منذ أن عرف تاريخ الأدب الأوروبى حكايات الأديب الدنماركى هانز كريستيان اندرسون فى القرن التاسع عشر والكثير من الكتاب يسعون لمحاكاة هذه الحكايات التى أبهجت الصغار والكبار بقدر ماكانت علامة فارقة فى عالم القصص الخرافية وستجد البعض الآخر يحاول استلهام أفكار اندرسن ونهجه الابداعى . وفيما يفرض السؤال نفسه: "هل تمكن أى كاتب أوروبى من هذا الرهط من الوصول للقمة التى اعتلاها هانز كريستيان اندرسن ناهيك عن تجاوزها؟" ستجد اليوم قاصا بريطانيا صاعدا هو ايلى شو يجسد هذا التأثر بابداعات هانز كريستيان اندرسن كما يتجلى فى قصته الجديدة "الرجل الذى أمطر" وهى قصة عن الحب والطبيعة ولذة الكشف بقدر ماتشكل خيالا جامحا للجمال والرعب معا .
والقصة الأولى لايلى شو التى صدرت بعنوان "الفتاة ذات القدم الزجاجية" كانت وقائعها تدور فى مدينة مسحورة بأرخبيل جليدى فى الشمال وتحكى عن اثنين كتب عليهما العشق غير أن المحبوبة راحت تتحول رويدا رويدا امام حبيبها إلى زجاج وعلى نحو يعيد للأذهان بوضوح النهج الروائى للكاتب والشاعر الدنماركى الراحل هانز كريستيان اندرسن الذى برع فى الحكايات الخرافية .
وإن كانت القصة الأولى قد نسجت على المنوال الروائى لاندرسن فانها كانت مفعمة بالشاعرية المبهجة وأجواء الغبطة فها هو شو يواصل مسيرته الابداعية على النهج ذاته فى "الرجل الذى أمطر" مع محاولة للتوازن بين الجمال والرعب .فالقصة الجديدة حكاية خرافية عن رجل يجسد ويتجسد فيه الطقس بتقلباته وإن كان بعض النقاد قد لاحظوا أن السرد فى القصة الجديدة يبدو أقل تماسكا وبلاغة بالمقارنة مع قصة "الفتاة ذات القدم الزجاجية" .
وفى "الرجل الذى أمطر" ستجد خيال ايلى شو يذهب بعيدا لأرض يقطنها اناس جمعوا بين التعصب الديني والخرافات دون أن يتنازل القاص عن غرامه الواضح بالطبيعة وجموحها وتقلبات الطقس وزئير العواصف التى تتحدى الجبال الرواسي مع كائنات تقشعر منها الأبدان .
ووسط هذا المشهد الغرائبى الحافل بالخوارق ستجد الشابة النزقة الزا بيليتى تراقب الناسك فين مونرو الذى يتغير فى صومعته بالجبل مع تغير الطقس وتبدلات الأجواء وتتابع جولاته وتحولاته بين السحاب والغيوم .
وستجد أيضا أغلب الشخصيات فى قصة "الرجل الذى امطر" ذات ماض أليم وتواريخ مثقلة بالمحن والأحن وترتبط معا بصلات خفية وعلاقات غير منظورة لأول وهلة غير أنك في أغلب الظن سترى أن الفجوة مازالت شاسعة بين سيد الحواديت هانز كريستيان اندرسون وبين القاص البريطانى الطموح ايلى شو .
فمتى تنجب الانسانية مبدعا يتجاوز هذا المبدع الدنماركى فى عالم الحواديت والحكايات الخرافية ويسعد الصغار والكبار معا؟!. على اى حال البريطانيون ينتظرون القصة الثالثة لايلى شو، لعل وعسى.