مجلس استشارى، انتخاب برلمان، ثم جمعية تأسيسية للدستور، ثم انتخاب رئيس «مدنى».. سيناريو وعد تكرر مرتين فى مصر خلال أقل من 60 عاما. فى 25 مارس لسنة 1954 أعلن مجلس قيادة الثورة، والذى كان يرأسه محمد نجيب، ويضم فى عضويته جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر وكمال الدين حسن وصلاح سالم وأنور السادات وزكريا محيى الدين، خطة ل«انتقال السلطة» تبدأ بانتخابات برلمانية، ثم انتخاب جمعية تأسيسية تلعب نفس دور البرلمان وتضع دستورا جديدا، وحل مجلس قيادة الثورة باعتبار الثورة قد انتهت، ثم انتخاب رئيس للجمهورية، كما جاء فى نص الوثيقة المعلنة عن قرارات الاجتماع، وتحمل توقيعات مجلس قيادة الثورة.
وحدد المجلس يوليو 1955 موعدا للانتهاء من كل هذا الجدول الزمنى، لكن وعود العسكر لم تتحقق، فبعد شهور قليلة من اتفاق مارس 1955، وتحديدا يوم 14 نوفمبر من العام نفسه، تلقى الرئيس المصرى، محمد نجيب، رسالة مختصرة من مجلس قيادة الثورة، حملها إليه، عبدالحكيم عامر: «إن مجلس قيادة الثورة قرر إعفاءكم من منصب رئاسة الجمهورية»، ليرد نجيب قائلا: «أنا لا أستقيل الآن لأنى بذلك سأصبح مسئولا عن ضياع السودان، أما إذا كان الأمر إقالة فمرحبا».
ومنذ ذلك التاريخ، لم تخرج مصر من الحكم العسكرى، فبعد نجيب تولى «البكباشى» جمال عبدالناصر رئاسة البلاد، ثم رئيس مجلس الأمة (وعضو مجلس قيادة الثورة) أنور السادات، ثم نائبه (الفريق طيار) محمد حسنى مبارك. اليوم، وبعد مرور 57 «يوليو» على وعد العسكر بتسليم السلطة للمدنيين، لم يتحقق الوعد، رغم ثورة شعبية أطاحت بمبارك ونظامه. فعسكر 2011 ساروا على نفس خطى عسكر 1954، وأعلنوا عن خطة لانتقال السلطة، تشمل انتخابات برلمانية ثم جمعية تأسيسية للدستور ثم رئيس للجمهورية، على أن ينتهى هذا الجدول فى «يوليو» أيضا، 2012.
الباحث وأستاذ علم الاجتماع السياسى، أحمد زايد، يرى أن المقارنة بين مصر فى الحالتين مختلفة، فالمجلس الاستشارى عام 1954 جاء بعد انقلاب عسكرى عام 1952، والجيش فى تلك الفترة يمتلك القوة وزمام الأمور، أما الآن ف«الشعب أقوى، ميدان التحرير أقوى من العسكر».
يوضح زايد: الشعب هو من صنع ثورة 2011 وليس الجيش، فمن الطبيعى أن تكون السلطة والشرعية فى يد الشعب برغم احتكار المجلس العسكرى للسلطة «حتى الآن».
ويكمل زايد أن إعداد مجلس استشارى الآن يخلق نوعا من التوازن، لأن المجلس العسكرى سيستمد قراراته من الشعب «كما لو كان الشعب هو من يحكم».
يؤكد زايد أن المجلس الاستشارى «مفيد فى المرحلة المقبلة وسيتحكم أكثر فى سلطة العسكر».