في تجربته الروائية الأولى في أدب الطفل حاز الشاعر والروائي اللبناني عبده وازن مؤخرا على جائزة الشيخ زايد للكتاب. ورغم صعوبة الكتابة للطفل، يؤكد وازن أن "الشعر يساعد كثيرا على كتابة النثر السردي"، وأن تجربته "الطفل الذي أبصر لون الهواء" شجعته على الاستمرار في الكتابة للناشئة. بدأ عبده وازن الكتابة الإبداعية في الشعر، ومن بين دواوينه: "الغابة المقفلة" 1982، "العين والهواء" 1985، "سراج الفتنة" 2000. وله تجارب روائية عديدة من بينها "قلب مفتوح"، التي كتبها بعد أن أجريت له عملية القلب المفتوح.
أما روايته الموجهة للأطفال "الفتى الذي أبصر لون الهواء"، الصادرة عن الدار العربية للعلوم في بيروت والمتوجة بجائزة الشيخ زايد لأدب الطفل فقد تميزت بموضوعها اللافت، وهو معاناة طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في عالم مجهول ومهمش ينتصر على إعاقته بفضل إصراره وتحديه. "الجزيرة.نت" التقت عبده وازن وكان معه الحوار التالي الذي أجرته زهرة مروة:
أنت تدخل مجال الكتابة للطفل للمرة الأولى.. لماذا الآن؟ وهل لذلك علاقة بصيرورة الزمن والسن؟ أعترف أنني ترجمت في السابق الكثير من القصص للأطفال، بعضها نشر في مجلات ومختارات قصصية للأطفال، وبعضها كان للإذاعة. لكن، أنا أدخل للمرة الأولى عالم أدب الناشئة، وليس أدب الأطفال. الرواية التي كتبتها موجهة إلى الطلاب أو التلاميذ المراهقين بدءا من الثالثة عشر من العمر.
لم أكتب أي قصة للأطفال، مع أنني أميل كثيرا إلى عالم الطفولة، أما رواية الناشئة فكتبتها بحماسة لأجسد قصة فتى أعمى ولأرسم عالمه الذي يعيش فيه، وهو عالم مجهول ومهمش، وأقصد عالم الفتيان العميان. وأقول إن إقبالي على كتابة هذه الرواية للفتيان لا علاقة له بتقدمي في العمر أو إحساسي بمضيّ الزمن. هذه الكتابة للفتيان لم تعن لي بتاتا مواجهة هذا الزمن.
بخصوص الجائزة، هل كنت تتوقع الفوز بها وأنت تقدم أول عمل أدبي للأطفال؟ دخول أي مسابقة أدبية أو فنية يضع الكاتب أو الفنان أمام سؤال هو: هل سأفوز بالجائزة؟ كانت المسابقة حامية وتمنيت الفوز مثل الآخرين.
من المفهوم أن ينتقي الكاتب في أدب الأطفال مجالا معينا لإيصال فكرته أو قصته عبره، لكن اختيارك لعالم ذوي الاحتياجات الخاصة كان لافتا. كيف جاء هذا الاختيار، وهل استعنت بمراجع عن الموضوع؟ الكتابة عن عالم ذوي الاحتياجات الخاصة لم تكن مقصودة، لكنني كتبت عن هذا الفتى الأعمى وجعلته بطلا بالمعنى الرمزي للبطولة، وجعلته يتحدّى مرضه ويواجه مأساته ويحقق أحلامه وينتصر في الختام على إعاقته، من خلال عيش حياته كإنسان سليم.
ركزت على علم نفس العماء، من أجل رسم أبعاد الشخصية وبنائها والانتباه إلى سلوكها ونزعاتها الداخلية. وأعترف أن ما ساعدني على كتابة النص الروائي هو زيارتي لمعهد المكفوفين والاطلاع على تفاصيل حياتهم وعلى طريقة تعلمهم وعلى قراءة "البريل" الخاصة بهم وعلى كيفية عملهم على الكومبيوتر.
وقد اكتسبت من وراء ذلك الكثير من المعطيات الخاصة بعالم الفتيان المكفوفين، لكنني لم أجد مراجع مهمة عن عالم الفتيان المكفوفين، وجدت فقط كتبا طبية ونفسية وهي لم تهمني كثيرا، لأنني لا أكتب بحثا بل رواية.
كونك شاعرا، ما العقبات التي أحسست بها وأنت تخوض تجربة سردية للأطفال؟ فنحن نعلم بأن لك تجربة سردية سابقة ولكن للكبار، وكانت مؤلمة بعد إجرائك عملية القلب المفتوح. الشعر يساعد كثيرا على كتابة النثر السردي، والشاعر برأيي يملك قدرات كبيرة على كتابة النثر. الشعراء هم حراس اللغة أكثر من الروائيين. لكنني كشاعر، لم أرخ العنان كثيرا لمخيلتي ومشاعري، بل التزمت نظام الكتابة السردية، لكنني عمدت إلى صوغ اللغة صوغا جماليا بعيدا عن الاصطناع والافتعال.
هل ستتابع في مجال أدب الأطفال والفتيان، وما مشاريعك المستقبلية؟ أجل سأتابع الكتابة في حقل أدب الناشئة، إنه حقل أدبي جميل، يجمع بين أدب الأطفال وأدب الكبار، على رغم المعايير التي علي أن ألتزم بها، لا سيما المعايير الأخلاقية، فالفرق شاسع بين الكتابة للناشئة والكتابة للكبار.