أدى سكان المغرب من رجال ونساء وشيوخ وأطفال صلاة الاستسقاء العام الماضي في أنحاء المملكة تلبية لدعوة العاهل المغربي محمد السادس طلبا للغيث , لكن الحال تغير هذا العام حيث سقطت الأمطار بغزارة وبصورة لم يتوقعها أحد لتدمر البيوت وتغرق الوديان وتشرد المئات من العائلات المغربية ، كما فاضت الأنهار على جانبيها. وقد أصدرت وزارة الداخلية المغربية قبل يومين بيانا أعلنت فيه أن 22 شخصا لقوا حتفهم جراء انهيار المنازل أو الفيضانات التي سببها هطول الأمطار بغزارة ، كما تضرر حوالي 2252 منزلا في غربي المملكة بينها 189 دمرت بكاملها , وانهار 220 منزلا في باي أنحاء البلاد. وقد شكلت وزارة الداخلية والمصالح التابعة لها للعمل على تجنب المزيد من الخسائر البشرية والمادية. وبرغم ذلك ، لقي الآف المغاربة - رجال ونساء وأطفال - حتفهم جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت على المملكة خلال الأسابيع الماضية , وانتشر البكاء والعويل بين العديدين لفقدان أحبتهم ، وبين آخرين وجدوا أنفسهم على حين غرة مشردين بعد أن دمرت الأمطار منازلهم وعليهم الأن البداية من الصفر. ولم تتوقف مديرية الأرصاد الجوية عن إرسال الإنذار تلو الأخر , حيث حل العديد من مسئوليها ضيوفا على نشرات الأخبار في القناتين الرسميتين للمملكة - الأولي والثانية - يحذرون المواطنين وينبهون هواة ركوب الأمواج بأن يكونوا أكثر يقظة حيث ارتفعت أمواج البحر المتوسط والمحيط الأطلسي قبالة السواحل المغربية إلى أكثر من ستة أمتار. وذاقت مختلف المناطق والمدن المغربية الرعب الذي خلفته السيول والرياح العاتية التي اقتلعت الأشجار في وسط المدن. وقد عاش سكان مدينة الدارالبيضاء ، العاصمة الاقتصادية للمملكة ، ساعات عصيبة نهاية الأسبوع الماضي جراء الأحوال الجوية السيئة , ودمرت الرياح العاتية فندقا مهجورا كان يمثل ملاذا للمشردين وقطاع الطرق ، كما نالت اللوحات الإرشادية وأعمدة الكهرباء في المدينة حظها من الدمار في ظل تغيرات مناخية لم يشهدها سكان المدينة من قبل أورثتهم حالة من الفزع والرعب. وفي العاصمة الرباط لم يختلف الأمر كثيرا عن الدارالبيضاء التي تبعد عنها حوالي 80 كيلومتر ، فقد أغرقت مياه الأمطار الشوارع واقتلعت الرياح القوية الأشجار ومنعت الكثير من العائلات أطفالها من الذهاب إلى مدارسهم . وفي المقابل شهدت عيادات أطباء الأطفال رواجا كبيرا خلال تلك الأيام العصيبة بسبب انتشار الزكام ونزلات البرد التي نالت من الأجسام الصغيرة للرضع وصغار السن. أما في مدن الشمال ، فكاد الأمر أن يتحول إلى كارثة إنسانية فقد هدمت عشرات المنازل خاصة في الضواحي لأنها بنيت بالطوب اللبن ، وفقدت العديد من الأسر بعض أفرادها بسبب انهيار المنازل عليها خلال ظلام الليل الحالك. وواجهت المدن المغربية العتيقة وضعا يرثي له , حيث المنازل القديمة المهددة بالانهيار والتي تصنف بأنها آيلة للسقوط وقد تصبح أكوام من التراب بين عشية وضحاها بسبب الأحوال الجوية , كما تصدعت بعض تلك المنازل القديمة في مدينة فاس - العاصمة العلمية للمملكة - حيث لم تستطع الصمود أمام الرياح القوية والأمطار الغزيرة. وفي القرى ، صار النوم خاصة أثناء الليل مستحيلا خشية حدوث الأسوأ ، وقد استيقظت العديد من الأسر في منطقة تارجيست وإمزورن بضواحي الحسمية على فاجعة فراق أفراد منها بعد أن انهارت فوقهم الجدران بفعل الأمطار والناس نيام. ويبقى سكان المدن المغربية أكثر حظا مقارنة بقاطني البوادي والقرى حيث ظروف العيش قاسية وحيث يكابدون المتاعب ، فهناك مواطنون يقيمون في بيوت أقيمت من الطين وآخرون يجاورون الأنهار والوديان وفي حال سقوط الأمطار الغزيرة يأتي الفيضان على الأخضر واليابس. واضطرت السلطات المغربية إلى البحث عن مواقع لإيواء الأسر المشردة ووفرت لها الأغطية لتقيها قسوة الطقس كما تحركت جمعيات المجتمع المدني وبادر المحسنون للمساهمة في التخفيف من معاناة هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم فجأة عرضة للتشرد والضياع.