أثق فى قدرة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء على تفهم واستيعاب مطالب الشعب.. وأعرف جيدا أن الرجل يريد الإصلاح ما استطاع فى حدود صلاحيات واختصاصات منصبه التى يتحرك فى إطارها وليس أكثر.. لكن الخطوة التى سيقدم عليها بإجراء تعديل وزارى فى حكومته خلال أيام لن تضمن رضا الثوار والمعتصمين فى الميادين المختلفة إلا إذا أتت بمن يرضون دينه وخلقه وسلوكه. كما أن التغيير الوزارى لن يكون الحل السحرى لكل مشكلات الوطن الكثيرة والمتراكمة منذ سنوات والمرتبطة بتحقيق العدالة الاجتماعية إلا إذا جاء ليصحح المسار ويضبط إيقاع الحياة السياسية والاقتصادية على حد سواء.. وسيكون التعديل الوزارى مجرد بداية على الطريق الصحيح إذا ما أحسن شرف اختيار وزراء يفهمون طبيعة وظروف المرحلة ولديهم مقومات تحمل المسئولية ومن قبل كل ذلك يملكون فنون التعامل مع المشكلات وتقديم الحلول لها فى أسرع وقت وأقصر طريق. أقول هذا لأنى أعرف مثل غيرى واقع وحقيقة الثورات.. وأخشى أن تأكل الثورة أبناءها أو أن يجنى ثمارها الجبناء بعد أن قام بها الشجعان والشرفاء.. وإذا كان الشعب قد استأمن عصام شرف على ثورته فعليه أن يحسن الاختيار ويمد يده أولا لمن جاهد وناضل من أجل التغيير وأن تكون اختياراته من أجل المستقبل وبعقل ومنطق بعيدا عن المستلقين والمظليين من المنتسبين للنظام السابق أو الذين استفادوا منه وتمرغوا فى ترابه بل وكانوا أدواته التى يعتمد عليها فى تغييب الشعب والهاء أبناء الوطن. وأعتقد أن عصام شرف يملك من الخبرة الآن ما يؤهله لاختيار أفضل العناصر لإدارة شئون البلاد ولعب الدور الأهم فى تحقيق مطالب الثورة ونيل رضا أبناء الوطن بكل ألوانهم وأطيافهم السياسية، شريطة أن تكون اختياراته مبنية على أسس موضوعية.. وإذا كان النظام السابق قد اعتمد فى اختياره على الملفات الأمنية والسياسية من خلال أجهزة الأمن وأمانة السياسات بالحزب المنحل.. ولم يكن يأتى إلا بمن يدينون له بالولاء.. فعلى شرف أن يأتى بمن يحبون مصر أكثر من أنفسهم ويتفانون من أجل مستقبل أفضل لهذا الوطن.. يأتى بأصحاب الأيادى النظيفة والضمائر الحية التى تفصل بين الحق والباطل.. يأتى بمن يملكون كلمة حق عند سلطان جائر ولديهم شجاعة المواجهة والاعتراف بالخطأ والانسحاب إذا ما تطلب الأمر. وبخلاف التعديل الوزارى، هناك أمور أخرى لا تقل أهمية لابد أن يضعها شرف فى اعتباره وأن يكون على بينة من أمرها إذا أراد أن يسهم فى إصلاح الحياة السياسية وأهمها محاربة فلول النظام السابق بإصدار قانون «عزل سياسى» لعدة سنوات لكل من ينتمون ل«الحزب المنحل» وأن ترفع اسماؤهم من الجداول الانتخابية ولا يكون لأحد منهم حق الترشح أو حتى التصويت فى الانتخابات لتأمين الثورة من مكرهم وأعمال البلطجة التى يمارسونها الآن ضد المتظاهرين ويستخدمونها لتعطيل الإنتاج وترويع المواطنين ومحاولة تشويه الثورة فى عيون البسطاء حتى ينقلبوا على الثورة. وأجد فى قانون «العزل السياسى» الحل الأمثل لتطهير الساحة السياسية من فلول هذا الحزب لأنهم بالفعل يخططون لخوض الانتخابات البرلمانية، متنكرين فى ثوب الثورة أو المدافعين عنها، ويستخدمون فى ذلك قنواتهم الفضائية التى طالما تغزلت فى النظام السابق.. كما أن هؤلاء مدربون على أعمال التزوير والبلطجة والرشوة وشراء الأصوات واستخدام المال وعلى شرف وحكومته التعامل مع هؤلاء بكل حزم وشدة. وإلى جانب كل هذا لابد على الحكومة الجديدة أو المعدلة مواصلة تطهير أجهزة الدولة.. وألا تكتفى بما حدث فى وزارة الداخلية، بل لابد أن تمد يدها لتطهير كل مكان ضربت فيه جذور النظام السابق.. وزارات وهيئات ومؤسسات وأندية رياضية.. وأن تكون محاكمة جميع رموز الفساد فيها من خلال قضاة مستقلين.. وقبل كل هذا محاكمة قتلة الثوار بداية ممن أصدر القرار باطلاق النار ومن سمح له بإصدار الأمر وانتهاء بمن صوب وقتل.. ووقتها فقط سيكون شرف قد أوفى بما عاهد الثوار عليه.