"وحوي يا وحوي.. رمضان صور وحكايات" كتاب جديد للشاعر ياسر قطامش، صدر حديثا عن "الدار المصرية اللبنانية" بمناسبة شهر رمضان. والكتاب رحلة ممتعة في أجواء رمضان، وكيف كانت على مدى قرن كامل في مصر، وذلك عبر مجموعة من الصور الدالة- حوالي 150 صورة- تأتي كتوثيق للمعلومات، ونرى من خلالها رمضان منذ العشرينيات وما قبلها وحتى السبعينيات. وقد قام قطامش بتبويب الصور في عدة أقسام: رمضان في العشرينيات، ثم رمضان في الثلاثينيات والأربعينيات، وصولا إلى السبعينيات، وباب أخير عن عيد الفطر المبارك. ومن المفاجآت التي يحتويها الكتاب وجود صورة لأول إمساكية رمضانية، وهي إمساكية "ولي النعم محمد علي باشا"، التي صدرت عام 1846، وكذلك صور وأجواء رمضان في عهد الخديوي عباس الثاني، ثم السلطان حسين كامل، وكذلك رمضان في عهدي الملكين فؤاد وفاروق، وحكايات وصور للإفطار على مائدتي الرئيسين محمد نجيب وجمال عبد الناصر. غاص ياسر قطامش في الكتب والمجلات القديمة ليأتي في هذا الكتاب بالكثير من العجائب والطرائف، ومنها : صدور أول جنيه مصري ورقي عن البنك الأهلي، وكان يسمى ب"الجنيه أبو جملين"، وكيف تخوف الناس آنذاك منه، وكانوا لا يعترفون إلا بالجنيه الذهبي، وكانت قيمة هذا الجنيه كبيرة جدا شرائيا، فالمصروف الشهري لمنزل سعد بك زغلول- وقت أن كان مستشارا في محكمة استئناف مصر 1901م- رمضان 1319ه- كان التالي: 250 قرشا للحم، 40 قرشا للمكوى، 30 قرشا لبن حليب، 15 قرشا للخبز (في الشهر وليس في اليوم)، 40 قرشا بياض نحاس، 300 قرش أكل للخيول ومصاريف العربية، 150 قرشا فحم، 225 قرشا لوازم أكل، 200 قرش مصاريف المطبخ لزوم العيد، ليكون الإجمالي 5.12 جنيه.. إنها مصاريف منزل سعد بك وزوجته صفية بنت رئيس الوزراء، وهو بيت عز يضم الخدم والحشم الذين لا يقل راتب الواحد منهم عن جنيه شهريا. وفي باب رمضان في الستينيات، يقدم الكتاب نموذجا لصحافة زمان. ففي يوم السبت 4 أبريل عام 1959 الموافق 26 رمضان 1378، ذهب محرر مجلة "الجيل" إلى بعض المشاهير لمعرفة دعواتهم في ليلة القدر، ومنهم عبد الحليم حافظ الذي دعا ب "يا رب اشفني الشفاء الكامل حتى يزيد إنتاجي، ويا رب تصبح الأغنية العربية أغنية عالمية". ودعا الملحن كمال الطويل قائلا: "يا رب أستيقظ من نومي فأرى السد العالي قد ارتفع واكتمل، ويا رب رصيدا من الصحة ونصف مليون جنيه فقط"، وأخيرا قال نجيب محفوظ "يا رب ساعدني على إتمام رواية "أولاد حارتنا"، ويا رب تنتهي حرب الجزائر بانتصار العرب". ويحتوي الكتاب على العديد من الفصول الطريفة، المذهلة في طرافتها مثل: السلطانة ملك وأكياسها الذهبية، ورمضان سنة 1928 حيث كان شوال السكر ب 161 قرشا والدقيق ب 104 قروش، وقمر الدين الذي كان يقدم في المقاهي، وصور الباعة الجائلين، وسهرة في دار الأوبرا الملكية، والعزيمة أول فيلم رمضاني. وعن رواتب الصحفيين زمان، نشرت مجلة "الإثنين" عام 1945 موضوعا بعنوان "الفلوس"، ذكرت فيه أن راتب محمود أبو الفتح الصحفي كان ألف جنيه، ومحمد التابعي 600 جنيه، وأنطوان الجميل بك رئيس تحرير الأهرام كان راتبه 250 جنيها فقط، ثم فكري أباظة 200 جنيه. أما المسحراتي، وكان لكل منطقة المسحراتي الخاص بها، فيحتل فصلا كاملا في هذا الكتاب الممتع، الذي يختمه المؤلف بفصل طويل عن صور عيد الفطر زمان، كيف كان وما الذي كان يجري فيه وكيف كانت تستعد له الأسرة المصرية.