أكد القائمون على المسلسل التاريخي "الحسن والحسين ومعاوية"، الذي أحيا الجدل حول تصوير الأنبياء وصحابة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وآل البيت، ورفضه الأزهر خصوصا، أنهم ملتزمون بفتاوى لمراجع سنية وشيعية لإنتاجه وعرضه. وقال منتج المسلسل محمد العنزي، لوكالة فرانس برس: إن "هذا موضوع شرعي ونحن أخذنا فتاوى علماء بجواز ظهورهم وخضعنا فيه للمعايير الشرعية"، مؤكدا "نحن لا نملك أن نحلل أو نحرم". وأضاف، "بما أن هناك علماء أفاضل حللوا، فقد أخذنا فتواهم ومشينا"، مشددا على موافقة المراجع الشرعية الشيعية والسنية على تجسيد شخصيات الصحابة. وقال: إن "السيد محمد فضل الله، رحمه الله، أعطانا فتوى خاصة للعمل بجواز ظهور الحسن والحسين في المسلسل، والنص كان فيه لجنة متخصصة بدكاترة تاريخيين، منهم علي الصلابي ومحمد البرزنجي ودار الإفتاء السورية والشيخ حسن الحسيني، هذا فيما يخص الروايات التاريخية". وتابع، أن الداعية المصري القطري يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، "اطلع على أول خمس حلقات وملخص العمل وأعطانا فتوى على هذا الأساس". من جهته، قال المستشار الشرعي والتاريخي للعمل الحسن الحسيني: إنه "تم التوجه لثلة من نخبة الفقهاء الموثوقين منهم القرضاوي" وأحمد هليل، قاضي قضاة الأورد والداعية، السعودي سلمان بن فهد العودة، وقيس بن محمد آل مبارك، عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية. وحول طبيعة الفتوى التي أقرها الفقهاء قال الحسيني: "سئلوا عن جواز تشخيص الصحابة الذين سيظهرون في المسلسل، وبالأخص السبطين الكريمين الحسن والحسين، وأجاب الجميع بجواز ذلك وفق ضوابط الحفاظ على مكانة ومنزلة تلك الشخصيات الاعتبارية والشرعية". وشدد العنزي على التزام مؤسسة المها منتجة العمل "بالرأي القائل بجواز تجسيد الصحابة". وقال: إن "هناك أناسا يتبنون وجهة نظر في عدم ظهور الصحابة، وهناك أناس مع ظهور الصحابة، وهذا الموضوع طبيعي، من يتبنى رأي عدم ظهور الصحابة فنحن لا نقول له أنت مخطئ لأن هذه وجهة نظره تحترم وتقدر، أما نحن فننتمي للرأي الآخر، وهو أن الظهور وفق ضوابط فنية وشرعية معينة لا بأس به". من جهته، قال محمد الحسيان: إنه قبل البدء بكتابة النص الدرامي "قام فريق الإنتاج بتوجيه الكاتب حول أهداف المسلسل ورؤيته في توحيد صفوف الأمة واطلاعه على المعايير الشرعية التي يجب أن تتوافر خلال تشخيص آل البيت والصحابة الكرام وبما يليق بمكانتهم". وشدد على أن "المسلسل لا يعتبر وثيقة تاريخية بل عمل درامي، مبني على أسس وحقائق وأخبار تاريخية صحيحة". ويلقي المسلسل وهو من إخراج السوري عبد الباري أبو الخير، وتأليف وسيناريو محمد السيادي، بمشاركة محمد الحسيان، الضوء على "الفتنة الكبرى" عبر تصوير حياة حفيدي النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) الحسن والحسين، ودورهما في الدفاع عن الخليفة عثمان بن عفان ومساندة والدهما علي بن ابي طالب. والفتنة الكبرى من أهم الأحداث التي أثرت في مسار التاريخ العربي الإسلامي، عندما احتج أهل مصر والعراق خصوصا على حكم الولاة الذين عينهم ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان، وأدت هذه الفتنة إلى تمزيق المسلمين إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية: هي السنة والشيعة والخوارج. وحول توقيت تناول هذه المرحلة من تاريخ الإسلام، قال العنزي: إن "الهدف من تناول الموضوع هو إظهار منطقة أو فترة في التاريخ لم يتم التطرق لها ووضع النقاط على الحروف في بعض المسائل غير الواضحة للناس". وأضاف، "في أساس الخلاف بين الصحابة وآل البيت، كان هناك أطراف معينة تؤجج هذا الموضوع، فأحببنا تسليط الضوء على ذلك"، مؤكدا أن العمل الذي "اعتمد على وثيقة تاريخية بقالب درامي"، يهدف إلى "تفنيد بعض الروايات التاريخية المغلوطة". ويرتكز العمل على عدة محاور هي آل البيت، أي علي والحسن والحسين وأبناؤهم، ومحور الصحابة (بينهم طلحة والزبير وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس)، وموقف كل منهم خلال تلك الفترة، ومحور الذين خرجوا على الخليفة عثمان بن عفان، والخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب، وهو يتناول دور الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن سبأ، والفرقة السبئية، ودورها في إثارة الفتنة بين الأطراف. والمسلسل الذي يمر حاليا بعملية المونتاج النهائية استغرق تصويره وإنتاجه ثلاث سنوات، وتخطت تكاليف إنتاجه 8 ملايين دولار، بحسب المنتجين، ويمثل الأردنيان خالد الغويري ومحمد المجالي دوري الحسن والحسين على التوالي، بينما يشارك في العمل فنانون من سوريا ولبنان والأردن، بينهم السوريون علاء القاسم وزيناتي قدسية، وتاج حيدر، وتيسير إدريس، ويوسف مقبل، واللبناني بيار داغر. وكانت شركة المها للإنتاج الفني، الكويتية التي تشكل الذراع الإنتاجية لمجموعة النور القابضة القطرية، أعلنت منذ أيام انتهاء العمليات الإنتاجية والفنية الخاصة بالمسلسل الذي تم تصويره في المغرب ولبنان والأردن. وأكدت الشركة أن العمل "يتميز بسابقة تشخيص سبطي الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) الحسن والحسين، إضافة إلى كوكبة كبيرة من الصحابة الكرام، الذين يظهر بعضهم مشخصا على الشاشة للمرة الأولى". وأشارت إلى أن "المسلسل يتناول فترة تاريخية هي الأكثر حساسية وتأثيرا في تاريخ الإسلام، أي تلك التي سبقت مقتل الخليفة عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وما تبعها من أحداث وانتهت باستشهاد الحسين، رضي الله عنه، في موقعة كربلاء". وسيبث في عدد من القنوات الفضائية العربية بينها روتانا خليجية وروتانا مصرية والحياة والتحرير والبيت بيتك وقناة نسمة التونسية والمغربية السادسة والسودان والمؤسسة اللبنانية للإرسال (إل بي سي)، وقال العنزي: إن المسلسل ستتم دبلجته إلى عدة لغات، منها الإنكليزية والتركية والماليزية والأوردو. وقال: إن هذا المسلسل هو بداية لأعمال تاريخية جدلية أخرى، إذ تقوم المها بالإعداد لإنتاج مشاريع درامية أخرى، أهمها محمد الفاتح، وابن تيمية، وحسن البنا، وأحمد ياسين.