حالة من الفرح العارم انتابت الطفلة هيا، 9 سنوات، عندما علمت من والدتها أنها ستزور مصر مع أول معسكر لأسر شهداء الثورات العربية. هيا، واحدة من أبناء شهداء غزة، تسكن فى منطقة جباليا.
«الرحلة من غزة لمصر كانت طويلة مش عارفة قد ايش، ركبنا الباص من غزة الصبح، كنت أول مره أشوف النيل بس لونه مش أزرق زى بحر جباليا».
«السنة الماضية كان فيه معسكر لأبناء شهداء غزة وكان عددهم 15 طفلا، السنة دى المعسكر لأبناء شهداء ثورات الربيع» بحسب ميسون شعث المنسق العام للمعسكر.
«السنة الماضية كانت جمعية عطاء غزة هى المسئولة، إنما هذا العام المعسكر يعد له منذ ستة اشهر مع مؤسسة عالم واحد المسئولة للتدريب والاستشارات عنها سمر دويدار، بالتعاون مع مؤسسة أهل مصر المسئولة عنها هبة السويدى، وجمعية عطاء غزة».
المشروع هدفه أن يمارس الأطفال الأيتام حياة طبيعية سعيدة، «الأطفال من فلسطين عددهم 36 ولدا وبنتا جاءوا للقاهرة فى 25 يونيو فى معسكر صيفى لمدة 15 يوما منها 5 أيام بالقاهرة و10 أيام فى نويبع، ويشارك معنا خمسة أولاد شهداء من الثورة المصرية، وكلهم من سن 8 12».
«هيا» منذ الإعلان عن الرحلة أعدت قصيدة مع كابتن إبراهيم، أشهر المشرفين بين أطفال الرحلة، لتتلوها:
اعذروا قلبى رفاقى
إن بات للحزن مكان
اعذروا طفلا بريئا
وأمى تنادى:
من لنا غير الواحد الديان
أياد بيضاء نقية
مدت لتمسح دمعتها الأيام
يقول كابتن إبراهيم الزيناتى مسئول ملف الإغاثة والأيتام بجمعية عطاء غزة ومتطوع فى جمعية عطاء فلسطين: «جمعية عطاء غزة مؤسسة أهلية مستقلة، غير ربحية، تأسست فى أكتوبر 2003 وتستهدف دعم المرأة والطفل اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا وثقافيا».
فكرة معسكر للأطفال «بدأت منذ 4 سنوات فى يوليو، 2009 سافرنا مع الأطفال ممن فقدوا الأب والأم إلى جمهورية لاتفيا، وفى 2010 اخترنا أطفالا لديهم صعوبات فى التعلم، وبعد الثورة المصرية كان أول قدوم لنا إلى مصر فى 2011، لكن هذا العام أول مرة يشارك أطفال من مصر»
اختيار الأطفال «يكون عن طريق باحثين، هذا العام بحثنا عن الأطفال المتفوقين، ويمولنا رجال أعمال فلسطينيون يعيشون فى الخارج ومصريون».
«هيا» بدأت تتعرف على الأطفال المصريين وكان تعليقها الأول «دول بياكلوا أكل مختلف عننا وبيقولوا على الفلافل طعمية».
دكتورة وفاء موسى إخصائية الدعم النفسى المصاحبة للمعسكر «نستخدم فى هذه الرحلة سيكولوجية اللعب لمساعدة الأطفال فى التعبير عن مشاكلهم وتخفيف حدة التوتر لأن الطفل يعبر عن طريق اللعب أكثر من الحكى، كما نستخدم السيكو دراما من خلال تأليف كل طفل مسرحية يحكى فيها تجربته».
برنامج الرحلة يتضمن إعطائهم مساحة كافية لممارسة أنشطة فنية ورياضية وترفيهية وتثقيفية، إلى جانب زيارات لبعض المعالم الأثرية بالقاهرة والبحر الأحمر.
أبناء الشهداء لهم مخاوف «يعنى لو مشرف كل مجموعة غرفته مش فى الدور اللى هما فيه لا يمكن يقبلوا يطلعوا الرحلة، ولا يحبوا إغلاق أبوابهم خوفا من الحبس».
خلال الرحلة يتسابق الأطفال على اختيار أمير وأميرة الرحلة، بحسب وفاء «الأطفال الأكثر التزاما ومشاركة فى الرحلة وكمان حيكون فى نهاية الرحلة مسابقة لتصميم طائرات ورقية عليها أعلام الدول اللى فيها ثورات، اخترنا نويبع لأنها منطقة هادئة ممكن تساعد الأطفال على اللعب والابداع، وكمان تواصلهم مع أطفال من مصر يشعرهم أنهم ليسوا وحدهم».
هيا وزملاؤها يرفضون الحديث عن أهلهم إنما يعبرون عن طريق الرسم والغناء والرقص.
هيا تتمنى أن تكون عالمة فضاء «نفسى أزور المريخ من وقت لما أخدنا دروس التربية الوطنية».
فى اليوم الثانى للرحلة ذهبت هيا مع زملائها للأهرامات، «بس لقيت خوفو بعيد عن منقرع مش زى الصور».
هيا تتمنى تعلم لهجة المصريين، «لأن مصر حلوة قوى وفيها كبارى كتير مش موجودة فى غزة».
عندما ذهبت هيا مع زملائها فى رحلة نيلية فى نادى الكشافة البحرية مع أصوات الدى الجى، انتابت الأطفال حالة من الفرح ومحاولة لتقليد عبدالله فتحى 10 سنوات، المصرى، الذى يرقص مثل نجوم الاستعراضات فى السينما.
يقول إبراهيم يتساءل كل ساعة الأطفال «امتى هنروح نويبع، لأن هناك الألعاب المائية، فهى أكثر لعبة ينتظرها الأطفال طوال الرحلة، ولذلك وضعت فى برنامج الرحلة آخر يوم لنترك ذكرى سعيدة».