وافق المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري المعارض الأربعاء على استقالة رئيسه برهان غليون على أن يظل في منصبه حتى تنظيم انتخابات جديدة في 9 يونيو المقبل. وأكد المكتب التنفيذي في بيان أصدره إثر اجتماعه في إسطنبول مساء الأربعاء أنه "ناقش رسالة رئيس المجلس التي وضع فيها استقالته وقرر قبول الاستقالة والطلب من رئيس المجلس مواصلة مهامه إلى حين انتخاب رئيس جديد في اجتماع 9-10 يونيو".
ويأتي قبول استقالة غليون بعد حوالي أسبوع من بروز الانقسامات مجددًا داخل المعارضة السورية، وكان غليون قد قرر الخميس الماضي انسحابه من رئاسة المجلس فور اختيار بديل له، تجنبا لمزيد من الانقسام، بعد انتقادات حول اعادة انتخابه للمرة الثالثة وهيمنة جماعة الاخوان المسلمين على قرار المجلس الذي يضم غالبية المعارضين لنظام الرئيس بشار الاسد.
وقال غليون في بيانه قبل أسبوع: "لن أقبل أن أكون بأي شكل مرشح الانقسام، وأنا لست متمسكا بأي منصب"، وغليون أستاذ في علم الاجتماع في جامعة السوربون في فرنسا حيث يقيم منذ نحو ثلاثين عاما، وهو معروف باتجاهاته اليسارية القومية العربية، وقد اختير رئيسا للمجلس لدى تأسيسه في اكتوبر على أساس قدرته على الجمع بين أطياف المعارضة المتنوعة من إسلامية وليبرالية وقومية ومستقلة.
وجرى التمديد له من المكتب التنفيذي في فبراير الماضي، قبل أن تنتخبه الأمانة العامة للمجلس الاثنين رئيسا لولاية جديدة من ثلاثة أشهر، بأكثرية 21 صوتا مقابل 11 للمرشح المنافس جورج صبرا القيادي في حزب الشعب الديمقراطي أحد مكونات تجمع إعلان دمشق.
وأثارت إعادة انتخابه انتقادات من بعض اركان المعارضة الذين نددوا ب"الاستئثار بالقرار" وبعدم احترام التداول الديمقراطي، كما انتقدوا محاولة جماعة الاخوان المسلمين، احدى اكبر مكونات المجلس، الهيمنة على قرار المعارضة. وهو ما عبرت عنه قوى اعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي، في حين هددت لجان التنسيق المحلية من جهتها بالانسحاب من المجلس.
وعبرت اللجان عن "الأسف لما آلت اليه الامور في المجلس الوطني السوري والتي تعكس ابتعاده وابتعاد المعارضة السورية عموما عن روح الثورة السورية ومطالبها وتوجهاتها نحو الدولة المدنية والديمقراطية ونحو مبادئ الشفافية وتداول السلطة المرجوة في سوريا الجديدة"، وكان بعض أعضاء المجلس الذين قدموا استقالاتهم قبل أشهر انتقدوا عدم التنسيق بشكل كاف مع الناشطين على الأرض، ومحاولة الاخوان المسلمين احتكار كل المساعدات التي تصل إلى المجلس لتقوية نفوذها على الارض.
وتبرز الانقسامات المتجددة داخل المعارضة السورية بعد محاولات حثيثة خلال الاشهر الماضية لتوحيد صفوفها، وضغوط دولية لتحقيق ذلك بعد ان حصل المجلس على اعتراف مجموعة أصدقاء الشعب السوري مطلع إبريل باعتباره "ممثلا شرعيا" للسوريين ومحاورا رئيسيا للمعارضة مع المجتمع الدولي، وكانت المعارضة اتفقت خلال مؤتمر في إسطنبول في 27 مارس على اعتبار المجلس ممثلا شرعيا للمعارضة.
من ناحية أخرى اعتبر المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري بعد اجتماعاته الثلاثاء والأربعاء في إسطنبول أن "رفض النظام (السوري) التجاوب مع (مبادرة الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية لوقف إطلاق النار) ومواصلته عمليات القصف والقتل والاغتيال يمثل محاولة مقصودة لتقويضها، ويرى أن على المجتمع الدولي التحرك العاجل لإقرار آلية جديدة عبر مجلس الأمن الدولي ترغم النظام على وقف جرائمه، وقد تبين للمجتمع الدولي أكثر فأكثر أن هذا النظام لا يمكن أن يستجيب إلا لمنطق القوة.