بعد12 سنة قضاها في سجون الرئيس المخلوع حسني مبارك, تنسم المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين عبير الحرية أمس الأول ليفاجيء الجميع بقوله انه ليس سعيدا بقرار الافراج عنه لانه جاء لاسباب صحية, بينما كان يتطلع الي اسقاط الاتهامات الباطلةالتي أسندها النظام السابق اليه. وفي هذا الحوار الذي خص به خيرت الشاطر الاهرام يثمن دور القوات المسلحة في حماية الثورة. متمنيا علي المجلس الاعلي استكمال دوره في تحقيق مطالبها, وفي مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين, مشددا علي ان التأخر في اتخاذ هذه الخطوة لامعني له. ويقول ان المرجعية الاسلامية للدولة المدنية التي يدعو اليها الاخوان تعني بالضرورة ان المسيحية مرجعية المسيحيين. ويضيف ان الوطن اكبر من اي فصيل, داعيا الي تضافر الجهود بين القوي السياسية لوضع خطة للنهوض بالوطن في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة, واستكمال عملية تطهير مؤسسات الدولة من الفساد. الشاطر يقول ايضا: كنا رهائن مختطفين من بيوتنا لصالح مشروع توريث جمال مبارك. ويضيف: قضيت12 سنة في السجون مثلت لي كابوسا كبيرا, لانها حرمتني من حقي الطبيعي في الحياة ويتابع ماحدث لنظام مبارك آية من آيات الله, وهو سنة الله في كل ظالم, مشددا علي ان هذا النظام سرق وطنا بأكمله.. وانه يحسب للثورة انها بدأت في تحرير الوطن والان الي نص الحوار: نسب البعض إليك انه عند نزول وزير الداخلية العهد البائد حبيب العادلي سجينا في العنبر ذاته الذي تواجدتما فيه بسجن طرة انك تعرضت للتضييق في التريض بفناء السجن, فقلت: ظلمني خارج السجن وداخله فما حقيقة ماحدث؟ الواقعة صحيحة.. فقد نزل في العنبر نفسه, و لكن في جزء ملحق به هو وبقية المجموعة التي قبض عليها مؤخرا وكان الإخوان خلال السنوات المتتالية الماضية زرعوا هذا الفناء بمجموعة من اشجار الفاكهة والزينة بأركانه المختلفة ليتريض الجميع فيه, كما انشأوا ملعبين رياضيين. فلما نزل الوزير السابق وزملاؤه بالعنبر بدأت الادارة تحدد لنا منطقة دخولنا وخروجنا لاماكن التريض, ووقعت مشادة بيني وبين احد الضباط بخصوص ذلك, وقلت له انه تحت التحقيق, وكماتقضي لوائح السجون فساعات تريضه قليلة, ولكن من صدر ضده حكم مثلي فمن حقه التريض طوال اليوم, وبالتالي فحقي الاصيل ان اتريض ويمكنكم ان تنظموا اوقاتهم بالطريقة التي تناسبهم, وانا لااكره الخير لاحد, حتي لو كان ظلمني او اختلف معي في الرأي ولكن ليس علي حسابي, ويكفي انه ظلمني, ولفق لي قضية خارج السجن, حتي يأتي الي السجن, ويتسبب بالتضييق علي. وكيف كان رد إدارة السجن؟ الموقف كان ساخنا, وقد انفعلت وأصبت بأزمة قلبية, وقضيت الايام الثلاثة الماضية في السرير وكان اول خروج لي بالامس. وكيف تلقيت نبأ الافراج عنك. وهل كنت تتوقعه؟ كنت اتوقع فرج الله في كل لحظة لانه كان لدي يقين بأن الله سيرينا في هؤلاء الناس اية. متي واين وكيف؟ لم يكن لدي تصور محدد.. وكنت اداعب ضباط السجن في الصباح بالقول: الإشارة الخاصة بالافراج.. جاءت أم لا ؟ من اول يوم في سجني الاخير, الذي استمر اربع سنوات وشهرين وعندما حدثت الثورة, وطالب الثوار بالافراج عن السجناء السياسيين.. وهو المطلب الذي كرره الجميع خلال لقاءاتهم بالمجلس العسكري.. أصبح هناك نوع من ضغط الرأي العام بالنسبة لهذه المسألة مما سرع بها. لكن للأسف عندما أصدروا قرار الإفراج, أصدروه بشكل خاطئ وغير مناسب, وأنا لست موافقا عليه لأنه قرار إفراج صحي. وكانوا طلبوا قبل عامين تقديم طلب إفراج صحي فرفضت, بالرغم من أنني مصاب بعدد من الأمراض المثبتة بالأشعة والتحاليل التي أجريت داخل مستشفي السجن ومستشفي قصر العيني. ولكن هم لم ينفذوا العفو الصحي عن أحد من الإخوان أو السجناء السياسيين برغم أنه في وقت من الأوقات كان لاشين أبو شنب مصابا بالشلل, ويتحرك بصعوبة, وبرغم ذلك أودعوه السجن, ولكن الإفراج الصحي هذه المرة جاء تجاوبا مع ضغط الرأي العام. لكن المفروض أن الإفراج كان يتم بقرار يتمثل في إسقاط الأحكام الصادرة بحقنا, لأننا مدنيون لايجوز مثولنا أمام المحاكم الاستثنائية والعسكرية, علما بأن من لفق القضية لنا هو حسني مبارك وحبيب العادلي, وقد ثبت للقاصي والداني أنهما مجرمان, أحدهما موجود في السجن حاليا, والثاني في طريقه إليه, فالقضية لم يعد لها ساقان, وبالتالي كان المفروض من المسئولين في الدولة إصدار قرار بإسقاط جميع الأحكام العسكرية للمدنيين, والأحكام المتعلقة بمحاكم أمن الدولة طوارئ لأنها كلها محاكم استثنائية. والطبيعي إنه كان هذا يتم من يوم12 فبراير, بعد أن تنحي الرئيس السابق عن الحكم نتيجة الثورة الشعبية, لأننا لم نحاكم بشكل عادي بل كنا رهائن مختطفين من بيوتنا لصالح مشروع توريث جمال مبارك. وهذا الأسلوب متبع من قبل النظام منذ سنة1992, حيث دأب علي اعتقال عدد من الإخوان كل فترة, وتلفيق قضية لهم, وإيداعهم السجن, ليبث الخوف في الإخوان, والخوف في صفوف الشعب, ولأجل تحجيم الإخوان فإذا هدأت الأمور يفرج عن هؤلاء الرهائن, ثم بعد قليل يختطف آخرين, وهكذا. وهذا الأمر كان يخضع لمواسم في الانتخابات تجد ستة أو سبعة آلاف رهينة, وفي غير المواسم تجد مائتين أو ثلاثمائة رهينة. وكان الرهائن يتوزعون بين الأجيال الكبري والوسطي حتي يعيش الجميع في حالة خوف..لأنه لو اعتقل المسئولين في الإخوان فقط سيقول الإخوان العاديون انه يعتقل المسئولين وتمشي المسألة, ولكنه دائما كان يشكل معتقليه من الإخوان ليحدث نوعا من القلق والتوتر في جسم الجماعة, مستندا إلي محكمة أمن الدولة طوارئ ومرة حبس احتياطي ومرة محكمة عسكرية. إلغاء.. وإفراج كيف تري طريقة تصحيح هذه الأمور الآن؟ الخطوة الأولي الآن إلغاء الأحكام الصادرة بحقنا وحق كل المدنيين الذين تمت محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية, خاصة من أصحاب المنهج السلمي.. فلسنا دعاة إرهاب ولا عنف. وحتي المحكمة العسكرية برأتني من تهمتي غسل الأموال والإرهاب.. وكل القضية أنني حوكمت علي انتمائي لجماعة محظورة كما زعموا والحمد لله الجماعة ليست محظورة وليس من حق رئيس البلاد إحالتنا لمحاكم عسكرية في الوضع الدستوري.. وبالتالي لابد من إسقاط هذه الأحكام. الأمر الثاني لابد من الإفراج الفوري عن الدكتور أسامة سليمان لأنه لامعني لبقائه في السجن, وهو محاكم بمحكمة استثنائية أمام أمن الدولة طوارئ, والذي لفق له القضية حسني مبارك وحبيب العادلي أيضا, فما الفارق بين أسامة سليمان وبيننا وحتي ظروفه الصحية أسوأ من ظروفنا فلماذا الإبقاء عليه؟ كم قضيت في سجون مبارك؟ قضيت12 سنة متفرقات سنة.. وخمس سنوات.. وسنة.. وأربع سنوات وعدة أشهر. وماذا يمثل لك هذا الأمر؟ يمثل لي كابوسا كبيرا.. ليس حزنا علي نفسي أو ألما لفترة السجن برغم أنه كان مؤلما لي ولأهلي ولإخواني.. وأقسي شئ في السجن أنه يمنعك من ممارسة حقك الطبيعي في الحياة, واهتمامك بالشأن العام للبلد والناس, وتواصلك مع أهلك وأصدقائك. والأهم والأخطر من ذلك أن حسني مبارك خلال السنوات العشر الأخيرة كان هو ومن معه يسرقون الوطن بأكمله. فالقضية ليست حبس خيرت أو مجموعة من الإخوان بنظام الرهائن ولكنهم سرقوا إمكانات البلد, وها نحن نري حجم الأموال المنهوبة التي يتحدثون عنها.. سرقوا كل الوظائف وسرقوا المال والسلطة والجاه وسرقوا حلم الناس والأمل والضحكة والبسمة حتي توقف الشعب المصري عن قول النكتة لولا الثورة التي أنعشتها. لم يكن لدي نظام مبارك مشروع لتنمية البلد أو نهضتها بل دمر البنية الأساسية للمجتمع, حيث باعوا الأراضي والمصانع, وأصبح الفساد والسرقة والنهب في ظل النظام منظومة من فوق لتحت في كل مكان وبالتالي كانت الخطيئة الكبري لنظام مبارك, والألم الأكبر, أكثر من سجني هو, سرقة الوطن في هذه الفترة. فالثورة بدأت في تحرير الوطن, وبدأ الوطن يسترد جزءا من حريته وأتمني أن يسترد كامل حريته في الفترة المقبلة فهذا في حد ذاته حدث عظيم.. وله معني أكبر من خروجي من السجن. الآن.. بماذا تشعر تجاه حسني مبارك؟ ربيت علي ألا أحقد علي أحد, ولا الشماتة في أحد.. ولكن أدعو الجميع إلي الاعتبار لأن ماحدث آية من آيات الله.. حاكم بكل هذا الطغيان والجبروت والأعوان قدر الله له أن يذوق ماذاقه حسني مبارك وزوجته وأعوانه وما سيذوقونه. وهكذا يجب أن يعرف جميع الناس قول الله: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب.. فما عملوه في الناس بيخلص منهم دلوقتي ولسه ها يخلص في الفترة المقبلة أكثر.. هم وغيرهم.. والحياة كما يقول المثل المصري سلف ودين. فهل يتخيل أحد أن نتهم بغسل الأموال, وقضايا أخري لا أساس لها من الصحة.. وتبرئنا المحكمة العسكرية من تهمة غسل الأموال وتهمة الإرهاب بعد سنة ونصف السنة.. ثم يكون أول ما يحاكم عليه حبيب العادلي حاليا هو تهمة غسل الأموال. كان يمكن أن تكون التهمة الأولي إليه خاصة بإطلاق النار علي المتظاهرين لكن الله قدر أن يشرب من الكأس الظالم الذي سقاه لنا لكنه يشربه الآن بحق. فالمرء يجد فيما آية وعبرة ودرسا عظيما لكيلا يغتر إنسان بنفسه ولابجاهه ولاسلطانه ولاحكمه وأن يكون مستقيما ويحسن الصلة بالله عز وجل, ويحسن إدارته لأمور الحياة في مجتمعه بشكل يحقق الحرية والعدالة والأمان للناس وإلا سينتقم الله منه أيا كان شكل هذا الانتقام. فسقوط حسني مبارك وسجن حبيب العادلي ومن علي شاكلته ومن هم في طريقهم إلي السجن هزني بدرجة كبيرة ليس من باب الشماتة, ولا الحقد عليهم, ولكن من باب أخذ العبرة لأن ذلك درس لمن كان له قلب ويتدبر هذه المسألة. حياة.. ومدنية سلبت منك أموالك في النظام البائد.. فكيف ستحاول استردادها؟ مازلنا ممنوعين من التصرف, ومتحفظا علي شركاتنا, وبعضها مازال مغلقا حتي الآن.. وبعد يوم أو يومين سنبدأ التحرك في مخاطبة المجلس العسكري لإسقاط الأحكام, وبهذا سيتم حل المشكلة, وسنستطيع فتح شركاتنا, وتحريك أموالنا المجمدة في البنوك. كيف ستبدأ حياتك الجديدة؟ عندي61 سنة, فالبداية صعبة في الستينات من العمر, ولكن سأستأنف عملي الاقتصادي والمشاركة في العمل العام, من خلال جماعة الإخوان, وحزبها الحرية والعدالة إن شاء الله. علي ذكر الحزب.. كيف سيكون شكل علاقته بالجماعة؟ سيمثل الحزب الجناح السياسي لجماعة الإخوان.. وستكون هناك لوائح تنظم هذا الأمر.. خاصة أن الحزب سيحتفظ بدرجة عالية من الاستقلال في عمله عن الجماعة علماء بأننا نعيد النظر في جميع التصورات الخاصة بعملنا خلال الفترة السابقة لأنها كانت تجري في ظل التضيق علينا.. الأمر الذي يختلف تماما في ظروف الانفتاح المقبلة. مدنية الدولة مطلب عام لغالبية المصريين.. فكيف تنظرون اليه؟ استغرب من يهاجم دعوتنا إلي دولة مدنية بمرجعية إسلامية فكل فصيل يطالب بدولة مدنية بمرجعية حسبما يعتقد.. فالبعض لايريد ان تكون مرجعيتنا الإسلام لكنه يوافق لنفسه ان تكون مرجعيته الفكر الاشتراكي أو الماركسية.. والليبراليون يتخذون من الليبرالية مرجعية لتصورهم للحياة ونظام الدولة.. وكل صاحب اتجاه وفكر يعطي لنفسه الحق في ان يكون له المرجعية المرتبطة بما يعتقد.. فأبسط حقوقي ان احصل علي نفس الحق في ان اختار المرجعية التي أراها مناسبة.. لكنهم يمارسون علينا اقسي انواع الارهاب الفكري.. ويسلبوننا حتي هذا الحق بأن تكون لنا مرجعية مبنية علي منهج رباني نري انه الاصلح للبشر. وعندما نقول: دولة مدنية بمرجعية إسلامية فهذا يتضمن امرين الأول ان المرجعية الاسلامية للدولة تعني بالضرورة ان المسيحية مرجعية للمسيحيين لأن فلسفة الشريعة الاسلامية تقوم علي ان اهل الكتاب يحتكمون الي شريعتهم والأمر الثاني أن مرجعية الإسلام للدولة المدنية تعني بالضرورة حرية الاعتقاد لأن الإسلام قائم علي مبدأ لا إكراه في الدين, وبالتالي: من حق اي إنسان داخل المجتمع ان يعتقد ما يشاء. لدي بعض المثقفين مخاوف تجاه الإخوان.. فكيف تري ذلك؟ هم تأثروا بحملات التشوية التي استخدمها النظام لأكثر من30 سنة, وبالتالي أصبح هناك خلط ولكنني أدعو الجميع الي تأمل الدروس المستقاة من ثورة التحرير فالإخوان كانوا موجودين في الثورة منذ اليوم الأول ولكنهم ذابوا في الجميع, وأنكروا ذواتهم, ولم يحاولوا ركوب الموجة أونسبة الثورة لأنفسهم.. بل من تحدث عنهم في الإعلام نجيب ساويرس عندما قال ان الاخوان حموا الشباب في الميدان وعندما قال زاهي حواس ان الاخوان حموا المتحف المصري.. وقال كل من الدكتورة يمن الحماقي, ومصطفي الفقي القول نفسه.. وبرغم ذلك لم يخرج احد من الاخوان ليقول: نحن الذين عملنا الثورة وإنما نقول إننا شاركنا مع الجميع وقد رأيت كثيرا من اليساريين والناصريين وبعض المسيحيين ممن ظهر بعضهم علي التلفاز المصري في مداخلات.. كما قرأت لهم تعليقات بالصحف وكلهم قالوا إننا لأول مرة نري الإخوان بهذا الشكل والواقع انهم لم يكونوا يعرفوننا.. فهم تعاملوا معنا من خلال الصورة الذهنية الخاطئة التي دأب الاعلام الرسمي علي ترويجها عنا في النظام البائد.. لكن عندما سيتعاملون مع الاخوان سيجدون الوضع مختلفا. وماحدث في ميدان التحرير من الترابط والتآلف وذوبان وإنكار الذات هو ديدننا وأسلوب تعاملنا في التعامل مع مختلف القوي السياسية. الامر الثاني ان الاخوان أعلنوا بوضوح انهم لن يرشحوا مرشحا لهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة, ولن ينافسوا علي الاغلبية البرلمانية.. وهذه رسالة طمأنة للجميع.. إننا نقول لهم نحن معكم وبكم, ونري ان ازمة الوطن اكبر من اي فصيل, ويجب ان نضع ايدينا في ايدي بعض لننقذ سفينة الوطن التي كاد حسني مبارك ومن معه ان يغرقوها بالديون المكبلة, وضعف الأجور والفساد والظلم الاجتماعي. وما نحتاجه فقط منح الجميع الفرصة وأن نجرب مع بعض, من غير أن يحجر أحد علي أحد. كيف تري دور شباب الثورة في المرحلة المقبلة؟ أمامهم مهام أساسية, أولاها استمرار الثورة بحيويتها حتي تتم عملية التطهير الكامل من بقايا النظام. وهذه المسألة ستستغرق وقتا.. لأن النظام متغلغل بفساده في كثير من الأجهزة الإعلامية.. الصحف.. الجامعات.. المؤسسات الحكومية.. الوزارات.. المحليات.. هذه المنظومة للفساد تحتاج إلي تغيير شامل لن يتم بين يوم وليلة. ونحن هنا لا نتحدث عن تصفية حسابات وإنما عن علاج ولملمة جراح, وإنقاذ وطن. والمهمة الثانية البدء في بناء مشروع نهضة الوطن.. لأن بلدنا بلا مشروع حاليا, فقد بقي فترة طويلة كالتالي: هذا يسرق قطعة أرض ويسقعها ويبيعها.. وهذا يطلع فلوسا برة.. وهذا يعين أقرباءه.. وهذا يزور انتخابات فليس هناك نهضة, ولا تنمية مستدامة ولا غير مستدامة, ولا أي شكل من أشكال التنمية وبالتالي مطلوب من الجيل الحالي للثورة, ومن كل الشرفاء في الوطن, أن تتضافر جهودهم من أجل وضع خطة للنهوض, خاصة أننا أمام ظروف اقتصادية صعبة. ماذا تقولون للمجلس العسكري؟ المجلس العسكري والجيش بانحيازهما لثورة الشعب ومطالبه وحرصهما علي تحقيق المطالب.. أديا دورا وطنيا رائعا وموقفا تاريخيا لن ينسي ولابد من ذكره وتسجيله. ولكن من المهم جدا أن يلتقي المجلس العسكري في المرحلة الانتقالية بكل التيارات وليس الشخصيات المستقلة فقط. أما التعديلات الدستورية المقدمة فتحتاج إلي حوار مجتمعي كبير.. لقاءات وندوات ولا بأس بتلقي ردود فعل الناس.. فإذا وجدنا وجهة نظر جيدة لماذا لا نضمنها في التعديلات؟ فأنا ادعو لعدم العجلة ولطرح التعديلات للحوار بشكل واسع وبصدر مفتوح ماذا تقول للإخوان؟ أقول لهم: كما نجحتم في تجربة ميدان التحرير, وكنتم جزءا من هذه الثورة العظيمة, وتعاملتم مع كل الأطياف السياسية الموجودة بتجرد وإنكار للذات.. فاستمروا في هذا الخط, واعملوا بدأب, وليكن شعار كل فرد منكم: انهض وقاوم.. انهض: بمعني: أسهم في مشروع النهضة.. وقاوم بمعني انتبه إلي خطط أعداء الداخل والخارج, وانشر الوعي بين الناس. واستخدام كل الوسائل التي تبطل هذه الخطط. وماذا تقول لظالميك؟ ليست لدي مشكلة في الظلم الشخصي.. وليس لدي مجال للحقد ولا الشماتة في أحد.. لكن القضية الأساسية هي أن يعتبروا مما حدث, ويعلموا أن الله لا يغفل ولا يهمل.. وأن كل ظالم لابد أن يتم القصاص منه.. ليس في الآخرة فقط بل في الدنيا أيضا, ولذلك أهم شيء الآن أن يراجعوا أنفسهم, ويسارعوا بإعادة الأموال المنهوبة والحقوق التي اغتصبوها إلي البلد والشعب. التعاطف الكبير ما أكثر المواقف تأثيرا عليك داخل السجن؟ عبر السجن لا تنتهي, وأكثر شيء أثر في السجن الأخير حجم التعاطف الضخم الذي لمسته من كل الناس: فلم نتعامل مع ضابط ولا سجان ولا عسكري ولا ضابط ترحيلات إلا كان متعاطفا معنا جدا. وحتي عندما كنا نذهب إلي قاعات المحكمة العسكرية كان معظم ضباط الجيش متعاطفين معانا لدرجة أن رتبة كبيرة وجدته يهمس في أذني: أبا الزهراء قد علمتنا وهو نشيد عمله الشباب علي النت ونحن في السجن, فكأنه يردده لي. وهكذا كان حجم تعاطف الناس معنا في هذه الأماكن مرتفعا جدا, وبشكل غير طبيعي.. وحتي عندما كنا نتعامل مع الأطباء في الشرطة أو قصر العيني كانت درجة التعاطف غير طبيعية.. وحتي الجنائيون الذين كانوا معنا في السجن كان أهاليهم يسلمون علينا في كل زيارة.. وعند خروجي كلهم أخذوا يسلمون علينا, عناقا وسلاما.. بغض النظر عن سبب دخوله السجن.. فقد كان معنا أحمد عبدالفتاح مستشار وزير الزراعة, وأيمن عبدالمنعم سكرتير فاروق حسني, وآخرون كثيرون, فنحن داخل السجن ننظر للسجناء من منظور إنساني ولا نشغل بالنا هو جاي ليه, فهذه قصة تخص الجهات القضائية والقانونية وكذلك لاحظنا أن تعاطف الأهالي والجيران وأصحاب المحلات.. الخ كان ظاهرة ملحوظة جدا بخلاف أي مرة سابقة.. كان تعاطفا بشكل شامل وكبير فعندما أصبت بأزمة قلبية كل الناس في السجن أخذوا يرسلون لي سلامات مع أي أحد: مخبر.. عسكري.. شاويش.. ضابط.. إنها روح جديدة في المجتمع المصري. الأمر الثاني ما حدث لحسني مبارك وحبيب العادلي ومجموعة الحكم السابق.. فهو آية من الآيات لمن يعتبر ويتدبر.. كنت من أول الحبسة أقول لزواري وأبنائي إنني علي قناعة ويقين كاملين بأن الله سبحانه وتعالي سيرينا فيهم آية.. كيف ومتي؟ لم أكن أعرف. وحتي عندما حدثت الانتخابات الأخيرة ووقع تزويرها, وخرج صفوت الشريف وأحمد عز يقولان إنه عام الحسم ضد الاخوان قلق أبنائي من أن يلفقوا لي قضية جديدة فقلت لهم: سيرينا الله فيهم آية.. فقالوا لما حدثت الثورة: هل كنت تعرف؟ قلت: لا ولكنني مؤمن بحكمة ربنا, وهي أن الدنيا إذا ضاقت عليك لا بد أن يتدخل الله.