اعتبر هشام عز العرب، رئيس مجلس إدارة البنك التجارى الدولى، أكبر بنوك القطاع الخاص العاملة فى السوق المحلية، أن إعلان مؤسسة موديز للتصنيف الائتمانى عن تخفيض تصنيفها للودائع بالعملة المحلية لخمسة بنوك مصرية تعتمد الحكومة على الاقتراض منها بشكل متزايد، يرجع لاعتماد المؤسسة الدولية فى التقييم على معادلات غير عادلة بالنظر لطبيعة عمل تلك البنوك ووضعها فى محيطها الجغرافى. «هذا التصنيف لم يضع معايير كثيرة فى اعتباره بالنسبة للاقتصاد المصرى، ولم يلتفت إلى السيولة الكبيرة الموجودة فى البنوك، مقابل تركيزه على الظرف السياسى والأمنى»، أضاف عز العرب موضحا أنه موديز لو طبقت المعايير الاقتصادية المتعلقة بحجم السيولة، وبكفاءة رأسمال، لحصلت البنوك المصرية على تقييمات أفضل بكثير من بنوك فى مناطق عديدة من العالم.
واكد عز العرب أن البنوك المصرية لم تتأخر طوال تاريخها، الذى يزيدعلى 100عام، عن سداد ما عليها من التزامات، سواء للمودعين أو المؤسسات المالية التى تتعاون معها.
وتصل القاعدة الرأسمالية للبنوك المصرية إلى 15%، كما يبلغ معدل توظيف الودائع إلى الإقراض 50%، فى حين أن عددا كبيرا من البنوك فى أماكن مختلفة فى العالم لا يتجاوز فيه معدل كفاية رأس المال 7% ويتخطى معدل الإقراض 100% من الودائع، وهو ما أوقع عددا كبيرا من تلك الأسواق فى أزمات اقتصادية طوال الفترة الماضية، بحسب عز العرب، الذى يتمتع بخبرات دولية فى عمل المصارف.
وأشار عز العرب إلى أن تقارير مؤسسات التصنيف الائتمانى لم تنقذ اقتصادات العالم، بل كانت غير معبرة بشكل دقيق عن الواقع، «ففى أزمة اليونان وأزمة الرهن العقارى فى أمريكا، كانت تقارير التصنيف الائتمانى مرتفعة لتلك الاقتصادات، وهو ما تبين عدم صحته بعد ذلك، ولم يحساب احد تلك المؤسسات على تقاريرها».
كانت موديز قد خفضت تصنيفها للسندات الحكومية المصرية نهاية الأسبوع الماضى من B1 إلى B2، للمرة الرابعة فى عام 2011 استنادا إلى الظروف السياسية فى مصر والانفلات الأمنى، واتبعه تخفيض لبنوك الأهلى المصرى وبنك مصر وبنك القاهرة وبنك الإسكندرية والتجارى الدولى. ويبعد تصنيف موديز درجة واحدة من الدخول فى تصنيف الC الذى يعبر عن مخاطر شديدة فى عدم القدرة على السداد، ويليه مستوى D الذى يعبر عن التعثر فى سداد الديون.
«مررنا بظروف أصعب تاريخيا، خاصة خلال الحروب المختلفة التى خضناها على مدار القرن الماضى، ومررنا بظروف الاقتصادية أصعب، ولم نتخلف عن السداد، مما يجعل رهن مصير اقتصادنا بما يحدث مؤقتا وغير واقعى» تبعا لما قاله رئيس البنك.
ولم ينف عز العرب خفض معدل منح الائتمان لقطاعات الاقتصاد المصرى المختلفة فى المرحلة الحالية، مؤكدا أن هناك تراجعا كبيرا فى طلب الحصول على القروض بهدف الاستثمار، بسبب حالة الترقب التى يعيشها قطاع الاستثمار فى مصر على خلفية الأحداث التى تشهدها مصر منذ اندلاع ثورة 25 من يناير.
وأكد عز العرب أنه لا يخشى على القطاع المصرفى من صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم أو تواجدهم على رأس الحكومة والبرلمان، مشيرا إلى أن البنوك ستظل تؤدى عملها المنوط بها فى التنمية بأى طريقة كانت تقليدية أو إسلامية.
«التوافق الوطنى والاجتماع على أرضية حماية الوطن، تجعل التخوف من حكم أى فصيل غير مبرر، خاصة ان المصلحة العامة تقتضى الاتفاق لنهوض بالاقتصاد المصرى الذى تضرر بشدة طوال الشهور الماضية، رغم ما يملكه من مؤهلات قوية تجعلها من اكبر اقتصادات المنطقة فى فترة لا تزيد على 10سنوات» أضاف عز العرب.
وحول الاقتراض الخارجى واعتباره المخرج الآمن حاليا للاقتصاد المصرى من كبوته، قال عز العرب إن الحكومة السابقة التى تولت تسيير الأعمال لم تساعد فى تحريك الاقتصاد، بل وقد تكون أضرت به، حيث كان من الممكن إنقاذه مما وصل إليه، وأداء تلك الحكومة هو الذى «جعلنا نقول الآن إن الاقتراض الخارجى أصبح ضرورة لإنقاد ما يمكن إنقاذه، وتقليل حجم الخسائر وتقصير مدة التعافى».
كان اجتماع للجنة الوزارية الاقتصادية أمس الأول قد أشار إلى أنه لا مفر من الاقتراض الخارجى بما يتراوح بين 10 و12 مليار دولار لمواجهة عجز الموازنة الذى ينتظر وصوله إلى 182مليار جنيه، بدلا من 134 مليار كانت مقدرة فيما سبق.
وعن المساعدات العربية التى قدمت لمصر عقب الإطاحة بالنظام السابق، والتى لم تزد على مليار دولار، رغم ما قيل من مساندة تقترب من 10 مليارات دولار من تلك الدول، قال عز العرب انه يشعر بأسى كمواطن مصرى من موقف الدول العربية رغم ما قدمته مصر على مدار تاريخها للأمة العربية، مشيرا إلى قدرة مصر على تخطى المرحلة الحالية.