أضحى يوم الحادي عشر من شهر نوفمبر من كل عام، حدثا خاصا ومميزا يترقبه الصينيون، على غير شعوب العالم، ولاسيما الشباب منهم، وبالأخص الذين لم يدركهم قطار الزواج. لكن اليوم الموافق الجمعة غير أي يوم من قبل، فأرقام تاريخ اليوم نادرة التكرار على مدار الحياة، ولذلك كان له معني كبير ومغري لدى الشباب الصيني، خاصة عندما ينظرون لترتيبها وهي (11/11/2011)، فمن شكل التاريخ يظهر سحر الرغبة في إنهاء آفة العزوبية لدي الشاب والفتاة في الصين وما يرمز له تكرار رقم (1) فى تاريخ اليوم من قسوة ومرارة الشعور (بالوحدة).
والبحث عن شريك الحياة أخذ طرق مبتكرة هذا العام في الصين، حيث يمكن للشاب والفتاة حاليا البحث عن شريك الحياة من خلال استقلال، ما يعرف (بأتوبيس الغرام)، والذي يحمل الرقم (55)، وهو أتوبيس نقل عام يسير في شوارع مدينة هانغتشو جنوب الصين، لاستقبال جميع الشباب والفتيات المقبلين والباحثين عن حياة جديدة في (عيد العزاب) بالمدينة الصينية.
والفكرة أبتكرها ستة من سائقي الأتوبيس رقم "55" وهم أيضا من الشباب العازب الباحث عن شريك الحياة، وبدؤها من يوم أمس 10 نوفمبر، حيث قاموا بتزين الأتوبيس بالبالونات والأشرطة الملونة والدمى والبطاقات الصغيرة المكتوبة عليها كلمات الحب، وأطلقوا عليه "أتوبيس الغرام"، فيما يستقل الأتوبيس كل شاب وفتاة من الباحثين عن الشريك والحب، ليضع الجميع بطاقات مسجل عليها بياناتهم الشخصية وكيفية التواصل معهم.
وأتوبيس الغرام ليس فقط الوسيلة للوصول إلى شريك العمر، فهناك "متجر الحب"، حيث أصبح شريك الحياة الآن متاحا على رفوف المتجر المخصص لتوفير خدمات الزواج أو الحب في الصين، بعد أن توقعت الإحصاءات وصول عدد العزاب إلى أكثر من 24 مليونا على مدى 10 أعوام، وبالمتجر تتجاور على الرفوف صور وبيانات الراغبين في الزواج من الجنسين وكلمات رقيقة لكل منهم تظهر مشاعره الحقيقية ورؤيته فى الاستقرار وبناء أسرة.
وقد لاقت فكرة متجر الحب الذي يتواجد بقلب العاصمة بكين، إقبالا كبيرا حيث أمتلئ المتجر بالصور وبطاقات الحب والغرام والورود والدمى التي تعبر عن مشاعر الباحث عن الحب والزواج، حيث يسمح صاحب المتجر أن توضع هذه الصور والبطاقات بدون مقابل لفترة طويلة حتى يأتي الحبيب.
فيما يتوافد عليه المئات من الشباب والشابات، بمفردهم أحيانا، وفي الكثير من الأحيان بصحبة الأم لتتفقد مع أبنتها أو أبنها الرفوف، عسى أن تدق قلبها أو قلبه تجاه الشريك الغائب وزوج المستقبل، وهنا تصبح البضاعة المباعة لا ترد أو تستبدل، (فالبائع يشتري مستقبله والشاري يبيع حريته).
وفي مدينة (خانجو) الصينية، هناك وسائل أخري لاستقبال (يوم العزاب) حيث تنظم العديد من المطاعم والمقاهي والحانات وغيرها من الأماكن التي يتردد إليها العزاب حفلات خاصة بهذا العيد، بالإضافة إلى ذلك، يكثر في هذا اليوم نشاطات وحفلات من أجل التعارف في جميع أنحاء الصين.
ففي السنوات الأخيرة، أقدمت المحلات الكبرى في الصين على تزويج عددا متزايدا من الشباب والشابات غير المتزوجين، وتفتح النوادي الاجتماعية وصالات الرقص والغناء أبوابها للشباب مجانا للتلاقي والتعارف، ابتهاجا بهذه المناسبة التي أصبحت عرفا صينيا مبتكرا.
من ناحية أخري نتيجة لسحر أرقام تاريخ اليوم فقد شهدت الساعات الأولي من صباح يوم (11/11/11) " أو يوم العزاب " في الصين، إقبالا غير مسبوق على إبرام عقود الزواج.
حيث تتوقع إدارة الشؤون المدنية الصينية لمدينة نانجينغ عاصمة منطقة جيانغسو شرق الصين زيادة عدد المقبلين على الزواج خلال اليوم ليتجاوز 3 آلاف عقد زواج، ما يمثل حوالي 10 أضعاف العدد اليومي في مناسبات عادية أخري على مدار السنة.
ويقول أساتذة علم الاجتماع بالجامعات الصينية إن "ظاهرة العزوبية لدى الإناث والذكور من السمات البارزة في المجتمع الصيني، ووفقا للإحصائيات، بلغ في العاصمة بكين وحدها، عدد الشباب والشابات الذين تعدوا سن الزواج ولم يعثروا على الشريك المثالي 500 ألف شخص خلال العام الماضي، وذلك نتيجة التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها الصين، والتي ساهمت في تحرر المرأة من تبعية الرجل والرفع من مكانتها عبر تعليمها وخروجها لسوق الشغل وتعاملها بندية مع الرجل والزوج".
وأضافوا أن "هناك أسباب أخري للظاهرة منها انشغال الشباب في العمل أو صعوبة إيجاد نصفه الثاني الذي يحلم به، فلكي يستطيع العزاب الخروج من هذه المشكلة التي تعود عليهم بأضرار نفسية ومشاكل اجتماعية أخرى، قرروا اختيار "عيد العزاب" يوم 11 نوفمبر من كل عام ليقوم العديد منهم إضافة لجمعيات العزاب والعوانس بنشاطات متنوعة احتفالا بهذا اليوم لجمع شمل أكبر عدد منهم".
ويعتبر الشباب في الصين "عيد العزاب"، يوم خاص بهم ويوم للاسترخاء، وفرصة للعثور على الشريك المثالي، وأمل في توديع عصر الوحدة والعزوبية في وقت مبكر.
ففي التسعينات، بدأ الشباب الصيني يحتفل بعيد العزاب في داخل الحرم الجامعي، للترويح عن أنفسهم، وإعطاء فرصة للتعرف عن بعضهم البعض والبحث عن شريك مثالي، وقد انتشرت الفكرة المبتكرة بسرعة شديدة من خلال شبكة الانترنت، ليصبح بالتدريج نوعا من الثقافة الصينية ويوما يترقبه الصينيون جميعا شباب وأسر بأكملها.
وبمناسبة حلول "عيد العزاب"، أطلق الكثير من مواقع الانترنت المعروفة في الصين إعلانات ونشاطات متعددة لمستخدمي الانترنت لتعريفهم بطريق توديع الحياة العزوبية.
وقد شارك الكثير من الأصدقاء في تلك النشاطات والمنتديات، في حين ترى الكثير من الشركات والمحلات التجارية أن هذا اليوم فرصة لتنويع وتعزيز تجارتهم لبيع كل ما يتعلق بفكرة المشاعر سواء كانت هدايا رمزية أو ورود أو بطاقات تحمل كلمات الحب والمشاعر".