«قررنا ألا نلجأ للاقتراض الخارجى لسد العجز، وأن نخفض الإنفاق العام كبديل»، كما تقول فايزة أبوالنجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولى، ل«الشروق»، مؤكدة ما أعلنه وزير المالية المصرى خلال الأيام الماضية، وموضحة أن هذا القرار لا يقلل من أهمية استعداد أكبر مؤسستين دوليتين لإقراض مصر لما له من دلالة كبيرة على الثقة فى الاقتصاد المصرى، وقدرته على التعافى بسرعة، «فهناك دول أخرى تمر بضائقة مالية مثل اليونان مثلا لا تريد تلك المؤسسات إقراضها فى الوقت الحالى لعدم الثقة فى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها». «نريد أن نحافظ على المعدل الحالى للاقتراض الخارجى، وهو معدل آمن يمثل 14% من الناتج المحلى الإجمالى، علما بأن القروض الخارجية تبدأ فى دق ناقوس الخطر إذا بلغت 30% من الناتج»، تقول الوزيرة، مشيرة إلى أن كلا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة فضلا عدم اللجوء للاقتراض الخارجى فى الوقت الحالى خاصة أن اللجوء لهذا البديل كان فى شهرى فبراير ومارس الماضيين، بينما «الوضع الاقتصادى تحسن بدرجة كبيرة الآن مقارنة بتلك الفترة»، بما يسمح بالاعتماد على الموارد المحلية فى سد العجز سواء فى الميزانية أو ميزان المدفوعات. «أنا شخصيا من أنصار أن يكون اللجوء للقروض الخارجية فى أضيق الحدود، فرغم أنها أداة اقتصادية تلجأ إليها حتى الدول الكبرى، إلا أنها يمكن أن تؤدى لغرق دول واقتصادات»، تقول «أبوالنجا». وكانت وزارة المالية سبق أن أعلنت أنه تم الاتفاق مع البنك الدولى على قرض قيمته مليارى دولار، تمت زيادته بعد ذلك إلى 3.2 مليارا، بفائدة منخفضة لا تتعدى 3%، كما سبق أن اتفقت بعثة من صندوق النقد خلال زياراتها لمصر قبل ثلاثة أسابيع مع الحكومة على قرض ب3 مليارات دولار، كان من المنتظر توقيع المجلس التنفيذى للصندوق عليه فى يوليو المقبل. «المنطق الاقتصادى يقول إن الحكومة يجب ان تضخ استثمارات أكبر فى وقت الأزمة لتعوض تراجع القطاع الخاص»، تقول ابوالنجا موضحة أن الحكومة رفعت الإنفاق بالفعل على مجالات تصب فى التنمية البشرية مثل التعليم والبحث العلمى والصحة والاستصلاح الزراعى، بنسب تتراوح بين 10 و12%، «كان أملنا أن نضخ استثمارات أكبر فى تلك القطاعات خلال العام المالى المقبل، تصل إلى ما بين 20 و30%، لكننا خفضنا طموحنا لنخفض من العجز»، مشيرة إلى أن أى موارد إضافية سوف تأتى لمصر، خاصة عن طريق المنح الدولية، سوف توجه تلقائيا لتلك المجالات، بحسب ما اتفقت عليه الحكومة. وكانت الحكومة قد أعلنت النسخة النهائية من ميزانيتها للعام المالى الجديد، 2011/2012، يوم الأربعاء الماضى، بعد تعديلها بحيث تم خفض العجز المتوقع فيها من 10.8% إلى 8.6% من الناتج المحلى، «فى ضوء حرص المجلس العسكرى على عدم تحميل الحكومة التى ستأتى بعد الانتخابات بديون كبيرة، حسبما أكده سمير رضوان، وزير المالية. وتتبع مصر سياسة صارمة تجاه الاقتراض الخارجى منذ 10 سنوات تقريبا، تقوم على ألا يزيد حجم القروض الجديدة على قيمة ما يتم تسديده لخدمة الدين سنويا، وأن توجه لاستخدامات محددة لهذه الأموال فى مشروعات تنموية قادرة على تسديد نفسها بنفسها، مثل الكهرباء والمطارات، كما تقول الوزيرة، وفى حالة وجود مشروعات حتمية لخدمة المواطنين يكون فيها جزء ممول من القروض وجزء محلى للحفاظ على التوازن المطلوب.