استمرت حالة الكهنات حول صحة الرئيس مبارك فى النشاط بعد الإعلان عن عدم حضوره القمة الأفريقية فى العاصمة الأوغندية "عنتيبى"، بعد أن تم الإعلان فى وقت سابق من الشهر عن خطط الرئيس مبارك لحضورها وتفكيره فى زيارة خاطفة لإثيوبيا فى طريق العودة. وزاد من حدة التكهنات عن صحة مبارك تخلفه أيضا عن حضور قمة الساحل والصحراء التى عقدت فى "نجامينا" عاصمة تشاد، الذى أرجعته مصادر فى الرئاسة بعدم رغبة الرئيس فى مواجهة مع الرئيس السودانى البشير بعد تصريحات الخير حول حقوق بلاده فى حلايب. وفى سياق متصل، استمرت التقارير الغربية عن صحة الرئيس المصرى فى الصدور، حيث رصدت صحيفة "الجارديان البريطانية "حالة من الشحوب والهزال" أصابت الرئيس مبارك أثناء كلمته بمناسبة ثورة يوليو، أما مجلة "فورين بوليسى"، فقد أصدرت ملفا كاملا عن عهد مبارك ومصير نظامه وحددت حدوث التغيير خلال عام ونصف، رصدت فيه "التركة الثقيلة" التى تنتظر خليفة مبارك. الرئاسة: يكفى ذلك ففى القاهرة، قال مصدر رئاسى صباح أمس السبت حول أسباب تغيب الرئيس حسنى مبارك عن قمة الساحل والصحراء اللتى عقدت الأسبوع الماضى فى نجامينا، العاصمة التشادية، حيث أوفد الوزير مفيد شهاب لرئاسة الوفد المصرى وعن القمة الأفريقية التى تفتتح اليوم بالعاصمة الأوغندية كمبالا. "لا داعى لفتح باب التكهنات ثانية، يجب أن يكف الإعلام عن قراءة وتأويل كل شىء فى إطار شائعة تراجع صحة الرئيس، يكفى ذلك".
وألغى الرئيس المصري محمد حسني مبارك زيارته إلى أوغندا للمشاركة في قمة الاتحاد الأفريقي، وسط تكهنات جديدة بشان حالته الصحية.
وكان مسئولون مصريون قد أشاروا في وقت سابق من الشهر الحالي إلى أن مشاركة مبارك في القمة الإفريقية تدل على أنه ينعم بصحة جيدة.
وتابع المصدر الرئاسى "فيه إيه هى دى أول مرة الرئيس يبعث مندوب عنه لاجتماع أو قمة"، أضاف "وأضح أن أسباب غياب الرئيس عن كمبالا هى أسباب أمنية"، قال المصدر، بعد التفجيرات المزدوجة التى هزت العاصمة الأوغندية أن قرار مصر المشاركة فى القمة الأفريقية ولو لساعات يعاد النظر فى شأنه، بالنظر إلى الاعتبارات الأمنية التى تجاوزت التفجيرات لعجز قوات الأمن عن توقيف كل المشتبه فى تورطهم فى التفجيرات. "قرارات الرئيس بالسفر تخضع للنصيحة المباشرة للطواقم الأمنية الرفيعة والتى كان تقديرها أن الأمثل هو عدم توجه الرئيس لكمبالا".
مبارك والبشير وحلايب وأما عن غياب الرئيس عن قمة الساحل والصحراء، فقال المصدر نفسه إن هذه ليست أول مرة يوفد فيها الرئيس من ينوب عنه فى هذه القمة إذا ما رأى ذلك، مشيرا إلى أن القرار يرتبط "نوعا ما" بمشاركة الرئيس السودانى عمر البشير فى القمة التى تأتى عقب أيام من تصريحات لافتة للبشير بأن حلايب أرض سودانية فى مخالفة لتفاهمات مصرية سودانية رئاسية فى هذا الشأن.
وبالرغم من أن القاهرة تعلم، على حد قول مسئولين مصريين كبار إن البشير أدلى بهذه التصريحات تحت ضغوط داخلية إلا أن مصر، على حد قول المصدر الرئاسى، ليس لها قبل بأن تتجاوز بالكامل عن هذه التصريحات. "لم نشأ أن تكون هناك تصريحات وتصريحات مقابلة مع السودان فى ظل الصعوبات التى يمر بها السودان حاليا، ولكن هناك مواقف يجب أن تتخذ"، هكذا قال المصدر.
فى الوقت نفسه، رفض المصدر الخوض فى تفاصيل احتفالات ثورة يوليو لهذا العام والذى اعتادت الدولة أن تقيم فيها حفلا يشرفه الرئيس بنفسه بالحضور. "ما فيش عندى حاجة فى الموضوع ده خالص".
ومن المعتاد سنويا أن يبدأ الرئيس مبارك إجازته السنوية، التى عادة ما يقضيها ببرج العرب، بعد تخريج دفعة الكلية الحربية وحفل الاحتفال بثورة يوليو.
وكانت المؤسسة الرسمية للدولة قد نفت رسميا أخبارا صحفية تناقلتها بعض وسائل الإعلام الصهيونية والأمريكية بالأساس حول اعتلال صحة الرئيس، وأكد كل من وزير الإعلام أنس الفقى والمتحدث الرسمى باسم الرئاسة ومدير مكتب الرئيس للمعلومات أن صحة الرئيس بخير وأن حملة التكهنات الصحفية مغلوطة.
كما أنه القى خطاباً يوم الخميس عشية الاحتفال بذكرى ثورة يوليو.
وكان الرئيس مبارك قد أجرى جراحة في ألمانيا في مارس الماضي لاستئصال الحوصلة المرارية.
وثارت التكهنات خلال الأسابيع الماضية حول صحة الرئيس المصري من خلال تقارير صحفية غربية حول تعرضه لانتكاسة صحية بعد أن تم إرجاء محادثاته مرتين مع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو.
لكن مصر سارعت إلى نفي هذه التقارير، وعاد مبارك مجددا إلى ممارسة نشاطه الدبلوماسي وحضر الأسبوع الماضي حفلات تخرج طلبة عدد من الكليات العسكرية، ودخل مبارك يوم الأربعاء الماضي ساحة عرض الكلية الحربية في عربة مكشوفة وحيا واقفا الحاضرين.
من المتوقع أن تجرى انتخابات مجلس الشعب المصري في نوفمبر المقبل، يشار إلى أن بعض أحزاب وجماعات المعارضة المصرية تبحث مقاطعة انتخابات مجلس الشعب أو على الأقل وضع شروط للمشاركة منها الحصول على ضمانات بإجراء انتخابات نزيهة.
وأثرت الشائعات بشأن صحة مبارك على الأسواق المصرية في الماضي لأنه لم يعين نائبا له وهو المنصب الذي كان يتولاه قبل ان يصبح رئيسا فى العام 1981، بعد اغتيال الرئيس أنور السادات.
ولم يعلن مبارك أيضا ما إذا كان ينوي الترشح لولاية جديدة في انتخابات الرئاسة التي تشهدها مصر العام القادم.
مبارك شاحب وهزيل من جهتها، قالت صحيفة الجارديان البريطانية فى تقرير لها أمس السبت، ان الرئيس حسني مبارك بدا شاحب الوجه وهزيلا خلال خطابة الأخير في ذكرى ثورة 23 يوليو، لكنها اعتبرت انه بدا في شكل جيد بالنسبة للشائعات التي انتشرت عن حالته الصحية مؤخرا.
وتابعت الصحيفة في تقرير لمحررها لشئون الشرق الأوسط، أيان بلاك، إنّ "الرئيس المصري البالغ من العمر 82 سنة ويحكم مصر منذ 29 عامًا وفي العام الأخير من فترة رئاسته السادسة ظهر خلال الاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو معتلاً وشاحبًا بعد تأجيل العديد من جدول لقاءاته".
وأضافت أنّ تقارير عديدة تحدثت عن الحالة الصحية للرئيس مبارك الذي يقود الدولة الأكثر سكانًا وتأثيرًا في العالم العربي والذي لم يعين نائبًا يخلفه حتى الآن وصدرت بيانات عديدة من القاهرة تؤكد أنّ الرئيس بخير وبصحة جيدة لكنها أحدثت تأثيرًا ضعيفًا أو لم تحدث تأثيرًا من الأساس.
وأشارت الصحيفة الى أنّه رغم ذهاب الرئيس مبارك لإجراء جراحة في ألمانيا والإعلان عن ذلك في الصحف ووسائل الإعلام الرسمية، ولكن التكهنات بشأن اعتلال صحته زادت في الأسبوع الأخير بعد تأجيله للعديد من اللقاءات التي كانت موضوعة في جدوله وأيضًا ظهوره على التليفزيون الرسمي في يوم الاحتفال بالثورة.
جراحة أخرى فى ألمانيا وأشار كاتب التقرير إيان بلاك الى أن تقارير تحذيرية عديدة صدرت من جهات مختلفة تحدثت في هذا الصدد؛ ففى الأسبوع الماضي قالت صحيفة "السفير" اللبنانية، المحسوبة على المخابرات السورية، أنّ مبارك سيعود لمستشفى هايدلبرج في ألمانيا لإجراء جراحة أخرى.
كما تحدثت وسائل الإعلام الصهيونية عن الفراغ السياسي الذي سيخلفه رحيل مبارك وهو ما فجّر الغضب في القاهرة، وتسأل أحد كتاب الأعمدة الصهاينة المحسوب على الحكومة الصهيونية "لماذا نتتبع الأخبار التي تبثها وكالات الأنباء والصحف التي تتحدث عن تقارير إسرائيلية التي يرتبط (مبارك) معها بعلاقات وطيدة".
وتابعت الجارديان إن "الحكومة المصرية تقول إنها تشعر بأنّه لا حاجة للرد عن أي تقرير عن صحة الرئيس، كما ان الإعلام الرسمي نقلت عن مصادر لم يُسَمِّها القول أن الرئيس بصحة جيدة ومازال يمارس لعبة الإسكواش"، مشيرة الى قول المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية سليمان عواد "النشاط المكثف للرئيس مؤخرًا أفضل ردّ على مثل تلك التقارير".
واضافت الصحيفة إنّ القضية التي يتم تداولها كثيرًا الآن في مصر هي أن مبارك يحكم مصر منذ 29 عامًا وهو الآن في السنة الأخيرة من فترة حكمه السادسة، ولم يعلن إن كان سيخوض انتخابات الرئاسة العام المقبل أم لا، وتبرز ثلاثة أسماء مرشحة لخلافة مبارك هي ابنه جمال ورئيس المخابرات عمر سليمان ذو الخلفية العسكرية مثل مبارك الذي كان قائدًا للقوات الجوية إبان حكم الرئيس السادات، والدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية.
انتظروا التغيير خلال عام ونصف أما مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية فقد خصصت، أمس السبت أيضا، ملفاً كاملاً عما سمته قرب التغيير في مصر بعد عقود من الركود السياسي، وقامت المجلة بإفراد ثلاثة أقسام لهذا الملف تحدثت فيه عن معوقات التغيير بمصر، وقيام الأجهزة الأمنية ومفكري النظام ورجال الأعمال بإعطاء الشرعية للنظام السلطوي بالقاهرة، محذرة من صعوبة التغيير الاقتصادي في فترة ما بعد "مبارك" لأن خليفته سيلاقي إرثا اقتصادياً لن يمكنه التعامل معه، لافتة في الوقت نفسه إلي موجات الاحتجاجات العمالية وانتهاكات حقوق الإنسان.
وتعد "فورين بوليسي" الأمريكية إحدي أكثر المجلات العالمية اهتماماً بالشأن المصري علي الصعيد السياسي والاقتصادي، وقامت بنشر العديد من التقارير رصدت فيها عدداً من القضايا من بينها ملف التوريث واحتجاجات المعارضة المصرية علاوة علي ترشيح الدكتور محمد البرادعي في انتخابات الرئاسة المقبلة.
مناخ ثورة يوليو قالت المجلة الأمريكية، إن مصر علي وشك التغيير بعد عقود من الركود السياسي لم تشهد فيها شوارع القاهرة سوي تغيير رجال الشرطة زيهم إلي الأسود في الشتاء والأبيض في الصيف، مشيرة إلي أن الرئيس مبارك وحده عمل مع خمسة من نظرائه الأمريكيين، بينهم ثلاثة خدموا لولايتين.
وأضافت: أن الجدول الزمني للخلافة هو علي الأرجح من 12- 18 شهراً بدلاً من ثلاث سنوات إلي خمس، كما كان مفترضاً حتي خضوع مبارك لجراحة في مستشفي بألمانيا في مارس الماضي ودفعت الظروف الحالية المحللين وصناع القرار والمراقبين إلي التساؤل، "هل يمكن تغيير مصر؟!". وعلي الرغم من أن السؤال يبدو ملائماً في نهايات عصر مبارك لكنه يبدو غريباً غرابة تاريخية.
وتابعت المجلة: أن مصر بالطبع يمكن تغييرها، مشيرة إلي أنها تغيرت بعد ثورة يوليو 1952 كما تغيرت عام 1970، عندما خلف الرئيس الراحل أنور السادات الزعيم جمال عبدالناصر كما تغيرت عام 1981، بعد اغتيال السادات. فمع تولي مبارك السلطة خلق سياسة مزجت بين بعض من سياسات عبدالناصر والسادات، فقد حافظ علي سياسات الانفتاح الاقتصادي وأعاد القاهرة إلي الاجتماع العربي علي الرغم من حفاظه علي السلام مع إسرائيل وأبقي علي واشنطن علي بعد ذراع منه ليضمن استمرار الهبات السخية.
ولفتت المجلة إلي أن مصر تغيرت إلي الأفضل علي المستويين الاجتماعي والاقتصادي علي مدار العقود الثلاثة الماضية، لكن هذا التطور لم ينعكس بشكل كامل علي حياة المصريين الذين يشعرون بأن الوضع سيئ ولا يبشر بخير وهو ما أرجعته المجلة إلي أن مصر الآن تشبه مصر التي سيطر عليها الضباط الأحرار قبل 58 عاماً أي فقيرة ومرتبطة بالقوي العالمية، وسلطوية.
قواعد ومعايير غير ديمقراطية وأوضحت المجلة أن المشكلة الأساسية هي طبيعة المؤسسات السياسية في مصر، مشيرة إلي أن عبدالناصر وزملاءه طوروا مجموعة من المؤسسات السياسية، قواعد وقوانين ومعايير، لمواجهة التحديات السياسية الداخلية، واضعين في الاعتبار تعزيز سلطاتهم في الأشهر التي أعقبت ثورة يوليو.
وتابعت المجلة: أن تلك القواعد والقوانين والمعايير التي طورها عبدالناصر غير ديمقراطية ومحددة بخدمة مصالح الضباط وحلفائهم المدنيين، وأكدت المجلة أن قوانين عبدالناصر شكلت القواعد للتطورات التالية التي طرأت علي تلك المؤسسات وتابعت أن المستفيدين من هذا النظام السياسي من مفكري النظام والبيروقراطية وأجهزة الأمن الداخلية ورجال الأعمال «في الفترة التي أعقبت الانفتاح» أصبحوا هم من يعطون الشرعية للنظام السلطوي.
وأشارت المجلة إلى أنه طالما ظلت رفاهية هذه الجماعات مرتبطة بالنظام الحاكم، فإن التعديل المؤسسي اللازم لقيام نظام ديمقراطي أكثر انفتاحاً سيظل احتمالاً مستبعداً، ولفتت إلي أن الحزب الوطني الحاكم لم يفعل أي شيء سوي ترسيخ سلطته تحت غطاء التغيير السياسي.
وأضافت "فورين بوليسي" أن هذه القواعد لا تسيطر فقط علي المؤسسات الرسمية للدولة، بل هناك سلسلة كاملة من القواعد غير المكتوبة التي تشكل الطريقة التي يحسب بها المصريون مصلحتهم، وربما يشير هذا إلي أن بعض المصريين يقاومون سيطرة تلك المؤسسات، لكن المجلة أشارت إلي أن التغييرات المؤسسية نادرة، لأنها صعبة وغالباً ما ترتبط باختلال دراماتيكي في التوازن مثل وقوع هزيمة في حربٍ ما أو قيام ثورة أو حدوث انهيار اقتصادي.
فقر وبطالة وتلاميذ بدون مقاعد في سياق الملف، الذي نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية حول مستقبل مصر في فترة ما بعد الرئيس حسني مبارك، سلطت ليزا أندرسون الضوء علي آفاق الإصلاح الاقتصادي في السنوات المقبلة، مشيرة إلي أن حكومة مبارك ستترك إرثا اقتصاديا ثقيلا سيصعب علي الحكومة القادمة التعامل معه.
وقالت أندرسون، التي تشغل حاليًا منصب المدير الأكاديمي للجامعة الأمريكيةبالقاهرة، إنها كانت تعتقد أن مصر أصبحت هشة بحيث يمكن تفتيتها إلي الآلاف من القطع المتناثرة، وأن رحيل مبارك يمكن أن يترك البلاد في حالة من الفوضي والبلبلة، إلا أنها أدركت أن مصر قد تغيرت بالفعل خلال العقد الأخير، وخطت بعض الخطوات المحدودة تجاه التغيير، علي الرغم من حالة عدم الثقة في الحكومة والاستياء الذي سيطر علي معظم المصريين، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف وإلي أي مدي يمكن حدوث التغيير في المرحلة المقبلة؟.
وأشارت أندرسون إلي أن المعضلة السياسية لا تتمثل في خلافة مبارك فقط، وإنما في الإرث الضخم الذي سيخلفه من المشكلات الاقتصادية، فعلي سبيل المثال، هناك 80 مليون مصري، بالإضافة إلي 40 ألف طفل ولدوا في مصر هذا الأسبوع فقط، ووفقا لهذا المعدل من المتوقع أن يزيد عدد المصريين علي مليوني نسمة بنهاية هذا العام.
هؤلاء الأطفال من المتوقع أن يواجهوا تحديات كبيرة، فسوف يعيش 20 % منهم علي أقل من دولار واحد يوميا، كما ستذهب الغالبية العظمي منهم إلي مدارس مكتظة، وسيتلقون تعليمهم علي يد معلمين غير مؤهلين، كما أنهم سيستهلكون نسبة أكبر من مياه النيل، وسيواجهون مستقبليا مشكلة الفشل في الالتحاق بسوق العمل التي بالتأكيد ستتطلب مهارات لن تكون عندهم.
تحديات سياسية واضحة ولفتت أندرسون إلي أن التحديات السياسية في مصر واضحة، وأنه يكفي مطالعة الصفحات الأولي من الصحف اليومية المحلية للتعرف عليها، ومن أبرزها النزاعات المتصاعدة مع دول حوض النيل، وصعوبة امتحانات الثانوية العامة، أما الأمر الذي ظهر أقل وضوحا، فقد تمثل في البحث الدائم عن التمويل الأجنبي لإنقاذ خزائن الدولة من النفاد.
وأوضحت أندرسون أن هذه هي المشكلات التقليدية التي تواجه النظام المصري الحالي والتي ستواجه أي حكومة مصرية أخري، إلا أنها أشارت إلي أن آفاق النمو السياسي في مصر تتغير أيضا، فقبل خمسة عشر عاما، لم تكن هناك هواتف محمولة في مصر، وقبل عشر سنوات، كان هناك مليون هاتف محمول فقط، أما الآن فهناك 60 مليونًا منها، وكثير منها من الهواتف الذكية قادرة علي الوصول إلي الإنترنت والاتصال من خلال الرسائل القصيرة، بالإضافة إلي وجود العديد من القنوات الفضائية المصرية الخاصة التي ازدهرت في الآونة الأخيرة، فضلا عن الصحافة المستقلة المثيرة للجدل.
وأضافت أندرسون أن هذه التكنولوجيا مكنت بعض المصريين من صنع المليارات، وجعلت من السهل تنظيم المظاهرات العفوية المعبرة عن محبة المصريين للفريق القومي لكرة القدم، وساعدت علي دعم دعوة البرادعي للتغيير، وجعلت تنظيم الاحتجاجات العمالية أسهل بكثير، وأن كانت التكنولوجيا نفسها قد فككت الروابط داخل الأسر المصرية وجعلتها تكتفي بالاطمئنان علي بعضها من خلال المكالمات الهاتفية كما أنها لم تسهم مثلاً في حل الأزمات المرورية.
واختتمت أندرسون تقريرها بتأكيد أن المصريين أصبحوا يرون التغيير في كل شيء حولهم إلا أن هذا التغيير يحتاج إلي تسوية وتنظيم وإعادة توجيه وإدارة علي نحو فعال.
إما صداقة المصريين أو دعم النظام واعتبرت «فورين بوليسي» أن مصر أصبحت هذه الأيام وكأنها بحر هائج يموج بتيارات عنيفة من الواقع الاقتصادي القاسي والاحتجاجات العمالية وانتهاكات حقوق الإنسان واستياء الشباب والحاجة للإصلاح السياسي والخلافة الرئاسية.
وأوضحت المجلة أنه بالنظر إلي الحياة السياسية الحالية، نجد أن مصر تغيرت إلي حد كبير عنها منذ عشر سنوات، ففي عام 2000، علي سبيل المثال، كانت وسائل الإعلام الحكومية هي المصدر الرئيسي الذي يستقي منه المصريون معلوماتهم وآراءهم حول القضايا المثيرة للجدل، أما الآن أصبحت الصحافة ووسائل الإعلام المستقلة والمدونات تقترب من الزوايا الحساسة من الحياة السياسية والاجتماعية، وأصبحت المحرمات أقل من ذي قبل، إذ تركزت في حظر توجيه أي انتقاد مباشر للجيش المصري.
ولفتت المجلة إلي أنه قبل عشر سنوات، كان من يجرؤ علي الاقتراب من قضايا حساسة مثل حقوق الإنسان أو الحرية السياسية يعامل كعدو للدولة، ويتعرض لمضايقات متكررة ودائمة من النظام، مشيرة إلي أن الآباء كانوا يخشون علي مستقبل أبنائهم عندما كانوا يذهبون للعمل لدي المنظمات الحقوقية.
لكن قادة المنظمات غير الحكومية الآن أصبحوا يتمتعون باهتمام الشعب، رغم أن الحكومة لا تزال في موقفها المعادي لهم، لكنها مضطرة إلي احترامهم علي مضض في جلسات الاستماع بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
تنافس سياسى وهنا تبرز بعض التغيرات الكبيرة. فالآن أصبح هناك مجال للنشاط العام لم تكن الحكومة تسمح به من قبل، وهذا المجال أكثر أهمية في أعين المواطنين المصريين. وأشارت المجلة إلي أن الحكومة مازالت تعاقب بعض الصحفيين والنشطاء لتجعل منهم عبرة لخرق القوانين غير المكتوبة والمتعارف عليها. وهو ما يرفضه المصريون، بالنظر إلي رد فعلهم علي مقتل خالد سعيد علي يد الشرطة في الإسكندرية. فالمصريون الآن يتصرفون من منطلق اعتقادهم في أحقيتهم في حقوق أساسية لا ينبغي للنظام أن يتعدي عليها.
وأشارت المجلة إلي أن هناك مجالا آخر لم يصبح شرعيا بعد في مصر لكنه ربما يتم الاعتراف به وهو التنافس السياسي. لافتة إلي أن أغلب المصريين لا يعتقدون أن لهم الحق في اختيار حاكمهم عبر صناديق الاقتراع. وتابعت المجلة أن النظام الحاكم لا يعتبر أن مشاركة المصريين في الشئون السياسية أمر شرعي.
لكن المجلة أشارت إلي أن المصريين ردوا بإيجابية علي المطالب السبعة للدكتور محمد البرادعي التي من الممكن أن تجعل التنافس السياسي أمرا مشروعا. وإذا تمكن البرادعي أن يجمع المليون توقيع أم لم يتمكن ففرصة تحقيق التغيير قائمة. وإذا حدث ذلك فإن أمريكا ستكون أمام خيار صعب بين صداقتها للنظام الحاكم أو صداقتها مع الشعب المصري.