«مهما قدرت على أن تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية، ومهما قدرت على أن تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب». من حديث أبوبكر الرازى لتلاميذه
يظل ارتفاع ضغط الدم أحد عوامل الخطر على صحة الإنسان وحياته. يغيب السبب الحقيقى لهذا الارتفاع فأكثر من نسبة تسعين بالمائة من حالات ارتفاع ضغط الدم تعالج كعرض مبهم تعرف أبعاده ولا يعرف سببه الأصلى.
علاج ارتفاع ضغط الدم بالأدوية غالبا ما يدوم مدى الحياة فهل يمكن أن يحل الغذاء محل الدواء؟ معادلة صعبة قد تضمن سلامتها الحمية الغذائية المعروفة باسم داش.
النظام الغذائى المعروف باسم «داش» هو حمية غذائية يتبناها المعهد القوى الأمريكى لأمراض القلب والرئة والدم National Heart Lung Blood Institute تم إقرارها بعد تجربة علمية غذائية قام بالإعداد لها وتنفيذها فريق من باحثين من مختلف التخصصات بغرض معرفة إذا ما كان ما يتناوله الإنسان من غذاء له أثر على ضغط الدم فى الشرايين يمكن الاعتماد عليه فى خفضه إذا ما ارتفع، انتهت الدراسة إلى نتيجة تؤيد ذلك تمت صياغتها فى صورة نظام غذائى بالفعل يؤدى لنتائج مدهشة قد تغنى عن استخدام الأدوية فى الحالات المتوسطة من ارتفاع ضغط الدم والتى لا تهدد بمضاعفات خطيرة.
أثبت هذا النظام الغذائى نجاحا يعتد به فى تخفيض معدلات ضغط الدم المرتفعة من الدرجة المتوسطة الأمر الذى يجعل الأطباء يلجأون إليه قبل الأدوية إذ إنه من المعروف أن علاج ارتفاع ضغط الدم بالأدوية يستمر طوال العمر. توافر بديل غذائى للأدوية بلا شك بديل حكيم خاصة إذا ما تقبله الإنسان كنمط غذائى يتحول إليه ولا يحتاج جهدا فى تنفيذه إنما فقط عليه أن يفهمه.
يعتمد النظام الغذائى داش والذى يترجم من اللغة الإنجليزية إلى ما معناه الحمية الغذائية التى تعالج ضغط الدم. DASH Dietary Approaches to stop hypertensien. على طعام تقل فيه اللحوم الحيوانية والدهون عامة خاصة المشبعة منها والكوليسترول وتحضر بقوة فى الفواكه والخضراوات الطازجة والبقول وكل منتجات الألبان قليلة الدسم يضم أيضا الحبوب الكاملة والأسماك والدواجن والمكسرات ويتوارى فيه كل أنواع الحلوى والجاتوهات والمربى والعصائر والمشروبات المحلاة بالسكر. طعام غنى بالمعادن مثل البوتاسيوم والماغنسيوم والكالسيوم ولا ينقصه الفيتامينات من مصادرها الطبيعية.
● حمية داش الغذائية: كيف تبدأ؟
نجاح حمية داش اعتمد على أن مكوناتها فى تناول الجميع وأنها لا تحتاج إلى إعداد خاص إنما هى من الطعام العادى الذى يتم طهيه فى البيت كل يوم دون جهد يذكر. الجهد المطلوب فقط فى انتقاء ألوان الطعام التى تحقق الهدف من تناولها إلى جانب التأكد من عدم تخطى القدر المسموح به من السعرات الحرارية إلى جانب قدر الملح الذى يجب ألا يزيد على1500 مجم فى اليوم فى كل ما يتناوله الإنسان.
التحول إلى النظام الغذائى داش يجب أن يتم بصورة تدريجية، إذ إن تناول الخضراوات والفاكهة والبقول وما فيها من قدر كبير من الألياف قد يسفر عن نوبات من الإمساك أو احتجاز الغازات فى القولون.
الحرص على كمية الطعام الواجب تناولها أمر له دور مهم فى تحقيق الهدف كذلك اختيار نوعية الطعام للاستفادة من مكوناته قد تفيد بعض المعلومات التالية فى اختياراتك.
● السمك: هناك شواهد كثيرة تشير إلى دور زيت السمك فى معاونة الشرايين على الاسترخاء الأمر الذى يؤدى لانخفاض مستوى ضغط الدم فيها، وأفضل أنواع زيوت السمك ما يعطيه السلمون، السردين، الماكريل، والرنجة. أثر الأوميجا 3 الصحى أصبح واقعا لا يحتاج مناقشة.
● المكسرات: تناولها لأربع مرات فى الأسبوع على الأقل حيث إنها غنية بالحمض الأمينى الأرجانين الداعم لصحة الشرايين إلى جانب غناها بعناصر الماغنسيوم والبوتاسيوم.. ربع كوب (26 جم) هو القدر المناسب الذى يحتاج الإنسان إليه لأربع مرات فى الأسبوع كافية.
● فيتامين ج: أحد الفيتامينات المهمة والداعمة لوظيفة الشرايين فى الانقباض والارتخاء إلى جانب عمله كمضاد للأكسدة يوحى بأن له أثرا كبيرا لدى مرضى السكر ومرضى ارتفاع ضغط الدم.
الجرعة اليومية اللازمة من 75 90 مليجراما يوميا تزيد لدى المدخنين وقد يجب تناول 500 مجم يوميا لدى أصحاب الضغط المرتفع.
فيتامين ج يوجد بكثرة فى الفواكه الحمضية: البرتقال واليوسفى والكيوى والكنتالوب وأيضا فى البروكلى والقرنبيط والفلفل الملون.
المعادن: الكالسيوم، البوتاسيوم، الماغنسيوم، الصوديوم كلها لها أهمية للقلب والشرايين، الأمر الذى ينعكس على قراءات مقياس ضغط الدم.
● الكافيين: رغم أن تأثير الكافيين يتسبب فى ارتفاع ضغط الدم إلا أنه ارتفاع مؤقت ينسحب فى أقل من ساعة إلا أنه يؤثر خاصة فى حالات ارتفاع ضغط الدم العنيد الذى يصعب علاجه ويحتاج لأكثر من دواء للتحكم فيه.
الكافيين أكثر تأثيرا أيضا مع التقدم فى السن إذ تزداد حساسية الشرايين له فى مرحلة الشيخوخة لذا إذا اتبعت حمية داش يمكنك إعادة النظر فى القدر الذى تتناوله يوميا من الكافيين إذا تجاوزت الستين من العمر أو كنت تعانى من ضغوط عصبية ونفسية.
● الثوم: يعد الثوم أحد العناصر التى يمكن الربط بينها وبين الأغذية التى تسبب انخفاضا فى قراءة مقياس ضغط الدم نظرا لأثر الزيوت الطيارة فيه على جدران الأوعية الدموية والذى يسبب ارتخاءها وبالتالى اتساعها فينخفض الضغط فيها.
فى حمية داش يمكن تناول مستحضرات الثوم وإن كان يفضل تناولها فى صورتها الطبيعية وإن كانت الرائحة المتبقية مشكلة حقيقية للبعض.
● ومضادات الأكسدة القوية والذى يستخدم الآن بقوة كخط ثان لعلاج ارتفاع ضغط الدم يزيد من فاعلية الأدوية، الأمر الذى معه يجب تخفيض جرعات الأدوية.
الجرعة اللازمة منه 60 مجم يوميا لمرتين وهو أحد المستحضرات الآمنة تماما حتى فى ظل جرعات أكبر. الجرعات الكبيرة من Q10 تسبب أثرا مماثلا للاسبرين وفيتامين ه لذا يجب مراعاة ذلك وإيقافه عند ضرورة إجراء عملية جراحية أو زيارة لطبيب أسنان.
● أوميجا 3: تشير دراسات حديثة عديدة إلى أثر الزيوت الدهنية الجيدة على وظائف القلب والشرايين الإيجابى ومنها الأثر الملطف لارتفاع ضغط الدم فى الشرايين إذا قررت اتباع حمية داش فابدأ أيضا فى تناول كبسولات الأوميجا 3 خاصة ما يحتوى منها على حامضين دهنيين DHA وEPA ويجب الانتباه إلى أن هذا يختلف عن كبسولات زيت كبد الحوت الذى يحتوى على قدر كبير من فيتامين (أ) الذى قد يتسبب فى بعض أعراض التسمم به.
كيف تبدأ نظام «داش» الغذائى لعلاج ارتفاع ضغط الدم
ابدأ بمقارنة ما تعودت أن تأكل بما يجب أن تأكل قد تفيدك تلك الملاحظات:
● يجب أن يتم التحول تدريجيا.
● احتفظ دائما فى متناول يديك بعناصر طازجة من الفاكهة والخضراوات لتحل محل العصير والسكريات.
● استبدال كل المشروبات الغازية باللبن منخفض الدسم «تدريجيا».
● اقرأ دائما البطاقات الدالة على القيم الغذائية لما تشترى واختر منها ما يهمك.
● اجعل من اللحوم طبقا ثانويا دائما .
● اهتم دائما بالخضراوات المطهوة وأيضا البقوليات والمكرونة المصنوعة من القمح الكامل.
● تناول الفاكهة دائما فى مكان الحلوى المصنوعة من الدقيق الأبيض والسكر والدهون.
● اختر الخضراوات والفاكهة المحفوظة فى علب إن أردت لكن بلا ملح أو مواد حافظة.
● إذا كانت منتجات الألبان تسبب لك عسر الهضم استعمل منها انزيم الاكتاز.
● المكسرات بدون ملح غذاء صحى ممتاز كوجبة خفيفة كذلك الزبادى.
● ثلاث وجبات يوميا وبينها وجبتان خفيفتان «تفاحة، خيارة، زبادى» لتفادى الملح فى حدود 1600 سعر حرارى هو الهدف.
اتباع نظام داش الغذائى ليس حلا سحريا لعلاج ارتفاع ضغط الدم وإن كانت نتائجه تدل على أهمية خاصة فى الحالات متوسطة الحدة والتى يعالجها أيضا الأطباء بالأدوية لكنه نمط صحى للحياة تضمن أن يظل الإنسان بعيدا عن مرمى خطر تداعيات ارتفاع ضغط الدم.
التوقف عن التدخين والاستمتاع بحياة نشطة والحفاظ على وزن مناسب ومحاولة التخلص من الضغوط النفسية والعصبية كلها وليس بتجاهلها أيضا عوامل مهمة لحياة صحية نفسيا وجسديا.
