الكوليسترول الهاجس الذى دخل أبجدية حياتنا الصحية حديثا. كوليسترول جيد آخر ردئ، دهون ثلاثية، دهون مشبعة، دهون متحولة، عوامل الخطر. كلها تعبيرات علمية دخلت لغتنا الدارجة وأصبحت مفردات لا تحتاج تفسيرا يتبعها لكل من يؤمن بأن الوقاية خير من العلاج. كلها مفردات تشرح طبيعة العوامل التى يؤدى تراكمها إلى أمراض الشرايين، التاجية منها وشرايين المخ وربما كل الشرايين التى ترتبط سلامتها بصحة الأعضاء الداخلية المهمة كالعين والكلى وشرايين الأطراف. الكوليسترول الذى يدور فى الشرايين له مصدران: الأول ما ينتجه الجسم بنفسه لنفسه والثانى ما يضيفه الغذاء المحتوى عليه والذى نختاره نحن بإرادتنا. فهل يمكن أن نتحكم فى مستوى الكوليسترول فى الدم عن طريق مراقبة ما نأكل؟ قد تكون الإجابة بنعم لكن نفيها أيضا أمر وارد: كوليسترول الدم هو ما يصنعه الكبد ويدفعه فى الشرايين لذا فالكوليسترول موجود فى كل خلايا الجسم وأنسجته. يدخل فى تركيب هرمونات عديدة منها هرمونات الذكورة «التيستوستيرون» وهرمونات الأنوثة «الاستروجين» لذا هرمون الكورتيزون وفيتامين «د» وعصارات المرارة التى تساعد على امتصاص الدهون والفيتامينات الذاتية فيها مثل فيتامين أ، د، ه، ك بل ويدخل أيضا فى تركيب جدران الخلايا التى تلعب أدوارا حيوية مهمة تختلف من مكان لآخر فى الجسم. الكبد بمفرده يفرز كل ما يحتاجه الإنسان من كوليسترول دون الحاجة للبحث عنه فى الطعام. زيادة نسبة الكوليسترول فى الشرايين تترسب على جدرانها الداخلية فى أى مكان بالشرايين التاجية لتحدث الذبحة الصدرية بآلامها المعروفة أو الجلطة القلبية فيما بعد جدران شرايين العين الدقيقة. أو المخ محدثة السكتة المخية أو تغيرات فى الذاكرة. أخطار كثيرة يتعرض لها الإنسان جراء ازدياد نسبته عن حاجة الجسم لفترات طويلة لا يتم فيها التنبه لها. هذه هى النسبة الخطيرة التى يجب التحكم فيها بالأدوية الخافضة للكوليسترول على اختلاف طريقتها فى العمل وهى النسبة التى لا يملك الطعام ونوعه لها حلا. لذا فالإجابة هنا بلا تعنى أن النظام الغذائى لن يجد الاستجابة التى ننشدها والإجابة بنعم تتحدث عن النسبة الزائدة نتيجة نمط غذائى الأولوية فيه تأتى للدهون بأنواعها ومنها الكوليسترول بالطبع. فكيف يمكننا إذن أن نعرف من أين تأتى الزيادة الخطيرة لنتفاداها إما بالغذاء أو الدواء. إذا بدأنا بالوقاية كان الحل أهون دائما لذا فتحليل عينة من الدم يمكنها ببساطة أن تحدد نسبة الكوليسترول فى الدم بنوعيه الجيد والردىء. إلى جانب نسبة الدهون الثلاثية لأن العلاقة بينها والكوليسترول وثيقة. كيف نقرأ ونعلق على نتائج تحاليل نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية؟ التعليق على النتيجة نسبة الدهون الثلاثية طبيعية أقل من 150 مجم/ ديسى لتر أعلى حد طبيعى 150 199مجم/ ديسى لتر مرتفعة 200 499 مجم/ ديسى لتر مرتفعة للغاية 500 مجم/ ديسى لتر التعليق على النتيجة نسبة الكوليسترول طبيعية أقل من 200 مجم/ ديسى لتر أعلى حد طبيعى 200 239 مجم/ ديسى لتر نسبة عالية أكثر من 240 مجم/ ديسى لتر تظل نسبة الكوليسترول الردىء أو الخفيف «LDL» تشكل خطرا حقيقيا على الشرايين إذا ما تعدت نسبتها 190 مجم/ ديسى لتر إذا إنها فى الأحوال العادية والتى لا تشكل أى خطورة فإنها يجب أن تظل فى حدود 100 129 مجم/ ديسى لتر. بينما التدخل أمر واجب إذا ما تعدت نسبتها 160 189 مجم/ ديسى لتر. فى الوقت نفسه تعد نسبة الكوليسترول الحميد التى تتعدى 60 مجم/ ديسى لتر نسبة مطمئنة ويجب ألا تقل عن 40/ ديسى لتر. إذا ما جاءت نتيجة تحليل الكوليسترول بنتائج تتعدى الحدود الطبيعية فإن من الحكمة أن نبدأ ولمدة ستة أسابيع باتباع نظام غذائى يعتمد على تفادى مصادر الكوليسترول الطبيعية والدهون التى يتناولها الكبد بآليات غذائية مختلفة ليدفع بها للدم. يعتمد أيضا على الطرق التى تقلل من امتصاص الدهون من الأمعاء. فالكوليسترول بذاته لا يمتص من الأمعاء إلا فى حمى الدهون الأخرى لذا نفهم بعض الحقائق العلمية عن طبيعة الكوليسترول وطرق امتصاص أو آليات تمثيله الغذائى يتيح لنا قدرة أكبر على الانخفاض بمعدلاته ومنها الحقائق التالية: يوجد الكوليسترول فى المواد الغذائية من أصل حيوانى فقط مثل اللحوم بأنواعها والطيور ومنتجات الألبان والبيض لذا فالحد منها أمر واجب. زيادة إنتاج الكوليسترول من الكبد يعتمد على ما تمتصه الأمعاء من دهون حيوانية مشبعة كذلك الدهون المتحولة الموجودة فى الزيوت المهدرجة «السمن الصناعى إلى جانب كل المنتجات التى تستخدم فى قلبها وإعدادها تلك الدهون كالوجبات السريعة والمقليات بأنواعها ومنها البطاطس بجميع أشكالها سابقة التجهيز إلى جانب كل أنواع الحلويات والجاتوه والفطائر. لا تحتوى الخضراوات والفاكهة على أى نسبة من الكوليسترول لذا فالإكثار منها أمر مرغوب تماما لما تحويه من معادن وفيتامنيات وأليف ذاتية أو لا تذوب فى الماء. هناك بعض المواد الغذائية التى تحمل فائدة قدرتها على مقاومة ترسب الكوليسترول على جدران الشرايين الداخلية مثل الدهون غير المشبعة أو الأحادية، أيضا كل ما يحتوى من ألياف ذاتية إضافة للأسماك التى تحتوى نسبة عالية من أوميجا 3 من أفضل الأمثلة على تلك الخاصية المدهشة زيت الزيتون والمكسرات خاصة اللوز إلى جانب بذور الشوفان أو رقائقه أو الدقيق المصنوع منه. أما ما يعرف لدينا بالزيت الحار فهو نتاج عصر بذور الكتان الغنية بمادة أوميجا 3 التى تقلل من نسبة الدهون الثلاثية فى الدم وتخفف من أثر التفاعلات الالتهابية المختلفة فى الأنسجة كما تحد من زيادة تجلط الدم الناشئ من التصاق الصفائح الدموية بعضها ببعض. وتعمل على انخفاض ضغط الدم الشريانى. أفضل طرق الطهى إعداد الطعام على البخار ثم إضافة بعض من الزيوت المحببة أو الزبدة والأعشاب لإضفاء النكهة. إذا أردنا استخدام المواد الدهنية لا محالة فزيت الزيتون يأتى فى المقدمة يليه الكانولا والسمسم وعباد الشمس وزيت الذرة وزيت بذر الكتان. إذا كنت من محبى الشيكولاتة فاختر الأنواع الداكنة منها والتى تزيد نسبة الكاكاو فيها على 70٪ فهى من أهم مضادات الأكسدة. لكن تذكر دائما أن المربع الصغير منها يعادل فنجانا من القهوة ومحتواه من الكافيين. إذا اخترت زيت الزيتون للطهى أو إعداد السلاطة فلك أن تختار الأنواع التى تعصر على البارد لاستخراج الزيت فلا تدخل الحرارة فى إعداده. اختر أيضا ما تقل فيه نسبة الحموضة عن 0.1٪ ويوصف بالبكر. Extra - Virgin olive oil زيت الزيتون مصدر غنى بمضادات الأكسدة وله تأثير خافض لنسبة الكوليسترول الكلية والكوليسترول الردىء وفى الوقت ذاته له تأثير على الكوليسترول الجيد فيرفع نسبه. يكتمل النظام الغذائى الخافض لنسبة الكوليسترول العالية ببرنامج للحركة والجهد البدنى. ليس من الضرورى أن تنضم لنادٍ رياضى ربما كان كافيا المشى بخطوة رياضية يتحرك فيها الذراعان حركة متناسقة مع القدمين. ابدأ بالتدريج ولا تجهد نفسك أكثر من اللازم. توقف عند الإحساس بتعب حقيقى أو ألم فى الساقين. ولا تنس الماء الذى يعوض العرق ويحفظ للدم سيولته المعتادة. الامتناع عن التدخين حتى السلبى منه استنشاق دخان الآخرين أمر ضرورى لاكتمال المنظومة. الحفاظ على ثبات الوزن وعلاج أى أمراض مصاحبة كالسكر مثلا تحقق للجسم التوازن البيولوجى وتدعم مناعة الإنسان. فى النهاية التعامل مع الحقائق أفضل من قوائم الممنوعات التى يحرص الأطباء على تزويد المرضى بها بدلا من شرحها الذى قد يتطلب بعضا من الصبر وكثيرا من الوقت مما لا يتوافر للأطباء هذا الزمان وكان سمة حكماء الزمن الجميل الذى سلف.