هل تعتبر أمريكا استثناء بين الدول؟ هل نحن، كبلد وشعب وثقافة، متميزون وأفضل من الآخرين؟ هل نحن، فى الواقع، ال«مدينة متألقة فوق تل» التى وصفها رونالد ريجان؟ هل «اختارنا الله وكلفنا التاريخ بأن نكون نموذجا للعالم» كما قال جورج دبليو بوش؟ لم يرد معظم الأمريكيين هذا العام للمرة الأولى على الأسئلة السابقة بالإيجاب.
فوفقا لتقرير صدر الخميس الماضى عن مشروع الاتجاهات العالمية التابع لمركز بيو للأبحاث، وافق 49 فى المائة فقط على عبارة «شعبنا ليس مثاليا ولكن ثقافتنا متفوقة على الآخرين»، انخفاضا من 60 فى المائة فى عام 2002، وهى المرة الأولى التى يطرح فيها بيو السؤال.
ولعل الأكثر إثارة للانتباه، أن النسبة المئوية للأمريكيين الشباب (من 18 إلى 29 عاما) الذين يعتقدون أن ثقافتهم متفوقة صارت أقل من الشباب الألمانى والإسبانى والبريطانى الذى يؤمن بنفس الرأى بالنسبة لثقافته.
وحتى لو تخليت عن المصطلحات المحملة بمعانى التفوق الثقافى، فإن الأمريكيين، ببساطة، لا يبدو أن لديهم مشاعر إيجابية للغاية عن أمريكا فى الوقت الحالى. وفى استطلاع للرأى أجرته مجلة تايم الشهر الماضى قال 71 فى المائة من الأمريكيين إنهم يعتقدون أن مكانتنا فى العالم تراجعت خلال السنوات القليلة الماضية.
وفى أوائل الشهر الحالى، كشف استطلاع للرأى أجرته ان بى سى نيوز مع وول ستريت جورنال أن معظم الأمريكيين يعتقدون أننا كأمة لانخوض مجرد أوقات عصيبة، ولكننا فى «بداية تراجع طويل الأمد، حيث لم تعد الولاياتالمتحدة الدولة الرائدة فى العالم».
●●●
نحن بصدد الاستكانة إلى حالة تشاؤم قوى خطير. وعلينا أن نجيب عن التساؤلات الكبرى. فهل ترجع عظمة أمتنا إلى الله أم إلى العزم؟ هل المكانة الاستثنائية اختيار من الرب أم روح الشعب؟ فإذا كانت الإجابة هى العزم وروح الشعب، فعلينا أن نعمل على استعادتهما. يجب أن نجد طريقنا للخروج من حالة الركود هذه. وينبغى أن نبتكر طريقا للخروج.
وعلينا أن نتوقف عن التعلق بالماضى، ونعترف بأننا سمحنا لبلد عظيم بالتراجع، ونرسم مسارا لعودته إلى مكانته، وأن يكون هذا المسار عبر العمل الشاق، والخيارات الصعبة. فأنت الذى تختار العظمة وليست هى التى تختارك.
وهذا يعنى أنه يجب علينا أن نستثمر فى مستقبلنا: ينبغى أن نستثمر فى البنية التحتية المتداعية. ونستثمر فى صناعات المستقبل. يجب أن نستثمر فى جيل ناشئ منسى من الأطفال. وعلينا أن نستثمر فى التعليم. ويجب أن ننظر إلى العالم برؤية واضحة وعقول واعية؛ ونؤدى المهمة الصعبة كما فعلنا مرارا وتكرارا. هذه هى الطريقة التى تتألق بها المدينة فوق التل.