخيمة    اتهامات لمحامي بالاعتداء الجنسي على 4 أطفال بالدقهلية    4 أبراج «بيحققوا النجاح بسهولة»: يتمتعون بالإصرار والقوة ويتحملون المسؤولية    كشافين في القرى للبحث عن أم كلثوم والشعراوي.. المسلماني يكشف توجيهات الرئيس    «إسكندرية السينمائي» يطلق استفتاء جماهيري لاختيار أفضل فيلم سياسي مصري    اجتماع مديري الثقافة والتربية والتعليم لتعزيز الأنشطة الثقافية والتعليمية بين الطلاب    ويزو تحكي أسرار "مسرح مصر": «أشرف عبدالباقي كان بيأكلنا ويصرف علينا من جيبه»    جنات لتليفزيون اليوم السابع: "سعيدة بردود الفعل على الألبوم الجديد"    تامر عبد الحميد: نظام الدوري الجديد أصعب.. والحسم قد يأتي مبكرا    المشهد الإعلامى الوطنى.. وما يتطلب فعله..!    فوائد اليانسون، يهدئ المعدة ويعالج نزلات البرد والإنفلونزا ويقوي المناعة    المنوفية تُطلق عيادات الدعم النفسي بخمس وحدات رعاية أساسية | صور    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتابع أعمال التطوير في المجمع الدولي ومستشفى الكرنك    وكيل صحة المنيا يشدد على الانضباط وتطوير الخدمات الصحية    عبدالغفار: «100 يوم صحة» تقدم خدمات علاجية ووقائية متكاملة بالمجان بجميع المحافظات    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    "الجلاد ستيل" يضخ 3 مليارات للتوسع في الإنتاج وزيادة حصته التصديرية    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    سعر مواد البناء مساء اليوم 10 أغسطس 2025    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    الوطنية للصحافة: صرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين للمعاش خلال يوليو غدا    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    اتحاد عمال الجيزة يضع خطته للتأهيل والتدريب المهني    موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025 للقطاعين العام والخاص    الشوربجي يشكر الرئيس السيسي على زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة.. وتجديد صورة مصر فى أفريقيا
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 03 - 2011

قد يدهش القارئ إذا عرف أن جميع العواصم الأفريقية قد انشغلت بالتعليق والتحليل لحدث الثورة المصرية، من رؤساء دول وحكومات ومعارضة إلى كُتاب وصحف وهيئات ثقافية. وقد أتاحت الوسائل التقنية الحديثة لى ولغيرى أن أقرأ أكثر من مائة نص مباشر من أنحاء القارة حول آثار ثورتنا العارمة على إعادة خلق صورة مصر فى القارة، ولذا كنت أفضل هنا أن أكتب مباشرة عن «الثورة بعيون أفريقية» لعل جهازنا الدبلوماسى يراجع مقولاته الثابتة عن العمل مع أبناء هذه القارة حيث يتم «إعادة اكتشاف مصر فى أفريقيا». وأقول «إعادة الاكتشاف» لأنه أولى أن يطبق أيضا على وجوب إعادة المصريين لاكتشاف هويتهم الأفريقية إلى جانب العربية التى أكدها التحام ثورة الشعب المصرى مع التونسى والليبى، والفورة الموحدة والمتنوعة الأبعاد فى العالم العربى.
لقد تفجر الحدث المصرى والتونسى فى أروقة جديدة فى أنحاء القارة والعالم منذ لحظة وقوعه، بدءا من المنتدى الاجتماعى العالمى فى داكار الذى حضره ممثلون لقوى شعبية من أكثر من مائة دولة متصدين لأساليب الهيمنة التى يفرضها منتدى «ديفوس» للرأسمالية العالمية، ومرورا بالقمة الأفريقية فى أديس أبابا حيث كان موعد انعقاد منتدى «الحكام» أو ما سماه البعض «نادى المستبدين» الذين تزايد قلقهم على مواقعهم بعد ثورة مصر، ولم يسعفهم هذا القلق بأى تعبير ضمن قراراتهم حتى اضطرت مفوضية الاتحاد الأفريقى للإعراب عن قلقها من «العنف فى ليبيا» بعد أيام من وقوع الثورة هناك أيضا.. وقبل ذلك وبعده صدرت مئات التعليقات والكتابات عن نموذج مصر الجديد فى أفريقيا.
هذا الاكتشاف المتبادل بين الثورة المصرية والقوى المختلفة فى القارة، صدرت عنه أولى التعبيرات فى شعارات مثل: «نحن نستطيع أيضا» أو تساؤل البعض «عما إذا كان ذلك ممكنا عندنا؟». خاصة أن «اللوبى الأسود» فى أمريكا بدأ بترديده عن حالات الاستبداد الأفريقية، وهو اللوبى ذو التأثير الواسع فى أفريقيا. ورغم حملة هذا «اللوبى» على العرب من قبل بسبب «الموقف فى دارفور» فإن صحفه ومواقعه الإلكترونية هى التى تقود الآن موجة التساؤل الإيجابى عن «أفريقية» مصر، ودور شبابها فى طرح عملية التغيير التى ستطاول أفريقيا بالتأكيد. وهنا لا أتصور أن فى خطة الوزارة العزيزة إعادة الاتصال بهذا «اللوبى» أيضا فى دعم علاقاتنا بأفريقيا.
وقد وقعت أحداث الثورة المصرية فى وقت احتاجت بعض القوى المتحركة فى القارة لدفع وضعها هنا وهنالك، كانت الانتخابات فى أوغندا تعانى قهر الحكم واجراءاته، فدعت أحزاب المعارضة لثورة مماثلة لما حدث فى مصر، وليعلق الرئيس «موسيفينى» بأنه سيواجهها بالعنف لأن «الأسلوب المصرى ليس له مجال فى أوغندا!» ومثل ذلك وقع فى زيمبابوى. وقريبا منه فى نيجيريا والسنغال وكينيا فى تصريحات متبادلة بين الحكم والمعارضة وكأن «الحدث المصرى» على حدودهم المباشرة، وهو كذلك بالفعل بفضل وسائل الاتصال الحديثة.
لم يكن الرئيس الأوغندى وحده فى التعبير عن هذا القلق من تصريحات المعارضة تجاهه، فى المقابل راح نائب الرئيس الغانى يكتب عن «الدرس المصرى للحكام الأفارقة»، بحكم أنه جاء بعملية انتخابية فى ظروف ديمقراطية فى غانا إلى حد كبير. أما الرئيس الأثيوبى الذى خشى من آثار الثورة المصرية فقد توقع من آثارها فقط أن تصيغ مصر موقفا جديدا فى خلافها حول اتفاقيات مياه النيل! وكتب أساتذة من السنغال عن محاولتهم المبكرة لتأسيس حركة على نمط «كفاية» المصرية وإن لم تساعدها الظروف سابقا ولكنها جاهزة الآن.
فى إطار آخر انطلقت التحليلات الصحفية والمقالات عن مدى إمكانية تحقيق نموذج الثورة المصرية فى البلدان الافريقية، وتضمن ذلك تحليلات جديرة بالاهتمام، إذ صدر بعضها أيضا من مواقع «اللوبى الأسود» الأمريكى الذى قارن بين حتمية عولمة «النموذج الشعبى» المصرى أو التونسى، وبين ما رآه من «طابعه العربى البربرى» فى الشمال الأفريقى! وامتد الأثر حتى جنوب أفريقيا، فراح كتاب اليسار هناك يعتبرونه تكرارا للثورة على نموذج «الابارتهيد» فى جنوب أفريقيا، حيث قادت الرأسمالية المصرية الوضع فى مصر إلى مثل أوضاع «الأبارتهيد» و«البانتوستان» فى جنوب أفريقيا!. وراح كتّاب فى نيجيريا وكينيا، يبدون تأملهم للأوضاع الاجتماعية التى تختلف فى مصر عنها فى بلادهم، «ففى مصر نوع من الوحدة الاجتماعية لاتعرف التفتت القبلى والعرقى على نحو ما تشهده بلادهم من تنوع وتناحر»، وعبر كاتب نيجيرى عن مدى صعوبة لقاء مثل هذه الملايين فى مدينة نيجيرية «على نحو ما التقت فى «أم الدنيا» على حد تعبيره! بل راح البعض يأمل أن يتكرر موقف القوات المسلحة فى بلادهم على نحو ما حدث فى مصر، واشتكى البعض من قلة حيلة «الفيس بوك» فى بلادهم بسبب النظم القائمة هناك، بل حذر البعض من اختطاف الولايات المتحدة للثورة بوقوفها المعتدل منها فى نظر البعض، وتعمق آخرون فى التحليل الاجتماعى فتحدث عن أثر «التدين المصرى» فى التسليم للحكم المستبد لفترة طالت، ولكن ها هى الجماهير المصرية تفرض تطورا جديدا فى هذا الجانب أيضا من حياتها. وثمة تعليقات طريفة أخرى وذات دلالة عميقة فى نفس الوقت تشير إلى تفهم أفريقى عميق لما حدث، مثل ملاحظة اتساع وعمق ثورة الشباب دون حاجة ماسة إلى قيادة السياسيين، أو تعليقات من السودان وغيره إلى أن «الشعب يريد إسقاط النظام والمعارضة معا!» حيث تحفظت زعامات معارضة تقليدية على الثورة المصرية بدرجة أو أخرى.
ما علاقة هذا العرض لصورة الثورة المصرية فى الواقع الافريقى بما نعرفه عن صورة سلبية للعمل الدبلوماسى المصرى فى القارة أو خارجها بقيادة وزيرنا الهمام؟
ترتبط علاقة ما أوردته من رصد لبعض ردود الأفعال الأفريقية بإيقاع الركود المتوقع أو المعايشة السلبية التى سيفرضها استمرار مثل هذه القيادة على رأس وزارة الخارجية المصرية. وهل تستطيع هذه القيادة التى حجبت قوتنا الناعمة عن أداء دورها المتوقع تجاه المصالح الحيوية فى أنحاء القارة مثلما عزلت نفسها عن الملفات الحيوية لمصر فى القضايا الكبرى (فلسطين السودان.. إلخ)؟ ولنرى ركودها الطويل مثلا فى دبلوماسيتنا تجاه مشكلات فى حوض النيل والقرن الأفريقى والتجمعات الاقليمية، بل تراجع حجم التبادل التجارى والغياب عن التفاعل الثقافى والفكرى فى القارة نتيجة عدم تغذية الإعلام والمؤسسات الثقافية بالمواد المفيدة أو تفعيل دور المثقفين فى المنتديات التى تضم أبناء القارة من أفارقة وعرب، بل عدم الحرص على تفعيل التعاون العربى الافريقى نفسه بحضور إيجابى لم يتحقق لمصر على مستوى الجامعة العربية أو الاتحاد الأفريقى بسبب موقف متردٍ من مواجهة إسرائيل هنا وهنالك.
هل يستطيع الوزير الحالى الذى لم يتصور معنى للثورة أن يستقبل فكرا جديدا حول دور التنظيمات السياسية والشبابية وللحركات الاجتماعية الناهضة فى دعم علاقات مصر الشعبية الحقيقية فى أفريقيا وخارج أفريقيا، عبر تيسير التقائها بمثيلاتها على المستوى الأفريقى والدولى من أجل دعم كتلة الجنوب فى ظروف الهيمنة «العالمية»؟ هل نستطيع بهذه القيادة إلا أن نبقى محاصرين فى علاقات صورية مع دول الشمال الكبرى التى يسخر مسئولوها من شكليات الحوار مع مسئولينا ويكرر المسئولون الأفارقة أيضا السخرية من طريقة التعامل معهم أو تجاهلهم؟. لا أعتقد ذلك فالوزير لم ينجح إلا فى اتهامنا بعدم فهم الجديد فى العالم، وأظنه نفس الموقف الذى لم يجعله يرى حتى أوائل فبراير 2011 طبيعة الموقف الجديد فى مصر!. ويبدو أنه هو الذى يفهم «آلية الحكم» فعلا ولذا بقى على مقعده!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.