أكد اللواء الدكتور أحمد جاد، مساعد وزير الداخلية ومدير كلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة، أن وزارة الداخلية في سبيلها لتغيير فكرها وطريقة تعاملها مع المواطنين، ولكن لا يمكن لأي مجتمع أن يتغير بين ليلة وضحاها والفساد وفي العهد السابق لم يكن مقتصرا علي الداخلية فقط، ولكن في كل الوزارات وانتهاك الحقوق كان ثقافة مجتمعية بين المواطنين وبعضهم البعض، وبين موظفي الجهات الحكومية المختلفة وتعاملهم مع الجمهور. وقال جاد، في سياق الندوة التي نظمتها، مساء أمس الاثنين، المجموعة المتحدة للمحاماة، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، لمناقشة ورق بحثيه ناقدة لمدونة (قواعد سلوك وأخلاقيات العمل الشرطي)، إن "الوزارة راغبة في إصلاح علاقتها بالمواطنين وتعمل علي ذلك بالفعل ولكن هناك تحديات وصعوبات تواجهنا ومن أهمها الموارد وبدأ ذلك من تدريب قوات الأمن فقديما كانت القوات تتدرب علي الالتحام وفض المظاهرات والآن ندربهم علي تأمين المظاهرة وإحتوائها وعدم الاشتباك مع المتظاهرين".
من جانبه، أوضح المقدم الدكتور أحمد دسوقي، مدير إدارة الاتصال بمنظمات المجتمع المدني بوزارة الداخلية، "أنه لولا التغيير الذي حدث في السياسة التي تتبعها الداخلية، لما شاركنا اليوم في هذه الفاعلية، حيث لم يكن هذا التعاون بين الوزارة والمنظمات الحقوقية قائما قبل الثورة، ونحن حريصين الآن علي توطيد تلك العلاقة، وأؤكد أننا بعد الثورة مختلفين تماما في الفكر والعقيدة عما كنا عليه قبلها".
وأضاف "المدونة التي وضعناها طواعية لضبط سلوك أفراد جهاز الشرطة نقوم بتدريسها الآن في كافة المعاهد الشرطية، وإجراء اختبارات لابد أن تجتاز في مضمون المدونة، وحريصين علي أن يقتنيها كل العاملين في الجهاز وهناك رغبة حقيقية لدي الوزارة في وجود تطبيق عملي لنصوص المدونة".
وأشار عميد دكتور شادن نصير مدرس الإدارة بكلية الشرطة، إلي أن "رجال الشرطة بعد الثورة لابد أن يميزوا بين درجات عديدة للون الرمادي، وليس التفرقة بين الأبيض والأسود فقط، والصواب والخطأ، كما أن رجل الشرطة يجد الخارجين عن القانون يتصرفون بحرية كاملة وفي الوقت نفسه هو لا يستطيع أخذ الحرية الكاملة في التعامل معه ويجب أن يعلم أن ضبط النفس والسلوك هو الفارق بينه وبين المجرم وهذا هو الهدف من المدونة".
وشدد علي أنه هناك 3 أسئلة أساسية في مجال استخدام رجل الشرطة لأي سلطة أو صلاحية وهي "هل استخدام القوة في حالة ما لها صلاحية في القانون؟، وهذا يسمي المشروعية، وهل تعتبر ممارسة رجل الشرطة لصلاحيته لها ضرورة مطلقة في هذا الوضع؟، وهو ما يمثل مبدأ الضبط، وهل تتناسب السلطة المستخدمة مع خطورة الجرم؟، وهذا ما يسمى التناسب، تلك المبادئ الثلاث التي تحكم عمل رجل الشرطة، الذي يجب أن يضعهم دائما في اعتباره".
أما الباحثة إيمان رجب، مقدمة الورقة البحثية، فقالت "إعادة هيكلة جهاز الشرطة من أهم التحديات التي تواجه مصر في المرحلة الانتقالية، وتعد عملية صعبة نظرا لحجم الانتهاكات التي قام بها الجهاز في عهد النظام السابق، وحجم الإفراط في استخدام القوة من قبل رجال الشرطة، كما أن الشرطة اعتمدت سابقا في القيام بمهامها علي مبدأ خوف المواطنين منها، لا على أنها جهاز خدمي للمواطن، لابد أن يحافظوا علي علاقة طيبة معه".
واستنكرت الباحثة عدم احتواء المدونة علي أي نص يلزم عنصر الشرطة شخصيا بما جاء فيها، مضيفة "اكتفت المدونة في آخر بنودها باحترام أفراد الشرطة للمدونة، ولم تدرج نص صريح يلزمهم بذلك، كما أن الأصل في هيبة جهاز الشرطة في أي دولة تكون ناتجة عن سلوك عناصر الشرطة أنفسهم، وبالتالي فالهيبة تجني ولا تمنح، ويجب علي الوزارة إعادة النظر في بنود مدونة السلوك، وإعادة صياغة أجزاء مهمة منها بما يضمن عبارات تلزم فرد الشرطة بتنفيذها، ويجب عدم الاكتفاء بتلك المدونة فقط ولكن يجب كتابة عبارات منها، ووضعها في جميع الجهات التابعة للوزارة للتذكير الدائم بها".
وكانت وزارة الداخلية قد تبت مبادرة لإطلاق "مدونة قواعد سلوك وأخلاقيات العمل الشرطي" كمحاولة لإعادة الثقة بين المواطنين وجهاز الشرطة، عن طريق تقويم سلوك العناصر الشرطية وإلزامهم بالتعامل السوي مع المواطنين وتذكيرهم أنهم دائما في خدمة الشعب وهو الأمر الذي لاقي ترحيبا حقوقيا واسع النطاق.
وتضمنت تلك المدونة عدة نقاط وهي "رسالة جهاز الشرطة وأهدافه و6 بنود رئيسية وهي احترام الدستور والقوانين ومعايير حقوق الإنسان، الشرطة في خدمة الشعب، هيبة الشرطة، واجبات رجل الشرطة، حقوق رجال الشرطة، واحترام بنود المدونة"، كما حظرت المدونة علي أعضاء هيئة الشرطة "الانتماء لأي حزب، قبول الواسطة، استغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية أو القيام بأي عمل من شأنه التأثير علي المناخ الديمقراطي".