موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين.. «إجازه مولد النبي كام يوم؟»    أول هبوط في أسعار الذهب اليوم الجمعة 15-8-2025 عالميًا بعد 7 أيام.. خسارة 1.8% ل المعدن الأصفر    أسعار الفراخ اليوم ببلاش.. يا مرحب بالعزومات    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بعد ارتفاعه عالميًا    بن جفير يقتحم زنزانة مروان البرغوثي.. تهديد علني وإدانة فلسطينية لإرهاب نفسي ومعنوي    موعد مباراة ليفربول وبورنموث في الدوري الانجليزي    الإسماعيلي يتلقى ضربة قوية بعد الهزيمة من بيراميدز.. ماذا حدث؟    هشام حنفي: الخطيب غاضب من أداء الأهلي أمام مودرن.. وأنصح ريبييرو بتغيير طريقة لعبه    "بعد الهزيمة من إسبانيا".. موعد مباراة مصر والنرويج في كأس العالم للشباب لكرة اليد    لاعب الأهلي السابق يوضح سبب تراجع بيراميدز في بداية الدوري    حالة الطقس اليوم في الكويت    قرارات من النيابة في حادث مطاردة "فتيات أكتوبر" على طريق الواحات    أشرف زكي يفرض الصمت الإعلامي حول أزمة بدرية طلبة لحين انتهاء التحقيق"    علاء زينهم: عادل إمام كان يفتخر بكفاحي وعملي سائق تاكسي قبل المسرح    20 صورة لعائلة زوجة ميدو احتفالا بهذه المناسبة    أجمل رسائل تهنئة المولد النبوي الشريف مكتوبة    بريطانيا تدين خطة إسرائيلية لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية    حكام مالي العسكريون يعتقلون جنرالين وآخرين في مؤامرة انقلاب مزعومة    الشرطة الفرنسية تضبط 1.3 طن من الكوكايين بمساعدة الشرطة الإسبانية    اليوم، الإدارية العليا تبدأ في نظر طعون نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    شاب يتخلص من حياته ب"الحبة القاتلة" في الفيوم    مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»    رحيل مفجع.. التصريح بدفن ضحايا ألسنة نار مصنع البلاستيك بالقناطر الخيرية    ليلة رعب بالقليوبية.. معركة بالأسلحة البيضاء تنتهي بسقوط المتهمين بالخصوص    مصرع طالب في تصادم سيارة ودراجة بخارية بقنا    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025؟ أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم    بعد انتهاء مباريات اليوم .. تعرف علي ترتيب جدول ترتيب الدورى الممتاز الخميس 14 أغسطس 2025    15.8 مليون جنيه حصيلة بيع سيارات وبضائع جمارك الإسكندرية والسلوم في مزاد علني    هشام عباس يحيي حفلًا كبيرًا في مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء 18 أغسطس    تامر حسني: «نفسي أعمل حفلات في الصعيد والأقصر وأسوان والشرقية» (فيديو)    خالد البلشي يستقبل الصحفي التلفزيوني عادل العبساوي في مكتبه    لا تتجاهل هذه العلامات.. 4 إشارات مبكرة للنوبة القلبية تستحق الانتباه    أول ظهور للفنانة ليلى علوي بعد تعرضها لحادث سير بالساحل الشمالي (فيديو)    لافروف ودارتشييف يصلان إلى ألاسكا حيث ستعقد القمة الروسية الأمريكية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    طريقة عمل سلطة التبولة بمذاق مميز ولا يقاوم    سحب رعدية تقترب.. أسوان ترفع درجة الاستعداد لمواجهة الأمطار    «كنت مستنياه على الغدا».. ريهام عبدالغفور تتحدث عن معاناتها نفسيا بعد مصرع والدها    رسميًا الآن.. رابط نتيجة تنسيق رياض أطفال 2025 محافظة القاهرة (استعلم)    الفصائل الفلسطينية: نثمن جهود الرئيس السيسي الكبيرة.. ونحذر من المخطط التهويدي الصهيوني في الضفة    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    «اللهم ارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم».. دعاء يوم الجمعة ردده الآن لطلب الرحمة والمغفرة    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    وزير البترول يكلف عبير الشربيني بمهام المتحدث الرسمي للوزارة    القانون يحدد ضوابط استخدام أجهزة تشفير الاتصالات.. تعرف عليها    بعد موافقة النواب.. الرئيس السيسي يصدق على قانون التصرف في أملاك الدولة    "بعد اتهامها بتجارة الأعضاء".. محامي زوجة إبراهيم شيكا يكشف لمصراوي حقيقة منعها من السفر    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    بالصور| نهضة العذراء مريم بكنيسة العذراء بالدقي    ترامب يعرب عن ثقته بأن بوتين وزيلينسكي سيتفقان على تسوية النزاع    لأول مرة بمجمع الإسماعيلية الطبي.. إجراء عملية "ويبل" بالمنظار الجراحي لسيدة مسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام العربى.. إلى أين؟
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 06 - 2011

أعتقد أن الأنظمة العربية التى ناصبت شعوبها العداء مع أول احتجاج سلمى، لم ترتكب جريمة واحدة، بل مجموعة من الجرائم اقترفتها فى حق شعوبها وفى حق أمتها العربية ككل. لم تعرقل تلك الأنظمة مسيرة شعوبها الإصلاحية لعقود من الزمن، وبالتالى حرمتها من اللحاق بركب التطور السياسى والاجتماعى الذى ضم الكثير من الشعوب والأمم، بل تسببت بموقفها هذا فى اتساع الهوة بين شعوبها وبقية الشعوب، فأصبح من الصعوبة بمكان جسر هذه الهوة فى أى وقت قريب. أضف إلى ذلك أن ما تشهده الساحة العربية فى الوقت الحاضر أصبح يتعدى فى آثاره الأطر الجغرافية للدول، ليطال البنيان الذى جمعنا لأكثر من 65 عاما.
فإذا نحن أخذنا المثال الليبى، لوجدنا أن الشعب هناك قد تعرض للقمع من اليوم الأول لانتفاضته. ومع تعاظم الجرائم المرتكبة فى حق الشعب اضطرت الجامعة العربية إلى إيقاف مشاركة وفود حكومة طرابلس فى اجتماعاتها، وطلبت إلى مجلس الأمن تحمل مسئولياته، وحماية المدنيين، بفرض منطقة يحظر فيها الطيران الحربى الليبى فوق الأماكن التى كانت تتعرض للقصف.
لم يكن اتخاذ مثل هذا القرار من قبل الجامعة العربية فى حق دولة عضو بها بالأمر السهل. ولكن هل ترك النظام الليبى للجامعة أى خيار آخر غير اللجوء إلى المنظمة الدولية المسئولة عن حفظ الأمن والسلم؟ طبيعى ألا يبتهج أحد لعمليات حلف الناتو فوق ليبيا، ولا يريد أحد أن يتحول الحلف إلى جار ثقيل على حدودنا الغربية قد لا يسهل زحزحته.
ما كان أغنانا عن كل ذلك؟! هل تجدى القوة الغاشمة نفعا فى مواجهة صلابة شعب متعطش لحرية، ومتمسك بمسيرته الإصلاحية؟ ألا يزيد عناد النظام الليبى من مخاطر تقسيم البلاد إذا ما استمر الوضع دون حسم؟ وهل النظام على استعداد لتحمل المسئولية، أمام التاريخ الذى لا يرحم، عن موقفه هذا وتداعياته؟ لا يتحدث أحد حتى الآن عن إعادة إعمار ما ستخلِّفه المعارك، كما لا يتكلم أحد عن فاتورة نفقات الحرب ومن سيتحملها؟ ثم من سيتولى مهمة إعادة الإعمار هذه بعد نزوح مئات الآلاف من العاملين إلى خارج ليبيا، وأغلبهم من المصريين؟ من المضحك المبكى فى نفس الوقت، أن أحد أعضاء الكونجرس الأمريكى الذى زار العراق مؤخرا قد طالبت حكومته بتحمل تكاليف الغزو الأمريكى للبلاد ونفقات الاحتلال. وأرجو ألا تستهوى الفكرة حلف الناتو فيرجع على ليبيا مستقبلا بمثل هذه النفقات!.
والآن نحول أنظارنا إلى المشرق، وما يجرى على أراضى الشقيقة سوريا التى شاركتنا التاريخ بطوله، بحلوه ومره. نزح الآلاف من السوريين إلى الأراضى التركية هربا من التصفيات والقمع والتنكيل. سوريا التى وفرت ملاذا آمنا للعراقيين بعد الغزو الأمريكى لبلادهم، وسوريا التى تستضيف على أرضها مئات الآلاف من الفلسطينيين اللاجئين. هل انقلب الحال لتصبح سوريا طاردة لآلاف من مواطنيها؟. وأتساءل هنا: أما زالت أجزاء من الأراضى السورية ترزح تحت وطأة الاحتلال؟ ألا يلاحق المحتل ومن يناصرونه سوريا فى كل محفل، تارة بذريعة رعاية الإرهاب، وتارة أخرى بأنها تضمر أهدافا خبيثة من وراء برنامج نووى مزعوم؟ ألا يجدر بالنظام السورى أن يبذل كل ما فى وسعه لكسب ثقة الشعب واستنهاض هممه للتصدى لهذه الأخطار والتهديدات؟
أما الأوضاع فى اليمن فهى ليست بأحسن حالا من مثيلاتها فى الأجزاء الأخرى من العالم العربى. هناك ثورة الشباب التى يواجهها النظام بكل وحشية، وهناك مشكلة الحراك الجنوبى، وهناك أيضا مشكلة الحوثيين. ويأبى الأمريكيون إلا أن يصطادوا فى الماء العكر، فيشنون الغارات تباعا بمباركة النظام وتأييده على ما يصنِّفونهم بأنهم فلول لتنظيم القاعدة. ومرة أخرى نتساءل عما إذا كان النظام على استعداد لتحمل المسئولية أمام التاريخ عن تحويل اليمن السعيد إلى دولة فاشلة؟ هل ستذهب تضحيات شعب اليمن منذ ثورته عام 1963، وتضحيات شعب مصر وجيشها عندما قاما بدعم تلك الثورة وتثبيت أقدامها، هل تذهب كلها سدى؟
عندما يتأمل المرء ما آلت إليه الأوضاع فى أجزاء عدة من الوطن العربى، بسبب عناد زعامات تجاوزت منذ زمن بعيد أعمارها الافتراضية، لابد وأن يؤمن بأن الله تعالى قد رعى مصر فى ثورتها، ثم أتم نعمته عليها ومن قبلها تونس فجنبهما مآسى مماثلة، ومواقف لا تُحمد عقباها.
وكما قلت فى البداية، فإن تداعيات تلك الأمور المنفلتة تتجاوز النطاق الجغرافى للبلد المعنى لتطال النظام العربى كله. اهتز أحد أركان النظام العربى بشدة بعد الغزو الأمريكى للعراق عام 2003. وها نحن نرى أركانا أخرى لهذا النظام، فى الشمال وفى الجنوب، وفى الغرب، تريد هى أن تنقضَّ أيضا، عندئذ يتم تقويض البناء كله.
كان القادة العرب يسارعون إلى عقد القمم لمواجهة ما كانت تتعرض له الأمة العربية من أخطار أو ما كانت تصادفه من مشكلات. وكان هؤلاء القادة ينجحون فى أغلب الأوقات فى التصدى لتلك التحديات، أو يتفقون على عمل مشترك يضعهم على الطريق الصحيح. غير أن هؤلاء القادة، الذين يتمسكون بكراسيهم، وقد أضحوا هم أنفسهم جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل. وهنا تنتقل المسئولية إلى الشعوب كى تغير من أحوالها، مهما بذلت من تضحيات، ومهما تحملت من آلام، لأنها هى الباقية وهى التى يجب أن تظل ساهرة على مصالح بلادها. الأنظمة، متى حادت عن جادة الصواب، فهى إلى زوال، أما الشعوب فباقية، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
منذ أيام قليلة وجه الشاعر الكبير أدونيس رسالة مفتوحة إلى رئيس سوريا بشار الأسد، وجاء عنوانها معبرا تماما عن مقصدها: «الإنسان، حقوقه وحرياته، أو الهاوية». ربما يكون أدونيس قد رسم من خلال رسالته خريطة طريق، ليس لشعب سوريا وحده، بل للشعوب العربية جمعاء. يقول الشاعر فى بعض مقاطع رسالته: «هناك «أصوات» مفكرون، كتّاب، شعراء، فنانون، مثقفون، شبَّان وشابَّات، لهم وجهات نظر وتطلعات نبيلة وعادلة، لكن لا تجمعهم وثيقة، ولو على مستوى الرمزية التاريخية، وثيقة تحمل أفكارهم، وتوضح أهدافهم لما بعد النظام القائم... لابد من طرح مفهوم الحكم، وآليات الوصول إلى الحكم وتداول السلطة، والآليات التى تسوَّغ للمحكوم أن يقول رأيه فى السلطة وأدائها، واعتبار السلطة فى متناول كل مؤهَّل يختاره الشعب». لم أجد أبلغ مما قاله الشاعر فى وصف الحالة العربية وما يتعين عمله مستقبلا. ألسنا فى أمسِّ الحاجة إلى وثيقة كهذه، بل إلى ميثاق يلزم الحكام قبل المحكومين، ونستطيع به كأمة عربية أن تتجاوز الأزمات ونضع «صمامات الأمن» التى تجنبنا الانحدار إلى الهاوية.
إذا ما توصلنا إلى تلك الوثيقة الجماعية أو ميثاق مُلزِم فيما بين الراعى والرعية، نكون قد أدينا خدمة جليلة ليس لوضعنا الحالى فقط، بل للأجيال من بعدنا. ونكون قد أرسينا أساسا ثابتا لنظام عربى يقف على قدمين راسختين، الأولى متمثلة فى ميثاق جامعة الدول العربية الذى وقعته «الحكومات العربية» فى القاهرة فى 22 مارس 1945، أما الثانية فتتمثل فى ذلك الميثاق الذى «يربط بين الحكام والشعوب» والتى تصوغ كلماته المبادئ التى تلتزم بها الأنظمة تجاه شعوبها من ناحية، وأهداف هذه الشعوب وطموحاتها فى حكم رشيد طال انتظاره، من ناحية أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.