تضم محافظة القليوبية بين جنباتها العديد من المناطق الأثرية، والتى تؤرخ لعصور مضت، ورغم أهمية تلك الآثار، إلا أنها لا تلقى العناية اللازمة. فمدينة بنها والتى حظيت على مر العصور بشهرة واسعة، بوصفها مركزا لتخزين وتجفيف الحبوب، وصناعة العسل، فى العهد الفرعونى، أهملت فى العصور الحديثة. القليوبية تضم العديد من الأماكن التاريخية والأثرية منها «مقبرة كاهن الأسرة 26، ومنطقة تل اليهودية بشبين القناطر، وحصن الهكسوس، وبقايا معبد رمسيس، ومقابر عرب العليقات، وقصر الأميرة نعمت بالمرج، ومتحف الرى، والكثير من المعابد والكنائس» ولكنها لا تجد من يجعلها مزارا سياحيا. فرغم وجود عشرات الخطط، للنهوض بهذه المناطق الأثرية، إلا أنها لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، وتم تشكيل لجنة لإعداد كتاب عن آثار القليوبية، وإنشاء متحف ل4500 قطعة أثرية، وحصر الأماكن الأثرية، والبدء فى إصلاحها وترميمها، لكن الحال ما زال كما هو دون خطوة واحدة منذ عام 2002. وفى جولة ل«الشروق» بمدينة بنها، كشفت عن قلة وعى مسئولى الآثار، فقد تحول «تل أتريب» وأطلال المدينة القديمة التى تم اكتشافها، إلى مقلب للقمامة، ومأوى للخارجين عن القانون الذين أطلقوا على أنفسهم عفاريت الجبل. تقابلنا هناك مع احدى المواطنات وتعمل أستاذة جامعية، «رفضت ذكر اسمها»، لكنها أبدت استياءها من هذا الوضع الذى لا يليق أبدا بسمعة مصر الثقافية، وأنها كانت فى زيارة للموقع لتعريف أبنائها بقيمة هذه الآثار التى قرأوا عنها فى كتب التاريخ التى درسوها بالمرحلة الابتدائية، إلا أنها فوجئت بهذه الفاجعة، فالآثار تملؤها العشش والقمامة، ويرجع إليها ليلا الخارجون عن القانون. فى سياق متصل كان مجلس محلى بنها، قد أعد تقريرا بالمخالفات والتعديات الواقعة على حرم المنطقة الأثرية، مطالبا بالتحقيق مع المخالفين ومن سهل التعدى على الآثار بالمحافظة. وأكد مجدى الشيمى عضو مجلس محلى مدينة بنها، انه طالب أكثر من مرة بإحالة ملف الآثار بالقليوبية ومنطقة «تل أتريب» إلى الجهات الرقابية، لكشف المخالفات والتعديات، التى تتم بحرم المنطقة الأثرية، على مرأى ومسمع من مسئولى الآثار، الأمر الذى زاد فى الآونة الأخيرة استغلالا لحالة الفراغ الأمنى، وتكليف إدارة الأملاك برفع مساحات أملاك الدولة الموجودة بمنطقة أتريب، وكذلك أرض بنك مصر لوجود آثار بها. وكشف الشيمى أن بعثة بولندية، قامت بالتنقيب بالمنطقة وتوصلت لاكتشافات مهمة تم إيداعها فى تقرير للمجلس الأعلى للآثار، ولم يهتم بذلك، وترك المنطقة عرضة لأعمال الحفر والتنقيب والردم العشوائية، وسرقة الآثار، وإنشاء الأبراج السكنية فى جنح الظلام بعلم مسئولى الآثار. كما طالب الشيمى بضرورة تدخل المحافظ عادل زايد، متسائلا عن الدور الغائب لزاهى حواس وزير الآثار، والذى تسبب فى العبث بالآثار إلى نحو ينذر بالخطورة، مطالبا إياه بالعمل بجدية وتبنى حملة لإيقاف الاعتداء على المناطق الأثرية، واسترداد الآثار المنهوبة بالخارج. وطالب بتخصيص قاعة بمكتبة بنها العامة، لإقامة معرض دائم للآثار لحين إنشاء متحف لآثار المحافظة، وتبنى حملة شعبية لاسترداد آثار القليوبية المنهوبة، والموجودة بمتاحف اللوفر وبرلين، وتخصيص ارض لإنشاء متحف للآثار عليها. على الجانب الآخر، وفى منطقة تل اليهودية بشبين القناطر، والتى تبعد عن مدينة شبين القناطر مسافة 3 كيلو مترات، ومساحتها نحو 100 فدان، وتعج بالآثار، ورغم مرور سنوات على هذه المنطقة فلم يتم التنقيب بها لمعرفة ما تحتويه. وأشار محمود جمال ناشط سياسى، إلى أن هذه المنطقة مهمة جدا، وكانت جزءا من مدينة مصرية قديمة ولكنها مهملة ولم يشملها أى تطوير، وقد تحولت إلى مراعٍ للأغنام حيث إنها منطقة امتلأت بالعشش، كما تم الاعتداء عليها من بعض الأهالى. ويضيف محمد راشد، انه تم إنشاء مبنى بجوار تل اليهودية لكى يصبح متحفا، ورغم إنشائه منذ سنوات، لم يتم عمل أى شىء وتحول المبنى إلى مكان إدارى. وقال محمد بركات: «سمعنا كلاما كثيرا منذ عشرات السنين عن آثار المنطقة، ورغم ذلك لم يتم التنقيب بها حتى الآن، بل إن هذه المنطقة أصبحت نكبة على أهالى القرى المجاورة والواقعة بمركز شبين القناطر والخانكة، حيث لا يتم عمل شىء بهذه القرى إلا بعد موافقة الآثار، خاصة عند عمليات الهدم والبناء والحفر حيث يتطلب ذلك موافقة الآثار، بعد تقديم طلب مما يصعب معه الاستفادة من هذه المساحات الكبيرة، والتى تحولت إلى أرض فضاء رغم النداءات المتكررة من أهالى المدينة.