روسيا تفرج عن سفينة مصرية محملة ب 63 ألف طن قمح بعد احتجازها أكثر من شهر    البنك المركزي المصري يصدر قواعدا جديدة لتملك رؤوس أموال البنوك وعمليات الإندماج والاستحواذ    الاقتصاد الأمريكي يضيف 175 ألف وظيفة في أبريل ومعدل البطالة يرتفع إلى 3.9%    «المركزي للتعمير» ينفذ محور الخارجة/ سوهاج بطول 142 كم    موظفون ب ميتا ينتقدون تحيز الشركة ضد المحتوي الداعم لفلسطيني    بعد الانتصار على التعاون، ماذا يحتاج الهلال للفوز بالدوري السعودي؟    غيابات مؤثرة تضرب بايرن ميونخ قبل مباراته أمام شتوتجارت    برشلونة يوافق على انتقال مهاجمه إلى ريال بيتيس    العناية الإلهية تنقذ شابا انقلبت سيارته في ترعة يالغربية (صور)    فيلم السرب.. أحمد السقا يوجه الشكر لسائق دبابة أنقذه من الموت: كان زماني بلوبيف    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    تخصيص 8 مكاتب لتلقي شكاوى المواطنين بالمنشآت الصحية في الوادي الجديد    آصف ملحم: الهجمات السيبرانية الروسية تجاه ألمانيا مستمرة .. فيديو    الروس والأمريكان في قاعدة عسكرية واحدة .. النيجر على صفيح ساخن    أمين القبائل العربية: تأسيس الاتحاد جاء في توقيت مناسب    طليعة المهن    إعفاء 25% لطلاب دراسات عليا عين شمس ذوي الهمم من المصروفات الدراسية    علاء نبيل: لا صحة لإقامة دورات الرخصة C وهذا موعد الرخصة A    هل تتكرر قصة تشافي؟ توخيل: هذا ردي بشأن الاستمرار مع بايرن    استقبال حافل من جمهور مني الشاذلي لأبطال فريق الجودو.. فيديو    مدير مشروعات ابدأ : طرح مشكلات المستثمرين على موقع المبادرة وحلّها لإتمام أنشطتهم    ميكانيكي يشعل النار في أرض زراعية بأسوان بسبب خلافات جيرة    ضبط ربع طن فسيخ فاسد في دمياط    تشيع جثمان عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف    بالإنفوجراف.. 8 تكليفات رئاسية ترسم خريطة مستقبل العمل في مصر    الأمين العام للأمم المتحدة: أشعر بالصدمة إزاء مقتل الصحفيين في حرب إسرائيل على غزة    إلهام شاهين تحتفي بماجدة الرومي بعد إحيائها حفلا بقصر عابدين: نورتي بلدك الثاني    باتمان يظهر في معرض أبو ظبي للكتاب .. شاهد    في تكريم اسمه |رانيا فريد شوقي: أشرف عبد الغفور أستاذ قدير ..خاص    دعاء يوم الجمعة عند الغروب.. استغل اليوم من أوله لآخره في الطاعات    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    رغم تحذيرات دولية.. هل تقتحم قوات الدعم السريع الفاشر؟    حسن بخيت يكتب عن : يا رواد مواقع التواصل الإجتماعي .. كفوا عن مهاجمة العلماء ولا تكونوا كالذباب .. " أليس منكم رجل رشيد "    حبس 9 أشخاص على ذمة التحقيقات في مشاجرة بالمولوتوف بين عائلتين ب قنا    مُنع من الكلام.. أحمد رزق يجري عملية جراحية في "الفك"    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    الصحة: تكثيف الرقابة على أماكن تصنيع وعرض وبيع الأسماك المملحة والمدخنة    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    موعد بدء امتحانات الصف الخامس الابتدائي آخر العام 2024 محافظة القليوبية    أخبار الأهلي : اتحاد الكرة يعلن عن تطور جديد في أزمة حسين الشحات ومحمد الشيبي    انتظروا الشخصية دي قريبًا.. محمد لطفي يشارك صورة من كواليس أحد أعماله    محافظ الغربية يهنئ البابا تواضروس بعيد القيامة    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد عشرة أشهر من خطاب «أوباما» في القاهرة: هل تغيرت السياسات الأمريكية تجاه الإسلام والمسلمين؟
نشر في القاهرة يوم 09 - 03 - 2010

بعد عشرة أشهر من خطاب «أوباما» في القاهرة: هل تغيرت السياسات الأمريكية تجاه الإسلام والمسلمين؟
منذ أسابيع قليلة مرت علي العالم نحو ثمانية أشهر علي الخطاب الشهير الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك اوباما من جامعة القاهرة والذي اعتبر شكلاً جديداً وبداية مغايرة في العلاقات الأمريكية الإسلامية ومع الملاحظات التي وجهها الرئيس اوباما للمنتدي السابع لأمريكا والعالم الإسلامي الذي انعقد مؤخرا في الدوحة بات التساؤل الذي يطرح نفسه.
هل تغير شئ ما في علاقات العالم العربي والإسلامي بالولايات المتحدة الأمريكية.
والعكس أي هل تبدلت النظرة الاستعلائية التي مارسها جورج بوش وتيار اليمين المحافظ تجاه الإسلام والمسلمين؟المؤكد أن هناك من يري أن الأمر برمته ليس إلا "قعقعة اوبامية دون طحين" فيما فريق أخر يذهب للقطع بان ثمانية أشهر غير كافية لتصحيح مسار علاقة ساءت كثيرا علي مدي العقدين الماضيين غير أن الأمر في كل الأحوال ربما يقتضي منّا إلقاء نظرة أوسع علي المشهد نظرة تبدأ بالمقارنة بين ما قاله اوباما في جامعة القاهرة وملاحظاته الجديدة في منتدي الدوحة ومن خلالها يمكن للقارئ دون التأثير عليه الحكم علي مدي ملاءمة أو مواكبة التغيرات في السياسات الأمريكية من عدم التغير وهل كان الأمر مجرد وعود خطابية لامتصاص غضبة الجماهير من المحيط الي الخليج وتهدئتها حتي وان لم تجد طريقها للتنفيذ العملي.
هكذا تكلم أوباما
وحتي ننعش الذاكرة فان أهم ما أشار إليه «أوباما» في خطاب «القاهرة» هو قوله: لقد أتيت الي القاهرة للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم استنادا الي المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل وهي بداية مبنية علي أساس حقيقة أن أمريكا والإسلام لا يعارضان بعضهما البعض ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما بل ولهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها ألا وهي مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل إنسان.
في خطاب القاهرة كذلك كان اوباما يقر بأن "التغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها وكذلك فانه لايمكن لخطاب واحد أن يلغي سنوات من عدم الثقة" ولهذا أشار الي ضرورة بذل جهود مستديمة للاستماع الي بعضنا البعض وللتعلم من بعضنا البعض والاحترام المتبادل والبحث عن أرضية مشتركة" وأضاف هذا ما سوف أحاول بما في وسعي أن افعله اليوم وان أقول الحقيقة بكل تواضع أمام المهمة التي نحن بصددها اعتقادا مني كل الاعتقاد أن المصالح المشتركة بيننا كبشر هي أقوي بكثير من القوي الفاصلة بيننا.
تحت قبة الجامعة الشهيرة في العاصمة المصرية قال اوباما كذلك "إنني تعرفت علي الإسلام في قارات ثلاث قبل مجيئي الي المنطقة التي نشأ فيها الإسلام..." وأضاف من منطلق تجربتي الشخصية استمد اعتقادي بان الشراكة بين أمريكا والإسلام يجب أن تستند الي حقيقة الإسلام وليس الي ما هو غير إسلامي واري في ذلك جزءا من مسئوليتي كرئيس للولايات المتحدة حتي أتصدي للصور النمطية السلبية عن الإسلام أينما ظهرت... ولا تتيح المساحة المتوافرة أن نستعرض كل ما ذهب إليه اوباما لكننا نتساءل عن الفارق بين الأمرين أي بين الحديث والتطبيق العملي علي الأرض... هل هناك فارق بالفعل؟
خطاب جديد وملفات قديمة
بعد أسبوع واحد من تنصيبه وقبل خطاب جامعة القاهرة أشار باراك اوباما في حوار مع قناة العربية الفضائية بتاريخ 27 يناير 2009 الي حرص إدارته علي التمييز بين الإرهاب وبين الإسلام وبين المنظمات الإرهابية وبين الأشخاص الذين يختلفون مع رأي السلطات حول الطريقة التي يرونها الأمثل لتطوير بلدانهم وذكر أن بلاده مستعدة لإطلاق شراكة جديدة قائمة علي الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة مع العالم الإسلامي.
كانت لغة الخطاب سقفاً عالياً لأحلام العرب والمسلمين وقد كانت وفي حقيقة الأمر لا تزال الملفات المفتوحة في الجسد العربي والإسلامي لا تزال تنزف بشدة من العراق الي أفغانستان وباكستان مرورا بجرح جوانتانامو المفتوح والمهين للكرامة الإسلامية ناهيك عن ملف إيران النووي والذي يكاد البعض يعتبره الحرب الصليبية الجديدة القادمة ضد المسلمين فيما اليمن بدت بدورها وكأنها الموقع والموضع للحرب ضد الإرهاب الذي قال اوباما عنه انه يفرق بينه وبين الإسلام.
كل هذه الملفات يمكن تعاطيها وتحليلها واحدة تلو الأخري لإثبات البون الشاسع بما ذهب إليه اوباما من أحلام مخملية وبين واقع الحال الفعلي اليوم ولا يخفي علي احد أن اوباما لا يعمل في فضاء مستباح وإنما داخل منظومة من التراتبية الوظيفية من جهة وتحت ضغوطات جماعات مختلفة الأغراض والمشارب من ناحية ثانية علي أن واجبه من تلك القضايا وهي أهمها بلا شك يمكن أن تمثل لنا عينه للقياس عليها فيما يخص بقية الملفات... ماذا عن تلك العينة ولماذا هي بالذات؟
القضية الفلسطينية... معيار للحكم
تفاءل الكثيرون في حقيقة الأمر بما يمكن لإدارة اوباما أن تفعله علي صعيد القضية المركزية في نزاعات الشرق الأوسط وقد قال اوباما في القاهرة انه من حق الفلسطينيين أن يكون لهم دولتهم المستقلة التي يعيشون فيها في كرامة تنهي المأساة التي تحدث عنها وانه كذلك من حق الإسرائيليين أن يعيشوا في أمن وأمان دون أن يضعوا أياديهم علي مزيد من الأراضي الفلسطينية أي وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
في ذلك الوقت خيل لكثيرين أن اوباما سيرفع عصا التهديد في وجه إسرائيل وبخاصة رئيس وزرائها "بنيامين نتنياهو" غير أن الأخير أرسل ردا قاسيا في 14 يونيو 2009 أي بعد نحو أسبوع تقريبا من خطاب اوباما في القاهرة فقد أعلن في جامعة بارايلان في تل أبيب أن طريق السلام لا يزال بعيدا مشددا علي أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي وان القدس عاصمة إسرائيل وستظل موحدة وأشار كذلك الي أن الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح تخضع للسيطرة الإسرائيلية وان حل مشكلة اللاجئين يجب أن تكون خارج دولة إسرائيل ... كيف جاء موقف إدارة اوباما من هذا الخطاب العنصري التمييزي لرئيس وزراء إسرائيل؟
الشاهد انه رغم جميع الانتقادات التي وجهت للخطاب من عرب ومسلمين حول العالم فقد رحبت إدارة اوباما بالخطاب حيث أعلن روبرت جيبز المتحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس اوباما "يرحب بالخطوة المهمة للأمام في كلمة رئيس الوزراء نتنياهو.. الرئيس ملتزم بالدولتين... دولة إسرائيل اليهودية وفلسطين المستقلة... في الأرض التاريخية للشعبين"
وكما كان متوقعا فان وقع هذا الموقف علي العالمين العربي والإسلامي قد جاء سيئا بما يكفي بل اعتبرته بعض الأصوات تراجعا عن ملامح خطاب القاهرة سيما بعدما طلب اوباما في رسالة له بعثها في يوليو الماضي الي زعماء 7 دول عربية من بينها مصر والسعودية والأردن والبحرين والإمارات يطالبهم فيه باتخاذ إجراءات لبناء الثقة والتطبيع مع إسرائيل مقابل الضغط علي إسرائيل لوقف الاستيطان وهي نفس الدعوة التي وجهها جورج ميتشيل مبعوث الإدارة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط في زيارة له للمنطقة في نفس الشهر.
هل كان علي العرب والمسلمين أن ينظروا بعين مغايرة من جديد للموقف الأمريكي؟
اغلب الظن أن ذلك كذلك والدليل الجديد المضاف الي سلسلة المواقف المتناقضة لإدارة اوباما ذلك الذي صدر عن وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ففي زيارة لها الي تل أبيب في نهاية أكتوبر 2009 أكدت كلينتون علي دعم الطلب الإسرائيلي باستئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين في اقرب وقت ممكن وبدون آية شروط مسبقة واعتبرت مقترحات نتنياهو حول تقييد الاستيطان هي سابقة مشيرة الي أن إسرائيل التزمت بالتحديد بعدم إطلاق مستوطنات جديدة في الضفة الغربية والمؤكد أن هناك عدة مشاهد يمكن للمرء أن يرصدها في هذا السياق غير أن التعنت الإسرائيلي اليميني الواضح ورضوخ إدارة اوباما له أمر رسم في الأفق علامة استفهام عريضة جدا عن جدوي تصديق أحاديث التصالح الأمريكية مع الإسلام والمسلمين حتي وان كان اوباما صادق النية خالص الطوية.
اوباما يكرر وهيلاري تؤيد
ومرة جديدة كان المنتدي السابع لأمريكا والعالم الإسلامي الذي عقد منتصف فبراير الماضي في الدوحة فرصة ليحاول من جديد دغدغة مشاعر العالم الإسلامي إذ قال اوباما "إنكم تعلمون أن كثيرا ما كانت حالات سوء الفهم وانعدام الثقة تدفع الولايات المتحدة والمسلمين في جميع أنحاء العالم الي الانجراف في حلقات مفرغة قد تعرضهم للصراع بدلا من التعاون ويضيف " إن تحقيق هذا التعاون هو سبب الدعوة التي وجهتها في القاهرة العام الماضي لتكون بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم وهي بداية تقوم علي المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل وطرحت عندئذ رؤية تنطوي علي اضطلاعنا جميعا بتولي مسئولياتنا الرامية الي بناء عالم ينعم بقدر اكبر من السلام والأمن.
«ويكمل اوباما في سيل من العبارات الدبلوماسية المنمقة والبراقة قائلا " تعمل الولايات المتحدة بمسئولية علي إنهاء الحرب في العراق ،إن جميع ألويتنا المقاتلة تغادر العراق وسيتم ذلك بحلول أواخر أغسطس 2010 وسوف تنضم الي الشعب العراقي في شراكة تعمل لصالح أمنه ورفاهيته علي المدي الطويل، وفي أفغانستان وغيرها من البلدان نحن بصدد تكوين الشراكات الرامية لعزل المتطرفين الذين يلجأون للعنف والتقليل من الفساد والعمل علي دعم الحكم الصالح والتنمية وكل ذلك من شانه تحسين حياة البشر»، ويضيف اوباما إننا لن نتخلي ابدا عن التزامنا بحل الصراع في الشرق الأوسط الذي يقوم علي أساس دولتين ويعترف بحقوق وامن كل من الإسرائيليين والفلسطينيين وسوف تستمر الولايات المتحدة في الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامة البشر حول العالم...
هل ما قالته هيلاري كلينتون في كلمتها يفترق كثيرا عما أعاد اوباما تكراره ؟
ضمن الكثير من الكلام والتصريحات التي جادت بها قريحة هيلاري كان العزف من جديد علي ملف القضية الفلسطينية المتداعية اليوم تحت ضربات الاستيطان من جانب وسباق التهويد من جانب ثان ... قالت كلينتون" إن الموضوع الأول والاهم هو جهودنا المستمرة الرامية لتحقيق التقدم في سبيل السلام الشامل في الشرق الأوسط وهو السلام الذي يحقق السلام للإسرائيليين والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين ويحقق أيضا التطبيع الكامل للعلاقات بين إسرائيل والدول العربية ويعتبر الأمر الرئيسي في إطار هذه الجهود تسوية الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين علي أساس الحل الذي يرتكز علي دولتين.
علي أن هيلاري لم توفر في حديثها للمنتدي المشار إليه اللعب علي قضية الإرهاب تلك التي لا تزال غامضة حتي الآن فلفتت الأنظار من جديد الي القاعدة في العراق وأفغانستان إذ قالت إنهم هاجموا حجاجا في العراق لغرض زعزعة استقرار الحكومة وإشعال نيران الحرب الأهلية مرة أخري وفي نيجيريا علي حد قولها يعمل المتطرفون علي تفاقم حالة التوتر بين المسلمين والمسيحيين ويعملون في الصومال علي إسقاط الحكومة أما في اليمن فيسعي تنظيم القاعدة الي استغلال الانقسامات الداخلية والإقليمية من اجل إقامة مركزا جديدا للإرهاب العالمي ... هل تغيرت العقلية الأمريكية أم أنها لا تزال تدور في الفلك ذاته، الباحث عن عدو هلامي اسمه الإرهاب ؟ وهو تساؤل ولاشك تستبعه علامات الشك الأزلية تجاه سلسلة الحروب التي تشنها الولايات المتحدة في المنطقة ومدة تأثيرها علي مصداقية إدارة اوباما ماذا عن ذلك؟
حرب الإرهاب من اليمن الي الصومال ...
يبقي من الصعب للغاية علي المواطن العربي والمسلم أن يسلم بصدق الأحاديث الأمريكية وهو يري ما كتبته صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية مؤخرا من أن ما يجري في اليمن وفي جانب كبير منه يأتي ردا علي الحرب الدائرة سرا هناك من قبل القوات الخاصة الأمريكية والأجهزة الاستخبارية التابعة لها سيما بعدما قتلت هذه وتلك العشرات من المدنيين الذين لا علاقة لهم بعناصر تنظيم القاعدة في اليمن وهو الأمر ذاته الذي ينسحب علي طالبان أفغانستان حيث الإصابات والقتلي في الجانب المدني تثير ثارة المقاتلين الطالبانيين ما تعتبره الإدارات الأمريكية جهادا إرهابيا.
والمقطوع به أن اعترافا رسميا قد صدر في هذا الخصوص فقد نقلت صحيفة الديلي تليجرف البريطانية في عددها الصادر الاثنين 14 ديسمبر عن مسئول عسكري أمريكي أن " اليمن الآن يواجه خطر التحول الي دولة فاشلة ولذلك فان الولايات المتحدة أخذت قرارا بإرسال عدد صغير من فرق القوات الخاصة لتدريب الجيش اليمني وتحسين مستوي أدائه في مواجهة هذه التهديدات وقال المسئول الذي طلب عدم ذكر اسمه إن اليمن تحول الي قاعدة خلفية لأنشطة تنظيم القاعدة في باكستان وأفغانستان".
وفي 30 ديسمبر 2009 أعلنت محطة CNN الإخبارية الأمريكية أن الولايات المتحدة واليمن يبحثان عن أهداف جديدة في اليمن لشن غارات جوية ردا علي محاولة التفجير الفاشلة لطائرة أمريكية يوم عيد الميلاد والتي أعلنت القاعدة عن تبنيها.
هل الحرب علي الإرهاب قائمة في اليمن فقط؟ بلا شك لا، ذلك أن الناظر بعين مدققة لما يجري في الصومال يجد حضورا أمريكيا فاعلا ففي الأشهر الماضية قدمت الحكومة الأمريكية نحو 40 طنا من الأسلحة والذخيرة الي الحكومة الصومالية بقيمة 10 ملايين دولار لمساعدتها علي محاربة قوات المعارضة وذلك بحسب مسئول أمريكي تحدث لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية في يونيو الماضي.
وعلي الصعيد الإقليمي مارست واشنطن ضغوطا علي ارتيريا حيث أعربت أكثر من مرة عن قلقها حيال تقارير تفيد بان أسمرة تمد من تسميهم بالمتشددين الإسلاميين ومقاتلين أجانب في الصومال بالسلاح لإسقاط الحكومة الحالية.
وقد نجحت واشنطن بالفعل في استصدار قرار من مجلس الأمن يفرض حظراً علي بيع الأسلحة الي اريتريا كما فرض عقوبات علي قادتها لدعم فصائل إسلامية في الصومال ورفضهم سحب قواتهم من منطقة حدودية متنازع عليها مع جيبوتي وإذا كان خلاصة للمشهد فان الحرب علي الإرهاب لا تزال قائمة علي قدم وساق ومع الإدانة الكاملة لكل أعمال الإرهاب والتعدي علي امن وأمان لا الأمريكيين فقط بل كل إنسان علي وجه الأرض فإن التساؤل الذي لا تريد واشنطن الجواب عليه حتي الساعة، ما هو الإرهاب؟ ومن هو الإرهابي؟ وما الفارق بين الاحتجاج بالعنف في حالاته الشرعية كأعمال المقاومة المسلحة وبين تهديد وترويع الآمنين؟
أوباما... هل من أمل بعد؟
علي انه ولكي يبقي الفتيل المدخن حتي يشتعل والقصبة المرضوضة نجبرها حتي لا تكسر فإننا نقول انه ربما تكون هناك بعض مجالات التعاون مع إدارة الرئيس اوباما تعطي ولو بصيصاً من الأمل علي صعيد التعاون مع العرب والمسلمين في شراكات ناجحة فعلي سبيل المثال وكما قالت الوزيرة كلينتون فان الرئيس اوباما يري أن التعليم والابتكار هما العملة الرائجة في هذا القرن ولذلك أعلن عن حلول عصر جديد من الشراكة مع المجتمعات الإسلامية لتوسيع فرص التعليم ودعم أصحاب المشاريع وتشجيع التقدم في العلوم والتكنولوجيا وهدفنا علي حد تعبير هيلاري كلينتون هو التعرف علي الأفكار الممتازة والمشاريع الناجحة في المجتمعات الإسلامية ثم نستثمر فيها ونساعد في ارتقائها وفي التواصل بين المخترعين والراغبين في العمل التجاري بحيث يدعمون ويعززون جهود بعضهم البعض .
وتلفت هيلاري الي أن بلادها بصدد استحداث صندوق عالمي للتكنولوجيا والابتكار سوف يباشر أعماله خلال موسم الربيع هذا وسوف يوفر هذا الصندوق مئات الملايين من الدولارات لتقديمها الي المشاريع الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وتكون بمثابة رأسمال لهذه المشاريع.
تقول كلينتون كذلك "إننا نتعاون بشكل وثيق مع منظمة المؤتمر الإسلامي للقضاء علي مرض شلل الأطفال وتمكين عدد اكبر من الناس من الاستفادة من ابرز الانجازات العلمية التي تم تحقيقها في الماضي وتشير كذلك الي التعاون القائم مع دولة قطر وبلدان أخري لاستحداث الفرص الاقتصادية لمكافحة الجوع والفقر والمرض .
وفي سياق إشكالية نشر الديمقراطية نجد حديثا جديدا مشجعا يختلف عن أحاديث إدارة بوش في الفرض الجبري والقسري للنموذج الديمقراطي في العالم العربي إذ تقول: بأن فكرة الديمقراطية يجب أن تنبثق عن المواطنين أنفسهم ولا يمكن أو لا ينبغي أن يتم فرض أي من ذلك من قبل جهات خارجية وتؤكد علي أن الدول التي ترتكز الي تقاليدها الخاصة في مساعيها الرامية لبناء وتعزيز الحكومات التي تعكس إرادة الشعب وباستطاعتها أن تعتمد علي الولايات المتحدة شريكا لها.
ومما لاشك فيه أن جميع ما تقدم يعبر عن رؤي تقدمية وأفكار جيدة للبناء عليها لكنها كلها معرضة للزوال الأدبي بأسرع ما يمكن إذا بقيت القضايا الرئيسية وفي مقدمتها قضية الصراع العربي الإسرائيلي بجانب إشكالية الحرب علي الإرهاب باقية دون حل عادل وشامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.