آملين بلوغ مرحلة العصيان المدنى الشامل مع نهاية الشهر الجارى، بدأ المحتجون السوريون أمس المرحلة الأولى من إضرابهم العام بمنع أبنائهم من التوجه إلى المدارس، متمسكين بإنهاء 41 عاما من حكم أسرة الرئيس بشار الأسد، الذى يحشد نحو 300 دباية على مشارف مدينة حمص (وسط)، وسط مخاوف من تأهبه لمجزرة فى «عاصمة الثورة». فتحت شعار «حتى يتم سحب الجيش من المدن والإفراج عن المعتقلين»، قال نشطاء فى منشور دعائى للإضراب: «حين تصبح المدارس معتقلات، حين يسلم التلاميذ من قبل المدير للأمن، حين يقتل الأطفال فى كل أرجاء سوريا، وتطلب منا المدرسة أن نمجد قاتلهم.. حينها يصبح من يرسل ابنه للمدرسة متنازلا عن حياة ابنه وكرامته وطفولته فى سبيل قاتل سموه زوا قائدا».
ومضوا قائلين: «السنة الدراسية اللى بتروح بتتعوض.. بس مستقبل ابنك ما بيتعوض!.. اليوم أنت مدرسة ابنك وبنتك علميهم الحرية والكرامة بدلا من الذل الذى تجرعنا منه جميعا على مر السنين».
هذا الإضراب العام يستهدف شل نظام الأسد، الذى يتهمه النشطاء بقتل نحو 4950 مدنيا مدنيا، بينهم أطفال ونساء، منذ اندلاع الاحتجاجات منتصف مارس الماضى، نافين صحة رواية السلطات بأن قواتها لا تقمع المحتجين بل تطارد «عناصر عصابات إرهابية مسلحة».
وقال المتحدث باسم «تجمع أحرار دمشق وريفها للتغيير السلمى»، بشير الدمشقى، فى تصريحات ل«الشروق» عبر الهاتف «إن التجاوب واسع مع الإضراب فى محافظة ريف دمشق، بينما يمكن وصفه بالمقبول فى دمشق؛ حيث تسكين العاصمة العديد من الأقليات والطوائف غير المتجانسة».
هو الآخر، أفاد «تجمع أحرار حمص» بتجاوب كبير مع الإضراب فى منطقة كفرلاها تلدو والطيبة وتلذهب وعقرب البرج وطلف ودير الفراديس وتلبيسة والرستن، حيث لا وجود لأى مظهر من مظاهر الحياة سوى سيارات الشحن الحلبية على الطريق الدولى، الذى ستم قطعه فى مرحلة لاحقة من الإضراب.
وعلى موقع «يوتيوب»، أعلن ثمانية أشخاص ملثمين قالوا إنهم من طلاب جامعة اللاذقية إضرابهم عن الدراسة، وعرضوا فى فيديو كارنيهات تم إخفاء الصور والأسماء الموجودة بها كدليل على كونهم طلاب بالفعل.
فى المقابل، واصلت قوات النظام إطلاق الرصاص والاقتحامات والمداهمات والاعتقالات فى عدد من المحافظات أمس، أبرزها حمص ودمشق وريفها وإدلب، ما أسقط خمسة شهداء، وفقا ل«الهيئة العامة للثورة السورية». بينما هاجم مئات المنشقين عن جيش النظام قوات حوكمية معززة جنوبى البلاد، وفقا لوكالة رويترز.
وبحسب وكالة الأنباء السورية (سانا) تشهد كل المحافظات اليوم انتخابات بلدية يتنافس فيها 42889 مرشحا على 17588 مقعدا، ما علق عليه الدمشقى متعجبا: «أى انتخابات مع الاحتجاجات والإضربات والقمع العسكرى؟!.. هذا النظام يعيش فى عالم الآخر.. الأهالى غير مهتمين، وعلى العموم انتخاباتنا دائما مزورة، لقد رشح النظام شخصيات دون علمها، وبعضهم امتلك الشجاعة، وكشف عن الأمر، رافضا هذا الترشح».
وجاء بدء الإضراب غداة يوم قتلت فيها قوات الأسد 21 شخصا، بينهم الطبيب إبراهيم نائل عثمان، أحد أبرز الأطباء العاملين فى تأمين المواد والأجهزة الطبية للمشتفيات الميدانية، ومؤسسس تنسيقة أطباء دمشق.
فقد أطلقت القوات الرصاص عليه فى خربة على الحدود السورية التركية خلال محاولته الفرار من البلاد؛ هربا من الملاحقة الأمنية، وفقا ل«جان التنسيق المحلية»، التى لقبته ب«طبيب الثورة»، لكونه توقف عن العمل فى قسم الجراحة العظمية بجامعة دمشق، ليتفرغ لعلاج الجرحى من المحتجين.