قال الرئيس السودانى السابق عبد الرحمن سوار الذهب ورئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية "إن نجاح الثورات الشعبية العربية سوف يصب فى مصلحة الأمة، وعلى وجه التحديد القضية الفلسطينية والقدس الشريف التى ستعود إلى صدارة الاهتمام، بعد أن ظل الحكام يحولون دون الإرادة الشعبية للجماهير ومناصرة القضية الفلسطينية". وأضاف سوار - فى حوار مع جريدة (اليوم) السعودية "ليس بالضرورة أن يتكرر سيناريو الثورات العربية فى السودان، لأن السودان يتمتع بقدر من الحرية والديمقراطية، وقد شهدت مؤسسات دولية محايدة بنزاهة الانتخابات التى جرت بالسودان".
وحول انفصال جنوب السودان، يتذكر سوار الذهب يوم 9 يوليو 2011 واختيار الجنوبيين خيار الانفصال قائلا "كان يوما قاسيا فى تاريخ السودان، تم فيه استقطاع ما يقارب من سدس مساحة السودان الغنية بنحو 70 % من البترول الذى ينتجه السودان".
وأكد الزعيم السودانى أن انفصال الجنوب كان مؤامرة تم التدبير لها مسبقا ونسجت خيوطه عدد من القوى الأجنبية الغربية فى اتفاقية (نيفاشا) التى وقعت عام 2005 فى نيروبى، وتم ممارسة ضغوط على الجنوبيين من قبل إسرائيل وبعض الدول الغربية كى يختاروا الانفصال وتكوين دولة مستقلة.
ولفت إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وحليفتها إسرائيل أفسدت كل الجهود التى كانت تبذل سواء بجعل خيار الوحدة جاذبا أو بالاتفاق على خيار الكونفيدرالية مع اختيار الجنوبيين للانفصال، وذلك بهدف تقطيع الخيوط التى تربط الشمال بالجنوب، والأكثر من ذلك فإن هذه الدول تحاول تأجيج نار الحرب بين الجنوب والشمال السودانى من جديد وتعيد عقارب الزمن للوراء، لاستكمال مخطط تفتيت السودان وتقسيمه.
وعن تأثير انفصال الجنوب على اتفاقيات دول حوض النيل وعلى الأمن المائى فى المنطقة، قال سوار الذهب "بالتأكيد سوف يؤثر، لأنه كما نعلم أن دول حوض النيل السبع، ما عدا مصر والسودان، قد اتخذت قرارا بضرورة تغيير الاتفاقيات السابقة التى وقعت فى عهد الاستعمار، ومعنى ذلك أنهم يريدون حصصا إضافية من المياه، ووقد انضمت لهم دولة جنوب السودان الجديدة بعد الانفصال، مما جعل الموضوع أكثر تعقيدا".
وأعرب عن مخاوفه من أن يكون انفصال الجنوب مقدمة لتنامى دعوات الانفصال ليس فى الدول العربية فقط وإنما فى القارة الأفريقية كلها، ففى كل دولة أفريقية هناك تهديد بالانفصال.
وشدد على ضرورة تمسك الدول الأفريقية بالمحافظة على الحدود النهائية التى ظلت كثوابت جغرافية منذ الاستقلال عن الاستعمار، والذى تم التوافق عليها من أولئك الذين أسسوا منظمة الوحدة الأفريقية التى تسمى الآن (الاتحاد الأفريقى)، بحيث لا يتم انفصال أى جزء من الدول الأفريقية عن وطنه حتى لا تتنامى ظاهرة التفتيت.
وحول تطورات الوضع العربى، قال الرئيس السودانى السابق عبد الرحمن سوار الذهب ورئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية "إن حاليا الوضع تغير كثيرا وأصبح هناك دور عربى فاعل، بدليل ما حدث فى منبر الدوحة بشأن حل قضية دارفور، فضلا عن أوجه الدعم السياسى والتضامنى الفعلى الذى تقوم به الجامعة العربية فى أعمال التنمية الاقتصادية سواء من خلال إقامة مشروعات عربية كبرى، وكانت أهم الخطوات التى قطعتها الدول العربية فى هذا الطريق هى إقامة مؤتمر للاستثمار العربى فى جنوب السودان، كما أن الجامعة العربية موجودة بقوة من خلال العمل الإنسانى وقدمت نماذج طيبة مثل إنشاء قرى نموذجية لأهلنا فى السودان".
وحول دور مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية، قال سوار الذهب "المنظمة منذ أنشئت عام 1980 وهى تعمل من خلال مكاتبها ال 22 فى إفريقيا، واستطاعت أن تنفذ العديد من المشاريع وتقدم الخدمات الواسعة، وقامت بمساعدة المسلمين غير الناطقين باللغة العربية فى إفريقيا، فضلا عن دعوة الآخرين للدخول فى السلام من خلال تقديم الخدمات الإنسانية فى التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية وإنشاء دور الأيتام والمشردين فى إفريقيا".
يذكر أن الرئيس السودانى السابق عبدالرحمن سوار الذهب من الزعماء القلائل فى العالم الذين كتب اسمه بأحرف من نور فى سجل الرؤساء الخالدين، بجانب نلسون مانديلا بجنوب أفريقيا، ومهاتير محمد بماليزيا، عندما رفض إغراءات كرسى الرئاسة وقام بتسليم مقاليد الحكم إلى حكومة مدنية بانتخابات حرة عام 1986، وأصبح رمزا طيبا فى ذكرى الشعب السودانى وكل الشعوب العربية، من أبرز الشخصيات الإسلامية ذات الشهرة العالمية.
وقد تولى المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب منصب رئيس جمهورية السودان بصفته أعلى قادة الجيش وبتنسيق مع قادة الانتفاضة فى أبريل 1985 ولمدة عام حتى تم تسليمها لسلطة مدنية منتخبة عام 1986.. وهو من مواليد عام 1935 بمدينة الأبيض السودانية، وهى عاصمة ولاية كردفان من ولايات الشمال.