وتتعدد أنواع وألوان الدعم الإلهى يوم بدر، من تدبير اللقاء بإرادة الله ثم إغراء كل من الفريقين بالآخر ثم يفت الله فى عضد الأعداء فيرون أنهم أضعف وأقل عددا ((وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّى أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) الأنفال (48). ويبلغ الدعم الإلهى درجة أعلى إذ يأتى جند الله... (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) المدثر (31). فإذا النعاس يريح المسلمين، وينزل ماء الغيث من السماء يثبت الأرض تحت أقدام المؤمنين بقطرات قليلة لكن المطر يزداد ناحية قريش فتصبح الأرض تحتهم زلقا ولا يستطيعون ثباتا... (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ) الأنفال (11). ويتوالى الدعم الإلهى بدرجة عظمى: ((إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ)) الأنفال (12) هكذا أعلن رسول الله (ص) أنه رأى جبريل راكبا فرسه شاهرا سيفه يقود الملائكة، واسمع القرآن يخاطب الرسول قائلا (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ «124» بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ «125» وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ «126» لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ «127» آل عمران (124 127) هكذا توالت الملائكة تزيد الحشد وتقوى النفس المؤمنة وتفت فى عضد الكافرين (( وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) الأنفال (10) فكيف يكون حال القرشى عندما يرى نفسه يواجه جيشا تتزايد قواته كل ساعة فقد بدأت القوات البشرية وعددها 313 رجل ثم ظهرت كتيبة تضم 1000 (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) الأنفال (9). ثم ما هى إلا ساعة ويرتفع عدد الألف مقاتل إلى ثلاثة آلاف، ولحظات أخيرة ويصبح عدد القوات خمسة آلاف كما رأيت فى آيات آل عمران. هكذا كان الغيب بإرادة علام الغيوب سبحانه صاحب الدور الأكبر والأظهر... وسوف يبقى المدد الإلهى داعما المؤمنين إلى آخر الدنيا بشرط أن يلتزموا إيمانهم ويحرصوا عليه دائما ويجددوا عزمهم وثقتهم برب القوى والأقدار، فإذا أرادت أمة أن تحقق مكانتها تحت الشمس فأقرب وسائلها طاعة الله وإرضائه.