«التراجع عن زيادة المعاشات فى مشروع الموازنة الجديد يعكس اختلال نظام أولويات القائمين على الموارد العامة للدولة»، يقول عبدالخالق فاروق، باحث اقتصادى، تعليقا على تراجع وزارة المالية عن تطبيق الزيادة المقررة للمعاشات فى أول السنة المالية الحالية. ويضيف فاروق: «أكثر الناس احتياجا لتحسين اوضاعهم هم أصحاب المعاشات والأجور، فبالتالى عندما يتم الضغط على متخذى القرار لتوفير النفقات، ويكون اختياره تخفيض مخصصات هذا القطاع، فهذا مؤشر خطير أن من يدير السياسة المالية هو الأبعد عن العدالة الاجتماعية». وليس فاروق وحده هو الذى انتقد قرار المالية، فقد انتقد أيضا عدد من الخبراء الاقتصاديين تراجع الوزارة المالية عن زيادة المعاشات فى مشروع الموازنة الجديدة، والتى كان من المقرر تطبيقها فى الأول من يوليو الحالى، «القضية لا تتعلق بأصحاب المعاشات فقط، بل بأمور كثيرة أخرى داخل الموازنة، فالموازنة فى صورتها الحالية مرفوضة تماما، ولايزال هناك بها بذخ كبير فى كثير من بنود الانفاق»، بحسب قول فرج عبدالفتاح، أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة، وعضو المكتب السياسى فى حزب التجمع. ويعدد فاروق العديد من البنود فى الموازنة، التى «بها إهدار كبير وكان من الأولى ترشيده»، مثل الاعتماد المالى والاحتياطيات العامة، والتى تقدر ب5 مليارات جنيه، و«كان يجرى تبديدها من خلف ظهر مجلس الشعب بعلم كل من وزير المالية السابق ورئيس الجمهورية لتعزيز قطاع الأمن والدفاع»، بالإضافة إلى باب الدعاية والإعلان، والذى يمكنه توفير من 200 إلى 300 مليون جنيه منه. وهناك 5 مليارات إضافية، بحسب فاروق، يمكن توفيرها أيضا من المبالغ المخصصة للباب الثانى شراء السلع والخدمات، ومستلزمات التشغيل لأن «هذا الباب «يعانى من اهدار وسفه كبير بواسطة الوزارات الرئيسية فى الدولة ومنها وزارة المالية»، بحسب قول فاروق. ويتفق عضو حزب التجمع مع هذا الرأى قائلا: «لقد فقد وزير المالية مصداقيته أمام الشعب بدءا من تلقيه طلبات التوظيف فى أول يوم تسلم فيه عمله كوزير انتهاء بالتصريحات المتضاربة التى صدرت بشأن الموازنة العامة». والأمثلة متعددة، يقول عضو حزب التجمع، «فتارة يقول الوزير ان الحد الأدنى للأجور سيطبق على أساس كل العاملين، وتارة يقول إنه فقط سيطبق على الحد الأدنى الوظيفى، وتارة يشجع وزير المالية الاقتراض من الخارج، وتارة يتراجع تماما عن الفكرة»، مشيرا إلى أنه بهذه التصريحات المتناقضة، «الوزير يلعب هذه المرة بالنار، خاصة أن التصريحات تتعلق بجميع أبناء الوطن، ولا سيما هؤلاء الذين يعيشون تحت خط الفقر». «إذا كان رضوان قد اكتسب شهرته فى قضايا العمل من خلال وجوده فى منظمة العمل الدولية، فهو لم يثبت كفاءة فى هذا المجال»، بحسب عبدالفتاح، مضيفا أن هناك بدائل أخرى، كان من «الأولى ترشيدها، فماذا يعنى وجود أكثر من سيارة لنقل الوزراء؟ وماذا يعنى وجود عدد كبير من المستشارين لدى وزير المالية شخصيا؟ كل هذه الأمور تدخل فى نطاق الإسراف». وتقول أمنية حلمى، خبيرة الاقتصاد فى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية: «أنا مندهشة من التصريحات المتناقضة للمالية، فالوزير كان مساء أمس الأول (السبت) فى برنامج تليفزيونى يؤكد حرصه على توفير موارد لزيادة المعاشات»، بحسب قولها مؤكدة على ضرورة وجود شفافية فى التصريحات الحكومية. وتعدد حلمى المصادر، «التى كان من الأولى الاقتصاد فى بنودها بدلا من التضحية بأصحاب المعاشات الشرفاء، الأولى بالرعاية»، ذاكرة على سبيل المثال، تعديل أسعار تصدير الغاز، والغاء دعم الغاز الموجه للمصانع والتى توجه إنتاجها للتصدير، وبند المكافآت الذى يمتص جزءا كبيرا من الموازنة. و«المفارقة أن كل هذه الموارد المهدرة معلومة ومعلن عنها من الحكومة».