على الرغم من أني من المؤيدين للنزول كل جمعة حتي تتحقق المطالب و لكني تابعت بدهشة شديدة كم التعليقات التي تحتفي بنجاح مظاهرات الجمعة 27 مايو علي طريقة "ليلة سقوط الإخوان" و"الإخوان والسلفيون.. كاميليا وعبير" و"أحب أقول للإخوان بعد البشر اللي نزلوا النهاردة.. هأو". ومن قبل ذلك تعليقات السياسيين والناشطين مثل خالد يوسف الذي قال: "احنا دلوقتي بنقول رسالة.. المليونية دي بتدي رسالة للمجلس العسكري إن للثورة أصحاب آخرين غير الإخوان المسلمين" و هو تشويه رهيب للمطالب العظيمة التي رفعها المتظاهرون وعاد وأكد خالد أن التيارات غير المشاركة (ومنهم الإخوان طبعا) هو من باب ترويع وإرهاب الناس حتى لا يشاركوا وحتى يظهر أنهم الوحيدون القادرون علي الحشد. كما تحدث بعض الأشخاص عن تحالفات وصفقات للإخوان إلى الحد الذي دفع الدكتور عمار علي حسن إلى القول بالنص: "أنا اتفهم أن يتفق الأستاذ نجيب ساويريس والإخوان في عدم النزول إلى الميدان لأن المسألة ستصل الي مصالحهم الذاتية". ومعروف طبقيا أن الإخوان من الجماعات المُمكنة اجتماعيا ولديها تميزا وقطاعا كبيرا من رجالها من الأثرياء و مطلب العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة اعتقد متضاد مع مصالح جماعة الأخوان المسلمين، ومن ثم اتفهم ان يتفق رجال الأعمال مع الإخوان مع كبار رجال الجهاز البيروقراطي الذين توحشوا وفسدوا في عصر مبارك مع الذين امتلكوا ثورات بلا وجه حق بالاستيلاء علي المال العام وتوزيع أراضي الدولة, كل هؤلاء يتكتلون الآن في خندق واحد لعدم اكتمال الثورة ونكتفي بمجرد الجدل حول المسائل الخاصة بالدستور. ليست بالطبع هذه كل التصريحات ولكنها ما لفت نظري مما شاهدته أو قرأته ومتأكد أنه هناك آراء متوازنة في هذا الشأن ولكني أحسست برغبة شديدة في الكتابة عن هذا النوع من الاتهامات ربما لأنها الأعلي صوتا في اعتقادي. اتمني ان نترفع عن هذه الاتهامات للأسباب التالية: 1- الإخوان هم بالفعل جزء من هذا الشعب ولن يتم تهميشهم أو سقوطهم بمجرد أن بعض الناس يتمنوا لهم السقوط فالإخوان موجودون منذ 83 عام و لم يسقطوا حتى تحت أقسى درجات القهر ومؤكد أن سقوطهم لن يكون بسبب هذ المظاهرة. كل من يحاول بشتى الطرق التخويف أو التقليل منهم يؤكد معني أنهم فصيل كبير وإلا ما انشغلنا بالحديث عنهم أصلا. من يريد أن يسقط الإخوان وفكرهم عليه أن يعمل ويصل إلى الشارع لإقناعه أن الأفكار التي يمثلها أفضل من فكر الإخوان بدلا من تضييع الوقت في تخوينهم واستخدام أسلوب الفزاعة القديم جدا والذي استهلكه النظام السابق! هل هذا يعني ألا ننتقد الإخوان؟ بالطبع لا، ولكن النقد والتقيييم يجب أن يكون علي أسس موضوعية لآرائهم وموافقهم و ليس علي أساس التفتيش في النوايا أو علي طريقة "دول مربطين مع كله" واستخدام اللغة يحب أن يعكس ذلك خصوصا عندما يكون علي مستوي "النخبة". 2 –شارك الإخوان في معظم الجمع السابقة- فلماذا هذه الجمعة بالذات؟ الدعوة لهذه الجمعة بدأت بدعوة الي الثورة أو جمعة الغضب الثانية وكانت بعض المطالب والشعارات المرفوعة راديكالية للغاية حتى أن صديق لي متحمس رأي أن الثوار سيختارون مجلس رئاسي مدني وجمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد ليتم فرضه على المجلس العسكري (مش عارف فرضه ازاي بصراحة!!). وعندما نبهته أنه لا يوجد إجماع علي المطالب وأن الأغلبية التي صوتت بنعم في الاستفتاء لن تقبل بدستور جديد قبل انتخاب مجلس الشعب ورئيس للجمهورية حسب المادة 189 التي تم الأستفتاء عليها بالفعل بدأ الحديث عن خداع الشعب بالاستفتاء وجهل معظم من صوتوا بنعم والتغرير بهم من قبل التيار الديني وأن الأغلبية الصامتة يجب أن تقبل ما يقره الثوار حيث كانوا يتفرجون علي ما يحدث للثوار في الميدان! أحب أن أشير إلى أنه بالرغم من تعجبي من الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس، فإن هذه المادة بالذات كانت ضمن المواد التي تم التصويت عليها وإن كان لنا الحق في الاعتراض على شيء فليكن علي المواد التي لم يتم التصويت عليها وأحب أن أسجل أن محاولة تغيير مسارأو تعديل أي من المواد التي تم التصويت عليها (75,76,77,88,93,139,148,179,189) هو محاولة انقلاب صريح علي الشرعية. طبعا في ظل بعض هذه المطالب ومحاولة تشبيه بعض الأشخاص اليوم علي أنها ثورة ثانية ضد المجلس العسكري عزف الكثير عن النزول (و ليس كلهم من الإخوان) وقرر الإخوان أيضا عدم النزول في هذه الأجواء. مهما حاول بعضهم الإيحاء بأن المطالب التي رفعت يوم الجمعة الماضية هي المطالب العادية فلن يمكن إغفال إن كان هناك تعبئة ضد المجلس العسكري قبل اليوم والدليل علي سبيل المثال لا الحصر فيديو أسماء محفوظ الذي تشابه جدا مع الفيديو الذي اصدرته قبل ثورة 25 يناير. نقد المجلس العسكري وأداؤه مكفول بالطبع للجميع و لكن ما حدث قبل هذا اليوم وصل لتخوين المجلس والمطالبة بإسقاطه مما يهدد بانقسام مؤسسة الجيش إذا تم الدفع بهذه المطالب وكان كما قلت سببا لعزوف الكثيرين ومنهم الجيش خوفا من المواجهات الناتجة عن التعبئة الشديدة. بالرغم من كل هذا كان يجب علي الإخوان عدم تسمية الجمعة "بجمعة الوقيعة" علي موقعهم وهذا يأتي ضمن سلسلة الأخطاء التي يقعوا فيها كلما حاولوا التعبير عن أسبابهم لعدم النزول واتفهم طبعا غضب الكثيرين من هذه التسمية. 3- أخيرا كل هذه الاتهامات ستؤدي الي خسارة الجميع نتيجة انقسام الإخوان والتيار الإسلامي من جهة والتيارات الليبرالية واليسارية والمستقلين من جهة أخرى. في هذه المرحلة الانقسام مضر جدا للتطور الديموقراطي حيث إن كل اطياف المجتمع يجب أن تتحد لتحقيق المطالب المشتركة والتفاوض مع المجلس العسكري بجبهة موحدة من أجل صياغة القوانين المستقبلية ومحاولة التوافق علي بعض التغييرات في القوانين التي أصدرت بالفعل قبل مناقشتها مثل قانون مباشرة الحقوق السياسية. أدعو قيادات العمل السياسي علي اختلاف إتجاهاتهم أن يشرعوا في إجراء حوار وطني حقيقي (بدون مشاركة الحكومة والمجلس العسكري!ٍ) للاتفاق علي خارطة طريق في ضوء الاستفتاء بالطبع يوافق عليها الجميع يتم وضعها أمام المجلس العسكري الذي لن يجد بدا من مناقشتها حيث إنها ستكون ممثلة لكل الإتجاهات التي شاركت في وضعها وفق الله الجميع الي ما فيه الخير لمصر