انتصرت الثورة المصرية وأطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك، لكن السؤال الملح الآن هو هل يستطيع العهد الجديد النهوض بمصر، أم أن الربيع العربى سيغرق فى بحر الاقتصاد؟ قارنت مجلة نيوزويك الأمريكية بين انتصار الثوار المصريين وبين انتصار الحلفاء فى الحرب العالمية الأولى، حيث لم يحل نصرهم دون انهيار اقتصادى ظل يتتابع طوال عشرين عاما حتى انفجر حربا عالمية ثانية. والسبب كما تراه المجلة هو ما ناقشه الاقتصادى البريطانى الأشهر جون مينارد كينز فى كتابه «الآثار الاقتصادية للسلام» الصادر فى العام 1919، الذى قال فيه «إذا تعمدنا إفقار وسط أوروبا، (عبر نظام التعويضات القاسى على ألمانيا) فإن الثأر لن يتأخر طويلا لينفجر فى حرب ستكون أبشع من الحرب الأخيرة». وقالت المجلة: «صحيح أننا لا نطالب دول الشرق الأوسط بتعويضات، لكننا لا نفعل الكثير من أجل مساعدتهم لإنجاح التحول الديمقراطى». وربطت المجلة بين الثورة والوضع الاقتصادى، فما دفع الشباب العربى للخروج كانت البطالة (90% من العاطلين المصريين من الشباب بين 15 و24 عاما، بينما بلغت نسبة البطالة بين الجامعيين التونسيين 24%) وارتفاع أسعار الغذاء، والآن الاقتصاد سيؤثر فى الاستقرار السياسى للبلاد. وأشارت المجلة إلى أن الربيع العربى جاء مفيدا لمصدرى النفط الخليجيين الذين حصلوا على ما يكفى من أموال لإسكات أو إرغام شعوبهم على الهدوء، على الرغم من أن النفط ليس ضمانة للاستقرار، كما شهدنا فى ليبيا. لكن باقى الدول غير المصدرة للنفط، تذهب التقارير الاقتصادية إلى انكماش نموها الاقتصادى من نسبة 4.4% إلى 0.5%، حيث ينكمش النمو المصرى إلى 2.5% هذا العام كما يتوقع التقرير الصادر عن المؤسسة الدولية للتمويل. وفى مصر تحديدا، قدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء خسائر البلاد بنحو 1.7 مليار دولار، بسبب انخفاض أعداد السياح الأجانب، وعودة مئات الآلاف من المصريين ليبيا. وإزاء هذا، تساءلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر إذا ما كان القرض الذى حصلت عليه مصر بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد سيكفى بلدا فى وضع مصر. «الميزانية الحالية للعام المالى 2010/2011، ستزيد بمعدل الربع» بحسب مديرة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية ماجدة قنديل، التى أضافت «السبب أن الحكومة بدأت الاستجابة للكثير من المطالب الاجتماعية مثل مزيد من فرص العمل وزيادة الأجور». ونقلت الصحيفة عن مدير دار الخدمات النقابية كمال عباس أنه منذ سقوط مبارك اشترك فى الإضرابات العمالية نحو مليون عامل. وأضافت الصحيفة أن الوضع الأمنى غير المستقر فى الشهور الماضية، إضافة إلى حبس وسجن الكثير من رجال الأعمال قذف الرعب فى قلوب المستثمرين، وهم من يؤثرون على الاقتصاد بشكل دائم، بحسب أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة أحمد كمالى. هل تتحول الثورة المصرية إلى منتصر سياسى، تتعثر خطواته على أرض الاقتصاد؟