خلاف ساخن بين وزير الصناعة والتجارة، محمود عيسى، وبين المدير التنفيذى لمركز تحديث الصناعة، هانى الغزالى، بدأ منذ ما يقرب من شهرين حين أصدر الوزير قرارا بإعادة هيكلة الأجور فى الجهات التابعة للوزارة، وانتهى بقرار وزارى بإقالة الغزالى من منصبه أمس الأول وتحويله إلى النيابة العامة لاتهامه بمخالفات مالية، وتعيين هشام وجدى قائما بأعمال المركز لحين انتهاء مدة الغزالى فى التاسع من ديسمبر المقبل. بينما يؤكد الغزالى عدم وجود قرار إحالة إلى النيابة «فقط إيقاف عن العمل بالمركز، وتحويلى إلى ديوان الوزارة، وهو ما أرفضه»، موضحا أنه لم يرتكب أى مخالفات مالية، ولكن «هناك كثيرا من المشاحنات بين الوزير وبينى دفعته إلى الإطاحة بى»، هكذا بدأ الغزالى كلامه، مشيرا إلى أن اعتراضه على قرار الوزير بتخفيض أجور مركز تحديث الصناعة ووضع حد أقصى للاجور فيه، دون غيره من الهيئات التابعة للوزارة، مثل صندوق دعم الصادرات، وهيئة التنمية الصناعية، كان بداية المشكلة.
بينما أكد الوزير فى تصريح خاص للشروق أن تخفيض الاجور تم تطبيقه على كل من مركز تحديث الصناعة، وصندوق دعم الصادرات، والمراكز التكنولوجية، وبرنامج المعونة الانمائية، التى تستحوذ مجتمعة على ما يقرب من 50% من ميزانية الاجور الخاصة بالوزارة، بينما لم يطبق على الهيئات، لأنها «تابعة للنظام الحكومى كما أن الموظفين هناك يتقاضون رواتبهم وفقا لهيكل الاجور الذى تضعه الدولة، على خلاف المراكز التابعة للوزارة، التى يحصل موظفوها على رواتبهم وفقا لعقد يتم تجديده سنويا وقيمته محددة من قبل الاتحاد الأوروبى والحكومة السابقة.
ويدلل الوزير على كلامه بالأرقام التى نجحت الوزارة فى توفيرها من الموازنة بعد تطبيق قرار إعادة هيكلة الاجور فى تلك الجهات، حيث تم تخفيض موازنة الأجور المخصصة للمركز من 35 مليون جنيه سنويا إلى 18.5 مليون، وهو ما نفاه الغزالى مؤكدا أن «ميزانية المركز فى العام المالى الماضى والحالى ثابتة عند 18.5 مليون جنيه».
52 ألف جنيه الحد الأدنى
يؤكد الوزير أن إقالة الغزالى كانت بقرار اللجنة التى شكلها لإعادة تقييم أداء مركز تحديث الصناعة، والتى أثبتت وجود مخالفات مالية كبيرة، حيث تبين أن هناك 492 شركة تجاوزت الحد الأقصى الممكن الحصول عليه كدعم من المركز، وهو 100 ألف جنيه لكل شركة، ليصل إجمالى ما حصلت عليه بعض الشركات إلى مليونى جنيه. ويضيف الوزير أن الغزالى قام بزيادة راتبه من 50 إلى 70 ألف جنيه، دون الرجوع إليه.
بينما يرد الغزالى «أنا لم أطلب زيادة راتبى، بل قرر مجلس إدارة المركز فور تعيينى، وبموافقة الوزير السابق، سمير الصياد، الذى كان بالتبعية رئيس المركز، إضافة الراتب الذى كنت أتقاضاه من الجامعة إلى راتبى فى المركز، ويصل مجموع الراتبين إلى 52 ألف جنيه، وهو الحد الادنى المحدد فى جداول الرواتب التى وضعتها لجنة الاتحاد الأوروبى لوظيفة المدير التنفيذى للمركز».
ويؤكد الغزالى، وفقا لمستندات صرف راتبه التى حصلت «الشروق» على نسخة منها، أن راتبه زاد من 46 ألف جنيه (كان يتقاضاها أثناء عمله كمستشار قانونى غير متفرغ للمركز، إلى 52 ألف جنيه فى عهد وزارة الصياد الذى طلب منه التفرغ للمركز والحصول على اجازة بدون راتب من الجامعة على ان يعوضه عن راتبه هناك، وبعد ذلك جاءت الزيادة التى أقرها وزير المالية لترفع مرتبه 15% إلى 62 ألف جنيه. ويرى الغزالى أن تلك الرواتب أقل بكثير من رواتب الجهات الاخرى العالمية العاملة فى مصر والممولة من الخارج، ومع ذلك «نحن لا نرفض إعادة هيكلة الأجور ولكن إذا تمت على مستوى الدولة بأكملها».
وأكد أنه فى حالة حصوله على مستحقاته، وهى تصل إلى ما يقرب من مليون جنيه، توازى أجر شهر عن كل سنة عمل بها فى المركز، وشهر ونصف عن كل عام بعد ذلك، (مجموع 13 شهرا عن مدة التسع سنوات خدمته للمركز)، سيرفع قضية ضد الوزير، كونه رئيس مجلس إدارة المركز، مطالبا بدفع مستحقاته، وقد أوجه إليه أيضا تهمة الفصل التعسفى، مما يضاعف هذا المبلغ. «هذا هو القانون».
أنا الذى كشفت المخالفات
أما فيما يتعلق بالمخالفات المالية التى اتهمه بها الوزير يؤكد الغزالى، من خلال خطاب معتمد من مجلس إدارة المركز فى 19 مارس، حصلت «الشروق» على نسخة منه، أنه كان المسئول أصلا عن الكشف عن تلك المخالفات فى ثانى يوم لتعيينه، مؤكدا انه طالب بإيقاف اعطاء دعم لهذه الشركات، قبل تعيين عيسى وزيرا.
ويعتبر الغزالى أن المشكلة بين عيسى وبينه بدأت حين أرسل لسمير الصياد، الوزير السابق، طلبا بإيقاف صرف المبالغ التى يحصل عليها المستشارون العاملون بالوزارة مع بداية العام المالى الجديد، فى شهر يوليو الماضى، وهم 76 مستشارا كان من بينهم الوزير الحالى، محمود عيسى، والذى كان يعمل رئيسا لهيئة الجودة، والذين يمثل أجرهم مجتمعا ما يزيد على ثلث رواتب المركز. وهذه المنح كان رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق قرر صرفها لمستشاريه لتعويضهم عن انخفاض رواتبهم.
وكان عيسى يحصل على مبلغ 30 ألف جنيه من المركز بالإضافة إلى 4 آلاف أخرى بدل سيارة، على حد تأكيد الوزير للشروق، مبررا ذلك بأن هيئة الجودة هى احدى أذرع مركز تحديث الصناعة، الممول من الاتحاد الأوروبى، ومن ثم كان من الطبيعى أن أحصل على مكافأة من المركز، تخضع للمعايير المتبعة فيه».