90 دقيقة قضاها المستشار صبحى عبدالمجيد رئيس الدائرة الثانية بمحكمة جنايات بورسعيد، فى معاينة استاد بورسعيد، على أرض الواقع أمس الأول، للوقوف على ملامح المذبحة التى قتل فيها 74 شخصا أثناء مباراة ناديى الأهلى والمصرى مطلع فبراير الماضى. «الشروق» رافقت هيئة المحكمة وممثلى النيابة العامة والمحامين الذين حضروا المعاينة ورصدت أهم 7 مشاهد، ربما تكون الفيصل فى الأحكام التى ستصدر على المتهمين فى القضية سواء بالبراءة أو الإدانة، فيما حرص رئيس المحكمة على الاستفسار عن العديد من النقاط الواردة فى أقوال الشهود.
المشهد الأول «المدرج الشرقى»
بدأت معاينة المحكمة من المدرج الشرقى للاستاد الذى كان مخصصا لجماهير النادى الأهلى، حيث صعد رئيس المحكمة إلى المدرج وظل واقفا برفقة مدير الاستاد وأعضاء النيابة يتفقد الكراسى التى جلست عليها جماهير الأهلى خلال المباراة وقام بتحديد المقاعد التى كانت خالية والمقاعد التى كانت ممتلئة عن آخرها بمشجعى النادى الأهلى من أعضاء رابطة الالتراس أو غيرها.
وعاينت المحكمة الأسوار الفاصلة ما بين المقاعد فى المدرج الشرقى، بالإضافة إلى الأبواب التى يمكن الصعود والنزول منها إلى أرض الملعب والتى تم تحديدها بست بوابات، 4 منها مكسورة، وواحدة ملحومة، وأخرى مفتوحة، مع تحديد ارتفاع سور الاستاد من أعلى بنحو متر تقريبا، وحرص رئيس المحكمة على تحديد المسافة التقريبية بنفسه. ووقف رئيس المحكمة أمام الصفوف الأولى فى المدرج الشرقى الذى شهد المجزرة، وأكد له مدير الاستاد، أنه قبل ثورة 25 يناير كان يتم وضع جنود الأمن المركزى فى الصفوف الأمامية وبعد الثورة، أصبح لا وجود لهم فى هذه المنطقة حيث باتوا يتركون المشجعين مع بعضهم البعض.
وأثبت رئيس المحكمة من خلال مناقشته القائمين على الاستاد أن الفنار الموجود لإرشاد السفن على بعد أمتار قليلة من الاستاد، يضىء منطقة المدرج الشرقى بشكل متقطع حيث تكون حركته دائرية وهو ما يسمح بإتاحة رؤية كلية فى حالة انطفاء الأنوار بشكل كامل.
المشهد الثانى «بوابة الخروج»
المشهد الثانى فى معاينة المحكمة للاستاد، كان خاصا ببوابة الخروج التى احتشد أمامها المئات من جماهير التراس الأهلى فى محاولة منهم للهرب من الجماهير التى جاءت من مدرجاتها وصعدت لأعلى المدرج الشرقى من أجل الفتك بهم، حيث قام رئيس المحكمة بإجراء معاينة للباب الحديدى المكسور، والذى يتكون من 4 قطع حديدية كبيرة وملقى على الأرض، حيث أكد مدير الاستاد أن وضع الباب كما هو منذ أن تم تكسيره، عقب المباراة، نظرا لعدم قدرة أحد على تحريكه من مكانه لثقل وزنه، حيث يحتاج لونش من أجل نقله.
وأظهرت المعاينة أن جماهير الأهلى بعدما كسرت الباب خرجت لتقف فى منطقة معزولة فاصلة بعيدة بشكل كامل عن بوابات الخروج وبعيدة فى الوقت نفسه عن المدرجات الخاصة بجماهير النادى المصرى، وأن هذه المنطقة محاطة بأسوار حديدية عالية تفصل بينها وبين مركز الشباب الملاصق لها وهى منطقة قال المحامين إنه يتم وضع جمهور الفريق الضيف فيها إذ حدثت أى اشتباكات.
وقام رئيس المحكمة بإحصاء درجات السلالم الموجودة حيث كان الجزء الأول يضم 13 درجة ويفصل بينه وبين الجزء الثانى الذى يتكون من 14 درجة نحو مسافة 3 أمتار من الأرض المسطحة، وتأكد من أن النيابة قامت برفع المقايسات الخاصة بهذه المنطقة بشكل دقيق مما يساعده من أداء عمله.
المشهد الثالث «غرفة تغيير الملابس للاعبى النادى الأهلى»
أجرت المحكمة معاينة للغرفة التى يوجد فيها لاعبو النادى الاهلى بعد المباراة وهى الغرفة الخاصة بتغيير الملابس، حيث دخل رئيس المحكمة للغرفة من نفس الباب الذى دخل منه اللاعبون وخرج من الباب الآخر، وعلى الرغم من أن الغرفة تقع أسفل المدرج الشرقى فإنه لاحظ وجود كسور متعددة فى سقف المدخل البلاستيك حيث برره الموجودون بمحاولات القفز من أعلى على اللاعبين خلال دخولهم الغرفة، واستمع رئيس المحكمة لشرح وافٍ من مدير الاستاد حول طريقة الدخول وأماكن الخروج الخاصة باللاعبين وغيرها من التفاصيل التى تم ذكرها فى التحقيقات الخاصة بالواقعة.
وتسبب انقطاع التيار الكهربائى داخل الاستاد خلال المعاينة فى ظلام دامس داخل الغرفة حيث استمع رئيس المحكمة لشرح وافٍ من مدير الاستاد حول طريقة الدخول وأماكن الخروج الخاصة باللاعبين وغيرها من التفاصيل التى تم ذكرها فى التحقيقات الخاصة بالواقعة.
المشهد الرابع «غرفة التحكم والإضاءة»
توجه رئيس المحكمة فور الانتهاء من معاينة غرفة لاعبى النادى الأهلى إلى غرفة التحكم الموجودة بالقرب من المدرج الشرقى، وطلب من النيابة فض الأحراز الموجودة عليها ودخل إلى الغرفة لمعرفة ما إذ كان يمكن للموجود فى الغرفة أن يرى ما يحدث فى المدرج الشرقى أم لا.
وتأكد رئيس المحكمة أن غرفتى التحكم والإضاءة لا يمكن لأحد الوصول إليهما بسبب الأسوار المحيطة بهما من كل مكان، كما استفسر خلال معاينة غرفة الإضاءة عن الطريقة التى يتم بها إطفاء الأنوار ومفاتيح الكهرباء التى يجب أن يضغط عليها مسئول الإضاءة، وهل يتم إطفاء المفاتيح الفردية أولا، وتناقش مع الفنى الموجود فيما قاله الشهود من مسئولى الإضاءة فى ستادى القاهرة والمقاولين العرب.
المشهد الخامس «غرفة الإعلاميين والشخصيات المهمة»
تفقدت المحكمة الغرفة المخصصة للإعلاميين أسفل المقصورة الرئيسية وغرفة استقبال الشخصيات المهمة، حيث كان النور قد عاد إلى الاستاد، وتم تشغيل المكيفات والإضاءة الخاصة بالغرفة وغادرها رئيس المحكمة سريعا متوجها إلى المقصورة الرئيسية.
المشهد السادس «المقصورة الرئيسية والمداولة»
فور وصول رئيس المحكمة إلى المقصورة الرئيسية قام بدعوة الحضور لقراءة الفاتحة على أرواح كل الضحايا الذين توفوا فى هذا المكان، بعدها بدأ بإجراء معاينة للمقصورة بالكامل ومدى إمكانية رؤية الجالسين فيها لما يحدث فى المدرج الشرقى حيث أثبت أن الرؤية ممكنة بالفعل ولكنها تتوقف على كثافة عدد الحضور فى المقصورة.
عقب ذلك بدأ رئيس المحكمة فى التداول مع عضوى اليمين واليسار للمحكمة وقام بتدوين بعض الملاحظات التى قاموا بجمعها خلال المعاينة حيث كانوا يستمعون إلى شرح من أعضاء النيابة العامة المرافقين لهم فى مقدمتهم المستشار محمود الحفناوى المحامى العام، وأحمد خفاجى وعبدالرءوف أبوزيد رؤساء النيابة، واستمرت المداولة نحو 15 دقيقة حيث طلب من الصحفيين والمحامين الابتعاد عن أعضاء المحكمة.
المشهد السابع «تفقد غرفة محولات الكهرباء»
تفقد رئيس المحكمة من الخارج غرفة المحولات الكهربائية بشكل سريع لم يستغرق سوى دقائق معدودة وبعدها غادر الاستاد فى حراسة أمنية مشددة متوجها إلى استراحة القضاة من أجل صياغة محضر الجلسة، لاسيما أنه قام بتدوين كل الملاحظات بنفسه ولم يستعن بأحد من السكرتارية المرافقين له، وخلال خروجه رفض تحديد موعد تقريبى للنطق بالحكم فى القضية ردا على سؤال أحد المحامين.