الامتناع تماما عن تناول اللحوم ومنتجات الألبان والبيض وكل أنواع الزيوت يمكن أن يعيد لشرايينك حيويتها ويغلسها من داخلها لتستقبل تيار الدم السارى فيها بلا عقبات تذكر! انتهاج حمية غذائية نباتية تغيب عنها تماما الدهون وتنحسر الزيوت لا يحقق فقط الوقاية من أمراض الشرايين إنما يحقق تراجعها الأمر الذى يمكن رؤيته فى نتائج التحاليل وإثباته من خلال تقنيات التشخيص الحديثة حتى لو كان للمريض تاريخ عائلى للمرض! الحديث للجراح الأمريكى الذى تحول لممارسة تخصص التغذية الطبية، د. إسلستين والذى لجأ إليه بل كلينتون رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية السابق بعد أن أجرى عملية لاستبدال شرايين قلبه عام 2010. فهل يمكن حقا أن يكون للدهون كل هذا الأثر على الشرايين؟ لم يكن د. إسلستين Dr. Cadwell Esselstyn الجراح الأمريكى والذى أنهى دراسته للطب بجامعة ييل الأمريكية بتفوق واكبه أيضا تفوق فى الرياضة، حيث فاز فى العام نفسه 1956 بميدالية ذهبية فى الألعاب الأوليمبية أحرزها فى التجديف يتخيل أنه سيهجر المشرط ليتخصص فى التغذية الطبية. يلقى د. اسلستين محاضرة أسبوعية من خمس ساعات بمستشفى كليفلاند كلنك المعروفة يجب أن تحجز مكانا لك فيه مسبقا حتى يمكنك أن تتابع شرحا وافيا لنظريته الغذائية التى يتبعها الكثير من الشخصيات المعروفة من الفنانين وأصحاب الأسماء اللامعة فى المجتمع الأمريكى والذى قد يكون أشهرهم الرئيس الأسبق للولايات المتحدةالأمريكية بل كلينتون. بدأت فكرة د. اسلستين بملاحظة ذكية لن تتعلق بغياب أمراض الشرايين المعروفة فى الولاياتالمتحدةالأمريكية بأنها السبب الأول للوفيات فيها رغم برامج الرعاية الطبية المتفوقة التى تتبعها. لماذا تغيب أمراض الشرايين وتتراجع الإصابة بها فى ثقافات ومجتمعات مختلفة الجغرافيا من أماكن نائية فى الصعيد ووسط أفريقيا وبعض القبائل الهندية الأصل فى المكسيك؟ رحل د. اسلستين إلى تلك المناطق النائية ليتعرف على أحوال الناس فيها وظروف معيشتهم فعاد بنظريته التى يؤكد أنها لا تعالج ما يصيب الشرايين من تغيرات تؤدى لانسدادها فقط إنما تحميها أيضا من أى إصابة يمكن أن تحدث فى المستقبل! يعتمد د. اسلستين فى النظام الغذائى النباتى الذى يؤكد أن فيه الحماية الكاملة من أمراض شرايين القلب التاجية وشرايين المخ على استبعاد اللحم بكل أنواعه والبيض ومنتجات الألبان بلا أى استثناء وكل أنواع الزيوت. النظام الغذائى الذى يتبناه د. اسلستين هو نظام غذائى نباتى يعتمد بالكامل على مجموعة مختارة من الأعشاب والنباتات والخضراوات والفاكهة الطازجة يغيب عنه البروتين والدهون وتعلو فيه قيمة الألياف والمعادن والفيتامينات وما فيها من مواد نشوية وسكرية. المدهش فى الأمر أن د. اسلستين يستعرض نتائج واقعية يؤيدها بأبحاث طبية مثل إجراء رسم للقلب وصور للأشعة وتقنيات حديثة مثل الأشعة المقطعية والموجات الصوتية بل وقسطرة القلب التى تتيح صورا للشرايين التاجية توضح تحسنا ملحوظا فى تدفق الدم فيها إلى جانب انخفاض معدلات الكوليسترول الردىء فى الدم. على المريض أن يلتزم بحرفية تعليمات د. اسلستين فيما يأكل حتى يمكنه أن يحظى بتلك النتائج. لا يستخدم د. اسلستين أى أدوية إلا أنه قد يلجأ أحيانا للأدوية التى تسبب انخفاضا فى مستوى الكوليسترول فى الدم. أذاعت محطة سى. إن. إن. الأسبوع الماضى فيلما تسجيليا عن تلك الحمية الغذائية التى يتبناها د. اسلستين أعقبه لقاء معه حظى بنسبة مشاهدة غير مسبوقة أجاب فيها عن أسئلة عديدة تشرح نظريته. ● كيف يمكن أن تعالج إنسانا بدون دواء بمجرد اتباع نظام غذائى نباتى؟ برنامجى الغذائى الذى يعتمد على المصادر النباتية فقط فى الغذاء يعد أفضل فرصة متاحة لمريض شرايين القلب التاجية فى مقابل استخدام الأدوية والدعامات والجراحة أيضا ولدى أمثلة عديدة لمرضى تحسنت أحوال شرايينهم لمجرد الالتزام بذلك النظام الغذائى ومنهم مرضى كانوا فى حالة متردية لم تسمح لهم حتى بإجراء الجراحة. وقد ناقشت نتائجى فى جمعية القلب الأمريكية التى أدعمها دائما بمتابعة مرضاى بصورة مستمرة سواء متابعة أعراض المرض وأهمها ألم الصدر وصعوبات التنفس مع أى مجهود أو الصورة الإكلينيكية للمرضى بمتابعة التطورات فى رسم القلب العادى ورسم القلب مع المجهود أو تصوير الشرايين بكل التقنيات العلمية الحديثة مثل الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسى وقسطرة القلب. الطب الآن يعالج المريض لكنه لا يعالج المرض. أنا أعالج المرض وأكثر ما يسعدنى تلك اللحظة التى أرى فيها المرض يتوقف وتنعكس الآية فيبدأ فى التراجع حتى ينحسر ويتدفق الدم فى الشرايين بلا عائق خلو الدم من الدهون تماما يمنع السبب الحقيقى فى خدش الخلايا الرقيقة الحية التى تبطن الشرايين ليبدأ المرض بترسب ذات الكوليسترول الردىء فى ذلك المكان وما يعقبه من ترسب ذرات الكالسيوم أو الخلايا الميتة وغيرها، الأمر الذى يقدم لحدوث الجلطة. ● كيف يمكنك إقناع مريض بتصلب شرايين القلب التاجية أن نظامك الغذائى أكثر جدوى من الدواء أو الدعامة أو جراحة القلب المفتوح؟ كل مرضى القلب الذين لا يعانون من أزمة حادة كحالات الذبحة الصدرية غير المستقرة أو الجلطة الحديثة يجب أن يحاولوا اللجوء لطرق علاج مكثفة غير دوائية وبذلك أقصد مراجعة ما يأكلون والبدء بتلك الحمية النباتية التى أقترحها. الواقع أن هذا ليس رأيى وحدى ولكن رأى أطباء للقلب من مراكز علمية معروفة عالميا. ● كيف يمكنك أن تدفع مريضك للاستمرار فى تلك الحمية الغذائية القاسية فيظل بعيدا تماما عن اللحوم والبيض ومنتجات الألبان والزيوت؟ أعرف أنها تحتاج إرادة قوية للالتزام بها وربما كانت البداية دائما هى أكثر الأوقات قسوة لكن التحسن الذى يستشعره المريض إذا ما التزم حرفيا بتوجيهاتى هو الذى يدفعه للتمسك بها والاستمرار فيها. من المعروف أنه خلال الثمانية أسابيع الأولى وحتى الثانى عشر فإن مستقبلات الدهون فى خلايا المخ تبدأ فى تنظيم العمل فى غياب الدهون فتعتاد غيابها، الأمر الذى معه تقل حدة رغبة الإنسان فى تناول الدهون فتتحسن حالته بصورة يلمسها هو أكثر من الطبيب أو الجراح الذى يعالجه. ● لماذا تغيب الزيوت فى نظامك الغذائى بصورة قاطعة رغم ما يتردد عن فوائد زيت الزيتون مثلا؟ لا لكل الزيوت على الإطلاق فى ذلك النظام الغذائى النباتى حتى زيت الزيتون. الزيوت عامة قليلة القيمة الغذائية فلا هى تحتوى أليافا ولا معادن هى مائة بالمائة دهون إذا وضعنا فى الاعتبار السعرات الحرارية التى يستمدها منها الإنسان. يجب ألا يتناول مريض الشرايين أى زيوت إذا أراد أن يحتفظ بشرايين سليمة. ● هل حقا يمكنك الاستمتاع بذلك النوع من الغذاء الذى يغيب عنه كل ما يحب الناس؟ وهل أنت وعائلتك تتبعون ذلك النظام النباتى؟ نحن نستمتع بذلك الغذاء لدرجة قد يصعب على تصويرها لك. تتفق زوجتى فى تقديم الأصناف بصورة شهية تجعلنا جميعا نقبل عليها بشغف. عائلتى بالكامل أبنائى وبناتى وكل أحفادى. ● هل تطلب من الأصحاء أيضا أن يتبعوا تلك الحمية البناتية؟ ولأى سبب إذا كانوا أصحاء بالفعل؟ الأصحاء قبل غيرهم يجب أن يتبعوا تلك الحمية النباتية فقد يكون للأسف أول عرض للمرض هو الوفاة الفجائية. انتهى اللقاء مع د. إسلستين وترك المشاهدين فى حيرة من أمر ذلك العالم الذى يتحدث بثقة تدعمها نتائج مرضاه الذى ظهر بعض منهم ليؤكدوا أنهم بالفعل استعاضوا عن الأدوية وربما الدعامات والجراحات بذلك النظام الغذائى الذى يطبقونه بحذافيره ومنهم بل كلينتون الذى أجرى جراحة لاستبدال أربعة من شرايين قلبه عام 2010. تعليق للصفحة الواقع أن أمراض شرايين القلب التاجية لا ترجع فقط لارتفاع نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية إنما هى محصلة مجموعة من العوامل أهمها التاريخ العائلى للمرض، التدخين، البدانة، الضغوط العصبية المستمرة، الحياة التى تميل للكسل بلا رغبة حقيقية فى الحركة أو ممارسة الرياضة، هناك أيضا وجود أمراض أخرى مزمنة مصاحبة مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم لذا فالتجربة أولى بمراجعتها وإن كانت النتائج بالفعل مدهشة ويساندها بعض أساتذة الطب المعروفين فى العالم. الأمر الذى يتطلب مزيدا من الجهد لدراسة الدور الذى تلعبه الدهون فى عملية تصلب الشرايين بعيدا عن العوامل الأخرى. بلا شك هى نتيجة تستحق المعاناة إذا كانت بالفعل صحيحة.