الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما الذي لم يعد جديدا تماما بعد مرور عام ونصف علي توليه سدة الحكم في البيت الأبيض يأتي وهو يتمتع بخلفية ثقافية وعرقية مختلفة عن كل من سبقوه من الرؤساء الأمريكيين, وأتي وهو يحمل أكبر قدر من التعاطف الممزوج بالأمل فيه, ومكمن هذا الأمل يعتمد علي ذلك الاختلاف الذي هو ميزة إضافية له, البعض اعتبر أوباما هو الحلم الذي سيكتمل ذات يوم, وعومل معاملة الفاتح العظيم, وعلق عليه البعض آمالا عظيمة, البعض راهن علي اسمه الأوسط باراك حسين أوباما علي اعتبار أن لديه أصولا عربية وإفريقية ويحمل أوسط اسمه اسما عربيا, لكن كل هذا كان من قبيل الأحلام, ساعد في هذا أيضا أن تولي الرئيس الأمريكي الحكم في الولاياتالمتحدة جاء بعد تلك الفترة التي شهدت أسوأ ثماني سنوات كما ذكرنا في المقال السابق في علاقة أمريكا بالعالمين العربي والإسلامي, بما فعله الرئيس جورج بوش من استعداء للعرب والمسلمين, لو كان يقصده ما كان نجح فيه إلي هذه الدرجة, وكون الرئيس أوباما جاء بعد هذه السنوات أضاف إليه أيضا ميزة مهمة, حيث إن أي تصرف إيجابي, بل أي جهد بسيط في هذا الملف سوف يجد صدي مهما لدي الشعوب العربية والإسلامية, وأعتقد أن الرئيس أوباما استطاع أن يفعل هذا بذكاء وبجهد بسيط بداية من خطابه الذي وجهه للعالم الإسلامي من قلب جامعة القاهرة, أو حتي الخطاب الذي وجهه للعالم الإسلامي العام الماضي بمناسبة بداية شهر رمضان أو حتي تعيينه مستشارا للعالم الإسلامي, هذه الأشياء البسيطة التي فعلها بدا أنها آتت ثمارها, ونجحت إلي حد كبير في امتصاص حالة من الكراهية المتبادلة, أو الإحساس بالتعنت من جانب العالم الإسلامي, ومعاداة الطرف الآخر, وربما تكون نظرية' لماذا يكرهوننا' تراجعت, لكن في نفس الوقت بقي ما حلم به البعض, وما اعتقد البعض أن الرئيس أوباما سيفعله, وأنه سيتجاوز مرحلة الخطابات إلي الفعل علي أرض الواقع. بدأت مؤشرات رغبة' أوباما' بفتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي والعربي بإشاراته في خطاب تنصيبه إلي أن الولاياتالمتحدة ستبحث عن سبيل جديد مبني علي الاحترام والمصالح المشتركة للمضي قدما مع العالم الإسلامي. ثم إعلان الإدارة الأمريكية عن عزمها إغلاق معتقل جوانتانامو, ثم الحديث عن تخفيض حجم الوجود الأمريكي في العراق. الخطوة المهمة في التواصل مع العالم خطاب أوباما إلي العالم الإسلامي من القاهرة وفاء بوعده الذي أعلنه من قبل برغبته في توجيه خطاب إلي العالم الإسلامي من عاصمة إسلامية كبري خلال المائة يوم الأولي له في الرئاسة, وفيما يبدو فإن الإدارة الأمريكية تحاول استغلال ذلك التعاطف مع شخصية الرئيس أوباما بهدف إصلاح الصورة الأمريكية لدي شعوب المنطقة, ولعل هذا هو ما انعكس بشكل واضح علي استطلاعات الرأي المختلفة خلال الأشهر الماضية, ماذا قالت هذه الاستطلاعات, هذا مقام آخر في مقال آخر.