جابر بسيونى مصطفى نصر واحد من فرسان السرد الروائى والقصصى فى مصر، وهو من مواليد الإسكندرية فى 30 أغسطس 1947 لأصول صعيدية، وفدت أسرته من جهينة محافظة سوهاججنوب الصعيد، عمل أبوه فى التجارة، واستقر فى منطقة فريال بكر موز، التى ولد بها مصطفي، الذى حصل على دبلوم التجارة عام 1965، ثم عمل بإدارة الحسابات بشركة الورق الأهلية، حتى وظيفة مدير إدارة بالشركة، التى كان من بين قياداتها المهندس الروائى المعروف سعيد سالم وفى قصر ثقافة الحرية بزغ نجم المبدع القاص مصطفى نصر وسط أقرانه كتاب الرواية والقصة ومنهم: محمد السيد عيد، رجب سعد السيد، أحمد حميدة، سعيد بكر، محمد عبد الوارث، عبد الله هاشم. والتحق بهم محمد الجمل، ومحمد خيرى حلمي، وفاطمة زقزوق وكلهم شكلوا ملامح نادى القصة فى مطلع السبعينيات من القرن الماضي، ومن ورائهم القيادات الإدارية الثقافية: محمد غنيم ووسام مرزوق وعواطف عبود. وكان لمصطفى نصر تميز فى الإبداع الروائى ونال تقدير واحترام كل من قرأ له، واعتزت به الإسكندرية فى كل محافلها، حتى صار رمزاً يحتذى خلقا وإبداعاً، وله العديد من الإصدارات التى تتنوع بين القصة القصيرة والرواية وأدب الطفل والسيناريو والمقال الأدبي، وكذا الكتابة للإذاعة بخلاف النشر الإلكترونى وقد نشرت أعماله فى كل الصحف والمجلات داخل مصر وخارجها وقد ترجمت بعض رواياته إلى اللغات الأجنبية ومنها: الإنجليزية والفرنسية والروسية والصينية، وقررت بعض أعماله على طلبة قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وطلبة معهد السينما قسم السيناريو، وأشاد بإبداعه عدد كبير من نقاد الأدب ومنهم: د. صلاح فضل، د. السعيد الورقي، د. محمد زكريا عناني، د. محمد زكى العشماوى، شوقى بدر يوسف ، محمد السيد عيد وغيرهم، وقد حصل على العديد من الجوائز المتميزة من بينها: جائزة نادى القصة المصرى فى 2003م لأفضل مجموعة قصصية عن مجموعته «وجوه»، وجائزة المجلس الإعلى للثقافة عن مقاله «جوستين» والشخصية اليهودية وجائزة « التميز» من النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر عام 2021، ورشح غيرة مرة لنيل جائزة الدولة التقديرية فى الآداب ولم ينلها وهو المستحق لها. وتمتع مصطفى نصر بحب كل من عرفه أو قرأه، وقد أهله هذا لأن ينتخب عضواً بأول أمانة لمؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم فى عام 1984، وظل بها حتى 1990، ثم حصل على منحة التفرغ فى الأدب من وزارة الثقافة لمدة أربع سنوات من 2002 2005. وله إنتاج أدبى وافر فقد صدرت له سبع مجموعات قصصية: الاختيار، حفل زفاف فى وهج الشمس، وجوه، الطيور، حجرة وحيدة، حكايات زواج العباقرة، والمشاهير، وسيدة القطار. وأيضا صدر له سبع عشرة رواية: الصعود فوق جدار أملس، الشركاء، جبل ناعسة ، الجهيني، الهاميل، النجعاوية، شارع 8 ، إسكندرية 67، سوق عقداية، ليالى الإسكندرية/ ظمأ الليالي، ليالى غربال، سينما الدورادو، المساليب، يهود الإسكندرية، دفء المرايا، الستات. كما له إنتاج وفير فى كتابة للطفل والناشئة والأعمال الإذاعية. وقد أثارت روايته «يهود الإسكندرية» قضية أدبية وفكرية وقف وراءها النقاد بالرصد والتقدير، لما تضمنته من موضوع متعدد الأفكار، متطور التاريخ فى مراحله، متضمناً أكثر من 80 شخصية، جسدت وجود اليهود فى مصر والإسكندرية منذ عهد الوالى سعيد وحتى نهاية حكم أنور السادات. وهذا ما أثارته روايته «الجهيني» التى تنبأ بعدها النقاد ببزوغ نجم جديد فى عالم الرواية المصرية يكمل الرحلة بعد نجيب محفوظ أديب نوبل العالمى وكان لطريقة مصطفى نصر فى السرد سمة ألحكى مما دعا البعض لإطلاق «لقب حكاء الرواية» عليه بل وصنفه البعض ضمن حكائى الرواية المعاصرة مع خيرى شلبى وسعيد الكفراوي. وقد أكد لى فى حديث معه أن الصدفة لعبت دوراً مهماً فى رحلته الإبداعية خاصة قبل إصداره رواية «يهود الإسكندرية»، فقد انتهى من كتابتها فى عام 2005، وتم طباعتها فى عام 2015، وحكاية طباعتها تعود إلى اتصال تليفونى من الدكتور /سمير المندى بعد أن عين مديراً عاماً للنشر فى المجلس الأعلى للثقافة، وسأله هل قدمت رواية عن اليهود فى سلسلة التفرغ، وكان لم يقدم سوى الجزء الأول منها، فأجابه بنعم، فطلب منه أن يرسلها إليه كاملة، وأكد له أن هذه الرواية سوف تحدث ضجة، وتحمس لها جدا لدرجة أن الكاتب الصحفى سيد محمود رئيس تحرير جريدة القاهرة وقتها اتصل به، وقال لماذا لا ترسل لى فصلاً من روايتك هذه، فسأله مصطفى نصر، من أين عرفت، فأجابه: د. سمير المندي، فهو يتحدث عنها بانبهار فى كل مكان، وبالفعل تم نشر فصلاً كاملاً منها فى جريدة القاهرة، قبل أن تقوم إحدى دور النشر الشهيرة بطباعتها فى طبعات تجاوزت أثنى عشرة طبعة، وقد قام الفنان محمود حميدة بالتعاقد مع مصطفى نصر لتحويلها إلى عمل سينمائي. ولم تزل حتى الآن هذه الرواية محل البحث وموضع الدراسات الجامعية. وبعد عطاء أدبى وثقافى متفرد، وبعد معاناة مع المرض فى الأشهر الماضية، رحل الروائى مصطفى نصر فى التاسع من نوفمبر 2025 ودفن بمقابر العمود بحى كرموز بالإسكندرية، ورحل بعد أن أثرى المكتبة الأدبية العربية بتجربة روايته وقصصية أضافت إلى ما قدمه الرواد.