«متطوعون لإنشاء قناة شعبية بجهود وتمويل ذاتى»، دعوة أطلقت مؤخرا على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، استجابة للفكرة التى طرحها الكاتب الصحفى الشهير بلال فضل على حسابه الشخصى على «تويتر»، لعمل اكتتاب شعبى لانشاء قناة فضائية اكثر تحررا فى التعبير، بعد أن أعلن الإعلامى بقناة اون تى فى، يسرى فودة، تعليق إذاعة برنامجه اليومى «آخر كلام» اعتراضا على الضغوط التى يتعرض لها الاعلاميون فى الوقت الحالى، معتبرا «جانبا كبيرا من عقلية ما قبل الثورة لا يزال مفروضا علينا بصورته التى كانت، إن لم يكن بصورة أسوأ». واستطاعت دعوة الفيس بوك لانشاء قناة بنظام المشاركة الشعبية التعاونية أن تجتذب نحو 6800 متطوع، بالرغم من حداثة اطلاق الصفحة، وقال فضل الذى يتبنى المبادرة، على حسابه بتويتر، انه استطاع أن يقنع ثلاثة اعلاميين كبار بتقديم حلقة أسبوعية فى تلك القناة بدون مقابل لمدة سنة.
كما لاقت تلك الدعوة اهتماما كبيرا من انصار المرشح الرئاسى المحتمل، محمد البرادعى، لاعتبارهم أن الاعلام، خصوصا الرسمى، استهدف تشويه صورته إبان حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك.
«فكرة ممتازة كما يقول ياسر عبدالعزيز، الخبير الاعلامى معلقا على الفكرة المتداولة على الفيس بوك «مصر فى حاجة ماسة الى انماط ملكية لوسائل علام اقرب الى التعاونيات، تقوم على عدد كبير جدا من المساهمين الذى يمتلكون أرصدة صغيرة وينتخبون جمعية عمومية ومجلس مديرين يعبر عنهم»، مشيرا إلى أن هذا النمط من الملكية «يحافظ على اداء الوسيلة الاعلامية بمعزل عن التأثر باستراتيجية مالك محدد أو عدد قليل من الملاك، كما أن زيادة عدد المالكين مع ازدياد دور الجمعية العمومية يزيد من مناعة وسائل الاعلام تجاه الضغوط السلطوية».
وتوجد العديد من التطبيقات الدولية الناجحة فى مجال الملكية التعاونية لوسائل الاعلام، ويعتبر عبدالعزيز أن وكالة الاسيوشيتد برس من افضل النماذج فى هذا المجال «هى من بين اكثر وسائل الاعلام محافظة على القيم المهنية والجدوى الاستثمارية وتعكس مصالح مالكين متنوعين»، وترجع ملكية الوكالة إلى مساهمات من عدد كبير من الصحف وقنوات الراديو والتليفزيون التى تبث أخبار الوكالة، وتنشر مادتها الاعلامية أيضا من خلالها.
كما تقدم صحيفة الجارديان العريقة نموذجا بديلا اخر لنمطى ملكية رجال الاعمال أو الحكومة لوسائل الاعلام، حيث انشأت هى والأوبزرفر على يد مؤسسة خيرية غير هادفة للربح، تدعى سكوت تراست.
وتأتى الفكرة المصرية بانشاء الاعلام التعاونى فى سياق اتجاه دولى فى هذا الصدد، حيث عقد اتحاد التعاونيات البريطانى مؤتمرا كبيرا فى مايو الماضى حول امكانية التوسع فى الملكية التعاونية لوسائل الاعلام، كما تطلق منظمة الاممالمتحدة دعوى لجعل عام 2012 «العام الدولى للتعاونيات»، دعما للدور البارز للملكية التعاونية فى دعم التنمية.
«أى شخص مهتم بمستقبل الديمقراطية يجب أن يسعى إلى الدفاع عن تعددية وسائل الاعلام ومنع سيطرة شخص أو شركة عليها، فالإعلام لا يقدم فقط المعلومات فهم يقولبون الآراء ويشكلون الرأى العام» تبعا لجرانفيل ويليام مدير حملة حرية الصحافة والنشر.