وزير التعليم العالي: تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران خطوة للاستجابة لمتطلبات التنمية العمرانية    الثلاثاء 16 سبتمبر 2025.. جني الأرباح يهبط بالبورصة مجددا    نائب وزير الإسكان: إصدار منصتين إلكترونيتين لتصدير العقار وضبط السوق    محافظ أسيوط يشهد توزيع 1000حقيبة مدرسية بقرية النواورة بالبداري للأطفال من الأسر الأولى بالرعاية    الأردن يحذر من تداعيات توسيع العدوان الإسرائيلي على غزة: محاولة لفرض التهجير    مستشار رئيس الإمارات: قمتا الدوحة أكدتا أن العدوان الإسرائيلي يحفّز تضامننا    الأرصاد: تحسن نسبي في الطقس وانخفاض درجات الحرارة مع استمرار الرطوبة    ارتكبوا 12 واقعة.. ضبط تشكيل عصابى تخصص فى سرقة المحلات بالشرقية    انطلاق فعاليات المؤتمر الصحفي لمهرجان الجونة السينمائي    عرض الفيلم الروائي الطويل "جحر الفئران" بنادي سينما المرأة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 16-9-2025 في محافظة قنا    محافظ الدقهلية: التأكيد على حسن استقبال المرضى وسرعة الاستجابة لمطالبهم بعيادات التأمين الصحي    ذعر في الأهلي بعد وعكة إمام عاشور.. فحوصات عاجلة لكل اللاعبين قبل موقعة سيراميكا    ماك أليستر جاهز لمواجهة أتليتكو مدريد    كرة طائرة - خسارة منتخب مصر من الفلبين في بطولة العالم    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    وزير التعليم: إلغاء الفترة المسائية بالابتدائي سبتمبر 2027    البيئة: إنشاء وحدات مختصة بتغير المناخ داخل الوزارات المختلفة    تعرف على ضوابط وإجراءات الترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    داليا البحيري بإطلالة أنيقة.. كيف نسقت اللوك؟    نتيجة تقليل الاغتراب 2025.. مكتب التنسيق يواصل فرز رغبات الطلاب    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    روسيا تستهدف زابوريجيا في موجة جديدة من الهجمات الليلية    لأول مرة.. ميناء دمياط يستقبل سفينة بحمولة غير مسبوقة 121 ألف طن    قصور الثقافة بالغربية تحتفل باليوم المصري للموسيقى بأغاني سيد درويش    "موتوسيكل دخل في جرار".. إصابة 3 شباب في حادث تصادم بالمنوفية    وكيل تعليم أسيوط يوجه بتكثيف المتابعة الميدانية استعدادًا للعام الدراسي الجديد    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    محاكمة 111 متهمًا بقضية "خلية حسم الإرهابية".. اليوم    مصر تشارك في المنتدى السنوي لمنظمة التجارة العالمية 2025    قرار جمهوري بتعيين علاء الشريف أمينا عاما لمجلس الوزراء لمدة عام    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    المصري يختتم استعداداته لمواجهة غزل المحلة بدوري نايل    تودور: إنتر أقوى من نابولي في سباق لقب الدوري الإيطالي    قافلة المساعدات الإنسانية ال 38 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    لجنة تحقيق أممية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة    استقرار أسعار النفط مع ترقب انقطاع محتمل في الإمدادات من روسيا    القومي لذوي الإعاقة وتنظيم الاتصالات يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الخدمات الرقمية    ضبط 110.6 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    حجز محاكمة عامل قتل شخص ب كتر في الخليفة: الضحية رفض تعاطيه المخدرات    نائب وزير الصحة: وضعنا استراتيجية وطنية لدمج القابلات تدريجيا في منظومة الولادة الطبيعية    الصحة: حل جميع الشكاوي الواردة للخط الساخن 105 استطاع خلال أغسطس الماضي    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر والقنوات الناقلة    وزير الصحة يبحث مع شركة أليكسيون التعاون في مجال الأمراض النادرة والوراثية    دراسة: وجبة غنية بالدهون قد تؤثر سلبا على الذاكرة خلال أيام قليلة    8 شهداء وعشرات الجرحى والمفقودين في قصف منزل شمالي غزة    رسمياً موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للمعلمين.. هل يتم الصرف قبل بدء الدراسة؟ (تفاصيل)    قبل أيام من بدء العام الدراسي.. تفاصيل قرارات وزارة التعليم (نظام الإعدادية الجديد وموقف التربية الدينية)    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت استثنائية ومبحبش أعيط قدام بناتي    عاجل- ترامب يفجر مفاجأة: نتنياهو لم ينسق معي قبل قصف قطر    هشام حنفي: لا مقارنة بين بيزيرا وزيزو.. وصفقة محمد إسماعيل ضربة معلم للزمالك    مسلسلات المتحدة تتصدر نتائج تقييم موسم 2025 باستفتاء نقابة المهن السينمائية.. تصدر "لام شمسية" و"أولاد الشمس" و"قهوة المحطة" و"قلبى ومفتاحه" و"ظلم المصطبة".. كريم الشناوى أفضل مخرج وسعدى جوهر أفضل شركة إنتاج    فيديو أهداف مباراة إسبانيول و مايوركا في الدوري الإسباني الممتاز ( فيديو)    بسبب المال.. أنهى حياة زوجته في العبور وهرب    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    أمين الفتوى: الاقتراض لتجهيز البنات لا يجوز إلا للضرورة القصوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة حالة إبداع جماعى فهل يمكنها الاستمرار؟
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 07 - 2011

تتعرض ثورة 25 يناير من وقت لآخر لانتكاسات بسبب عدم توافق نبض وحماسة الثوار واستعجالهم لتحقيق الأهداف مع نبض وحماسة الوزارة المعنية والمجلس العسكرى، وأيضا بسبب الانقسامات الحادة بين المشاركين فى الثورة. والسؤال الذى يواجهنا فى هذه الحالة: لماذا كل هذه الانتكاسات.. وهل يمكن أن تستمر الثورة رغم المعوقات.. وما الضمان لذلك؟ وما سبب عدم التفاهم بين كل هذه الأطراف رغم الاتفاق بينهم على الثورة وحمايتها وعلى ضمان نجاحها فلا تجد طرفا من كل هؤلاء يريد أن يمنع استمرار تدفق الثورة وتحقيق أهدافها؟
●●●
ولكى نجيب عن هذه الأسئلة نحتاج العودة إلى إدارك طبيعة الثورة، فالثورات فى كل العالم هى حالة إبداع جماعى، والإبداع الجماعى يختلف عن الإبداع الفردى، فالإبداع الفردى يتوقف على الشخص المبدع وعلى المواهب التى يتمتع بها، وعلى شجاعته وجراءته فى أن يحطم الأطر القديمه التى كان يفكر من خلالها، ويخضع لها، فتعريف الإبداع هو تحطيم الأطر القديمة سواء فى الأدب أو الفن أو الفكر، والذى ينتج عنه مدرسة جديدة غير مسبوقة، وعادة ما يهاجم الناس الشخص المبدع لأنه خرج عن المألوف لكن بعد فترة من الزمن يستطيع من حوله أن يدركوا ما توصل له، ويمجدونه وغالبا يتم هذا بعد موته، أما الإبداع الجماعى فهو أيضا تحطيم لكل الأطر المحيطة، والتى تكبل الجماعة، وتبد وكأنها قدر لا يمكن الفكاك منه، وبعد أن ييأس البشر من الجمود المحيط، وعدم القدرة على التغيير، إذا بالجماعة تنتفض بسبب فكرة عبقرية تجمعهم معا يقتنعون بها، ويختارون لحظة فيها يحطمون الأطر القديمة ويبدعون طريقا جديدا للحرية والعدالة، وهذا الإبداع الجماعى يمكن أن يتم فى أى مجتمع من المجتمعات بغض النظر عن المستوى الثقافى أو الدينى أو الاقتصادى، وهو ما حدث فى مصر مع ثورة 25 يناير فبعد أن تسرب اليأس والاكتئاب والاستسلام للقدر والهزيمة لجموع الشعب، وبعد أن قدمت التحليلات للمجتمع بأن الشعب المصرى، من المستحيل أن يثور لأن 45% منه أميون وهناك أمية تعليمية تبلغ 80% من المتعلمين، ثم طبيعه الشعب المصرى التى لا تميل إلى الإبداع بسبب جغرافية مصر حيث يعيش شعبها على ضفاف النيل ويقوم بالزراعة وينتظر الحصاد.. وأن الشباب المصرى ليس مثقفا كفاية ليثور، وأن التطرف الدينى قضى على إبداع هذا الشعب، رغم كل ذلك كان هناك شباب على الفيس بوك يثقف نفسه بنفسه من خلال الشبكة العنكبوتية فى حوار مستمر مع شباب مماثل له فى مصر والعالم، ويستمع إلى تجارب الشعوب الأخرى فى أمريكا وآسيا وأوروبا.
وكان، الخروج يوم 25 يناير للإحتجاج على مقتل خالد سعيد، وكان يكفيهم استقالة وزير الداخلية لكن الزخم، الذى حدث مع الزحام غير المتوقع ومع البطء الشديد فى رد الفعل من مبارك جاءت لحظة الإبداع التى رفعت سقف المطالب بإسقاط النظام، وظهرت فكرة مبدعة أخرى بأن يعتصموا فى الميدان ولا يتركوه إلا بعد تحقيق المطالب، وهذه الفكرة لم تكن مطروحة، لكنها ظهرت فى الميدان كحالة إبداع وهكذا نجحت الثورة.
●●●
إلا أن هذه الثورة تعثرت أكثر من مرة بسبب عدم تحقيق مطالبها، مما اضطر الشباب للخروج مرة ومرات وبدراسة حالات الإبداع الجماعى نجد أن علماء الاجتماع وعلم النفس يصنفون الجماعات الأقل إبداعا تحت ثلاث نوعيات:
الأولى: العاملون بالجيش المنخرطون فى الأعمال العسكرية والذين يتربون، وينشأون على الطاعة الكاملة للأوامر والنظام الذى يحكمهم إذ يحصلون على الامتيازات بقدر دقة تحقيقهم للمهام المنوط بهم تنفيذها.
أما النوعية الأخرى فهم الذين يعملون فى المؤسسات والدعوة الدينية بكل أبعادها، حيث تحض المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية على الطاعة الكاملة لدرجة تقديس الأكبر وتنفيذ الأوامر وكأنها أوامر إلهية فطاعة أولى الأمر والرتب الدينية هى من طاعة الله، وهناك جماعات دينية متطرفة تتبع جميع الأديان يكون فيها النظام الداخلى فى منتهى التشدد.
أما النوعية الأخيرة فهم الموظفون الحكوميون البيروقراطيون، الذين لم يتدربوا على الإبداع، ويتبعون نظاما إداريا تقليديا وحديديا يصادر كل ما هو جديد أو مستحدث.
هذه النوعيات الثلاث من البشر حسب وصف الخبراء هم أقل الناس قبولا للتغيير والتفاعل مع الإبداع، بل يعتبرونه خروجا عن المألوف ويشمئزون منه، ويقومون بنبذ من يحاول الخروج على النظام، وهذه القوى المجتمعية هى التى تقف ضد كل مبدع فتدفعه فى غالب الأحيان إلى حافة الجنون، وحافة الجنون هذه هى التى تدفع المبدع إلى الانتحار أو القتل أو الاكتئاب الشديد فيتصرف بطريقة غير مقبولة من المجتمع.
●●●
وهذه هى المشكلة الحقيقية لثورة 25 يناير فالذين قاموا بالثورة كانوا شبابا مبدعا حطم كل الأطر السياسية القديمة، وخرج طلبا للحرية، لكن الأخوان المسلمين قفزوا على الثورة وكان لهم الفضل فى إنقاذها من الثورة المضادة فى موقعه الجمل، لكن بحسب طبيعتهم عادوا إلى الإطار الدينى والنظام الذى يعيشون فى ظله، وتوافقوا مع القوات المسلحة، والتى طبيعتها تشبه طبيعة المؤسسة الدينية فى أهمية الطاعه والنظام وإن كان المنطلق مختلفا لذلك نلاحظ أن هناك انسجاما بين الإخوان والمؤسسات الدينية من جانب والقوات المسلحة والوزارة البيروقراطية من الجانب الآخر والأمر ليس فيه أى تعجب أو استغراب، فكل هؤلاء يعتبرون الثورة خروجا على المألوف وتحطيما للأطر التقليدية، وهو ما يرفضونه ويريدون احتواءه بطريقة أو أخرى، فإذا كانت الثورة حققت للقوات المسلحة ما كانت تريده من رفض التوريث، وحققت للإخوان الحرية المجتمعية والخروج إلى النور، وحققت للمؤسسات الدينية ظهورا واضحا فى المجتمع، إلا أن كل هؤلاء لم يكن لديهم الاستعداد للإبداع الجماعى والسير على إيقاع الثورة والثوار، فتسبب هذا فى الضغوط التى دفعت الثورة إلى تصرفات غير طبيعية فكان الاعتصام وإغلاق مجمع التحرير والإضراب عن الطعام وإغلاق طريق السويس، والتهديد بإغلاق قناة السويس.. وكل هذا يعتبر انتحارا للثورة، أنها حافة الجنون التى يصاب بها المبدع الفرد، كما تصاب بها الجماعة المبدعة أيضا، ولقد وضح أن القوات المسلحة، والوزارة أدركتا أن الضغوط المحيطة بالثورة والثوار والبطء فى تحقيق المطالب هو الذى دفع الثوار إلى بعض من هذه المواقف، التى بدت غريبة ولذلك تجاوبت مع مطالب الثوار، وقدمت الوزارة برنامجا زمنيا لتلبية معظم مطالب الثورة والثوار.
●●●
والآن على القوات المسلحة والوزارة تخفيف الضغط وتهيئة جو أفضل للإبداع الجماعى تنضج فيه الثورة وتندفع نحو تحقيق أهدافها أما الطريقة العكسية أى التضييق على الثورة وخلق جو لا ينمو فيه الإبداع الجماعى سوف يؤدى إلى إجهاض الثورة أو انتحارها، وهو ما يجب أن يقف الجميع للحيلولة دونه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.