ظهرت الآن.. نتيجة تنسيق جامعة الأزهر 2025.. طب القاهرة بنين وبنات 95.08%.. وهندسة 89.54%    أسعار الفاكهة في أسواق الدقهلية اليوم الخميس 18سبتمبر 2025    الفيدرالي الأمريكي.. يستأنف سياسة خفض الفائدة بعد توقف طويل    أسعار الحديد في الدقهلية اليوم الخميس 18سبتمبر2025    ملك إسبانيا: أكثر من 60 شركة إسبانية بمصر تسهم في تطوير علاقتنا الاقتصادية والتجارية    80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين من الهلال الأحمر المصري عبر قافلة زاد العزة ال40    بعد افتتاح سفارتها في القدس.. فيجي الدولة الجزرية الصغيرة التي أثارت جدلًا دوليًا    الهلال الأحمر الفلسطيني: الوضع الصحي في غزة كارثي والمستشفيات عاجزة عن الاستيعاب    محمد صلاح يفض شراكته مع هنري ويحقق رقما تاريخيا    ميدو: مواجهة الزمالك والإسماعيلي فقدت بريقها.. وأتمنى عودة الدراويش    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    شبانة: وكيل إمام عاشور تخطى حدوده    المشدد 15 عاما وغرامة 200 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار في المخدرات بالشرقية    بعد اختفاء إسورة أثرية.. أول تحرك برلماني من المتحف المصري بالتحرير    معا من أجل فلسطين.. حفل خيري بريطاني يهدم جدار الخوف من إعلان التضامن مع غزة    "الرحلة انتهت".. إقالة جديدة في الدوري المصري    عبد العاطي يلتقي وزير الصناعة السعودي    وزير الدفاع الصيني يجدد تهديداته بالاستيلاء على تايوان لدى افتتاحه منتدى أمنيا    جامعة بنها الأهلية تشارك في مؤتمر "الجامعات الرقمية في العالم العربي 2025" بمسقط    "ملكة جمال".. سيرين عبدالنور تخطف الأنظار في جلسة تصوير جديدة    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    الجريدة الرسمية تنشر 3 قرارات جديدة للرئيس السيسي    الإنتاج الحربي: تعاون مع "ميزوها اليابانية" لتصنيع محطات توليد المياه من الهواء    مشتريات أجنبية تقود صعود مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات الخميس    وزير الري: تعزيز التعاون مع وكالة الفضاء المصرية في إدارة المياه    "الطفولة والأمومة" يطلق حملة "واعي وغالي" لحماية الأطفال من العنف    مفتى كازاخستان يستقبل وزير الأوقاف على هامش قمة زعماء الأديان    النقل تناشد المواطنين الالتزام بقواعد عبور المزلقانات حفاظًا على الأرواح    آثار تحت قصر ثقافة ومستوصف.. سر اللقية المستخبية فى الأقصر وقنا -فيديو وصور    فيديو متداول يكشف مشاجرة دامية بين جارين في الشرقية    النقل تناشد المواطنين الالتزام بعدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه    تحالف الأحزاب المصرية يدشن الاتحاد الاقتصادي لدعم التنمية والاستقرار    فرنسا تستعد لاحتجاجات واسعة وسط إضرابات وطنية ضد خطط التقشف الحكومية    بعد صراع مع المرض.. وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري    ملك إسبانيا في الأقصر.. ننشر جدول الزيارة الكامل    أفلاج عمان وعالم السحر والحسد فى «تغريبة القافر»    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    جولة مفاجئة لنائب الوزير.. استبعاد مدير مناوب بمستشفى قطور المركزي    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    الصحة تشارك في مؤتمر إيجي هيلث لدعم الخطط الاستراتيجية لتطوير القطاع الصحي    "الألفي": الزيادة السكانية تمثل تحديًا رئيسيًا يؤثر على جودة الخدمات    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    ضبط المتهم بإنهاء حياة زوجته بمساكن الأمل في بورسعيد    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    مفاجأة، إمام عاشور يستعد للرحيل عن الأهلي في يناير    10 ورش تدريبية وماستر كلاس في الدورة العاشرة لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    التحفظ على أكثر من 1400 كتاب دراسى خارجى مقلد داخل مكتبتين    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين فى حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق مرسى علم    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    حكم تعديل صور المتوفين باستخدام الذكاء الاصطناعي.. دار الإفتاء توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18سبتمبر2025 في المنيا    شديد الحرارة.. حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 18 سبتمبر 2025    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    "معندهمش دم".. هجوم حاد من هاني رمزي ضد لاعبي الأهلي    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة.. وتجديد صورة مصر فى أفريقيا
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 03 - 2011

قد يدهش القارئ إذا عرف أن جميع العواصم الأفريقية قد انشغلت بالتعليق والتحليل لحدث الثورة المصرية، من رؤساء دول وحكومات ومعارضة إلى كُتاب وصحف وهيئات ثقافية. وقد أتاحت الوسائل التقنية الحديثة لى ولغيرى أن أقرأ أكثر من مائة نص مباشر من أنحاء القارة حول آثار ثورتنا العارمة على إعادة خلق صورة مصر فى القارة، ولذا كنت أفضل هنا أن أكتب مباشرة عن «الثورة بعيون أفريقية» لعل جهازنا الدبلوماسى يراجع مقولاته الثابتة عن العمل مع أبناء هذه القارة حيث يتم «إعادة اكتشاف مصر فى أفريقيا». وأقول «إعادة الاكتشاف» لأنه أولى أن يطبق أيضا على وجوب إعادة المصريين لاكتشاف هويتهم الأفريقية إلى جانب العربية التى أكدها التحام ثورة الشعب المصرى مع التونسى والليبى، والفورة الموحدة والمتنوعة الأبعاد فى العالم العربى.
لقد تفجر الحدث المصرى والتونسى فى أروقة جديدة فى أنحاء القارة والعالم منذ لحظة وقوعه، بدءا من المنتدى الاجتماعى العالمى فى داكار الذى حضره ممثلون لقوى شعبية من أكثر من مائة دولة متصدين لأساليب الهيمنة التى يفرضها منتدى «ديفوس» للرأسمالية العالمية، ومرورا بالقمة الأفريقية فى أديس أبابا حيث كان موعد انعقاد منتدى «الحكام» أو ما سماه البعض «نادى المستبدين» الذين تزايد قلقهم على مواقعهم بعد ثورة مصر، ولم يسعفهم هذا القلق بأى تعبير ضمن قراراتهم حتى اضطرت مفوضية الاتحاد الأفريقى للإعراب عن قلقها من «العنف فى ليبيا» بعد أيام من وقوع الثورة هناك أيضا.. وقبل ذلك وبعده صدرت مئات التعليقات والكتابات عن نموذج مصر الجديد فى أفريقيا.
هذا الاكتشاف المتبادل بين الثورة المصرية والقوى المختلفة فى القارة، صدرت عنه أولى التعبيرات فى شعارات مثل: «نحن نستطيع أيضا» أو تساؤل البعض «عما إذا كان ذلك ممكنا عندنا؟». خاصة أن «اللوبى الأسود» فى أمريكا بدأ بترديده عن حالات الاستبداد الأفريقية، وهو اللوبى ذو التأثير الواسع فى أفريقيا. ورغم حملة هذا «اللوبى» على العرب من قبل بسبب «الموقف فى دارفور» فإن صحفه ومواقعه الإلكترونية هى التى تقود الآن موجة التساؤل الإيجابى عن «أفريقية» مصر، ودور شبابها فى طرح عملية التغيير التى ستطاول أفريقيا بالتأكيد. وهنا لا أتصور أن فى خطة الوزارة العزيزة إعادة الاتصال بهذا «اللوبى» أيضا فى دعم علاقاتنا بأفريقيا.
وقد وقعت أحداث الثورة المصرية فى وقت احتاجت بعض القوى المتحركة فى القارة لدفع وضعها هنا وهنالك، كانت الانتخابات فى أوغندا تعانى قهر الحكم واجراءاته، فدعت أحزاب المعارضة لثورة مماثلة لما حدث فى مصر، وليعلق الرئيس «موسيفينى» بأنه سيواجهها بالعنف لأن «الأسلوب المصرى ليس له مجال فى أوغندا!» ومثل ذلك وقع فى زيمبابوى. وقريبا منه فى نيجيريا والسنغال وكينيا فى تصريحات متبادلة بين الحكم والمعارضة وكأن «الحدث المصرى» على حدودهم المباشرة، وهو كذلك بالفعل بفضل وسائل الاتصال الحديثة.
لم يكن الرئيس الأوغندى وحده فى التعبير عن هذا القلق من تصريحات المعارضة تجاهه، فى المقابل راح نائب الرئيس الغانى يكتب عن «الدرس المصرى للحكام الأفارقة»، بحكم أنه جاء بعملية انتخابية فى ظروف ديمقراطية فى غانا إلى حد كبير. أما الرئيس الأثيوبى الذى خشى من آثار الثورة المصرية فقد توقع من آثارها فقط أن تصيغ مصر موقفا جديدا فى خلافها حول اتفاقيات مياه النيل! وكتب أساتذة من السنغال عن محاولتهم المبكرة لتأسيس حركة على نمط «كفاية» المصرية وإن لم تساعدها الظروف سابقا ولكنها جاهزة الآن.
فى إطار آخر انطلقت التحليلات الصحفية والمقالات عن مدى إمكانية تحقيق نموذج الثورة المصرية فى البلدان الافريقية، وتضمن ذلك تحليلات جديرة بالاهتمام، إذ صدر بعضها أيضا من مواقع «اللوبى الأسود» الأمريكى الذى قارن بين حتمية عولمة «النموذج الشعبى» المصرى أو التونسى، وبين ما رآه من «طابعه العربى البربرى» فى الشمال الأفريقى! وامتد الأثر حتى جنوب أفريقيا، فراح كتاب اليسار هناك يعتبرونه تكرارا للثورة على نموذج «الابارتهيد» فى جنوب أفريقيا، حيث قادت الرأسمالية المصرية الوضع فى مصر إلى مثل أوضاع «الأبارتهيد» و«البانتوستان» فى جنوب أفريقيا!. وراح كتّاب فى نيجيريا وكينيا، يبدون تأملهم للأوضاع الاجتماعية التى تختلف فى مصر عنها فى بلادهم، «ففى مصر نوع من الوحدة الاجتماعية لاتعرف التفتت القبلى والعرقى على نحو ما تشهده بلادهم من تنوع وتناحر»، وعبر كاتب نيجيرى عن مدى صعوبة لقاء مثل هذه الملايين فى مدينة نيجيرية «على نحو ما التقت فى «أم الدنيا» على حد تعبيره! بل راح البعض يأمل أن يتكرر موقف القوات المسلحة فى بلادهم على نحو ما حدث فى مصر، واشتكى البعض من قلة حيلة «الفيس بوك» فى بلادهم بسبب النظم القائمة هناك، بل حذر البعض من اختطاف الولايات المتحدة للثورة بوقوفها المعتدل منها فى نظر البعض، وتعمق آخرون فى التحليل الاجتماعى فتحدث عن أثر «التدين المصرى» فى التسليم للحكم المستبد لفترة طالت، ولكن ها هى الجماهير المصرية تفرض تطورا جديدا فى هذا الجانب أيضا من حياتها. وثمة تعليقات طريفة أخرى وذات دلالة عميقة فى نفس الوقت تشير إلى تفهم أفريقى عميق لما حدث، مثل ملاحظة اتساع وعمق ثورة الشباب دون حاجة ماسة إلى قيادة السياسيين، أو تعليقات من السودان وغيره إلى أن «الشعب يريد إسقاط النظام والمعارضة معا!» حيث تحفظت زعامات معارضة تقليدية على الثورة المصرية بدرجة أو أخرى.
ما علاقة هذا العرض لصورة الثورة المصرية فى الواقع الافريقى بما نعرفه عن صورة سلبية للعمل الدبلوماسى المصرى فى القارة أو خارجها بقيادة وزيرنا الهمام؟
ترتبط علاقة ما أوردته من رصد لبعض ردود الأفعال الأفريقية بإيقاع الركود المتوقع أو المعايشة السلبية التى سيفرضها استمرار مثل هذه القيادة على رأس وزارة الخارجية المصرية. وهل تستطيع هذه القيادة التى حجبت قوتنا الناعمة عن أداء دورها المتوقع تجاه المصالح الحيوية فى أنحاء القارة مثلما عزلت نفسها عن الملفات الحيوية لمصر فى القضايا الكبرى (فلسطين السودان.. إلخ)؟ ولنرى ركودها الطويل مثلا فى دبلوماسيتنا تجاه مشكلات فى حوض النيل والقرن الأفريقى والتجمعات الاقليمية، بل تراجع حجم التبادل التجارى والغياب عن التفاعل الثقافى والفكرى فى القارة نتيجة عدم تغذية الإعلام والمؤسسات الثقافية بالمواد المفيدة أو تفعيل دور المثقفين فى المنتديات التى تضم أبناء القارة من أفارقة وعرب، بل عدم الحرص على تفعيل التعاون العربى الافريقى نفسه بحضور إيجابى لم يتحقق لمصر على مستوى الجامعة العربية أو الاتحاد الأفريقى بسبب موقف متردٍ من مواجهة إسرائيل هنا وهنالك.
هل يستطيع الوزير الحالى الذى لم يتصور معنى للثورة أن يستقبل فكرا جديدا حول دور التنظيمات السياسية والشبابية وللحركات الاجتماعية الناهضة فى دعم علاقات مصر الشعبية الحقيقية فى أفريقيا وخارج أفريقيا، عبر تيسير التقائها بمثيلاتها على المستوى الأفريقى والدولى من أجل دعم كتلة الجنوب فى ظروف الهيمنة «العالمية»؟ هل نستطيع بهذه القيادة إلا أن نبقى محاصرين فى علاقات صورية مع دول الشمال الكبرى التى يسخر مسئولوها من شكليات الحوار مع مسئولينا ويكرر المسئولون الأفارقة أيضا السخرية من طريقة التعامل معهم أو تجاهلهم؟. لا أعتقد ذلك فالوزير لم ينجح إلا فى اتهامنا بعدم فهم الجديد فى العالم، وأظنه نفس الموقف الذى لم يجعله يرى حتى أوائل فبراير 2011 طبيعة الموقف الجديد فى مصر!. ويبدو أنه هو الذى يفهم «آلية الحكم» فعلا ولذا بقى على مقعده!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.