المؤتمر العام لنقابة الصحفيين.. تعزيز دور الصحافة في المجتمع    عمرو الفقي الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية يوجه الشكر لوزير الاتصالات    محمود مسلم: مصر تمارس أقصى درجات ضبط النفس مع إسرائيل    قائمة الترجي - استعدادا لمواجهة الأهلي.. بن حميدة ضمن 23 لاعبا في رحلة القاهرة    اتحاد الكرة يكرم حسن وسامي بعد ظهورهما المشرف في كأس الأمم لكرة الصالات    ختام امتحانات الشهادة الإعدادية بمعاهد منطقة شمال سيناء الأزهرية    ويزو تشارك جمهورها البرومو التشويقي لفيلم "اللعب مع العيال"    رئيس البريد: لدينا 30 مليون عميل وحسابات التوفير حصيلتها 300 مليار جنيه    تقارير| بوتشتينو يدخل اهتمامات اتحاد جدة    هل يشارك تريزيجيه في نهائي كأس تركيا    كيليان مبابى يتوج بجائزة هداف الدورى الفرنسى للمرة السادسة توالياً    مراقبة بدرجة أم.. معلمة بكفر الشيخ "تهوي" للطالبات في لجنة الامتحان "فيديو"    نزل ينقذ أخوه التوأم مات.. جهود مكثفة لانتشال جثمان طالب ثانوي غرق بترعة الإبراهيمية في أسيوط    وزير الري يشارك في جلسة "نحو نهج عالمي واحد للصحة" بمنتدى المياه.. صور    محمد درويش يكتب : « نقطة فى بحر »    وزارة الصحة تقدم نصائح للحماية من سرطان البروستاتا    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب خلاف مع والده فى منطقة المقطم    وكيل خارجية النواب عن أكاذيب CNN: تضليل ومحاولة لتحميل مصر مسؤولية تعقد المفاوضات    هلا السعيد تكشف تفاصيل جديدة عن محاوله التحرش بها من سائق «أوبر»    إقبال متوسط على انتخابات الغرف السياحية.. والقوائم تشعل الخلافات بين أعضاء الجمعية العمومية    موعد وقفة عيد الأضحى وأول أيام العيد 2024    رئيس هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا: التصميمات النهائية لأول راوتر مصري نهاية العام    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    تحديد ملاعب نهائيات البطولات القارية الأوروبية لعامي 2026 و2027    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    البنك المركزي يكشف عن وصول قيمة أرصدة الذهب لديه ل448.4 مليار جنيه بنهاية أبريل    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    بإشارته إلى "الرايخ الموحد".. بايدن يتهم ترامب باستخدام لغة هتلر    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    لأول مرة .. انعقاد مجلس الحديث بمسجد الفتح بالزقازيق    مصر والأردن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    5 نصائح غذائية للطلاب خلال فترة الامتحانات من استشارية التغذية    البيت الأبيض: إسرائيل وافقت على طلبات أمريكية لتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    إنبي: من الصعب الكشف عن أي بنود تخص صفقة انتقال زياد كمال إلى الزمالك    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق جويدة يكتب : الوفد وتجربة انتخابية فريدة
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 06 - 2010

أيا كانت النتائج التى وصلت إليها انتخابات حزب الوفد بعد فوز الدكتور السيد البدوى رئيسا للحزب ضد منافسه السيد محمود أباظة فقد جاءت النتيجة لتحمل أكثر من دلالة حول مستقبل الحزب العتيق.. كلنا نذكر الصراعات التى شهدتها ساحات الوفد منذ أعوام قليلة والتى تحولت إلى معارك وحرائق فى مقر الحزب ثم كانت المواجهات بين د.نعمان جمعة والسيد محمود أباظة فى المحاكم ثم حسمت الأيام المشهد عندما استقر الحال لصالح محمود أباظة.
كثيرون شعروا فى هذا الوقت بحزن شديد أن يصل الحال بأعرق الأحزاب المصرية إلى هذا الواقع المؤلم الكئيب.. وإذا كانت هذه المعارك والمواجهات أمرا واردا مع أحزاب أخرى إلا أن الوفد بتاريخه ومكوناته ورموزه كان ينبغى أن يحافظ على كل هذه الأشياء بحيث لا ينساق إلى معارك وتصفيات وصلت به إلى حالة من الوهن والتراجع تركت آثارها على الحياة الحزبية فى مصر بصورة عامة.
حزن عقلاء الأمة لما وصلت إليه أحوال الوفد من انشقاقات ومعارك انعكست آثارها على دور الحزب ومسئولياته طوال السنوات الماضية.
كان من أبرز هذه السلبيات التى ظهرت بعد عزل د.جمعة وتولى السيد محمود أباظة رئاسة الحزب النتائج السيئة التى وصل إليها حزب الوفد فى الانتخابات البرلمانية فلم يحصل على شىء يذكر.. ومن أهم السلبيات أيضا تراجع دور الحزب كجبهة معارضة لسطوة الحزب الوطنى واحتكاره للمشهد السياسى فى مصر أن خسارة المعارضة المصرية لدور وتأثير حزب الوفد كانت خسارة فادحة.. ومن أبرز سلبيات غياب الوفد عن الساحة حالة العقم التى أصابت الحزب وكانت توحى بعدم ظهور رموز جديدة لتقود مسيرة الحزب السياسية فى المستقبل..
ورغم كل المناورات التى سبقت الانتخابات الأخيرة فى ظهور بعض الأسماء واختفاء البعض الآخر إلا أن المعركة وصلت إلى نهايتها بمواجهة حضارية بين الدكتور السيد البدوى ومحمود أباظة.. لقد كنت حريصا أن أتابع هذه المواجهة على المستوى الإعلامى وقد شاهدت أكثر من مناظرة بين مرشحى الوفد سواء على شاشات تليفزيون الدولة أو القنوات الخاصة وكان سجالا موضوعيا رفيعا فى لغة الحوار وطرح القضايا وإمكانيات المشاركة السياسية الفعالة..
لقد طرح المرشحان فى أكثر من مواجهة أفكارا كثيرة حول قضية الإصلاح السياسى ودور الوفد ومستقبل التجربة الحزبية فى مصر بصورة عامة..
ولا شك أن انتخابات الوفد الأخيرة تمثل أهمية خاصة وتجربة فريدة فى موقف الأحزاب المصرية ولعل ذلك يرجع لأسباب كثيرة.
أول هذه الأسباب أن الوفد هو الحزب الوحيد المعارض القادر على مواجهة الحزب الوطنى الحاكم أن وراء حزب الوفد تاريخا طويلا يعطيه هذا الحق كما أن حزب الوفد مازال حتى الآن يمثل جموع الشعب المصرى بطبقاته ومكوناته وتاريخه.. كان الوفد من أهم حصون الوطنية المصرية.. وكان الوفد يمثل كل التيارات الفكرية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. وكان الوفد يضم الطبقة المتوسطة المصرية التى قضت عليها ثورة يوليو واختلت مع غيابها منظومة اجتماعية كاملة فى ظل الانفتاح والخصخصة وبيع أصول الدولة المصرية..
وقبل هذا كله فإن الوفد هو الحزب الوحيد الذى استطاع دائما أن يجمع عنصرى الأمة من المسلمين والأقباط.. جمع حزب الوفد سنوات طويلة بين قيادات مسلمه وأخرى مسيحية واستطاع أن يقدم تجربة فريدة ما أحوجنا لها الآن حول هذا الاندماج فى عناصر الأمة دون تفرقة فى دين أو جنس أو عقيدة.. فى الوفد كانت قيادات مسيحية بارزه وقيادات إسلامية كما أن برنامج الوفد قام فى الأساس على أن الدين لله والوطن للجميع.
هذه الأسباب جميعها تعطى للوفد مكانة خاصة بين المصريين حتى هؤلاء الذين اختلفوا مع الحزب وموقفه من ثورة يوليو ودورها فى تشوية الحياة السياسية فى مصر..
من هنا تأتى أهمية التجربة الانتخابية الأخيرة بين البدوى وأباظة على رئاسة الحزب العريق.. كان أبرز ما فى التجربة الروح التى اتسمت بها المعركة من حيث الترفع والإقناع والحوار الجاد.. وكان من أهم جوانب النجاح فيها أن أطراف الصراع استخدمت وسائل حضارية فى المواجهة.. لم يحاول محمود أباظة استغلال منبر الحزب وهو صحيفة الوفد فى المعركة وبقيت الجريدة فى حالة حياد كامل أمام انتخابات رئاسة الحزب..
على الجانب الآخر لم يحاول الدكتور البدوى استغلال قنواته الفضائية بكل ثقلها وتأثيرها فلم يظهر فى أى برنامج من برامجها وحرص على أن يتحدث بعيدا عنها من خلال تليفزيون الدولة أو القنوات الخاصة الأخرى.. ولقد قدرت ذلك كثيرا خاصة أن الحزب الوطنى كان دائما يقدم النموذج الأسوأ فى تغطية الانتخابات حيث يسيطر على إعلام الدولة ويستغل ذلك إلى أبعد الحدود.
لقد كان موقفا حضاريا من مرشحى الوفد ألا يستخدم أحدهما أو كلاهما ما لديه من أسلحة إعلامية فى المعركة الانتخابية.
من الجوانب المهمة فى تجربة الوفد مع الانتخابات أننا وجدنا انتخابات بدون تزوير ولم يعترض أحد الأطراف على النتائج وكان كل شىء يتم بمنتهى الأمانة والشفافية أمام أعضاء الحزب والمرشحين.
كانت سابقة طيبة أن يترك رئيس حزب موقعه وهو على قيد الحياة فنحن الآن أمام ثلاثة رؤساء لحزب الوفد كلهم أحياء أطال الله أعمارهم وهم الدكتور نعمان جمعة والسيد محمود أباظة والدكتور السيد البدوى.. أنها بالفعل تجربة جديدة علينا وفريدة فى صورتها أن يخرج الإنسان من الحزب وهو ما يزال حيا يزرق..
نأتى إلى مأساة اسمها الانتخابات المزورة وهو تاريخ طويل فى الحياة السياسية فى مصر منذ انتخابات واستفتاءات هيئة التحرير والاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى مرورا على المنابر وحزب مصر وكل هذه التجارب التى لم تشهد يوما انتخابات نظيفة.. تأتى أخيرا انتخابات حزب الوفد لكى تؤكد لنا أن الشفافية ليست مستحيلة وأن العدالة ليست بعيدة وأن النجاح فى الانتخابات ليس بالضرورة بالتزوير والغش وإفساد الذمم..
مهما تحدثنا عن الديمقراطية الحلم والواقع فإن المقياس الوحيد هو الانتخابات ولا توجد ديمقراطية حقيقية بدون انتخابات نزيهة ومهما كان الحديث عن تجارب الشعوب الأخرى فإن الفشل والنجاح يرتبط فى الأساس بالانتخابات الحقيقية ولقد كانت الأزمة الحقيقية التى تواجه الديمقراطية فى مصر أنها لم تشهد يوما انتخابات حقيقية على كل المستويات كانت الانتخابات مسرحية ساذجة لا تقنع أحدا وكانت لجان الانتخابات والإشراف عليها مسرحية هزيلة لا جدوى منها..
وكانت نتائج الانتخابات وما يشوبها من عمليات تزوير واضح وصريح هى أكبر دليل على استحالة الحديث عن ديمقراطية حقيقية من هنا تأتى أهمية الانتخابات الأخيرة فى حزب الوفد.. لقد أسقطت تحفظات كثيرة.. وأبعدت شوائب أكثر واستطاعت أن تقدم نموذجا لانتخابات حزبية وسياسية فريدة..
إن أهم ما فى تجربة حزب الوفد أنها تضع قواعد جديدة للعبة السياسية بعيدا عن تزوير الانتخابات أو الهيمنة والوصاية كما أنها تضع مبادئ مهمة لانتقال السلطة وتداول القرار..
إننا ننتظر الكثير من تجربة الوفد الأخيرة..
ننتظر تلاحمَا حقيقيا بين الوفد والشارع المصرى خاصة أن للوفد تاريخا طويلا حافلا ومتنوعا يعطيه فرصا أكبر من أى حزب آخر لكى يكون أكثر تفاعلا ووجودا فى الشارع المصرى إلا أن هذا يتطلب جهدا كبيرا من قيادات الوفد الجديدة..
ننتظر تنسيقا بين الوفد وأحزاب المعارضة الأخرى بحيث يدرك الجميع أن القوى السياسية لا بد وأن تتكاتف مع بعضها من أجل تغيير حقيقى.. إن الوفد هو الحزب القادر على قيادة المعارضة المصرية من خلال تصورات واضحة عن مستقبل مصر السياسى..
نحن على أبواب مرحلة جديدة على درجة كبيرة من الحساسية.. نحن أمام انتخابات برلمانية مقبلة مع نهاية هذا العام ولا بد أن يكون للوفد نصيب كبير فى البرلمان القادم فلا يعقل أن يكون هذا هو آخر ما وصل إليه الوفد فى سباق مجلس الشعب ومجلس الشورى.. إن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون أهم الاختبارات أمام حزب الوفد ودوره فى المرحلة المقبلة..
مع الانتخابات البرلمانية فى نهاية العام ستكون الانتخابات الرئاسية فى العام المقبل، ولو أننا افترضنا أن فرصة الأحزاب فيها ضعيفة، بل مستحيلة إلا أن المشاركة السياسية ضرورة لا غنى عنها ليس من أجل الوصول إلى حلم الرئاسة ولكن من أجل كسر احتكار حزب ما لموقع الرئاسة..
لا أدرى كيف يستطيع حزب الوفد أن يستفيد من الصورة الجديدة التى ظهر بها قانون الطوارئ.. مازال هذا القانون حتى الآن وصمة عار فى جبين الحياة السياسية فى مصر ولكن ينبغى أن يستفيد حزب الوفد والمعارضة المصرية من الواقع الجديد ما هو متاح وممكن.. وقد يعطى ذلك فرصة للوفد لكى يكون أكثر فاعلية ومشاركة فى الحياة السياسية بعيدا عن الإجراءات الأمنية التى كانت تفرضها قواعد اللعبة فى ظل قانون الطوارئ..
لا أدرى ما هى الصيغة التى يمكن أن تتيحها تجربة الوفد الجديدة فى التعاون مع الأحزاب الأخرى.. هناك أرضية واسعة بين الوفد وبقية الأحزاب خاصة حزب التجمع والحزب الناصرى رغم الخلافات التاريخية بين الوفد وبقية الأحزاب خاصة الموقف من السياسة الاقتصادية وثورة يوليو ومشروعات الخصخصة وإن كان الوفد نفسه لا يتحمس للسياسات الاقتصادية التى حملت واجهة ليبرالية مزيفة فى كثير من الأحيان.
تبقى أمام الوفد معركة هى فى تقديرى أهم معاركه فى الفترة المقبلة هى العلاقة بين الوفد والإخوان المسلمين.. كلنا يعرف أن هناك تاريخا طويلا امتد لسنوات ومواجهات شرسة بين الوفد والإخوان ولكن هناك أيضا جوانب اتفاق كثيرة.. إننى أعتقد أن الدولة تتمنى أن يجىء اليوم الذى يصبح فيه الوفد هو القوة المعارضة فى مصر وليس الإخوان المسلمون ولا شك أن الإخوان يدركون ذلك ويعلمون أن الوفد هو الحزب الوحيد القادر على انتزاع جزء كبير من الشارع المصرى وهذا بلا شك سوف ينعكس بالسلب على الإخوان المسلمين أن الواقع يقول إن الإخوان المسلمين حققوا وجودهم فى الشارع المصرى على فشل التجربة الحزبية فى مصر وفى تقديرى أن الوفد هو الحزب الوحيد القادر على انتزاع قيادة المعارضة المصرية بكل أطيافها السياسية وهذا ما نتمناه فى الفترة المقبلة..
فى فترة من الفترات حدثت عمليات تنسيق وتعاون بين الوفد والإخوان ولكنها لم تكتمل لأسباب كثيرة.. أول هذه الأسباب أن هناك خلافات كبيرة بين الوفد والإخوان على المستوى الفكرى والسياسى..
إن الوفد حزب سياسى ليبرالى قام تاريخه على وحدة الشعب المصرى وهذا الطرح يختلف عن خلفيات وثوابت فكر الإخوان.. فى سنوات مضت لم تنجح فرص التفاهم بين الوفد والإخوان فهل يمكن أن تنجح الآن فى ظل طرح جديد.. لا شك أن هناك إمكانات لذلك إذا حاولت جماعة الإخوان التخلى عن بعض ثوابتها الدينية والسياسية التى تتعارض تماما مع فكر الوفد ومنطلقاته.. وإذا شهدت الساحة السياسية تنسيقا بين الوفد والإخوان فسوف يكون ذلك أكبر وأهم حدث سياسى فى تاريخ مصر منذ قيام ثورة يوليو وإلغاء الأحزاب السياسية.
نأتى بعد ذلك إلى مربط الحصان وهو مستقبل العلاقة بين الوفد والحزب الوطنى.. لو سألت قيادات الحزب الوطنى من هو الأفضل فى المواجهة السياسية مع الحزب الوطنى سوف تسمع من يقول نحن نفضل حزب الوفد.. ولكن هل يمكن أن يعطى الحزب الوطنى فرصة المشاركة الحقيقية للوفد فى الساحة السياسية..
هل يمكن أن يسمح للوفد بأن يكون منافسا سياسيا حقيقيا.. وما حدود الصفقة التى يمكن أن تتم بين الحزب الوطنى وحزب الوفد.. هل هى عدد أكبر فى نواب مجلس الشعب والشورى أم أنه من الممكن أن يصل الاتفاق إلى أبعد من ذلك فى صورة حكومة ائتلاف وطنى بحيث يقود الوفد المعارضة إلى صيغة أكثر تأثيرا بشرط أن يكون ذلك فرصة لإبعاد الإخوان المسلمين تماما..
قد يلجأ الحزب الوطنى أمام الظروف الصعبة التى يواجهها فى الشارع المصرى مع حكومته إلى فتح آفاق أوسع للتفاهم مع حزب الوفد وسوف يجد استجابة وفدية ولكن هل يسعى الحزب الوطنى لذلك وهل يمكن أن يتنازل قليلا عن احتكار الواقع السياسى فى مصر وهل ستقبل رموز الحزب الوطنى هذا الطرح..
قد تتغير قواعد اللعبة السياسية كلها لو أن الإخوان المسلمين قرروا فجأة إعلان تشكيل حزب سياسى فى برنامج جديد يتخلى عن ثوابتهم الدينية التى تعوق حركتهم السياسية وفى هذه الحالة سوف تزداد المعركة شراسة بين معارضة قوية يقودها حزب الوفد والإخوان المسلمين ومن سينضم إليهم من القوى السياسية الأخرى.. وهنا أيضا سيواجه الحزب الوطنى مقاومة شرسة فى الانتخابات المقبلة بما فيها الانتخابات الرئاسية وقد يكون ذلك بداية عصر جديد للديمقراطية فى مصر.
تهنئة خالصة للدكتور السيد البدوى الرئيس الجديد لحزب الوفد ونتمنى للسيد محمود أباظة دورا أكبر فى دعم حزب الوفد حتى وإن لم يكن رئيسا له لأن الوفد كان وسيبقى أعرق مدارس الوطنية المصرية فى أزهى وأنقى عصورها.
بقيت عندى ملاحظة أخيرة أهمس بها إلى الدكتور السيد البدوى: سيكون عظيما أن يستعيد الوفد وحدته وأن يطوى صفحات الخلاف وأن يستعيد رمزا من رموزه هو د.نعمان جمعة.. هذه هى روح الوفد الحقيقية التى ينبغى أن تسود..
إن الوفد لا ينسى أبدا كل رمز حقيقى شارك فى بناء هذا الصرح العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.