أثار إعلان حزب الوفد تشكيل فريق كروى للمنافسة على دورى كرة القدم ردود فعل كبيرة، خاصة أنه جاء بعد إعلان مماثل لجماعة الإخوان المسلمين، فبين مؤيد يعتبر أن كرة القدم ستساهم فى توصيل رسالة الأحزاب إلى الجماهير غير المهتمة بالسياسة ومعارض يرى فى ذلك اتجاها شعبويا يخرج العملية السياسية من مضمونها ويصل إلى درجة الهزل. كانت «الشروق» نشرت أمس اعتماد السيد البدوى رئيس حزب الوفد لخطة تكوين الفريق، وتكليف الكابتن طاهر أبوزيد عضو الهيئة العليا بالإشراف على الفريق وأوضحت الخطة التى حصلت «الشروق» على نسخة منها أن لجان الوفد بالمحافظات ستقيم دورة لاختيار فريق من ال«26» محافظة، على أن تنقل المباريات عبر شاشات قناة الوفد المصرى، ليتم بعد ذلك اختيار أحسن «100» لاعب فى نهاية الموسم يشكل منهم فريق الوفد لكرة القدم. قوانين الفيفا تمنع إنشاء فرق رياضية على أساس سياسى أو دينى يحرم الميثاق الأوليمبى ولائحة النظام الأساسى فى الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» إنشاء أى ناد على أساس سياسى أو دينى كما يحرم الميثاق إقحام السياسة والدين بجميع صورهما فى الحياة الرياضية. وأكد سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة أن قوانين الفيفا واضحة فى هذا الأمر وكان رده حاسما حينما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن تأسيس فريق لكرة القدم بأن الاتحاد لن يعتمد تأسيس هذا الفريق خصوصا أن قوانين الفيفا لا تسمح بذلك وإنشاء أى فريق على أساس سياسى أو دينى هو مخالفة لقوانين الفيفا تستوجب توقيع عقوبات مشددة على الاتحاد الأهلى الذى يسمح بذلك. وأكد زاهر أن الفيفا يرفض مثل هذه الأمور حتى لا تزيد من التعصب داخل الأندية، حيث من الممكن أن تحدث كوارث فى حالة إقامة مباراة بين فريقين يمثلان طائفة دينية أو سياسية وهو ما قد يهدد بحدوث «مجزرة» داخل الملعب. يذكر أن الفيفا له سوابق كثيرة فى رفض إقحام السياسة والدين فى ملاعب كرة القدم حيث رفض ارتداء اللاعبين المسيحيين للصليب وإظهاره فى المباريات كما رفض مشاركة فريق كرة القدم النسائى الإيرانى فى كأس العالم بالحجاب كما يحرم رفع الشعارات السياسية فى المباريات وأصدر الكاف بيانا تحذيريا لمحمد أبوتريكة بعد رفع شعار «تعاطفا مع غزة» فى مباراة المنتخب الوطنى أمام السودان فى كأس الأمم الأفريقية 2008 بغانا وهدده بتوقيع عقوبة مغلظة فى حالة رفع أى شعارات دينية أو سياسية فى المباريات التالية فى البطولة. المرشد والدورى كان مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع فجر مفاجأة أثناء افتتاحه لمقر الإخوان بمدينة طنطا الشهر الماضى، بالإعلان عن اعتزام الجماعة إنشاء أندية رياضية تنافس على الدورى والكأس. وأكدت تصريحات لقيادات الجماعة وقتها بأنه تم تكليف لجنة لتقوم بوضع تصور كامل لكيفية إنشاء نادٍ رياضى تمارس فيه كل الأنشطة الرياضية ويكون مفتوحا لكل المصريين وينافس فى جميع البطولات. خبراء: تقليعة تقترب من العبث السياسى وامتداد لعصر مبارك وأجندته الكروية تباينت آراء علماء فى الإعلام والسياسة إزاء مبادرة حزب الوفد الأخيرة التى أعلنها قبل يومين لتبنى إنشاء فريق لكرة القدم، وقبلها مبادرة شبيهة للإخوان المسلمين، واعتبرها البعض خطوة جيدة، بينما رآها بعض آخر خطوة سابقة لأوانها، ووصفها بعض ثالث بالتقليعة غير الموفقة، وبالعبث السياسى. وفسر الدكتور صفوت العالِم أستاذ الاتصال السياسى بكلية الإعلام جامعة القاهرة هذه المبادرات برغبة السياسيين فى الاقتراب والتفاعل الاجتماعى مع الجماهير، خاصة الشباب، وفى إزالة الاختلافات والخلافات القديمة بين حزب الوفد وبين حزب الحرية والعدالة المحتمل تحالفهما خلال الانتخابات المقبلة، والتقريب بين شباب الحزبين، من خلال إيجاد «ائتلاف كروى يوازى الائتلاف السياسى». لكن «العالِم» وصف هذه المبادرات بالكرنفالية التى قد لا يصدقها بعض رجال السياسة، لتدعيم صورة الحزبين، رغم أن كرة القدم تستخدم فى الكثير من الأوقات كآلية للتقارب السياسى، وتقليل حدة الخلافات بين السياسيين، واستمالة الجماهير، مضيفا: لكنها استخدمت أيضا كأداة لتخدير الرأى العام، وتحويل الاهتمام من القضايا الجادة إلى قضايا الكرة. ووصف الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة هذه المبادرات بالأسلوب الجيد للوصول إلى قطاعات من المواطنين لا تهتم بالسياسة، وتهتم أكثر بكرة القدم، مشيرا إلى أن هذا الأسلوب ليس جديدا فى السياسة المصرية، فقد لجأت إليه التنظيمات الشيوعية خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى. «هذه مبادرة يجب أن تحتذى بها جميع الأحزاب للوصول إلى قطاعات من المواطنين ربما لا تقرأ الصحف ولا تهتم بالسياسة»، بحسب السيد، وأضاف أن هذه الأساليب تؤدى على الأقل إلى معرفة هؤلاء المواطنين بوجود هذه الأحزاب، موضحا أن كرة القدم لها دور كبير فى السياسة، حيث إنها وسيلة لجذب المواطنين كخطوة أولى، ثم تليها خطوة تالية للترويج لأفكار الحزب وتشجيع الانضمام إليه. فيما وصفت الدكتورة نائلة عمارة، وكيلة كلية الآداب لشئون خدمة المجتمع بجامعة حلوان، مثل هذه المبادرات ب«التقليعة» الجديدة غير الموفقة للدعاية الانتخابية وكسب الشعبية بالنسبة لحزبين مثل الوفد أو الإخوان، مؤكدة أنه كان من الأفضل لهما «أن يهتما بالمجتمع وقضاياه، فلدينا فرق كرة قدم كافية» بحسب عمارة. وربط الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة بين مبادرة الإخوان لتكوين فريق لكرة القدم وأفكار مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا، الذى كان وراء فكرة تأسيس مسرح إسلامى عمل به إبراهيم الشامى وعبدالمنعم إبراهيم وإبراهيم سعفان، وأيضا كان يدعو فرق الجوالة إلى ممارسة العديد من الأنشطة الرياضية، «ولا أعتقد أن كرة القدم كانت من ضمنها»، ويتابع «الإخوان بهذه المبادرة يحاولون إحياء أفكارهم القديمة بعد أن اكتسبوا مساحة كبيرة فى المشهد السياسى المصرى بعد 25 يناير». ويرى خليل أن تبنى الإخوان والوفد إنشاء فرق لكرة القدم خطوة سابقة لأوانها، لجأ إليها قبلهم عدد من رجال الأعمال، مثل عثمان أحمد عثمان مؤسس نادى المقاولون العرب، معتبرا أن الأهم بالنسبة للأحزاب الآن هو الاجتهاد فى طرح برامج إصلاحية وبرامج لبناء المستقبل المصرى، وتصحيح الأوضاع المعوجة فى الاقتصاد والتعليم والثقافة والإعلام، واستنكر قائلا: «لكن أن يقدموا أنفسهم للرأى العام من خلال فرق لكرة القدم فهذا نوع من الهزل والتهريج السياسى». واتفقت معه الدكتورة نسمة البطريق، الأستاذة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، معتبرة أن الشعب المصرى الذى قام بثورة يناير لا ينتظر من الأحزاب فرقا لكرة القدم، بل ينتظر برامج إصلاح فى جميع المجالات. وأكد الدكتور هشام عطية، أستاذ الصحافة بإعلام القاهرة أن الاحزاب فى المجتمعات الديمقراطية لا تتبنى فرقا لكرة القدم، بل تركز فى تنفيذ برنامج الحزب السياسى والاجتماعى، للوصول إلى ثقة الجمهور، وبالتالى الوصول للحكم، بينما تترك الأحزاب فى مصر مهمتها الأساسية، إلى ما وصفه ب«العبث» وخلط ما هو نافع بما هو هامشى، كامتداد لسياسة عهد مبارك، التى أطغت الأجندة الكروية على الأجندة الاجتماعية والسياسية، بحسب هشام، التى وصلت ذروتها حين احتفل الرئيس ونظامه بفوز المنتخب المصرى بكأس الأمم الأفريقية، فى نفس الوقت الذى غرق فيه أكثر من ألف مصرى فى عبَّارة السلام.