جمال مبارك وأحمد عز.. من كان ضحية من.. أم هل الاثنان مجرمان بسبب الطمع والطموح. بعد الحكم الذى أصدره المستشار مصطفى حسن عبدالله ظهر الخميس الماضى بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات على أحمد عز فى قضية رخص الحديد الاسفنجى بالسويس، حاول أحمد أن يبدو متماسكا، ليؤكد أنه لايزال قويا. عندما دخل عز سجن طرة بعد نجاح ثورة يناير قيل إنه أخبر بعض الأقارب أنه سيخرج بعد فترة لن تزيد على ثلاثة شهور، الآن وبعد أن تحولت الشهور الثلاثة إلى سنوات عشر، ماذا ترى أنه فاعل؟!.
لا أعرف كيف يفكر الرجل الآن.. لكنى تصورت أنه وبعد هذا الحكم وعودته لسجن مزرعة طرة تمهيدا لنقله إلى قسم المحكومين ليرتدى الزى الأزرق قد التقى جمال مبارك حتى ولو بالصدفة.
المؤكد أن عز وجمال التقيا كثيرا فى السجن، وأنهما تحدثا فى كل شىء، لكن لا أعرف، عندما يخلو كل منهما إلى نفسه فى ليالى الزنازين الموحشة كيف يفكر كل شخص فى الطرف الثانى. من الطبيعى أن عز استفاد كثيرا من صداقة جمال، التى منحته ليس فقط احتكار صناعة الحديد ولكن احتكار صناعة القرار، وفى المقابل فربما استفاد جمال مبارك من عز ليكون ربما واجهته الاقتصادية أو لينفق على بعض الأنشطة الحزبية أو عمليات التلميع التى خدم مسلسل التوريث.
عندما يجلس عز وحيدا فربما يقول لنفسه إن صداقته لجمال هى التى أوصلته إلى سجن المحكومين، وأنه لو عاد الزمن به إلى الوراء لاختار أن يظل لاعبا على «الدرامز»، بدلا من ثروة تقدر بالمليارات أوصلته إلى أسوأ نهاية.
فى المقابل فإن جمال مبارك وعندما يجلس مع ذاته فربما فكر أيضا أنه لولا طموح عز فربما ما فكر هو نفسه فى حكاية التوريث، خصوصا أن عز كان يتباهى علنا بأن جمال هو «مفجر ثورة التحديث»، ثم اكتشفنا أن جمال المفجر الحقيقى لثورة يناير، فلولا «طموحه المنحرف» ما قامت الثورة أصلا.
ما الذى يفكر فيه عز الآن؟ هل يحلم بأن كل ما يحدث هو مجرد كابوس طويل سوف يستيقظ منه قريبا ويعود كل شىء إلى سيرته الأولى قبل يوم 25 يناير؟!. أم هل اتعظ مما حدث وقرر أن يتوب إلى ربه ويستغفره؟.
لو أن نفوس عز وجمال ورشيد وغالى وأمثالهم سوية فالطبيعى أنهم سوف يصلون إلى نتيجة حتمية هى أن الطمع والجشع والتكويش هو السبب فى النهاية المأساوية التى وصلوا إليها. لكن يخشى المرء أن بعضا من هؤلاء لايزال يعتقد أنهم ضحايا مؤامرات نفذتها حماس وحزب الله وإيران وربما إسرائيل وأمريكا عبر وكيل محلى هو الإخوان حينا وحركة 6 أبريل أحيانا.
أحمد عز الآن مجرد من سطوته وثروته، وهو داخل السجن، والشهامة تقتضى ألا نشمت فيه، لأن ذلك ليس من شيم الكرام. هى فقط سطور كى يتعظ الآخرون ويؤمنون أنه لا كبير إلا الله. لو كنت مكان عز لا قدر الله لأصدرت بيانا من سطور قليلة أعلن فيه إعادة كل أسهم شركة حديد الدخيلة إلى الدولة مرة أخرى، ورد كل الاموال التى حصلت عليها من دون وجه حق، ثم أطلب من المصريين أن يقبلوا اعتذارى عن كل الجرائم التى ارتكبتها.. لو حدث ذلك فربما قد يسامحه الشعب ذات يوم.